وإن عبدنا إلياس لمن الذين أكرمناهم بالنبوة والرسالة، إذ قال لقومه من بني إسرائيل: اتقوا الله وحده وخافوه، ولا تشركوا معه غيره، كيف تعبدون صنمًا، وتتركون عبادة الله أحسن الخالقين، وهو ربكم الذي خلقكم، وخلق آباءكم الماضين قبلكم؟
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«اللهُ ربُّكم وربُّ آبائكم الأولين» برفع الثلاثة على إضمار هو، وبنصبها على البدل من أحسن.
﴿ تفسير السعدي ﴾
يمدح تعالى عبده ورسوله، إلياس عليه الصلاة والسلام، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه، وأنه أمر قومه بالتقوى، وعبادة اللّه وحده، ونهاهم عن عبادتهم، صنما لهم يقال له "بعل" وتركهم عبادة اللّه، الذي خلق الخلق، وأحسن خلقهم، ورباهم فأحسن تربيتهم، وأدرَّ عليهم النعم الظاهرة والباطنة، وأنكم كيف تركتم عبادة من هذا شأنه، إلى عبادة صنم، لا يضر، ولا ينفع، ولا يخلق، ولا يرزق، بل لا يأكل ولا يتكلم؟" وهل هذا إلا من أعظم الضلال والسفه والغي؟"
﴿ تفسير البغوي ﴾
( الله ربكم ورب آبائكم الأولين ) قرأ حمزة ، والكسائي ، وحفص ، ويعقوب : " الله ربكم ورب " بنصب الهاء والباءين على البدل ، وقرأ الآخرون برفعهن على الاستئناف .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ولفظ الجلالة فى قوله : ( الله رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَآئِكُمُ الأولين ) بدل من ( أَحْسَنَ الخالقين ) .أى : أتعبدون صنما صنعتموه بأيديكم ، وتذرون عبادة الله - تعالى - الذى هو ربكم ورب آبائكم الأولين .وقرأ غير واحد من القراء السبعة ( الله ) - بالرفع - على أنه مبتدأ ، و ( ربكم ) خبره .والتعرض لذكر ربوبيته - تعالى - لآبائهم الأولين ، الغرض منه التأكيد على بطلان عبادتهم لغيره - سبحانه - فكأنه يقول لهم : إن الله - تعالى - الذى أدعوكم لعبادته وحده ليس هو ربكم وحدكم بل - أيضاً - رب آبائكم الأولين ، الذين من طريقهم أتيتم إلى هذه الحياة .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
أي هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له.
﴿ تفسير القرطبي ﴾
[ قوله تعالى ] الله ربكم ورب آبائكم الأولين بالنصب في الأسماء الثلاثة قرأ الربيع بن خيثم والحسن وابن أبي إسحاق وابن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي . وإليها يذهب أبو عبيد وأبو حاتم . وحكى أبو عبيد أنها على النعت . النحاس : وهو غلط ، وإنما هو على البدل ، ولا يجوز النعت هاهنا ; لأنه ليس بتخلية . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وأبو جعفر وشيبة ونافع بالرفع . قال أبو حاتم : بمعنى هو الله ربكم . قال النحاس : وأولى مما قال - أنه مبتدأ وخبر بغير إضمار ولا حذف . ورأيت علي بن سليمان يذهب إلى أن الرفع أولى وأحسن ; لأن قبله رأس آية ، فالاستئناف أولى . ابن الأنباري : من نصب أو رفع لم يقف على أحسن الخالقين على جهة التمام ; لأن الله - عز وجل - مترجم عن أحسن الخالقين من الوجهين جميعا .
﴿ تفسير الطبري ﴾
واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ ) فقرأته عامة قراء مكة والمدينة والبصرة وبعض قراء الكوفة: ( الله رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ ) رفعا على الاستئناف، وأن الخبر قد تناهى عند قوله ( أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ) وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: ( اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ ) نصبا، على الردّ على قوله ( وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ) على أن ذلك كله كلام واحد.والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان متقاربتا المعنى، مع استفاضة القراءة بهما في القرّاء، فبأي ذلك قرأ القارئ فمصيب. وتأويل الكلام: ذلك معبودكم أيها الناس الذي يستحق عليكم العبادة: ربكم الذي خلقكم، وربّ آبائكم الماضين قبلكم، لا الصنم الذي لا يخلق شيئا، ولا يضرّ ولا ينفع.