إلا مَن رحم ربك فآمنوا به واتبعوا رسله، فإنهم لا يختلفون في توحيد الله وما جاءت به الرسل من عند الله، وقد اقتضت حكمته سبحانه وتعالى أنه خَلَقهم مختلفين: فريق شقيٌّ وفريق سعيد، وكل ميسر لما خُلِق له. وبهذا يتحقق وعد ربك في قضائه وقدره: أنه سبحانه سيملأ جهنم من الجن والإنس الذين اتبعوا إبليس وجنده ولم يهتدوا للإيمان.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«إلا من رحم ربك» أراد لهم الخير فلا يختلفون فيه «ولذلك خلقهم» أي أهل الاختلاف له وأهل الرحمة لها «وتمت كلمة ربك» وهي «لأملأن جهنم من الجِنَّة والناس أجمعين».
﴿ تفسير السعدي ﴾
إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ْ فهداهم إلى العلم بالحق والعمل به، والاتفاق عليه، فهؤلاء سبقت لهم، سابقة السعادة، وتداركتهم العناية الربانية والتوفيق الإلهي.وأما من عداهم، فهم مخذولون موكولون إلى أنفسهم.وقوله: وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ْ أي: اقتضت حكمته، أنه خلقهم، ليكون منهم السعداء والأشقياء، والمتفقون والمختلفون، والفريق الذين هدى الله, والفريق الذين حقت عليهم الضلالة، ليتبين للعباد، عدله وحكمته، وليظهر ما كمن في الطباع البشرية من الخير والشر، ولتقوم سوق الجهاد والعبادات التي لا تتم ولا تستقيم إلا بالامتحان والابتلاء. وَ ْ لأنه تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ْ فلا بد أن ييسر للنار أهلا، يعملون بأعمالها الموصلة إليها.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( إلا من رحم ربك ) معناه : لكن من رحم ربك فهداهم إلى الحق ، فهم لا يختلفون ( ولذلك خلقهم ) قال الحسن ، وعطاء : وللاختلاف خلقهم . وقال أشهب : سألت مالكا عن هذه الآية ، فقال : خلقهم ليكون فريق في الجنة وفريق في السعير .وقال أبو عبيدة : الذي أختاره قول من قال : خلق فريقا لرحمته وفريقا لعذابه .وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك : وللرحمة خلقهم ، يعني الذين رحمهم .وقال الفراء : خلق أهل الرحمة للرحمة ، وأهل الاختلاف للاختلاف .وحاصل الآية : أن أهل الباطل مختلفون ، وأهل الحق متفقون ، فخلق الله أهل الحق للاتفاق ، وأهل الباطل للاختلاف .( وتمت كلمة ربك ) وتم حكم ربك ( لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ تأكيد لما اقتضته سنته من اختلاف الناس.أى: ولا يزالون ما بقيت الدنيا مختلفين في شأن الدين الحق، فمنهم من دخل فيه وآمن به، ومنهم من أعرض عنه، إلا الذين رحمهم ربك منهم بهدايتهم إلى الصراط المستقيم من أول الأمر، فإنهم لم يختلفوا، بل اتفقوا على الإيمان بالدين الحق فعصمهم الله- تعالى- من الاختلاف المذموم.قال الإمام ابن كثير: وقوله إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ أى: إلا المرحومين من أتباع الرسل، الذين تمسكوا بما أمروا به من الدين الذي أخبرتهم به رسل الله إليهم، ولم يزل ذلك دأبهم، حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم الأمى خاتم الرسل والأنبياء، فاتبعوه وصدقوه ونصروه، ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة لأنهم الفرقة الناجية، كما جاء في الحديث المروي في المسانيد والسنن، من طرق يشد بعضها بعضا: إن اليهود افترقت على إحدى وسبعين فرقة، وإن النصارى افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة. وستفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة واحدة. قالوا: ومن هم يا رسول الله، قال: ما أنا عليه وأصحابى» .واسم الإشارة في قوله وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ يعود على المصدر المفهوم من مختلفين قال الآلوسى: فكأنه قيل: وللاختلاف خلق الناس، على معنى لثمرة الاختلاف من كون فريق في الجنة وفريق في السعير خلقهم.