القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 11 سورة الرعد - له معقبات من بين يديه ومن خلفه

سورة الرعد الآية رقم 11 : سبع تفاسير معتمدة

سورة له معقبات من بين يديه ومن خلفه - عدد الآيات 43 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 11 من سورة الرعد عدة تفاسير - سورة الرعد : عدد الآيات 43 - - الصفحة 250 - الجزء 13.

سورة الرعد الآية رقم 11


﴿ لَهُۥ مُعَقِّبَٰتٞ مِّنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ يَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ وَإِذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ سُوٓءٗا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَالٍ ﴾
[ الرعد: 11]

﴿ التفسير الميسر ﴾

لله تعالى ملائكة يتعاقبون على الإنسان من بين يديه ومن خلفه، يحفظونه بأمر الله ويحصون ما يصدر عنه من خير أو شر. إن الله سبحانه وتعالى لا يغيِّر نعمة أنعمها على قوم إلا إذا غيَّروا ما أمرهم به فعصوه. وإذا أراد الله بجماعةٍ بلاءً فلا مفرَّ منه، وليس لهم مِن دون الله مِن وال يتولى أمورهم، فيجلب لهم المحبوب، ويدفع عنهم المكروه.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«له» للإنسان «معقبات» ملائكة تتعقبه «من بين يديه» قدامه «ومن خلفه» ورائه «يحفظونه من أمر الله» أي بأمره من الجن وغيرهم «إن الله لا يغيِّر ما بقوم» لا يسلبهم نعمته «حتى يغيِّروا ما بأنفسهم» من الحالة الجميلة بالمعصية «وإذا أراد الله بقوم سوءا» عذابا «فلا مرد له» من المعقبات ولا غيرها «وما لهم» لمن أراد الله بهم سوءا «من دونه» أي غير الله «من» زائدة «وال» يمنعه عنهم.

﴿ تفسير السعدي ﴾

لَه أي: للإنسان مُعَقِّبَاتٌ من الملائكة يتعاقبون في الليل والنهار.
مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أي: يحفظون بدنه وروحه من كل من يريده بسوء، ويحفظون عليه أعماله، وهم ملازمون له دائما، فكما أن علم الله محيط به، فالله قد أرسل هؤلاء الحفظة على العباد، بحيث لا تخفى أحوالهم ولا أعمالهم، ولا ينسى منها شيء، إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ من النعمة والإحسان ورغد العيش حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ بأن ينتقلوا من الإيمان إلى الكفر ومن الطاعة إلى المعصية، أو من شكر نعم الله إلى البطر بها فيسلبهم الله عند ذلك إياها.
وكذلك إذا غير العباد ما بأنفسهم من المعصية، فانتقلوا إلى طاعة الله، غير الله عليهم ما كانوا فيه من الشقاء إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا أي: عذابا وشدة وأمرا يكرهونه، فإن إرادته لا بد أن تنفذ فيهم.
فإنه لَا مَرَدَّ لَهُ ولا أحد يمنعهم منه، وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ يتولى أمورهم فيجلب لهم المحبوب، ويدفع عنهم المكروه، فليحذروا من الإقامة على ما يكره الله خشية أن يحل بهم من العقاب ما لا يرد عن القوم المجرمين.


﴿ تفسير البغوي ﴾

( له معقبات ) أي : لله تعالى ملائكة يتعاقبون فيكم بالليل والنهار ، فإذا صعدت ملائكة الليل جاء في عقبها ملائكة النهار ، وإذا صعدت ملائكة النهار جاء في عقبها ملائكة الليل .
والتعقيب : العود بعد البدء ، وإنما ذكر بلفظ التأنيث لأن واحدها معقب ، وجمعه معقبة ، ثم جمع الجمع معقبات ، كما قيل : أبناوات سعد ورجالات بكر .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم ربهم - وهو أعلم بهم - : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون " .
قوله تعالى : ( من بين يديه ومن خلفه ) يعني : من قدام هذا المستخفي بالليل والسارب بالنهار ، ومن خلفه : من وراء ظهره ( يحفظونه من أمر الله ) يعني : بأمر الله ، أي : يحفظونه بإذن الله ما لم يجئ المقدور ، فإذا جاء المقدور خلوا عنه .
وقيل : يحفظونه من أمر الله : أي مما أمر الله به من الحفظ عنه .
قال مجاهد : ما من عبد إلا وله ملك موكل به ، يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام ، فما منهم شيء يأتيه يريده إلا قال وراءك ! إلا شيء يأذن الله فيه فيصيبه .
قال كعب الأحبار : لولا أن الله عز وجل وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم لتخطفكم الجن .
وقال عكرمة : الآية في الأمراء وحرسهم يحفظونهم من بين أيديهم ومن خلفهم .
وقيل : الآية في الملكين القاعدين عن اليمين وعن الشمال يكتبان الحسنات والسيئات ، كما قال الله تعالى : ( إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ) ( ق - 17 ) .
قال ابن جريج : معنى يحفظونه أي : يحفظون عليه أعماله من أمر الله ، يعني : الحسنات والسيئات .
وقيل : الهاء في قوله " له " : راجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
روى جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس أنه قال : له معقبات يعني لمحمد صلى الله عليه وسلم حراس من الرحمن من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله [ يعني : من شر الجن ] وطوارق الليل والنهار .
وقال عبد الرحمن بن زيد : نزلت هذه الآيات في عامر بن الطفيل ، وأربد بن ربيعة ، وكانت قصتهما على ما روى الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أقبل عامر بن الطفيل ، وأربد بن ربيعة ، وهما عامريان ، يريدان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو جالس في المسجد في نفر من أصحابه ، فدخلا المسجد فاستشرف الناس لجمال عامر وكان أعور ، وكان من [ أجل ] الناس ، فقال رجل : يا رسول الله ، هذا عامر بن الطفيل قد أقبل نحوك ، فقال : دعه فإن يرد الله به خيرا يهده .
فأقبل حتى قام عليه ، فقال : يا محمد مالي إن أسلمت ؟قال : " لك ما للمسلمين وعليك ما على المسلمين " .
قال : تجعل لي الأمر بعدك .
قال : ليس ذلك إلي ، إنما ذلك إلى الله عز وجل ، يجعله حيث يشاء .
قال : فتجعلني على الوبر وأنت على المدر ، قال : لا .
قال : فماذا تجعل لي ؟قال : أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها .
قال : أوليس ذلك إلي اليوم ؟ قم معي أكلمك .
