واذكر -أيها الرسول- نصيحة لقمان لابنه حين قال له واعظًا: يا بنيَّ لا تشرك بالله فتظلم نفسك؛ إن الشرك لأعظم الكبائر وأبشعها.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«و» اذكر «إذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بنيّ» تصغير إشفاق «لا تشرك بالله إن الشرك» بالله «لظلم عظيم» فرجع إليه وأسلم.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ أو قال له قولا به يعظه بالأمر، والنهي، المقرون بالترغيب والترهيب، فأمره بالإخلاص، ونهاه عن الشرك، وبيَّن له السبب في ذلك فقال: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ووجه كونه عظيما، أنه لا أفظع وأبشع ممن سَوَّى المخلوق من تراب، بمالك الرقاب، وسوَّى الذي لا يملك من الأمر شيئا، بمن له الأمر كله، وسوَّى الناقص الفقير من جميع الوجوه، بالرب الكامل الغني من جميع الوجوه، وسوَّى من لم ينعم بمثقال ذرة [من النعم] بالذي ما بالخلق من نعمة في دينهم، ودنياهم وأخراهم، وقلوبهم، وأبدانهم، إلا منه، ولا يصرف السوء إلا هو، فهل أعظم من هذا الظلم شيء؟؟!وهل أعظم ظلما ممن خلقه اللّه لعبادته وتوحيده، فذهب بنفسه الشريفة، [فجعلها في أخس المراتب] جعلها عابدة لمن لا يسوى شيئا، فظلم نفسه ظلما كبيرا.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وإذ قال لقمان لابنه ) واسمه أنعم ، ويقال : مشكم ، ( وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) قرأ ابن كثير : " يا بني لا تشرك بالله " بإسكان الياء ، وفتحها حفص ، والباقون بالكسر ، " يا بني إنها " بفتح الياء حفص ، والباقون بالكسر ، " يا بني أقم الصلاة " ، بفتح الياء البزي عن ابن كثير وحفص ، وبإسكانها القواس ، والباقون بكسرها .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم حكى- سبحانه- ما قاله لقمان لابنه على سبيل النصيحة والإرشاد فقال- تعالى-:وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ، يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ، إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ.وقوله يَعِظُهُ من الوعظ، وهو الزجر المقترن بالتخويف. وقيل: هو التذكير بوجوه الخير بأسلوب يرق له القلب.قالوا: واسم ابنه «ثاران» أو «ماثان» أى: واذكر- أيها العاقل- لتعتبر وتنتفع، وقت أن قال لقمان لابنه وهو يعظه، ويرشده إلى وجوه الخير بألطف عبارة: يا بنى لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ- تعالى- لا في عبادتك، ولا في قولك، ولا في عملك، بل أخلص كل ذلك لخالقك- عز وجل-.وفي ندائه بلفظ يا بُنَيَّ إشفاق عليه. ومحبة له، فالمراد بالتصغير إظهار الحنو عليه، والحرص على منفعته.قيل: وكان ابنه كافرا فما زال يعظه حتى أسلم. وقيل: بل كان مسلما، والنهى عن الشرك المقصود به، المداومة على ما هو عليه من إيمان وطاعة لله رب العالمين.وجملة إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ تعليل للنهى. أى: يا بنى حذار أن تشرك بالله في قولك أو فعلك، إن الشرك بالله- تعالى- لظلم عظيم، لأنه وضع للأمور في غير موضعها الصحيح، وتسوية في العبادة بين الخالق والمخلوق.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول تعالى مخبرا عن وصية لقمان لولده - وهو : لقمان بن عنقاء بن سدون . واسم ابنه : ثاران في قول حكاه السهيلي . وقد ذكره [ الله ] تعالى بأحسن الذكر ، فإنه آتاه الحكمة ، وهو يوصي ولده الذي هو أشفق الناس عليه وأحبهم إليه ، فهو حقيق أن يمنحه أفضل ما يعرف; ولهذا أوصاه أولا بأن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا ، ثم قال محذرا له : ( إن الشرك لظلم عظيم ) أي : هو أعظم الظلم .قال البخاري حدثنا قتيبة ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، رضي الله عنه ، قال : لما نزلت : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) [ الأنعام : 82 ] ، شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : أينا لم يلبس إيمانه بظلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه ليس بذاك ، ألا تسمع إلى قول لقمان : ( يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) .ورواه مسلم من حديث الأعمش ، به .ثم قرن بوصيته إياه بعبادة الله وحده البر بالوالدين . كما قال تعالى : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) [ الإسراء : 23 ] . وكثيرا ما يقرن تعالى بين ذلك في القرآن .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم .قوله تعالى : وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه قال السهيلي : اسم ابنه ثاران ; في قول الطبري والقتبي . وقال الكلبي : مشكم . وقيل أنعم ; حكاه النقاش . وذكر القشيري أن ابنه وامرأته كانا كافرين فما زال يعظهما حتى أسلما .قلت : ودل على هذا قوله : لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم وفي صحيح مسلم وغيره عن عبد الله قال : لما نزلت : الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لا يظلم نفسه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه : يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم . واختلف في قوله : إن الشرك لظلم عظيم فقيل : إنه من كلام لقمان . وقيل : هو خبر من الله تعالى منقطعا من كلام لقمان متصلا به في تأكيد المعنى ; ويؤيد هذا الحديث المأثور أنه لما نزلت : الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أشفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لم يظلم ; فأنزل الله تعالى : إن الشرك لظلم عظيم فسكن إشفاقهم ، وإنما يسكن إشفاقهم بأن يكون خبرا من الله تعالى ; وقد يسكن الإشفاق بأن يذكر الله ذلك عن عبد قد وصفه بالحكمة والسداد . و ( إذ ) في موضع نصب بمعنى اذكر . وقال الزجاج في كتابه في القرآن : إن إذ في موضع نصب ب ( آتينا ) والمعنى : ولقد آتينا لقمان الحكمة إذ قال . النحاس : وأحسبه غلطا ; لأن في الكلام واوا تمنع من ذلك . وقال : ( يا بني ) بكسر الياء ; لأنها دالة على الياء المحذوفة ، ومن فتحها فلخفة الفتحة عنده ; وقد مضى في ( هود ) القول في هذا . وقوله : ( يا بني ) ليس هو على حقيقة التصغير وإن كان على لفظه ، وإنما هو على وجه الترقيق ; كما يقال للرجل : يا أخي ، وللصبي هو كويس .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر يا محمد ( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) يقول: لخطأ من القول عظيم.
﴿ وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ﴾