واللام لام العاقبة والصيرورة، لأن حكمة خلقهم ليس هذا، لقوله- سبحانه- وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ولأنهم لو خلقهم له- أى للاختلاف- لم يعذبهم على ارتكاب الباطل ... » .ومنهم من جعل الإشارة إلى الرحمة لأنها أقرب مذكور، فيكون التقدير: إلا من رحم ربك ولرحمته- سبحانه- خلق الناس.وصح تذكير اسم الإشارة مع عودته إلى الرحمة لكون تأنيثها غير حقيقى.ومنهم من جعل الإشارة إلى مجموع الاختلاف والرحمة، لأنه لا مانع من الإشارة بها إلى شيئين كما في قوله عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ أى بين الفارض والبكر.فيكون المعنى: «وللاختلاف والرحمة خلقهم» أى أنه- سبحانه- خلق أهل الرحمة للرحمة وأهل الاختلاف للاختلاف.وقد رجح الإمام القرطبي هذا الوجه فقال: قوله «ولذلك خلقهم» قال الحسن ومقاتل وعطاء:الإشارة إلى الاختلاف، أى: وللاختلاف خلقهم. وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك:الإشارة إلى الرحمة: أى: ولرحمته خلقهم.وقيل: الإشارة إلى الاختلاف والرحمة، وقد يشار بذلك إلى شيئين متضادين، كما في قوله- تعالى- وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً.وهذا أحسن الأقوال- إن شاء الله- لأنه يعم. أى: ولما ذكر خلقهم.. أى: خلقهم ليكون فريق في الجنة وفريق في السعير. أى خلق أهل الاختلاف للاختلاف وأهل الرحمة للرحمة ... » .والمراد بكلمة ربك في قوله- سبحانه- وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ قضاؤه النافذ، وإرادته التي لا تتخلف، وحكمه الأزلى.أى: وتمت كلمة ربك، ونفذ قضاؤه، وثبت حكمه الذي أكده وأقسم عليه بقوله: لأملأن جهنم من عصاة الجن، ومن عصاة الإنس أجمعين، لأنه من المعروف أن الوعيد إنما هو للعصاة والمذنبين وليس للمؤمنين الصادقين.قال الآلوسى: وفي معنى ذلك ما قيل من أن المراد بالجنة والناس أتباع إبليس لقوله- تعالى- في سورة الأعراف وفي سورة ص لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ فاللازم دخول جميع تابعيه في جهنم، والقرآن يفسر بعضه بعضا ... » .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( إلا من رحم ربك ) أي : إلا المرحومين من أتباع الرسل ، الذين تمسكوا بما أمروا به من الدين . أخبرتهم به رسل الله إليهم ، ولم يزل ذلك دأبهم ، حتى كان النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمي خاتم الرسل والأنبياء ، فاتبعوه وصدقوه ، ونصروه ووازروه ، ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة; لأنهم الفرقة الناجية ، كما جاء في الحديث المروي في المسانيد والسنن ، من طرق يشد بعضها بعضا : " إن اليهود افترقت على إحدى وسبعين فرقة ، وإن النصارى افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا فرقة واحدة " . قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي " .رواه الحاكم في مستدركه بهذه الزيادةوقال عطاء : ( ولا يزالون مختلفين ) يعني : اليهود والنصارى والمجوس ( إلا من رحم ربك ) يعني : الحنيفية .وقال قتادة : أهل رحمة الله أهل الجماعة ، وإن تفرقت ديارهم وأبدانهم ، وأهل معصيته أهل فرقة ، وإن اجتمعت ديارهم وأبدانهم .وقوله : ( ولذلك خلقهم ) قال الحسن البصري في رواية عنه : وللاختلاف خلقهم .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : خلقهم فريقين ، كقوله : ( فمنهم شقي وسعيد ) [ هود : 105 ] .