فقام معه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكان [ عامر ] أوصى إلى أربد بن ربيعة إذا رأيتني أكلمه فدر من خلفه فاضربه بالسيف ، فجعل يخاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويراجعه فدار أربد خلف النبي صلى الله عليه وسلم ليضربه ، فاخترط من سيفه شبرا ، ثم حبسه الله تعالى عنه ، فلم يقدر على سله ، وجعل عامر يومئ إليه ، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأى أربد وما صنع بسيفه ، فقال : اللهم اكفنيهما بما شئت .
فأرسل الله على أربد صاعقة في يوم صحو قائظ فأحرقته ، وولى عامر هاربا وقال : يا محمد دعوت ربك فقتل أربد والله لأملأنها عليك خيلا جردا وفتيانا مردا .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يمنعك الله تعالى من ذلك ، وأبناء قيلة ، يريد : الأوس والخزرج .
فنزل عامر بيت امرأة سلولية ، فلما أصبح ضم عليه سلاحه وقد تغير لونه ، فجعل يركض في الصحراء ، ويقول : ابرز يا ملك الموت ، ويقول الشعر ، ويقول : واللات والعزى لئن أبصرت محمدا وصاحبه يعني ملك الموت لأنفذنهما برمحي ، فأرسل الله إليه ملكا فلطمه بجناحه فأرداه في التراب وخرجت على ركبتيه في الوقت غدة عظيمة ، فعاد إلى بيت السلولية وهو يقول : غدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية .
ثم دعا بفرسه فركبه ثم أجراه حتى مات على ظهره فأجاب الله دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقتل عامر بن الطفيل بالطعن وأربد بالصاعقة ، وأنزل الله عز وجل في هذه القصة قوله : ( سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار له معقبات من بين يديه ) يعني لرسول الله صلى الله عليه وسلم معقبات يحفظونه من بين يديه ومن خلفه من أمر الله .
[ يعني تلك المعقبات من أمر الله ] .
وفيه تقديم وتأخير .
وقال لهذين : ( إن الله لا يغير ما بقوم ) من العافية والنعمة ( حتى يغيروا ما بأنفسهم ) من الحال الجميلة فيعصوا ربهم .
( وإذا أراد الله بقوم سوءا ) أي : عذابا وهلاكا ( فلا مرد له ) أي : لا راد له ( وما لهم من دونه من وال ) أي : ملجإ يلجئون إليه .
وقيل : وال يلي أمرهم ويمنع العذاب عنهم .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم بين- سبحانه- بعض مظاهر رعايته لعباده فقال- تعالى- لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ.
.
.
.
والضمير في لَهُ يعود إلى مِنْ في قوله مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ، وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ باعتبار تأويله بالمذكور.
و «معقبات» صفة لموصوف محذوف أى: ملائكة معقبات.
قال الشوكانى: «والمعقبات المتناوبات التي يخلف كل واحد منها صاحبه ويكون بدلا منه.
وهم الحفظة من الملائكة في قول عامة المفسرين.
قال الزجاج: المعقبات ملائكة يأتى بعضهم بعقب بعض، وإنما قال «معقبات» مع كون الملائكة ذكورا لأن الجماعة من الملائكة يقال لها معقبة، ثم جمع معقبة على معقبات.
قال الجوهري: والتعقب العود بعد البدء قال الله- تعالى- وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ .
يقال: عقب الفرس في عدوه، أى: جرى بعد جريه.
وعقبه تعقيبا.
أى: جاء عقبه.
و «من» في قوله مِنْ أَمْرِ اللَّهِ بمعنى باء السببية.
والمعنى: لكل واحد من هؤلاء المذكورين ممن يسرون القول أو يجهرون به، ملائكة يتعاقبون عليه بالليل والنهار ويحيطون به من جميع جوانبه لحفظه ورعايته، ولكتابة أقواله وأعماله، وهذا التعقيب والحفظ، إنما هو بسبب أمر الله- تعالى- لهم بذلك.
قال ابن كثير: وفي الحديث الصحيح: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيصعد الذين باتوا فيكم فيسألهم- سبحانه- وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟.
فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون» .
وفي الحديث الآخر: «إن معكم من لا يفارقكم إلا عند الخلاء وعند الجماع، فاستحيوهم وأكرموهم» .
أى: فاستحيوا منهم وأكرموهم بالتستر وغيره.
وقال عكرمة عن ابن عباس «يحفظونه من أمر الله، قال ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، فإذا جاء قدر الله خلوا عنه» .
ثم ساق- سبحانه- سنة من سننه التي لا تتخلف فقال: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ.
وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ، وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ.
أى: إن الله- تعالى- قد اقتضت سنته، أنه- سبحانه- لا يغير ما بقوم من نعمة وعافية وخير بضده، حتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة إلى معصية ومن جميل إلى قبيح، ومن صلاح إلى فساد.
وإذا أراد- سبحانه- بقوم سوءا من عذاب أو هلاك أو ما يشبههما بسبب إيثارهم الغي على الرشد، فلا راد لقضائه، ولا دافع لعذابه.
وما لهم من دونه- سبحانه- من وال أى من ناصر ينصرهم منه- سبحانه- ويرفع عنهم عقابه، ويلي أمورهم ويلتجئون إليه عند الشدائد.
فالجملة الكريمة بيان لمظهر من مظاهر عدل الله في شئون عباده، وتحذير شديد لهم من الإصرار على الشرك والمعاصي وجحود النعمة، فإنه- سبحانه- لا يعصم الناس من عذابه عاصم.
ولا يدفعه دافع.
قال الإمام ابن كثير: «قال ابن أبى حاتم: أوحى الله إلى نبي من أنبياء بنى إسرائيل أن قل لقومك إنه ليس من أهل قرية، ولا أهل بيت يكونون على طاعة الله، فيتحولون منها إلى معصية الله، إلا تحول الله لهم مما يحبون إلى ما يكرهون.
ثم قال: إن مصداق ذلك في كتاب الله إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ.
وعن عمير بن عبد الملك قال: خطبنا على بن أبى طالب على منبر الكوفة فقال: كنت إذا سكت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدأنى، وإذا سألته عن الخبر أنبأنى، وإنه حدثني عن ربه- عز وجل- قال: «قال الرب: وعزتي وجلالي وارتفاعي فوق عرشي، ما من أهل قرية ولا أهل بيت كانوا على ما كرهت من معصيتي، ثم تحولوا عنها إلى ما أحببت من طاعتي، إلا تحولت لهم عما يكرهون من عذابي إلى ما يحبون من رحمتي» .
ثم لفت- سبحانه- أنظار عباده إلى أنواع متعددة من الظواهر الكونية الدالة على قدرته ووحدانيته، وبين أن هذه الظواهر قد تكون نعما، وقد تكون نقما، وأنها وغيرها تسبح بحمد الله، وتخضع لسلطانه فقال- تعالى-:

