فإذا تحيَّر البصر ودُهش فزعًا مما رأى من أهوال يوم القيامة، وذهب نور القمر، وجُمِع بين الشمس والقمر في ذهاب الضوء، فلا ضوء لواحد منهما، يقول الإنسان وقتها: أين المهرب من العذاب؟
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«يقول الإنسان يومئذ أين المفر» الفرار.
﴿ تفسير السعدي ﴾
يَقُولُ الْإِنْسَانُ حين يرى تلك القلاقل المزعجات: أَيْنَ الْمَفَرُّ أي: أين الخلاص والفكاك مما طرقنا وأصابنا ?
﴿ تفسير البغوي ﴾
"يقول الإنسان"، أي الكافر المكذب "يومئذ أين المفر"، أي: المهرب، وهو موضع الفرار. وقيل: هو مصدر، أي: أين الفرار.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ أى: فإذا ما تم كل ذلك، يقول الإنسان في هذا الوقت الذي يبرق فيه البصر، ويخسف فيه القمر، ويجمع فيه بين الشمس والقمر: أين المفر. أى: أين الفرار من قضاء الله- تعالى- ومن قدره وحسابه. فالمفر مصدر بمعنى الفرار. والاستفهام بمعنى التمني أى: ليت لي مكانا أفر إليه مما أراه.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
أي إذا عاين ابن آدم هذه الأهوال يوم القيامة حينئذ يريد أن يفر ويقول أين المفر أي هل من ملجإ أو موئل.
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : يقول الإنسان يومئذ أين المفر أي يقول ابن آدم ، ويقال : أبو جهل ; أي أين المهرب ؟ قال الشاعر :أين المفر والكباش تنتطح وأي كبش حاد عنها يفتضحالماوردي : ويحتمل وجهين : أحدهما : أين المفر من الله استحياء منه . الثاني : أين المفر من جهنم حذرا منها . ويحتمل هذا القول من الإنسان وجهين : أحدهما : أن يكون من الكافر خاصة في عرضة القيامة دون المؤمن ; لثقة المؤمن ببشرى ربه . الثاني : أن يكون من قول المؤمن والكافر عند قيام الساعة لهول ما شاهدوا منها . وقراءة العامة المفر بفتح الفاء واختاره أبو عبيدة وأبو حاتم ; لأنه مصدر . وقرأ ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة بكسر الفاء مع فتح الميم ; قال الكسائي : هما لغتان مثل مدب ومدب ، ومصح ومصح . وعن الزهري بكسر الميم وفتح الفاء . المهدوي : من فتح الميم والفاء من ( المفر ) فهو مصدر بمعنى الفرار ، ومن فتح الميم وكسر الفاء فهو الموضع الذي يفر إليه . ومن كسر الميم وفتح الفاء فهو الإنسان الجيد الفرار ; فالمعنى أين الإنسان الجيد الفرار ولن ينجو مع ذلك .قلت : ومنه قول امرئ القيس :مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عليريد أنه حسن الكر والفر جيده .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله : ( يقول الإنسان يومئذ أين المفر ) بفتح الفاء ، قرأ ذلك قراء الأمصار ، لأن العين في الفعل منه مكسورة ، وإذا كانت العين من يفعل مكسورة ، فإن العرب تفتحها في المصدر منه إذا نطقت به على مفعل ، فتقول : فر يفر مفرا ، يعني فرا ، كما قال الشاعر :يا لبكر انشروا لي كليبا يا لبكر أين أين الفرار[ ص: 58 ] إذا أريد هذا المعنى من مفعل قالوا : أين المفر بفتح الفاء ، وكذلك المدب من دب يدب ، كما قال بعضهم :كأن بقايا الأثر فوق متونه مدب الدبى فوق النقا وهو سارحوقد ينشد بكسر الدال ، والفتح فيها أكثر ، وقد تنطق العرب بذلك ، وهو مصدر بكسر العين . وزعم الفراء أنهما لغتان ، وأنه سمع : جاء على مدب السيل ، ومدب السيل ، وما في قميصه مصح ومصح . فأما البصريون فإنهم في المصدر يفتحون العين من مفعل إذا كان الفعل على يفعل ، وإنما يجيزون كسرها إذا أريد بالمفعل المكان الذي يفر إليه ، وكذلك المضرب : المكان الذي يضرب فيه إذا كسرت الراء . وروي عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك بكسر الفاء ، ويقول : إنما المفر : مفر الدابة حيث تفر .والقراءة التي لا أستجيز غيرها الفتح في الفاء من المفر ، لإجماع الحجة من القراء عليها ، وإنها اللغة المعروفة في العرب إذا أريد بها الفرار ، وهو في هذا الموضع الفرار . وتأويل الكلام : يقول الإنسان يوم يعاين أهوال يوم القيامة : أين المفر من هول هذا الذي قد نزل ، ولا فرار .