وقيل : للرحمة خلقهم . قال ابن وهب : أخبرني مسلم بن خالد ، عن ابن أبي نجيح ، عن طاوس; أن رجلين اختصما إليه فأكثرا فقال طاوس : اختلفتما فأكثرتما ! فقال أحد الرجلين : لذلك خلقنا . فقال طاوس : كذبت . فقال : أليس الله يقول : ( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) قال : لم يخلقهم ليختلفوا ، ولكن خلقهم للجماعة والرحمة . كما قال الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : للرحمة خلقهم ولم يخلقهم للعذاب . وكذا قال مجاهد والضحاك وقتادة . ويرجع معنى هذا القول إلى قوله تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) [ الذاريات : 56 ] .وقيل : بل المراد : وللرحمة والاختلاف خلقهم ، كما قال الحسن البصري في رواية عنه في قوله : ( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) قال : الناس مختلفون على أديان شتى ، ( إلا من رحم ربك ) فمن رحم ربك غير مختلف . قيل له : فلذلك خلقهم ؟ [ قال ] خلق هؤلاء لجنته ، وخلق هؤلاء لناره ، وخلق هؤلاء لرحمته ، وخلق هؤلاء لعذابه .وكذا قال عطاء بن أبي رباح ، والأعمش .وقال ابن وهب : سألت مالكا عن قوله تعالى : ( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) قال : فريق في الجنة وفريق في السعير .وقد اختار هذا القول ابن جرير ، وأبو عبيدة والفراء .وعن مالك فيما رويناه عنه في التفسير : ( ولذلك خلقهم ) قال : للرحمة ، وقال قوم : للاختلاف .وقوله : ( وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) يخبر تعالى أنه قد سبق في قضائه وقدره ، لعلمه التام وحكمته النافذة ، أن ممن خلقه من يستحق الجنة ، ومنهم من يستحق النار ، وأنه لا بد أن يملأ جهنم من هذين الثقلين الجن والإنس ، وله الحجة البالغة والحكمة التامة . وفي الصحيحين عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " اختصمت الجنة والنار ، فقالت الجنة : ما لي لا يدخلني إلا ضعفة الناس وسقطهم ؟ وقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين . فقال الله عز وجل للجنة ، أنت رحمتي أرحم بك من أشاء . وقال للنار : أنت عذابي ، أنتقم بك ممن أشاء ، ولكل واحدة منكما ملؤها . فأما الجنة فلا يزال فيها فضل ، حتى ينشئ الله لها خلقا يسكن فضل الجنة ، وأما النار فلا تزال تقول : هل من مزيد ؟ حتى يضع عليه رب العزة قدمه ، فتقول : قط قط ، وعزتك " .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
إلا من رحم ربك استثناء منقطع ; أي لكن من رحم ربك بالإيمان والهدى فإنه لم يختلف . وقيل : مختلفين في الرزق ، فهذا غني وهذا فقير . إلا من رحم ربك بالقناعة ; قاله الحسن .ولذلك خلقهم قال الحسن ومقاتل ، وعطاء ويمان : الإشارة للاختلاف ، أي وللاختلاف خلقهم . وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك : ولرحمته خلقهم ; وإنما قال : ولذلك ولم يقل ولتلك ، والرحمة مؤنثة لأنه مصدر ; وأيضا فإن تأنيث الرحمة غير حقيقي ، فحملت على معنى الفضل . وقيل . الإشارة بذلك للاختلاف والرحمة ، وقد يشار ب " ذلك " إلى شيئين متضادين ; كقوله تعالى : لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك ولم يقل بين ذينك ولا تينك ، وقال : والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما وقال : ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا وكذلك قوله : قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا وهذا أحسن الأقوال إن شاء الله تعالى ; لأنه يعم ، أي ولما ذكر خلقهم ; وإلى هذا أشار مالك - رحمه الله - فيما روى عنه أشهب ; قال أشهب : سألت مالكا عن هذه الآية قال : خلقهم ليكون فريق في الجنة وفريق في السعير ; أي خلق أهل الاختلاف للاختلاف ، وأهل الرحمة للرحمة . وروي عن ابن عباس أيضا قال : خلقهم فريقين ، فريقا يرحمه وفريقا لا يرحمه . قال المهدوي : وفي الكلام على هذا التقدير تقديم وتأخير ; المعنى : ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ، وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ; ولذلك ، خلقهم . وقيل : هو متعلق بقوله ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود والمعنى : ولشهود ذلك اليوم خلقهم . وقيل : هو متعلق بقوله : فمنهم شقي وسعيد أي للسعادة والشقاوة خلقهم .