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

وقوله : ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ) أي : للعبد ملائكة يتعاقبون عليه ، حرس بالليل وحرس بالنهار ، يحفظونه من الأسواء والحادثات ، كما يتعاقب ملائكة آخرون لحفظ الأعمال من خير أو شر ، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، فاثنان عن اليمين و [ عن ] الشمال يكتبان الأعمال ، صاحب اليمين يكتب الحسنات ، وصاحب الشمال يكتب السيئات ، وملكان آخران يحفظانه ويحرسانه ، واحدا من ورائه وآخر من قدامه ، فهو بين أربعة أملاك بالنهار ، وأربعة آخرين بالليل بدلا حافظان وكاتبان ، كما جاء في الصحيح : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر ، فيصعد إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بكم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلون ، وتركناهم وهم يصلون " وفي الحديث الآخر : " إن معكم من لا يفارقكم إلا عند الخلاء وعند الجماع ، فاستحيوهم وأكرموهم " . وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ) والمعقبات من أمر الله ، وهي الملائكة .وقال عكرمة ، عن ابن عباس : ( يحفظونه من أمر الله ) قال : ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه ، فإذا جاء قدر الله خلوا عنه .وقال مجاهد : ما من عبد إلا له ملك موكل ، يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام ، فما منها شيء يأتيه يريده إلا قال الملك : وراءك إلا شيء يأذن الله فيه فيصيبه .وقال الثوري عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه ) قال : ذلك ملك من ملوك الدنيا ، له حرس من دونه حرس .وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه ) يعني : ولي الشيطان ، يكون عليه الحرس . وقال عكرمة في تفسيرها : هؤلاء الأمراء : المواكب من بين يديه ومن خلفه .وقال الضحاك : ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ) قال : هو السلطان المحترس من أمر الله ، وهم أهل الشرك .والظاهر ، والله أعلم ، أن مراد ابن عباس وعكرمة والضحاك بهذا أن حرس الملائكة للعبيد يشبه حرس هؤلاء لملوكهم وأمرائهم .وقد روى الإمام أبو جعفر بن جرير هاهنا حديثا غريبا جدا فقال :حدثني المثنى ، حدثنا إبراهيم بن عبد السلام بن صالح القشيري ، حدثنا علي بن جرير ، عن حماد بن سلمة ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن كنانة العدوي قال : دخل عثمان بن عفان على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : يا رسول الله ، أخبرني عن العبد ، كم معه من ملك ؟ فقال : " ملك على يمينك على حسناتك ، وهو آمر على الذي على الشمال ، إذا عملت حسنة كتبت عشرا ، فإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين : أكتب ؟ قال : لا لعله يستغفر الله ويتوب . فإذا قال ثلاثا قال : نعم ، اكتب أراحنا الله منه ، فبئس القرين . ما أقل مراقبته لله وأقل استحياءه منا " . يقول الله : ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) [ ق : 18 ] وملكان من بين يديك ومن خلفك ، يقول الله : ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ) وملك قابض على ناصيتك ، فإذا تواضعت لله رفعك ، وإذا تجبرت على الله قصمك ، وملكان على شفتيك ، ليس يحفظان عليك إلا الصلاة على محمد - صلى الله عليه وسلم - وملك قائم على فيك لا يدع الحية أن تدخل في فيك ، وملكان على عينيك فهؤلاء عشرة أملاك على كل آدمي ينزلون ملائكة الليل على ملائكة النهار; لأن ملائكة الليل سوى ملائكة النهار ، فهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي وإبليس بالنهار وولده بالليل " .قال الإمام أحمد ، رحمه الله : حدثنا أسود بن عامر ، حدثنا سفيان ، حدثني منصور ، عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه ، عن عبد الله قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة " . قالوا : وإياك يا رسول الله ، قال : " وإياي ، ولكن أعانني الله عليه فلا يأمرني إلا بخير " .انفرد بإخراجه مسلم .وقوله : ( يحفظونه من أمر الله ) قيل : المراد حفظهم له من أمر الله . رواه علي بن أبي طلحة ، وغيره ، عن ابن عباس . وإليه ذهب مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم النخعي ، وغيرهم .وقال قتادة : ( يحفظونه من أمر الله ) قال : وفي بعض القراءات : " يحفظونه بأمر الله " .وقال كعب الأحبار : لو تجلى لابن آدم كل سهل وحزن ، لرأى كل شيء من ذلك شياطين لولا أن الله وكل بكم ملائكة عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم ، إذا لتخطفتم .وقال أبو أمامة ما من آدمي إلا ومعه ملك يذود عنه ، حتى يسلمه للذي قدر له .وقال أبو مجلز : جاء رجل من مراد إلى علي ، رضي الله عنه ، وهو يصلي ، فقال : احترس ، فإن ناسا من مراد يريدون قتلك . فقال : إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر ، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه ، وإن الأجل جنة حصينة .وقال بعضهم : ( يحفظونه من أمر الله ) بأمر الله ، كما جاء في الحديث أنهم قالوا : يا رسول الله ، أرأيت رقى نسترقي بها ، هل ترد من قدر الله شيئا ؟ فقال : " هي من قدر الله " .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا حفص بن غياث ، عن أشعث ، عن جهم ، عن إبراهيم قال : أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل : أن قل لقومك : إنه ليس من أهل قرية ولا أهل بيت يكونون على طاعة الله فيتحولون منها إلى معصية الله ، إلا تحول لهم مما يحبون إلى ما يكرهون ، ثم قال : إن مصداق ذلك في كتاب الله : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )وقد ورد هذا في حديث مرفوع ، فقال الحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة في كتابه " صفة العرش " : حدثنا الحسن بن علي ، حدثنا الهيثم بن الأشعث السلمي ، حدثنا أبو حنيفة اليمامي الأنصاري ، عن عمير بن عبد الله قال : خطبنا علي بن أبي طالب على منبر الكوفة ، قال : كنت إذا سكت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابتدأني ، وإذا سألته عن الخبر أنبأني ، وإنه حدثني عن ربه ، عز وجل ، قال : " قال الرب : وعزتي وجلالي ، وارتفاعي فوق عرشي ، ما من أهل قرية ولا أهل بيت كانوا على ما كرهت من معصيتي ، ثم تحولوا عنها إلى ما أحببت من طاعتي ، إلا تحولت لهم عما يكرهون من عذابي إلى ما يحبون من رحمتي " .وهذا غريب ، وفي إسناده من لا أعرفه .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من والقوله تعالى : " له معقبات " أي لله ملائكة يتعاقبون بالليل والنهار ; فإذا صعدت ملائكة الليل أعقبتها ملائكة النهار .
وقال : معقبات والملائكة ذكران لأنه جمع معقبة ; يقال : ملك معقب ، وملائكة معقبة ، ثم معقبات جمع الجمع .
وقرأ بعضهم - " له معاقيب من بين يديه ومن خلفه " .
ومعاقيب جمع معقب ; وقيل للملائكة معقبة على لفظ الملائكة وقيل : أنث لكثرة ذلك منهم ; نحو نسابة وعلامة وراوية ; قاله الجوهري وغيره .
والتعقب العود بعد البدء ; قال الله تعالى : ولى مدبرا ولم يعقب أي لم يرجع ; وفي الحديث : معقبات لا يخيب قائلهن - أو - فاعلهن فذكر التسبيح والتحميد والتكبير .
قال أبو الهيثم : سمين " معقبات " لأنهن عادت مرة بعد مرة ، فعل من عمل عملا ثم عاد إليه فقد عقب .
والمعقبات من الإبل اللواتي يقمن عند أعجاز الإبل المعتركات على الحوض ; فإذا انصرفت ناقة دخلت مكانها أخرى .
وقوله : من بين يديه أي المستخفي بالليل والسارب بالنهار .
يحفظونه من أمر الله اختلف في هذا الحفظ ; فقيل : يحتمل أن يكون توكيل الملائكة بهم لحفظهم من الوحوش والهوام والأشياء المضرة ، لطفا منه به ، فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه ; قاله ابن عباس وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - .
قال أبو مجلز : جاء رجل من مراد إلى علي فقال : احترس فإن ناسا من مراد يريدون قتلك ; فقال : إن مع كل رجل ملكين يحفظانه ما لم يقدر ، فإذا جاء القدر خليا بينه وبين قدر الله ، وإن الأجل حصن حصينة ; وعلى هذا ، يحفظونه من أمر الله أي بأمر الله وبإذنه ; ف " من " بمعنى الباء ; وحروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض .
وقيل : من بمعنى عن ; أي يحفظونه عن أمر الله ، وهذا قريب من الأول ; أي حفظهم عن أمر الله لا من عند أنفسهم ; وهذا قول الحسن ; تقول : كسوته عن عري ومن عري ; ومنه قوله - عز وجل - : أطعمهم من جوع أي عن جوع .
وقيل : يحفظونه من ملائكة العذاب ، حتى لا تحل به عقوبة ; لأن الله لا يغير ما بقوم من النعمة والعافية حتى يغيروا ما بأنفسهم بالإصرار على الكفر ، فإن أصروا حان الأجل المضروب ونزلت بهم النقمة ، وتزول عنهم الحفظة المعقبات .
وقيل : يحفظونه من الجن ; قال كعب : لولا أن الله وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم لتخطفتكم الجن وملائكة العذاب من أمر الله ; وخصهم بأن قال : من أمر الله لأنهم غير معاينين ; كما قال : قل الروح من أمر ربي أي ليس مما تشاهدونه أنتم .
وقال الفراء : في الكلام تقديم وتأخير ، تقديره ، له معقبات من أمر الله من بين يديه ومن خلفه يحفظونه ، وهو مروي عن مجاهد وابن جريج والنخعي ; وعلى أن ملائكة العذاب والجن من أمر الله لا تقديم فيه ولا تأخير .
وقال ابن جريج : إن المعنى يحفظون عليه عمله ; فحذف المضاف .
وقال قتادة : يكتبون أقواله وأفعاله .
ويجوز إذا كانت المعقبات الملائكة أن تكون الهاء في له لله - عز وجل - كما ذكرنا ; ويجوز أن تكون للمستخفي ، فهذا قول .
وقيل : له معقبات من بين يديه ومن خلفه يعني به النبي - صلى الله عليه وسلم - أي أن الملائكة تحفظه من أعدائه ; وقد جرى ذكر الرسول في قوله :لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر أي سواء منكم من أسر القول ومن جهر به في أنه لا يضر النبي - صلى الله عليه وسلم - بل له معقبات يحفظونه - عليه السلام - ; ويجوز أن يرجع هذا إلى جميع الرسل ; لأنه قد قال : ولكل قوم هاد أي يحفظون الهادي من بين يديه ومن خلفه .
وقول رابع : أن المراد بالآية السلاطين والأمراء الذين لهم قوم من بين أيديهم ومن خلفهم يحفظونهم ; فإذا جاء أمر الله لم يغنوا عنهم من الله شيئا ; قاله ابن عباس وعكرمة ; وكذلك قال الضحاك : هو السلطان المتحرس من أمر الله ، المشرك .
وقد قيل : إن في الكلام على هذا التأويل نفيا محذوفا ، تقديره : لا يحفظونه من أمر الله تعالى ، ذكره الماوردي .
قال المهدوي : ومن جعل المعقبات الحرس فالمعنى : يحفظونه من أمر الله على ظنه وزعمه .
وقيل : سواء من أسر القول ومن جهر به فله حراس وأعوان يتعاقبون عليه فيحملونه على المعاصي ، ويحفظونه من أن ينجع فيه وعظ ; قال القشيري : وهذا لا يمنع الرب من الإمهال إلى أن يحق العذاب ; وهو إذا غير هذا العاصي ما بنفسه بطول الإصرار فيصير ذلك سببا للعقوبة ; فكأنه الذي يحل العقوبة بنفسه ; فقوله : يحفظونه من أمر الله أي من امتثال أمر الله .
وقال عبد الرحمن بن زيد : المعقبات ما يتعاقب من أمر الله تعالى وقضائه في عباده ; قال الماوردي : ومن قال بهذا القول ففي تأويل قوله : يحفظونه من أمر الله وجهان : أحدهما : يحفظونه من الموت ما لم يأت أجل ; قاله الضحاك .
الثاني : يحفظونه من الجن والهوام المؤذية ، ما لم يأت قدر ; - قاله أبو أمامة وكعب الأحبار - فإذا جاء المقدور خلوا عنه ; والصحيح أن المعقبات الملائكة ، وبه قال الحسن ومجاهد وقتادة وابن جريج ; وروي عن ابن عباس ، واختاره النحاس ، واحتج بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار الحديث ، رواه الأئمة .
وروى الأئمة عن عمرو عن ابن عباس قرأ " معقبات من بين يديه ورقباء من خلفه من أمر الله يحفظونه " فهذا قد بين المعنى .
وقال كنانة العدوي : دخل عثمان - رضي الله عنه - على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ! أخبرني عن العبد كم معه من ملك ؟ قال : ملك عن يمينك يكتب الحسنات ، وآخر عن الشمال يكتب السيئات ، والذي على اليمين أمير على الذي على الشمال ، فإذا عملت حسنة كتبت عشرا ، وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين أأكتب ؟ قال لا ؛ لعله يستغفر الله تعالى أو يتوب إليه ، فإذا قال ثلاثا ، قال نعم اكتب أراحنا الله تعالى منه فبئس القرين هو ما أقل مراقبته لله - عز وجل - وأقل استحياءه منا ، يقول الله تعالى ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد وملكان من بين يديك ومن خلفك يقول الله تعالى له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله وملك قابض على ناصيتك فإذا تواضعت لله رفعك وإذا تجبرت على الله قصمك ، وملكان على شفتيك وليس يحفظان عليك إلا الصلاة على محمد وآله ، وملك قائم على فيك لا يدع أن تدخل الحية في فيك ، وملكان على عينيك فهؤلاء عشرة أملاك على كل آدمي يتداولون ، ملائكة الليل على ملائكة النهار ، لأن ملائكة الليل ليسوا بملائكة النهار ، فهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي ، وإبليس مع ابن آدم بالنهار وولده بالليل .
ذكره الثعلبي .
قال الحسن : المعقبات أربعة أملاك يجتمعون عند صلاة الفجر .
واختيار الطبري : أن المعقبات المواكب بين أيدي الأمراء وخلفهم ; والهاء في " له " لهن ; على ما تقدم .
وقال العلماء رضوان الله عليهم : إن الله سبحانه جعل أوامره على وجهين : أحدهما : قضى حلوله ووقوعه بصاحبه ; فذلك لا يدفعه أحد ولا يغيره .
والآخر : قضى مجيئه ولم يقض حلوله ووقوعه ، بل قضى صرفه بالتوبة والدعاء والصدقة والحفظ .
قوله تعالى : إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه لا يغير ما بقوم حتى يقع منهم تغيير ، إما منهم أو من الناظر لهم ، أو ممن هو منهم بسبب ; كما غير الله بالمنهزمين يوم أحد بسبب تغيير الرماة بأنفسهم ، إلى غير هذا من أمثلة الشريعة ; فليس معنى الآية أنه ليس ينزل بأحد عقوبة إلا بأن يتقدم منه ذنب ، بل قد تنزل المصائب بذنوب الغير ; كما قال - صلى الله عليه وسلم - : وقد سئل أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخبث .
والله أعلم .
قوله تعالى : وإذا أراد الله بقوم سوءا أي هلاكا وعذابا .
فلا مرد له وقيل : إذا أراد بهم بلاء من أمراض وأسقام فلا مرد لبلائه .
وله : إذا أراد الله بقوم سوءا أعمى أبصارهم حتى يختاروا ما فيه البلاء ويعملوه ; فيمشون إلى هلاكهم بأقدامهم ، حتى يبحث أحدهم عن حتفه بكفه ، ويسعى بقدمه إلى إراقة دمه .
وما لهم من دونه من وال أي ملجأ ; وهو معنى قول السدي .
وقيل : من ناصر يمنعهم من عذابه ; وقال الشاعر :ما في السماء سوى الرحمن من والووال وولي كقادر وقدير .

