قل لهم -أيها الرسول-: هذه طريقتي، أدعو إلى عبادة الله وحده، على حجة من الله ويقين، أنا ومن اقتدى بي، وأنزِّه الله سبحانه وتعالى عن الشركاء، ولستُ من المشركين مع الله غيره.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«قل» لهم «هذه سبيلي» وفسرها بقوله «أدعو إلى» دين «الله على بصيرة» حجة واضحة «أنا ومن أتبعني» آمن بي عطف على أنا المبتدأ المخبر عنه بما قبله «وسبحان الله» تنزيها له عن الشركاء «وما أنا من المشركين» من جملة سبيله أيضا.
﴿ تفسير السعدي ﴾
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قُلْ للناس هَذِهِ سَبِيلِي أي: طريقي التي أدعو إليها، وهي السبيل الموصلة إلى الله وإلى دار كرامته، المتضمنة للعلم بالحق والعمل به وإيثاره، وإخلاص الدين لله وحده لا شريك له، أَدْعُو إِلَى اللَّهِ أي: أحثُّ الخلق والعباد إلى الوصول إلى ربهم، وأرغِّبهم في ذلك وأرهِّبهم مما يبعدهم عنه.ومع هذا فأنا عَلَى بَصِيرَةٍ من ديني، أي: على علم ويقين من غير شك ولا امتراء ولا مرية. وَ كذلك مَنِ اتَّبَعَنِي يدعو إلى الله كما أدعو على بصيرة من أمره. وَسُبْحَانَ اللَّهِ عما نسب إليه مما لا يليق بجلاله، أو ينافي كماله. وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ في جميع أموري، بل أعبد الله مخلصا له الدين.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( قل ) يا محمد ( هذه ) الدعوة التي أدعو إليها والطريقة التي أنا عليها ( سبيلي ) سنتي ومنهاجي . وقال مقاتل : ديني ، نظيره قوله : ( ادع إلى سبيل ربك ) ( النحل - 125 ) أي : إلى دينه . ( أدعو إلى الله على بصيرة ) على يقين . والبصيرة : هي المعرفة التي تميز بها بين الحق والباطل ( أنا ومن اتبعني ) أي : ومن آمن بي وصدقني أيضا يدعو إلى الله . هذا قول الكلبي ، وابن زيد قالوا : حق على من اتبعه أن يدعو إلى ما دعا إليه ، ويذكر بالقرآن .وقيل : تم الكلام عند قوله : ( أدعو إلى الله ) ثم استأنف : ( على بصيرة أنا ومن اتبعني ) يقول : إني على بصيرة من ربي ، وكل من اتبعني .قال ابن عباس : يعني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على أحسن طريقة وأقصد هداية ؛ معدن العلم ، وكنز الإيمان ، وجند الرحمن .قال عبد الله بن مسعود : من كان مستنا فليستن بمن قد مات [ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ] أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا خير هذه الأمة ، وأبرها قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وإقامة دينه ، [ فاعرفوا لهم فضلهم ، واتبعوهم في آثارهم وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم ] ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم .قوله تعالى : ( وسبحان الله ) أي : وقل سبحان الله تنزيها له عما أشركوا به . ( وما أنا من المشركين ) .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أمر الله- تعالى- نبيه- صلى الله عليه وسلم: أن يسير في طريقه الذي رسمه له، وأن يدعو الناس إليه فقال: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي، أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ... والبصيرة:المعرفة التي يتميز بها الحق من الباطل.أى: قل- أيها الرسول الكريم- للناس هذه طريقي وسبيلي واحدة مستقيمة لا عوج فيها ولا شبهة، وهي أنى أدعو إلى إخلاص العبادة لله- تعالى- وحده، ببصيرة مستنيرة، وحجة واضحة، وكذلك أتباعى يفعلون ذلك ... ولن نكفّ عن دعوتنا هذه مهما اعترضتنا العقبات.واسم الإشارة هذِهِ مبتدأ. وسَبِيلِي خبر، وجملة أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ ... حالية، وقد جيء بها على سبيل التفسير للطريقة التي انتهجها الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته.وقوله وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ تنزيه لله- تعالى- عن كل ما لا يليق به على أبلغ وجه.أى: وأنزه الله- تعالى- تنزيها كاملا عن الشرك والشركاء، وما أنا من المشركين به في عبادته أو طاعته في أى وقت من الأوقات.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول [ الله ] تعالى لعبده ورسوله إلى الثقلين : الإنس والجن ، آمرا له أن يخبر الناس : أن هذه سبيله ، أي طريقه ومسلكه وسنته ، وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، يدعو إلى الله بها على بصيرة من ذلك ، ويقين وبرهان ، هو وكل من اتبعه ، يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بصيرة ويقين وبرهان شرعي وعقلي .وقوله : ( وسبحان الله ) أي : وأنزه الله وأجله وأعظمه وأقدسه ، عن أن يكون له شريك أو نظير ، أو عديل أو نديد ، أو ولد أو والد أو صاحبة ، أو وزير أو مشير ، تبارك وتعالى وتقدس وتنزه عن ذلك كله علوا كبيرا ، ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ) [ الإسراء : 44 ] .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : قل هذه سبيلي ابتداء وخبر ; أي قل يا محمد هذه طريقي وسنتي ومنهاجي ; قاله ابن زيد . وقال الربيع : دعوتي ، مقاتل : ديني ، والمعنى واحد ; أي الذي أنا عليه وأدعو إليه يؤدي إلى الجنة ." على بصيرة " أي على يقين وحق ; ومنه : فلان مستبصر بهذا . " أنا " توكيد . " ومن اتبعني " عطف على المضمر .وسبحان الله أي قل يا محمد : وسبحان الله .وما أنا من المشركين الذين يتخذون من دون الله أندادا .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، هذه الدعوة التي أدعو إليها , والطريقة التي أنا عليها من الدعاء إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأوثان، والانتهاء إلى طاعته، وترك معصيته ، ( سبيلي )، وطريقتي ودعوتي، (9) (أدعو إلى الله) وحده لا شريك له ، ( على بصيرة ) ، بذلك , ويقينِ عليمٍ منّي به أنا، ويدعو إليه على بصيرة أيضًا من اتبعني وصدقني وآمن بي (10) ، ( وسبحان الله )، يقول له تعالى ذكره: وقل، تنزيهًا لله ، وتعظيمًا له من أن يكون له شريك في ملكه، (11) أو معبود سواه في سلطانه: ( وما أنا من المشركين ) ، يقول: وأنا بريءٌ من أهل الشرك به , لست منهم ولا هم منّي.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .* ذكر من قال ذلك:19981 - حدثني المثنى , قال: أخبرنا إسحاق , قال: حدثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بن أنس , في قوله: ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة ) ، يقول: هذه دعوتي .19982 - حدثني يونس , قال: أخبرنا ابن وهب , قال: قال ابن زيد , في قوله: ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة ) ، قال: " هذه سبيلي" , هذا أمري وسنّتي ومنهاجي ، ( أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) ، قال: وحقٌّ والله على من اتّبعه أن يدعو إلى ما دعا إليه , ويذكِّر بالقرآن والموعظة , ويَنْهَى عن معاصي الله.19983 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن أبي جعفر , عن الربيع بن أنس , قوله: ( قل هذه سبيلي ) : ، هذه دعوتي.19984 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا حكام , عن أبي جعفر , عن الربيع: ( قل هذه سبيلي ) ، قال: هذه دعوتي.* * *----------------------الهوامش:(9) انظر تفسير : السبيل" فيما سلف من فهارس اللغة ( سبل ) .(10) انظر تفسير" البصيرة" فيما سلف 12 : 23 ، 24 / 13 : 343 ، 344 .(11) انظر تفسير" سبحان" فيما سلف من فهارس اللغة ( سبح ) .
﴿ قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ﴾