قوله تعالى : وتمت كلمة ربك معنى " تمت " ثبت ذلك كما أخبر وقدر في أزله ; وتمام الكلمة امتناعها عن قبول التغيير والتبديل ." لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين " " من " لبيان الجنس ; أي من جنس الجنة وجنس الناس . " أجمعين " تأكيد ; وكما أخبر أنه يملأ ناره كذلك أخبر على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - أنه يملأ جنته بقوله : ولكل واحدة منكما ملؤها . خرجه البخاري من حديث أبي هريرة وقد تقدم .
﴿ تفسير الطبري ﴾
(إلا من رحم ربك) ، قال: هم الحنيفية.18702- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، وابن وكيع قالا حدثنا ابن علية قال، أخبرنا منصور بن عبد الرحمن قال: قلت للحسن قوله: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) ، قال: الناس مختلفون على أديان شتى، إلا من رحم ربك، فمن رحم غير مختلفين.18703- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن حسن بن صالح، عن ليث، عن مجاهد: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) ، قال: أهل الباطل ، (إلا من رحم ربك) ، قال: أهل الحقّ.18704- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) ، قال: أهل الباطل ، (إلا من رحم ربك) ، قال: أهل الحق.18705- حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه.18706-. . . . قال، حدثنا معلي بن أسد قال ، حدثنا عبد العزيز، عن منصور بن عبد الرحمن قال: سئل الحسن عن هذه الآية : (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) ، قال: الناس كلهم مختلفون على أديان شتى، إلا من رحم ربك، فمن رحم غير مختلف. فقلت له: (ولذلك خلقهم)؟ فقال: خلق هؤلاء لجنته ، وهؤلاء لناره، وخلق هؤلاء لرحمته ، وخلق هؤلاء لعذابه.18707-. . . . قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال ، حدثنا أبو جعفر، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) ، قال: أهل الباطل ، (إلا من رحم ربك) ، قال: أهل الحق.18708-. . . . قال، حدثنا الحماني قال ، حدثنا شريك، عن خصيف، عن مجاهد، قوله: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) ، قال: أهل الحقّ وأهل الباطل.(إلا من رحم ربك) ، قال: أهل الحق.18709-. . . . قال، حدثنا شريك، عن ليث، عن مجاهد، مثله.18710- . . . . قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك: (إلا من رحم ربك) ، قال: أهل الحقّ ، ليس فيهم اختلاف.18711- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عكرمة: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) ، قال: اليهود والنصارى ، (إلا من رحم ربك) ، قال: أهل القبلة.18712- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، أخبرني الحكم بن أبان عن عكرمة، عن ابن عباس: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) قال: أهل الباطل ، (إلا من رحم ربك) ، قال: أهل الحق.18713- حدثنا هناد قال ، حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، في قوله: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) ، قال: لا يزالون مختلفين في الهوى.18714- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) ، فأهل رحمة الله أهل جماعة ، وإن تفرقت دورهم وأبدانهم، وأهل معصيته أهل فرقة ، وإن اجتمعت دورهم وأبدانهم.18715- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا سفيان، عن الأعمش: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) ، قال: من جعله على الإسلام.18716-. . . . قال، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا الحسن بن واصل، عن الحسن: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) ، قال: أهل الباطل ، (إلا من رحم ربك). (2)18717-. . . . قال، حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة عن مجاهد في قوله: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) ، قال: أهل الباطل ، (إلا من رحم ربك) ، قال: أهل الحق.18718- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، مثله.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا يزالون مختلفين في الرزق، فهذا فقير وهذا غنى.*ذكر من قال ذلك :18719- حدثنا ابن عبد الأعلى قال ، حدثنا معتمر، عن أبيه، أن الحسن قال: مختلفين في الرزق، سخر بعضهم لبعض.* * *وقال بعضهم: مختلفين في المغفرة والرحمة، أو كما قال.* * *قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في تأويل ذلك، بالصواب قولُ من قال: معنى ذلك: " ولا يزال الناس مختلفين في أديانهم وأهوائهم على أديان وملل وأهواء شتى، إلا من رحم ربك، فآمن بالله وصدق رسله، فإنهم لا يختلفون في توحيد الله ، وتصديق رسله ، وما جاءهم من عند الله ".وإنما قلت ذلك أولى بالصواب في تأويل ذلك، لأن الله جل ثناؤه أتبع ذلك قوله: (وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجِنة والناس أجمعين) ، ففي ذلك دليلٌ واضح أن الذي قبله من ذكر خبره عن اختلاف الناس، إنما هو خبرٌ عن اختلاف مذموم يوجب لهم النار، ولو كان خبرًا عن اختلافهم في الرزق ، لم يعقّب ذلك بالخبر عن عقابهم وعَذابهم.* * *وأما قوله: (ولذلك خلقهم)، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله:فقال بعضهم: معناه: وللاختلاف خلقهم.*ذكر من قال ذلك :18720- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع، وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن مبارك بن فضالة، عن الحسن: (ولذلك خلقهم) ، قال: للاختلاف.18721- حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية قال ، حدثنا منصور بن عبد الرحمن، قال: قلت للحسن: (ولذلك خلقهم)؟ فقال: خلق هؤلاء لجنته وخلق هؤلاء لناره، وخلق هؤلاء لرحمته ، وخلق هؤلاء لعذابه.18722- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن عليه، عن منصور، عن الحسن، مثله.18723- حدثني المثني قال ، حدثنا المعلى بن أسد قال ، حدثنا عبد العزيز، عن منصور بن عبد الرحمن، عن الحسن. بنحوه.18724-. . . . قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال ، حدثنا حماد، عن خالد الحذاء، أن الحسن قال في هذه الآية: (ولذلك خلقهم) ، قال: خلق هؤلاء لهذه، وخلق هؤلاء لهذه.18725- حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا هوذة بن خليفة قال ، حدثنا عوف، عن الحسن قال: (ولذلك خلقهم) ، قال: أما أهل رحمة الله فإنهم لا يختلفون اختلافًا يضرُّهم.18726- حدثني المثني قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (ولذلك خلقهم) ، قال: خلقهم فريقين: فريقًا يرحم فلا يختلف، وفريقًا لا يرحم يختلف، وذلك قوله: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ، [سورة هود: 105].18727- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا سفيان، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء في قوله: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) ، قال: يهود ونصارى ومجوس ، (إلا من رحم ربك) ، قال: من جعله على الإسلام ، (ولذلك خلقهم) ، قال: مؤمن وكافر.18728- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا سفيان ، قال، حدثنا الأعمش : " ولذلك خلقهم " ، قال: مؤمن وكافر.18729- حدثني يونس قال، أخبرنا أشهب قال: سئل مالك عن قول الله: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ، قال: خلقهم ليكونوا فريقين: فريقٌ في الجنة، وفريقٌ في السعير.* * *وقال آخرون: بل معنى ذلك: وللرحمة خلقهم.*ذكر من قال ذلك :18730- حدثني أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن حسن بن صالح، عن ليث، عن مجاهد: (ولذلك خلقهم) ، قال: للرحمة.18731- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد: (ولذلك خلقهم) ، قال للرحمة.18732- حدثني المثني قال ، حدثنا الحماني قال ، حدثنا شريك، عن خصيف، عن مجاهد، مثله.18733- حدثني المثني قال ، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن شريك، عن ليث، عن مجاهد، مثله.18734-. . . . قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، أخبرنا أبو حفص، عن ليث، عن مجاهد، مثله، إلا أنه قال: للرحمة خلقهم.18735- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (ولذلك خلقهم) ، قال: للرحمة خلقهم.18736- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو معاوية، عمن ذكره عن ثابت، عن الضحاك: (ولذلك خلقهم)، قال: للرحمة.18737- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، أخبرني الحكم بن أبان، عن عكرمة: (ولذلك خلقهم) ، قال: أهل الحقّ ومن اتبعه لرحمته.18738- حدثني سعد بن عبد الله قال ، حدثنا حفص بن عمر قال ، حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ) ، قال: للرحمة خلقهم ولم يخلقهم للعذاب.* * *قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب، قولُ من قال: وللاختلاف بالشقاء والسعادة خلقهم ، لأن الله جل ذكره ذكر صنفين من خلقه: أحدهما أهل اختلاف وباطل، والآخر أهل حق ، ثم عقَّب ذلك بقوله: (ولذلك خلقهم) ، فعمّ بقوله: (ولذلك خلقهم) ، صفة الصنفين، فأخبر عن كل فريق منهما أنه ميَسَّر لما خلق له.* * *فإن قال قائل: فإن كان تأويل ذلك كما ذكرت، فقد ينبغي أن يكون المختلفون غير ملومين على اختلافهم، إذ كان لذلك خلقهم ربُّهم، وأن يكون المتمتِّعون هم الملومين؟قيل: إن معنى ذلك بخلاف ما إليه ذهبت، وإنما معنى الكلام: ولا يزال الناس مختلفين بالباطل من أديانهم ومللهم ، (إلا من رحم ربك) ، فهداه للحقّ ولعلمه، وعلى علمه النافذ فيهم قبل أن يخلقهم أنه يكون فيهم المؤمن والكافر، والشقي والسعيد خلقهم ، فمعنى اللام في قوله: (ولذلك خلقهم) بمعنى " على " كقولك للرجل: أكرمتك على برك بي، وأكرمتك لبرك بي.* * *وأما قوله: (وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) ، لعلمه السابق فيهم أنهم يستوجبون صليها بكفرهم بالله، وخلافهم أمره.* * *وقوله: (وتمت كلمة ربك)، قسم كقول القائل: حلفي لأزورنك، وبدًا لي لآتينك ، ولذلك تُلُقِّيَت بلام اليمين.* * *وقوله: (من الجنة) ، وهي ما اجتَنَّ عن أبصار بني آدم ، (والناس)، يعني: وبنى آدم.* * *وقيل: إنهم سموا " الجنة "، لأنهم كانوا على الجنان.*ذكر من قال ذلك :18739- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عبد الله، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبي مالك: وإنما سموا " الجنة " أنهم كانوا على الجنان، والملائكة كلهم " جنة "18740- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عبد الله، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبي مالك قال: " الجنة ": الملائكة.* * *وأما معنى قول أبى مالك هذا: أن إبليس كان من الملائكة، والجن ذريته، وأن الملائكة تسمى عنده الجن، لما قد بينت فيما مضى من كتابنا هذا. (3)* * *
﴿ إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ﴾