﴿ تفسير الطبري ﴾

قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معناه: لله تعالى ذكرهُ معقِّباتٌ قالوا: " الهاء " في قوله: " له " من ذكر اسم الله.
و " المعقبات " التي تعتقب على العبد.
(29) وذلك أن ملائكة الليل إذا صعدت بالنهار أعقبتها ملائكة النهار, فإذا انقضى النهار صعدت ملائكة النهار ثم أعقبتها ملائكة الليل.
وقالوا: قيل " معقبات ", و " الملائكة ": جمع " ملك " مذكر غير مؤنث, وواحد " الملائكة "" معقِّب ", وجماعتها " مُعَقبة ", ثم جمع جمعه أعني جمع " معقّب " بعد ما جمع " مُعَقّبة " وقيل " معقِّبات ", كما قيل: " سادات سعد ", (30) " ورجالات بني فلان "، جمع " رجال " .
* * *وقوله: (من بين يديه ومن خلفه) ، يعني بقوله: (من بين يديه) ، من قدام هذا المستخفي بالليل والسارب بالنهار (31) (ومن خلفه)، من وراء ظهره .
*ذكر من قال ذلك:20210- حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة, عن منصور, يعني ابن زاذان, عن الحسن في هذه الآية: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) قال: الملائكة .
20211- حدثني المثنى قال: حدثنا إبراهيم بن عبد السلام بن صالح القشيري قال: حدثنا علي بن جرير, عن حماد بن سلمة, عن عبد الحميد بن جعفر, عن كنانة العدوي قال: دخل عثمان بن عفان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أخبرني عن العبد كم معه من ملك؟ قال: ملك على يمينك على حسناتك, وهو أمينٌ على الذي على الشمال, (32) فإذا عملتَ حسنة كُتِبت عشرًا, وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين: اكتب! قال: لا لعله يستغفر الله ويتوب! فإذا قال ثلاثًا قال: نعم اكتب أراحنا الله منه, فبئس القرين, ما أقل مراقبته لله, وأقل استحياءَه منّا! يقول الله: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ، [سورة ق: 18] ، وملكان من بين يديك ومن خلفك, يقول الله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، وملك قابض على ناصيتك, فإذا تواضعت لله رفعك, وإذا تجبَّرت على الله قصمك .
وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلا الصَّلاة على محمد.
وملك قائم على فيك لا يدع الحيّة تدخل في فيك، (33) وملكان على عينيك.
فهؤلاء عشرة أملاك على كلّ آدميّ, ينزلون ملائكة الليل على ملائكة النهار، [لأن ملائكة الليل سوى ملائكة النهار] (34) فهؤلاء عشرون ملكًا على كل آدمي, وإبليس بالنهار وولده بالليل.
(35)20212- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) الملائكة(يحفظونه من أمر الله) .
20213- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله .
20214- .
.
.
قال: حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم, عن عبد الملك, عن قيس, عن مجاهد, في قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه) ، قال: مع كل إنسان حَفَظَةٌ يحفظونه من أمر الله .
20215- .
.
.
قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، فالمعقبات هن من أمر الله, وهي الملائكة .
20216- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي, عن إسرائيل, عن سماك, عن عكرمة, عن ابن عباس: (يحفظونه من أمر الله) قال: ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه, فإذا جاء قدره خَلَّوا عنه .
20217- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل, عن سماك, عن عكرمة, عن ابن عباس: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) فإذا جاء القدر خَلَّوا عنه .
20218- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير, عن منصور, عن إبراهيم في هذه الآية قال: الحَفَظَة .
20219- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي, عن سفيان, عن منصور, عن إبراهيم: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، قال: ملائكة .
20240- حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا يعلى قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد, عن أبي صالح في قوله: (له معقبات) قال: ملائكة الليل، يعقُبُون ملائكة النهار .
20241- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) هذه ملائكة الليل يتعاقبون فيكم بالليل والنهار.
وذكر لنا أنهم يجتمعون عند صلاة العصر وصلاة الصبح وفي قراءة أبيّ بن كعب: ( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَرَقِيبٌ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِن أَمْرِ اللهِ).
20242- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, قوله: (له معقبات من بين يديه) ، قال: ملائكة يتعاقبونه .
20243- حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) قال: الملائكة قال ابن جريج: " معقبات "، قال: الملائكة تَعَاقَبُ الليلَ والنهار.
وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يجتمعون فيكم عند صلاة العصر وصلاة الصبح وقوله: (يحفظونه من بين يديه ومن خلفه ) ، قال ابن جريج: مثل قوله: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ، [سورة ق: 17].
قال: الحسنات من بين يديه، والسيئات من خلفه.
الذي عن يمينه يكتب الحسنات والذي عن شماله يكتب السيئات .
20244- حدثنا سوّار بن عبد الله قال: حدثنا المعتمر بن سليمان قال، سمعت ليثًا يحدث، عن مجاهد أنه قال: ما من عبدٍ إلا له ملك موكَّل يحفظه في نومه ويقظته من الجنّ والإنس والهوامّ, فما منها شيء يأتيه يريده إلا قال: وراءَك! إلا شيئًا يأذن الله فيه فيصيبه .
20245- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي: قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) ، قال: يعني الملائكة .
* * *وقال آخرون: بل عني ب" المعقبات " في هذا الموضع، الحرَس, الذي يتعاقب على الأمير .
*ذكر من قال ذلك:20246- حدثنا أبو هشام الرفاعي قال: حدثنا ابن يمان قال: حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) قال: ذلك ملك من مُلوك الدنيا له حَرسٌ من دونه حرَس .
20247- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) ، يعني: ولىَّ الشيطان، يكون عليه الحرس .
(36)20248- حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة, عن شَرْقيّ: أنه سمع عكرمة يقول في هذه الآية: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه ) قال: هؤلاء الأمراء .
(37)20249- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا عمرو بن نافع قال: سمعت عكرمة يقول: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) قال: المواكب من بين يديه ومن خلفه .
(38)20240- حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، قال: هو السلطان المحترس من الله, وهم أهل الشرك .
(39)* * *قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب, قولُ من قال: " الهاء "، في قوله: (له معقبات) من ذكر " مَنْ" التي في قوله: وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ " وأن المعقبات من بين يديه ومن خلفه ", هي حرسه وجلاوزته، (40) كما قال ذلك من ذكرنا قوله .
وإنما قلنا: " ذلك أولى التأويلين بالصواب "، لأن قوله: (له معقبات) أقرب إلى قوله: وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ منه إلى عالم الغيب, فهي لقربها منه أولى بأن تكون من ذكره, وأن يكون المعنيَّ بذلك هذا, مع دلالة قول الله: (وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له) على أنهم المعنيُّون بذلك.
وذلك أنه جل ثناؤه ذكر قومًا أهل معصيةٍ له وأهلَ ريبة, يستخفون بالليل ويظهرون بالنهار, ويمتنعون عند أنفسهم بحرس يحرسهم, ومَنْعَة تمنعهم من أهل طاعته أن يحولوا بينهم وبين ما يأتون من معصية الله.
ثم أخبر أنّ الله تعالى ذكره إذا أراد بهم سوءًا لم ينفعهم حَرَسهم, ولا يدفع عنهم حفظهم .
* * *وقوله: (يحفظونه من أمر الله) اختلف أهل التأويل في تأويل هذا الحرف على نحو اختلافهم في تأويل قوله: (له معقبات) .
فمن قال: " المعقبات " هي الملائكة قال: الذين يحفظونه من أمر الله هم أيضًا الملائكة.
ومن قال: " المعقبات " هي الحرس والجلاوزة من بني آدم قال: الذين يحفظونه من أمر الله هم أولئك الحرس .
