دعني -أيها الرسول- وهؤلاء المكذبين بآياتي أصحاب النعيم والترف في الدنيا، ومهِّلهم زمنًا قليلا بتأخير العذاب عنهم حتى يبلغ الكتاب أجله بعذابهم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وذرني» اتركني «والمكذبين» عطف على المفعول معه والمعنى أنا كافيكهم وهم صناديد قريش «أُولي النعمة» التنعم «ومهلهم قليلا» من الزمن فقتلوا بعد يسير منه ببدر.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أي: اتركني وإياهم، فسأنتقم منهم، وإن أمهلتهم فلا أهملهم، وقوله: أُولِي النَّعْمَةِ أي: أصحاب النعمة والغنى، الذين طغوا حين وسع الله عليهم من رزقه، وأمدهم من فضله كما قال تعالى: كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى .ثم توعدهم بما عنده من العقاب، فقال:
﴿ تفسير البغوي ﴾
"وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلاً"، نزلت في صناديد قريش المستهزئين. وقال مقاتل بن حيان: نزلت في المطعمين ببدر ولم يكن إلا يسر حتى قتلوا ببدر.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه-: وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا أى: ودعني وشأنى مع هؤلاء المكذبين بالحق، ولا تهتم أنت بأمرهم، فأنا خالقهم، وأنا القادر على كل شيء يتعلق بهم.وقوله: أُولِي النَّعْمَةِ وصف لهم جيء به على سبيل التوبيخ لهم، والتهكم بهم، حيث جحدوا نعم الله، وتوهموا أن هذه النعم من مال أو ولد ستنفعهم يوم القيامة.والنّعمة- بفتح النون مع التشديد-: تطلق على التنعم والترفه وغضارة العيش في الدنيا.وأما النّعمة- بكسر النون- فاسم للحالات الملائمة لرغبة الإنسان من غنى أو عافية أو نحوهما.وأما النّعمة- بالضم- فهي اسم المسرة. يقال: فلان في نعمة- بضم النون- أى: في فرح وسرور.وقوله: وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا أى: واتركهم ودعهم في باطلهم وقتا قليلا، فسترى بعد ذلك سوء عاقبة تكذيبهم للحق.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( وذرني والمكذبين أولي النعمة ) أي : دعني والمكذبين المترفين أصحاب الأموال ، فإنهم على الطاعة أقدر من غيرهم وهم يطالبون من الحقوق بما ليس عند غيرهم ، ( ومهلهم قليلا ) أي : رويدا ، كما قال : ( نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ) [ لقمان : 24 ] ; ولهذا قال هاهنا :
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : وذرني والمكذبين أي ارض بي لعقابهم . نزلت في صناديد قريش ورؤساء مكة من المستهزئين . وقال مقاتل : نزلت في المطعمين يوم بدر وهم عشرة . وقد تقدم ذكرهم في ( الأنفال ) . وقال يحيى بن سلام : إنهم بنو المغيرة . وقال سعيد بن جبير أخبرت أنهم اثنا عشر رجلا .أولي النعمة أي أولي الغنى والترفه واللذة في الدنيا ومهلهم قليلا يعني إلى مدة آجالهم . قالت عائشة - رضي الله عنها - : لما نزلت هذه الآية لم يكن إلا يسيرا حتى وقعت وقعة بدر . وقيل : ومهلهم قليلا يعني إلى مدة الدنيا .
﴿ تفسير الطبري ﴾
يعني تعالى ذكره بقوله: ( وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ ) فدعني يا محمد والمكذّبين بآياتي ( أُولِي النَّعْمَةِ ) يعني أهل التنعم في الدنيا( وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلا ) يقول: وأخرهم بالعذاب الذي بسطته لهم قليلا حتى يبلغ الكتاب أجله.وذُكر أن الذي كان بين نزول هذه الآية وبين بدر يسير.* ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن محمد بن إسحاق، عن ابن عباد، عن أبيه، عن عباد، عن عبد الله بن الزبير، عن عائشة قالت: لما نزلت هذه الآية: ( وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلا إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالا وَجَحِيمًا )... الآية، قال: لم يكن إلا يسير حتى كانت وقعة بدر.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال الله: ( وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلا ) يقول: إن لله فيهم طَلبة وحاجة.وقوله: ( إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالا وَجَحِيمًا ) يقول تعالى ذكره: إن عندنا لهؤلاء المكذِّبين بآياتنا أنكالا يعني قيودا، واحدها: نِكْل.وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك: