اتخذ المنافقون أيمانهم الكاذبة وقاية لهم من القتل بسبب كفرهم، ولمنع المسلمين عن قتالهم وأخذ أموالهم، فبسبب ذلك صدُّوا أنفسهم وغيرهم عن سبيل الله وهو الإسلام، فلهم عذاب مُذلٌّ في النار؛ لاستكبارهم عن الإيمان بالله ورسوله وصدِّهم عن سبيله.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«اتخذوا إيمانهم جُنَّةٌ» سترا على أنفسهم وأموالهم «فصدوا» بها المؤمنين «عن سبيل الله» أي الجهاد فيهم بقتلهم وأخذ أموالهم «فلهم عذاب مهين» ذو إهانة.
﴿ تفسير السعدي ﴾
اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً أي: ترسا ووقاية، يتقون بها من لوم الله ورسوله والمؤمنين، فبسبب ذلك صدوا أنفسهم وغيرهم عن سبيل الله، وهي الصراط الذي من سلكه أفضى به إلى جنات النعيم. ومن صد عنه فليس إلا الصراط الموصل إلى الجحيم، فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ حيث استكبروا عن الإيمان بالله والانقياد لآياته، أهانهم بالعذاب السرمدي، الذي لا يفتر عنهم ساعة ولا هم ينظرون.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( اتخذوا أيمانهم ) الكاذبة ( جنة ) يستجنون بها من القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم ( فصدوا عن سبيل الله ) صدوا المؤمنين عن جهادهم بالقتل وأخذ أموالهم ( فلهم عذاب مهين)
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه- اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ... بيان لرذيلة رابعة أو خامسة، لا تقل في قبحها عما سبقها من رذائل، وقوله: أَيْمانَهُمْ جمع يمين بمعنى الحلف.وقوله: جُنَّةً من الجنّ بمعنى الستر عن الخاصة، وهذه المادة وما اشتق منها تدور حول الستر والخفاء. وتطلق الجنة على الترس الذي يضعه المقاتل على صدره أو على ذراعيه ليتقى به الضربات من عدوه.ومفعول فَصَدُّوا: محذوف للعلم به.أى: أن هؤلاء المنافقين قد اتخذوا أيمانهم الكاذبة. وهي حلفهم للمسلمين بأنهم معهم، وبأنهم لا يضمرون شرا لهم.. اتخذوا من كل ذلك وقاية وسترة عن المؤاخذة، كما يتخذ المقاتل الترس وقاية له من الأذى..فَصَدُّوا الناس عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أى: عن دينه الحق، وطريقه المستقيم.فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ أى: فترتب على تسترهم خلف الأيمان الفاجرة، وعلى صدهم غيرهم عن الحق، أن أعد الله- تعالى- لهم عذابا يهينهم ويذلهم.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله ) أي : أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر ، واتقوا بالأيمان الكاذبة ، فظن كثير ممن لا يعرف حقيقة أمرهم صدقهم فاغتر بهم ، فحصل بهذا صد عن سبيل الله لبعض الناس ( فلهم عذاب مهين ) أي : في مقابلة ما امتهنوا من الحلف باسم الله العظيم في الأيمان الكاذبة الحانثة .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
اتخذوا أيمانهم جنة يستجنون بها من القتل . وقرأ الحسن وأبو العالية " إيمانهم " بكسر الهمزة هنا ، وفي ( المنافقون ) . أي : إقرارهم اتخذوه جنة ، فآمنت ألسنتهم من خوف القتل ، وكفرت قلوبهم فلهم عذاب مهين في الدنيا بالقتل وفي الآخرة بالنار . فصدوا عن سبيل الله والصد المنع عن سبيل الله أي : عن الإسلام . وقيل : في قتلهم بالكفر لما أظهروه من النفاق . وقيل : أي : بإلقاء الأراجيف وتثبيط المسلمين عن الجهاد وتخويفهم .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (16)&; 23-254 &;وقوله: (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً ) يقول جلّ ثناؤه: جعلوا حلفهم وأيمانهم جنة يستجنون بها من القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم وذراريهم، وذلك أنهم إذا أطلع منهم على النفاق، حلفوا للمؤمنين بالله إنهم لمنهم (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) يقول جلّ ثناؤه: فصدّوا بأيمانهم التي اتخذوها جنة المؤمنين عن سبيل الله فيهم، وذلك أنهم كفر، وحكم الله وسبيله في أهل الكفر به من أهل الكتاب القتل، أو أخذ الجزية، وفي عبدة الأوثان القتل، فالمنافقون يصدّون المؤمنين عن سبيل الله فيهم بأيمانهم إنهم مؤمنون، وإنهم منهم، فيحولون بذلك بينهم وبين قتلهم، ويمتنعون به مما يمتنع منه أهل الإيمان بالله.وقوله: (فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) يقول: فلهم عذاب مذِلّ لهم في النار.
﴿ اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين ﴾