* * *واختلفوا أيضًا في معنى قوله: (من أمر الله) .
فقال بعضهم: حفظهم إيّاه من أمره .
وقال بعضهم: (يحفظونه من أمر الله) بأمر الله .
*ذكر من قال: الذين يحفظونه هم الملائكة, ووجَّه قوله: (بأمر الله) إلى معنى أن حفظها إيّاه من أمر الله:20241- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية, عن علي عن ابن عباس قوله: (يحفظونه من أمر الله) ، يقول: بإذن الله، فالمعقبات: هي من أمر الله, وهي الملائكة.
20242- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبير: (يحفظونه من أمر الله) ، قال: الملائكة: الحفظة, وحفظهم إياه من أمر الله .
20243- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثني عبد الملك, عن ابن عبيد الله, عن مجاهد في قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، قال: الحفظة هم من أمر الله .
20244- .
.
.
قال: حدثنا علي يعني ابن عبد الله بن جعفر قال: حدثنا سفيان, عن عمرو, عن ابن عباس: (له معقبات من بين يديه) ، رقباء (ومن خلفه) من أمر الله (يحفظونه).
(41)20245- .
.
.
قال: حدثنا عبد الوهاب, عن سعيد, عن قتادة, عن الجارود, عن ابن عباس: (له معقبات من بين يديه) ، رقيب(ومن خلفه) .
20246- حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل, عن خصيف, عن مجاهد: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) ، قال: الملائكة من أمر الله .
20247- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج, عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: (يحفظونه من أمر الله) ، قال: الملائكة من أمر الله .
20248- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير, عن منصور, عن إبراهيم: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) قال: الحفظة .
* * **ذكر من قال: عنى بذلك: يحفظونه بأمر الله:20249- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: (يحفظونه من أمر الله) : أي بأمر الله .
20240- حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: (يحفظونه من أمر الله) , وفي بعض القراءات (بِأَمْرِ اللهِ).
20241- حدثني المثنى قال: حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم, عن عبد الملك, عن قيس, عن مجاهد في قوله: (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) قال: مع كل إنسان حَفَظَة يحفظونه من أمر الله .
* * **ذكر من قال: تحفظه الحرس من بني آدم من أمر الله:20242- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: (يحفظونه من أمر الله) يعني: ولّى الشيطان، (42) يكون عليه الحرس يحفظونه من بين يديه ومن خلفه, يقول الله عز وجل: يحفظونه من أمري, فإني إذا أردت بقوم سوءًا فلا مرد له وما لهم من دونه من والٍ .
20243- حدثني أبو هريرة الضبعي قال: حدثنا أبو قتيبة قال، حدثنا شعبة ، عن شَرْقيّ, عن عكرمة: (يحفظونه من أمر الله) قال: الجلاوزة .
(43)* * *وقال آخرون: معنى ذلك: يحفظونه من أمر الله, و " أمر الله " الجن, ومن يبغي أذاه ومكروهه قبل مجيء قضاء الله, فإذا جاء قضاؤه خَلَّوْا بينه وبينه .
*ذكر من قال ذلك:20244- حدثني أبو هريرة الضبعي قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا ورقاء, عن منصور, عن طلحة, عن إبراهيم: (يحفظونه من أمر الله) قال: من الجن .
(44)20245- حدثنا سوّار بن عبد الله قال: حدثنا المعتمر قال: سمعت ليثًا يحدث، عن مجاهد أنه قال: ما من عبد إلا له ملك موكّل يحفظه في نومه ويقظته من الجنّ والإنس والهوامّ, فما منهم شيء يأتيه يريده إلا قال: وراءَك إلا شيئًا يأذن الله فيصيبه .
20246- حدثنا الحسن بن عرفة قال: حدثنا إسماعيل بن عياش, عن محمد بن زياد الألهاني, عن يزيد بن شريح، عن كعب الأحبار قال: لو تجلَّى لابن آدم كلّ سهلٍ وحزنٍ لرأى على كل شيء من ذلك شياطين.
لولا أن الله وكَّل بكم ملائكة يذبُّون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم إذًا لتُخُطِّفتم .
20247- حدثني يعقوب قال: حدثنا ابن علية قال: حدثنا عمارة بن أبي حفصة, عن أبي مجلز قال: جاء رجل من مُرادٍ إلى عليّ رضي الله عنه وهو يصلي, فقال: احترس, فإنّ ناسًا من مراد يريدون قتلك! فقال: إنّ مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدَّر, فإذا جاء القدَرُ خلَّيا بينه وبينه, وإن الأجل جُنَّةٌ حصينة .
20248- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عبد الوهاب, عن الحسن بن ذكوان, عن أبي غالب, عن أبي أمامة قال: ما من آدمي إلا ومعه ملك موكَّل يذود عنه حتى يسلمه للذي قُدِّر له .
* * *وقال آخرون: معنى ذلك: يحفظون عليه من الله .
*ذكر من قال ذلك:20249- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج, عن ابن جريج: (يحفظونه من أمر الله) ، قال: يحفظون عليه من الله .
* * *قال أبو جعفر: يعني ابن جريج بقوله: " يحفظون عليه " ، الملائكة الموكلة بابن آدم, بحفظ حسناته وسيئاته, وهي" المعقبات " عندنا, تحفظ على ابن آدم حسناته وسيئاته من أمر الله.
* * *قال أبو جعفر: وعلى هذا القول يجب أن يكون معنى قوله: (من أمر الله) ، أنّ الحفظة من أمر الله, أو تحفظ بأمر الله ويجب أن تكون " الهاء " التي في قوله: (يحفظونه) وُحِّدت وذُكِّرت وهي مراد بها الحسنات والسيئات, لأنها كناية عن ذكر " مَنْ" الذي هو مستخف بالليل وسارب بالنهار وأن يكون " المستخفي بالليل " أقيم ذكره مقام الخبر عن سيئاته وحسناته, كما قيل: وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ، [سورة يوسف: 82].
وكان عبد الرحمن بن زيد يقول في ذلك خلاف هذه الأقوال كلها:-20250- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد, في قوله: وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ قال: أتى عامر بن الطفيل, وأربد بن ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, (45) فقال عامر: ما تجعل لي إن أنا اتبعتك؟ قال: أنت فارس، أعطيك أعنة الخيل.
قال: لا .
قال: " فما تبغي؟ قال: لي الشرق ولك الغرب .
قال: لا .
قال: فلي الوَبَر ولك المَدَر .
قال: لا.
قال: لأملأنها عليك إذًا خيلا ورجالا.
قال: يمنعك الله ذاك وابنا قيلة (46) يريد الأوس والخزرج .
قال: فخرجا, فقال عامر لأربد: إن كان الرجل لنا لممكنًا لو قتلناه ما انتطحت فيه عنزان، ولرضوا بأن نعقله لهم وأحبوا السلم وكرهوا الحرب إذا رأوا أمرًا قد وقع .
فقال الآخر: إن شئت فتشاورا, وقال: ارجع وأنا أشغله عنك بالمجادلة, وكن وراءه فاضربه بالسيف ضربةً واحدة.
فكانا كذلك: واحدٌ وراء النبي صلى الله عليه وسلم, والآخر قال: اقصص علينا قصصك.
قال: ما تقول؟ قال: قرآنك! (47) فجعل يجادله ويستبطئه ، (48) حتى قال: مالك حُشِمت؟ (49) قال: وضعت يدي على قائم سيفي [فيبست], (50) فما قدرتُ على أن أُحْلِي ولا أُمِرُّ ولا أحرّكها .
قال: فخرجا، فلما كانا بالحَرة، سمع بذلك سعد بن معاذ وأسيد بن حُضير, فخرجا إليهما, على كل واحد منهما لأمته، ورمحه بيده، وهو متقلد سيفه.
فقالا لعامر بن الطفيل: يا أعور [حسا] يا أبلخ, (51) أنت الذي يشرط على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (52) لولا أنك في أمانٍ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رِمْتَ المنزل حتى نضرب عنقك, (53) ولكن [لا نستعين].
(54) وكان أشدّ الرجلين عليه أسيد بن الحضير، [فقال: من هذا؟ فقالوا: أسيد بن حضير]؟ (55) فقال: لو كان أبوه حيًا لم يفعل بي هذا! ثم قال لأربد: اخرج أنت يا أربد إلى ناحية عَدَنَة, (56) وأخرج أنا إلى نجد, فنجمع الرجال فنلتقي عليه .
فخرج أربد حتى إذا كان بالرَّقَم، (57) بعث الله سحابة من الصيف فيها صاعقة! فأحرقته .
قال: وخرج عامر حتى إذا كان بوادٍ يقال له الجرير, أرسل الله عليه الطاعون, فجعل يصيح: يا آل عامر, أغُدَّة كغدَّة البكر تقتلني! يا آل عامر، أغدةٌ كغدة البكر تقتلني, وموتٌ أيضًا في بيت سلولية ! وهي امرأة من قيس.
فذلك قول الله: سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ فقرأ حتى بلغ: (يحفظونه) تلك المعقبات من أمر الله, هذا مقدّم ومؤخّر لرسول الله صلى الله عليه وسلم معقبات يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، تلك المعقبات من أمر الله .
