يقال له: اقرأ كتاب أعمالك، فيقرأ، وإن لم يكن يعرف القراءة في الدنيا، تكفيك نفسك اليوم محصية عليك عملك، فتعرف ما عليها من جزاء. وهذا من أعظم العدل والإنصاف أن يقال للعبد: حاسِبْ نفسك، كفى بها حسيبًا عليك.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
ويقال له «اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا» محاسبا.
﴿ تفسير السعدي ﴾
ويقال له: اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا وهذا من أعظم العدل والإنصاف أن يقال للعبد: حاسب نفسك ليعرف بما عليه من الحق الموجب للعقاب.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( اقرأ كتابك ( أي : يقال له : اقرأ كتابك . قوله تعالى : ( كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ( محاسبا . قال الحسن : لقد عدل عليك من جعلك حسيب نفسك . قال قتادة : سيقرأ يومئذ من لم يكن قارئا في الدنيا .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- ما يخاطب به الإنسان بعد أن فتح كتابه أمامه، فقال- تعالى- اقْرَأْ كِتابَكَ، كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً.أى: ويقال له بعد أن وجد كتابه منشورا أمامه، اقرأ كتابك هذا، وما اشتمل عليه من أعمال صدرت عنك في الدنيا، كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا.أى: محاسبا، كجليس بمعنى مجالس، أو حاسبا وعادّا كصريم بمعنى صارم يقال حسب فلان على فلان قوله، إذا عده عليه.ولفظ كَفى هنا لازم، ويطرد في هذه الحالة جر فاعله بالباء المزيدة لتوكيد الكفاية و «حسيبا» تمييز، وعليك متعلق به.وتارة يأتى لفظ «كفى» متعديا، كما في قوله- تعالى-: وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
ولهذا قال تعالى : ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) أي : إنك تعلم أنك لم تظلم ولم يكتب عليك غير ما عملت ؛ لأنك ذكرت جميع ما كان منك ، ولا ينسى أحد شيئا مما كان منه ، وكل أحد يقرأ كتابه من كاتب وأمي .وقوله [ تعالى ] ( ألزمناه طائره في عنقه ) إنما ذكر العنق ؛ لأنه عضو لا نظير له في الجسد ، ومن ألزم بشيء فيه فلا محيد له عنه ، كما قال الشاعر : .اذهب بها اذهب بها طوقتها طوق الحمامةقال قتادة ، عن جابر بن عبد الله ، رضي الله عنه عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا عدوى ولا طيرة وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه " . كذا رواه ابن جرير .وقد رواه الإمام عبد بن حميد ، رحمه الله ، في مسنده متصلا فقال : حدثنا الحسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر [ رضي الله عنه ] قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " طير كل عبد في عنقه " .وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن إسحاق ، حدثنا عبد الله ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثني يزيد : أن أبا الخير حدثه : أنه سمع عقبة بن عامر [ رضي الله عنه ] يحدث ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس من عمل يوم إلا وهو يختم عليه ، فإذا مرض المؤمن قالت الملائكة : يا ربنا ، عبدك فلان ، قد حبسته ؟ فيقول الرب جل جلاله : اختموا له على مثل عمله ، حتى يبرأ أو يموت " .إسناده جيد قوي ، ولم يخرجوه .وقال معمر ، عن قتادة : ( ألزمناه طائره في عنقه ) قال : عمله . ( ونخرج له يوم القيامة ) قال : نخرج ذلك العمل ( كتابا يلقاه منشورا ) قال معمر : وتلا الحسن البصري ( عن اليمين وعن الشمال قعيد ) [ ق : 17 ] يا ابن آدم ، بسطت لك صحيفتك ووكل بك ملكان كريمان ، أحدهما عن يمينك والآخر عن يسارك فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك ، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك ، فاعمل ما شئت ، أقلل أو أكثر ، حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك ، حتى تخرج يوم القيامة كتابا تلقاه منشورا ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) قد عدل - والله - عليك من جعلك حسيب نفسك .هذا من حسن كلام الحسن ، رحمه الله .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
اقرأ كتابك قال الحسن : يقرأ الإنسان كتابه أميا كان أو غير أمي .كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا أي محاسبا . وقال بعض الصلحاء : هذا كتاب ، لسانك قلمه ، وريقك مداده ، وأعضاؤك قرطاسه . ، أنت كنت المملي على حفظتك ، ما زيد فيه ولا نقص منه ، ومتى أنكرت منه شيئا يكون فيه الشاهد منك عليك .
﴿ تفسير الطبري ﴾
يقول تعالى ذكره: (ونُخرِجُ لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ كِتابا يَلقاهُ مَنْشُورًا) فيقال له ( اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ) فترك ذكر قوله: فنقول له، اكتفاء بدلالة الكلام عليه. وعنى بقوله (اقرأْ كِتابَكَ) : اقرأ كتاب عملك الذي عملته في الدنيا، الذي كان كاتبانا يكتبانه، ونحصيه عليك ( كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ) يقول: حسبك اليوم نفسك عليك حاسبا يحسب عليك أعمالك، فيحصيها عليك، لا نبتغي عليك شاهدا غيرها، ولا نطلب عليك محصيا سواها.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ) سيقرأ يومئذ من لم يكن قارئا في الدنيا.