وقال لهذين: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فقرأ حتى بلغ: (يرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) الآية, فقرأ حتى بلغ: وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ .
قال وقال لبيد في أخيه أربد, وهو يبكيه:أَخْشَى عَلَى أَرْبَدَ الحُتُوفَ وَلاأَرْهَبُ نَوْءَ السِّمَاكِ وَالأسَدِ (58)فَجّعَنِي الرَّعْدُ وَالصَّوَاعِقُ بِالفَارِسِ يَوْمَ الكَرِيهَةِ النَّجُدِ (59)* * *قال أبو جعفر: وهذا القول الذي قاله ابن زيد في تأويل هذه الآية، قولٌ بعيد من تأويل الآية، مع خلافِه أقوالَ من ذكرنا قوله من أهل التأويل.
وذلك أنه جعل " الهاء " في قوله: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ) من ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولم يجر له في الآية التي قبلها ولا في التي قبل الأخرى ذكرٌ, إلا أن يكون أراد أن يردّها على قوله: إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ، (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ) فإن كان ذلك, (60) فذلك بعيدٌ ، لما بينهما من الآيات بغير ذكر الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وإذا كان ذلك, فكونها عائدة على " مَنْ" التي في قوله: وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ أقربُ, لأنه قبلها والخبر بعدها عنه .
فإذا كان ذلك كذلك, فتأويل الكلام: سواء منكم، أيها الناس من أسرّ القول ومن جهر به عند ربكم, ومن هو مستخف بفسقه وريبته في ظلمة الليل, وساربٌ يذهب ويجيء في ضوء النهار ممتنعًا بجنده وحرسه الذين يتعقبونه من أهل طاعة الله أن يحولوا بينه وبين ما يأتي من ذلك, وأن يقيموا حدَّ الله عليه, وذلك قوله: (يحفظونه من أمر الله) .
*وقوله: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) يقول تعالى ذكره: (إن الله لا يغير ما بقوم) ، من عافية ونعمة، فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم(حتى يغيروا ما بأنفسهم) من ذلك بظلم بعضهم بعضًا، واعتداء بعضهم على بعض, فَتَحلَّ بهم حينئذ عقوبته وتغييره .
* * *وقوله: (وإذا أراد الله بقوم سوءًا فلا مردّ له) يقول: وإذا أراد الله بهؤلاء الذين يستخفون بالليل ويسربون بالنهار, لهم جند ومنعة من بين أيديهم ومن خلفهم, يحفظونهم من أمر الله هلاكًا وخزيًا في عاجل الدنيا، (فلا مردّ له) يقول: فلا يقدر على ردّ ذلك عنهم أحدٌ غيرُ الله .
يقول تعالى ذكره: (وما لهم من دونه من وال) يقول: وما لهؤلاء القوم و " الهاء والميم " في" لهم " من ذكر القوم الذين في قوله: (وإذا أراد الله بقوم سوءًا) .
من دون الله(من والٍ) يعني: من والٍ يليهم ويلي أمرهم وعقوبتهم .
* * *وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: " السوء ": الهلكة, ويقول: كل جذام وبرص وعَمى وبلاء عظيم فهو " سوء " مضموم الأول, وإذا فتح أوله فهو مصدر: " سُؤْت "، ومنه قولهم: " رجلُ سَوْءٍ" .
(61)واختلف أهل العربية في معنى قوله: وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ .
فقال بعض نحويي أهل البصرة: معنى قوله: وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ ومن هو ظاهر بالليل, من قولهم: " خَفَيْتُ الشيء ": إذا أظهرته, وكما قال أمرؤ القيس:فَإِنْ تَكْتُمُوا الدَّاء لا نَخْفِهوإنْ تَبْعَثُوا الحَرْبَ لا نَقْعُدِ (62)وقال: وقد قرئ أَكَادُ أُخْفِيهَا [سورة طه:15] بمعنى: أظهرها .
وقال في قوله: وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ،" السارب ": هو المتواري, كأنه وجَّهه إلى أنه صار في السَّرَب بالنهار مستخفيًا .
(63)* * *وقال بعض نحويي البصرة والكوفة: إنما معنى ذلك: وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ ، أي مستتر بالليل من الاستخفاء وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ : وذاهبٌ بالنهار, من قولهم: " سَرَبت الإبل إلى الرَّعي, وذلك ذهابها إلى المراعي وخروجها إليها .
وقيل: إن " السُّرُوب " بالعشيّ ، و " السُّروح " بالغداة .
* * *واختلفوا أيضًا في تأنيث " معقبات ", وهي صفة لغير الإناث.
فقال بعض نحويي البصرة: إنما أنثت لكثرة ذلك منها, نحو: " نسّابة " ، و " علامة ", ثم ذكَّر لأن المعنيَّ مذكّر, فقال: " يحفظونه " .
* * *وقال بعض نحويي الكوفة: إنما هي" ملائكة معقبة ", ثم جمعت " معقبات ", فهو جمع جمع, ثم قيل: " يحفظونه ", لأنه للملائكة .
* * *وقد تقدم قولنا في معنى: " المستخفي بالليل والسارب بالنهار " .
(64)وأما الذي ذكرناه عن نحويي البصريين في ذلك، فقولٌ وإن كان له في كلام العرب وجهٌ، خلافٌ لقول أهل التأويل.
(65) وحسبه من الدلالة على فساده، خروجه عن قولِ جميعهم .
* * *وأما " المعقبات "، فإن " التعقيب " في كلام العرب، العود بعد البدء، والرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه، (66) من قول الله تعالى: وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ، أي: لم يرجع, وكما قال سلامة بن جندل:وَكَرُّنا الخَيْلَ فِي آثَارِهِمْ رُجُعًاكُسَّ السَّنَابِكِ مِنْ بَدْءٍ وَتَعْقِيبِ (67)يعني: في غزوٍ ثانٍ عقَّبُوا، وكما قال طرفة:وَلَقَدْ كُنْت عَلَيْكُمْ عَاتِبًافَعَقَبْتُمْ بِذَنُوبٍ غَيْرِ مُرّ (68)يعني بقوله: " عقبتم "، رجعتم.
وأتاها التأنيث عندنا, وهي من صفة الحرس الذي يحرسون المستخفي بالليل والسارب بالنهار, لأنه عني بها " حرس مُعَقبّة ", ثم جمعت " المعقبة " فقيل: " معقبات " فذلك جمع جمع " المعقِّب "، و " المعقِّب " ، واحد " المعَقِّبة "، كما قال لبيد:حَتَّى تَهَجَّرَ فِي الرّوَاحِ وَهَاجَهُطَلَبَ المُعَقِّبِ حَقَّهُ المَظْلُومُ (69)و " المعقبات " ، جمعها, ثم قال: " يحفظونه " ، فردّ الخبر إلى تذكير الحرَس والجند .
* * *وأما قوله: (يحفظونه من أمر الله) فإن أهل العربية اختلفوا في معناه.
فقال بعض نحويي الكوفة: معناه: له معقبات من أمر الله يحفظونه, وليس من أمره [يحفظونه]، (70) إنما هو تقديم وتأخير .
قال: ويكون يحفظونه ذلك الحفظ من أمر الله وبإذنه, كما تقول للرجل: " أجبتك من دعائك إياي, وبدعائك إياي" .
* * *وقال بعض نحويي البصريين، معنى ذلك: يحفظونه عن أمر الله, كما قالوا: " أطعمني من جوع، وعن جوع " و " كساني عن عري، ومن عُرْيٍ" .
وقد دللنا فيما مضى على أن أولى القول بتأويل ذلك أن يكون قوله: (يحفظونه من أمر الله) ، من صفة حرس هذا المستخفي بالليل، وهي تحرسه ظنًّا منها أنها تدفع عنه أمرَ الله, فأخبر تعالى ذكره أن حرسه ذلك لا يغني عنه شيئًا إذا جاء أمره, فقال: (وإذا أراد الله بقوم سوءًا فلا مرد له وما لهم من دونه من والٍ) .
----------------------------------الهوامش :(29) في المطبوعة والمخطوطة : تتعقب" ، والصواب ما أثبت .
(30) في المطبوعة" ابناوات سعد" ، وهي في المخطوطة غير منقوطة والصواب ما أثبت يقال" سيد" و" سادة و" سادات" .
(31) انظر تفسير بين يديه" فيما سلف 10: 438، 12: 492.
(32) في المطبوعة وابن كثير :" وهو أمير" ، وأثبت ما في المخطوطة والدر المنثور .
(33) في المخطوطة :" تدخل فيك" ، والصواب ما في المطبوعة والدر المنثور .
(34) زيادة من ابن كثير والدر المنثور ، ولا غنى عنها .
(35) الأثر : 20211 - هذا إسناد قد سلف مثله برقم : 1386 ، 1395 .
وهو إسناد مشكل منكر .
" إبراهيم بن عبد السلام بن صالح القشيري" ، وسلف" التستري" وكان في ذلك الموضع في ابن كثير" القشيري" ، لا ندري أيهما الصواب ، ولم نجد له ذكرًا في شيء من كتب الرجال .
و" علي بن جرير" ، لا يدري منه هو أيضًا ، كما قلنا فيما سلف ، إلا أني أزيد أن ابن أبي حاتم ترجم في الجرح والتعديل :" علي بن جرير البارودي روى عنه .
.
.
سئل أبي عن علي بن جرير البارودي ، فقال : صدوق" ، ولا أظنه هذا الذي في إسنادنا ، كأن هذا متأخر ، ابن أبي حاتم 3 / 1 / 178 وأما" عبد الحميد بن جعفر ، فثقة ، سلف برقم : 1386 .
وأما" كنانة العدوي" ، فهو" كنانة بن نعيم العدوي" ، تابعي ثقة ، لم يذكر أنه أدرك عثمان بن عفان أو روى عنه .
فهذا حديث فيه نكارة وضعف شديد ، وانفرد بروايته أبو جعفر الطبري عن المثنى .
انظر تفسير ابن كثير 4 : 503 ، والدر المنثور 4 : 48 .
وقال ابن كثير : إنه حديث غريب جدًا .
(36) في المطبوعة :" ولي السلطان" ، غير ما في المخطوطة ، وهو الصواب ، يعني البغاة العصاة الأمراء ، يحرسون أنفسهم .
وانظر ما يأتي ص : 377 ، تعليق : 1 .
روى عنه شعبة، ذكره ابن حبان في الثقات.
وقال ابن أبي حاتم: ليس بحديثه بأس.
مترجم في التهذيب.
.
(37) الأثر : 20248 -" شرقي البصرى" ، روى عن عكرمة عن ابن عباس في تفسير هذه الآية ن والكبير 2 / 2 / 255 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 376 .
(38) الأثر : 20249 -" عمر بن نافع الثقفي" ، روى عن أنس وعكرمة .
قال ابن معين : ليس بشيء .
وذكره ابن حبان في الثقات .
وذكره الساجي وابن الجارود في الضعفاء .
مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 138 ، وميزان الاعتدال 2 : 272 .
(39) في المطبوعة :" المحروس من أمر الله" ، وأثبت ما في المخطوطة .
(40) الجلاوزة جمع جلواز ( بكسر الجيم وسكون اللام ) .
وهو الشرطي الذي يخف بين يدي الأمير ويأتمر بأمره .
(41) الأثر : 20244 -" علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي" وهو" ابن المديني" ، صاحب التصانيف ، ثقة ، روى عنه البخاري في التاريخ ، وأبو داود .
مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 1/ 193 .
و" سفيان" ، هو" سفيان بن عيينة" ، الثقة المشهور .
و" عمرو" ، هو" عمر بن دينار المكي" ، الثقة المشهور .
(42) في المطبوعة" ولي السلطان" ، والصواب ما في المخطوطة ، ولكنه غيرها كما سلف آنفًا ص : 373 ، تعليق : 1 .
(43) الأثر : 20243 -" أبو هريرة الضبعي" ، هو" محمد بن فراس الضبعي الصيرفي" ، شيخ أبي جعفر ، ثقة صدوق ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 60 .
و" أبو قتيبة" ، هو" سلم بن قتيبة الشعيري" ، ثقة ، مضى مرارًا ، آخرها رقم : 12904 .
و" شعبة" هو" شعبة بن الحجاج" ، الإمام المشهور ، مضى مرارًا .
وكان هنا في المطبوعة والمخطوطة :" سعيد" ، وهو خطأ محض ، فإن الذي يروي عن" شرقي البصري" ، هو شعبة ، كما مضى آنفًا رقم : 20248 .
" وشرقي البصري" ، مضى برقم : 20248 .
(44) الأثر : 20244 -" أبو هريرة الضبعي" ، مضى في الأثر السالف .
و" أبو داود" ، هو الطيالسي .
(45) " أربد بن ربيعة" ، هكذا جاء هنا عن ابن زيد ، وكذلك جاء عن محمد بن علي القرشي فيما رواه عنه ابن سعد في طبقاته 1 / 2 / 51 .
و" أربد" هو :" أربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر بن كلاب" ، وهو أخو لبيد لأمه ، و" لبيد" هو" لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب" ، فكأن ابن زيد ومحمد بن علي القرشي إنما قالا :" أربد بن ربيعة" ، من قبل أخوته للبيد بن ربيعة ، ولا أدري كيف قالا هذا ؟ ولم قالاه ؟ ولم أجده في غير هذين الموضعين .
وانظر كتاب" جوامع السيرة" ، لابن حزم ص : 12 ، تعليق : 1 .
(46) في المطبوعة :" وأبناء قيلة" ، والصواب ما في المخطوطة على التثنية .
و" قيلة" أم الأوس والخزرج .
(47) في المطبوعة :" قال ما يقول قرآنك" ، حذف من الكلام" قال" ، وأثبت ما في المخطوطة ويعني قال : اقرأ علي قرآنك .
(48) قوله :" فجعل يجادله ويستبطئه" وما بعدها ، كلام فيه اضطراب ، وأخشى أن يكون فيه خرم وسقط ، والسياق يدل على أنه جعل يجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وينظر إلى أربد يستبطئه .
فلما انصرفا قال عامر لأربد : مالك حشمت ؟(49) في المطبوعة :" مالك أجشمت" بزيادة الهمزة ، وبالجيم ، وليس له معنى ، وفي المخطوطة :" حسمت" غير منقوطة ، وصواب قراءتها ما أثبت .
يقال :" حشم" بالبناء المجهول ، إذا أعيي وانقبض .
(50) الزيادة بين القوسين ، زادها الناشر الأول على الدر المنثور .
(51) في المطبوعة :" يا أعور يا خبيث يا أملخ" ، غير ما في المخطوطة ، والذي فيها :" ناعور حسما يا أبلخ" ، ولم أستطع أن أجد الخبر في مكان آخر فأصححه ، وقد أعياني كشف ما فيه من التحريف ، فأثبته كما هو .
و" الأبلخ" هو العظيم في نفسه ، الجريء على ما أتى من الفجور .
(52) في المطبوعة :" تشترط" ، وأثبت ما في المخطوطة .
(53) في المطبوعة :" ضربت" ، وأثبت ما في المخطوطة .
(54) وهذه كلمة أخرى أثبتها كما هي في المخطوطة غير منقوطة لم أهتد إلى قراءتها ، ولكن ناشر المطبوعة جعلها :" لا تستبقين" ، فنقطها ، فصارت بلا معنى ، أما السيوطي في الدر المنثور ، فقد حذفها كعادته واستراح من همها .
(55) زيادة لا بد منها ، أثبتها من الدر المنثور .
(56) في المطبوعة :" إلي عذية" ، وليس في بلاد العرب موضع بهذا الاسم ، والذي فيها" عدنة" ( بفتح العين والدال ) ، وهي أرض لبني فزارة ، في جهة الشمال من الشربة ، قال الأصمعي في تحديد نجد :" ووادي الرمة يقطع بين عدنة والشربة ، فإذا جزعت الرمة مشرقًا أخذت في الشربة ، وإذا جزعت الرمة إلى الشمال أخذت في عدنة" ، أرجو أن يكون ما قرأت هو الصواب .
(57) " الرقم" ، ظاهر أنه موضع ، انظر معجم البلدان ، ومعجم ما استعجم ، وصفة جزيرة العرب للهمداني : 176 ، فأنا في شك من هذا كله .
(58) ديوانه قصيدة رقم : 5 ، البيت : 2 ، 3 / وسيأتيان في ص : 394 ، وقبل البيتين ، وهو أولها :ما إنْ تُعرِّي المَنُونُ مِنْ أَحَدٍلا وَالِدٍ مُشْفِقٍ ولا وَلدِو" الحتوف" ، هي الآجال .
وقوله :" نوء السماك والأسد" ، فإنه يعني السماك الأعزل ، ونوؤة أربع ليال في تشرين الأول ( شهر أكتوبر ) .
وهو نوء غزير .
وأما" الأسد" ، فإنه يعني" زبرة الأسد" ونوؤها أربع ليال في أواخر آب ( شهر أغسطس ) .
ويكون في نوء الزبرة مطر شديد ( انظر كتاب الأنواء لابن قتيبة ص : 58 ، 59 / 64 ، 65 ) .
وذلك كله في زمن الصيف .
يقول لبيد : كنت أخشى عليه كل حتف أعرفه ، إلا هذا الحتف المفاجئ من صواعق الصيف .
وقوله :" فجعني الدهر" ، أي أنزل بي الفجيعة الموجعة ، والرزية المؤلمة .
و" يوم الكريهة" ، يوم الشدة في الحرب ، حيث تكره النفوس الموت .
و" النجد" ( بفتح فضم ) ، هو الشجاع الشديد البأس ، السريع الإجابة إلى ما دعي إليه من خير أو شر ، مع مضاء فيما يعجز عنه غيره .
(59) الأثر : 20250 - رواه السيوطي في الدر المنثور 4 : 48 ، 49 ، ونسبه لابن جرير وأبي الشيخ ، ولم أجده في غير هذين المكانين .
(60) في المطبوعة :" فإن كان أراد ذلك" ، زاد من عنده ما لا حاجة إليه .
(61) هو نص كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن 1 : 324 .
(62) ديوانه : 16 ، واللسان ( خفا ) ، وغيرهما ، وسيأتي في التفسير 16 : 114 ( بولاق ) ، مع اختلاف يسير في الرواية .
(63) " السرب" ( بفتحتين ) : حفير تحت الأرض .
(64) انظر ما سلف ص : 366 - 368 .
(65) سياق الكلام :" فقول .
.
خلاف لقول أهل التأويل" .
(66) سلف أيضًا تفسير" المعقبات" ص : 369 ، وما بعدها .
(67) ديوانه : 8 ، شرح المفضليات : 227 ، قصيدة مشهورة ، وروايتها .
وَكَرُّنَا خَيْلَنَا أدْرَاجَهَا رُجُعًاوهي أجود الروايتين ، وكان في المطبوعة :" في آثارها" .
وقوله :" أدراجها" ، أي من حيث جاءت ذهبت .
و" رجع" جمع" رجيع" ، وهو الدابة الذي هزله السفر .
و" كس السنابك" ، جمع" أكس" ، وهو الحافر المتثلم الذي كسره طول السير ، أي تحاتت سنابكها من طول السير .
و" البدء" الغزو الأول ، و" التعقيب" ، الرجوع من الغزو ، أو الغزو الثاني بعد الأول .
(68) أشعار الستة الجاهليين : 334 ، و" الذنوب" ، الدلو العظيمة يكون فيها ماء .
يقول :" كنت عليكم واجدًا غاضبًا ، فرجعتم بحلو المودة دون مرها ، فخلص قلبي لكم مرة أخرى .
(69) ديوانه قصيدة رقم : 16 ، بيت 26 ، اللسان ( عقب ) ، وهو من أبيات في صفة حمار الوحش ، وشرح البيت يطول ، وخلاصته أن الحمار" تهجر من الرواح" ، أي : عجل في الرواح إلى الماء ، و" هاجه" ، أي : حركه حب الماء ، فعجل إليه عجلة طالب الحق يطلبه مرة بعد مرة ، وهو" المعقب" .
ورفع" المظلوم" ، وهو نعت للمعقب على المعنى والمعقب خفض في اللفظ ، ومعناه أنه فاعل" طلب" .
(70) ما بين القوسين زيادة يقتضيها السياق .

﴿ له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال ﴾

قراءة سورة الرعد

المصدر : تفسير : له معقبات من بين يديه ومن خلفه