هم الذين اتصفوا بالصبر على الطاعات، وعن المعاصي، وعلى ما يصيبهم من أقدار الله المؤلمة، وبالصدق في الأقوال والأفعال وبالطاعة التامة، وبالإنفاق سرا وعلانية، وبالاستغفار في آخر الليل؛ لأنه مَظِنَّة القبول وإجابة الدعاء.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«الصابرين» على الطاعة وعن المعصية نعت «والصادقين» في الإيمان «والقانتين» المطيعين لله «والمنفقين» المتصدقين «والمستغفرين» الله بأن يقولوا اللهم اغفر لنا «بالأسحار» أواخر الليل خُصت بالذكر لأنها وقت الغفلة ولذة النوم.
﴿ تفسير السعدي ﴾
الصابرين أنفسهم على ما يحبه الله من طاعته، وعن معصيته، وعلى أقداره المؤلمة، والصادقين في إيمانهم وأقوالهم وأحوالهم والمنفقين مما رزقهم الله بأنواع النفقات على المحاويج من الأقارب وغيرهم والمستغفرين بالأسحار لما بين صفاتهم الحميدة ذكر احتقارهم لأنفسهم وأنهم لا يرون لأنفسهم، حالا ولا مقاما، بل يرون أنفسهم مذنبين مقصرين فيستغفرون ربهم، ويتوقعون أوقات الإجابة وهي السحر، قال الحسن: مدوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا يستغفرون ربهم. فتضمنت هذه الآيات حالة الناس في الدنيا وأنها متاع ينقضي، ثم وصف الجنة وما فيها من النعيم وفاضل بينهما، وفضل الآخرة على الدنيا تنبيها على أنه يجب إيثارها والعمل لها، ووصف أهل الجنة وهم المتقون، ثم فصل خصال التقوى، فبهذه الخصال يزن العبد نفسه، هل هو من أهل الجنة أم لا؟
﴿ تفسير البغوي ﴾
( الصابرين والصادقين ) إن شئت نصبتها على المدح ، وإن شئت خفضتها على النعت ، يعني الصابرين في أداء الأمر وعن ارتكاب النهي ، وعلى البأساء والضراء وحين البأس ، والصادقين في إيمانهم ، قال قتادة : هم قوم صدقت نياتهم واستقامت قلوبهم وألسنتهم فصدقوا في السر والعلانية ( والقانتين ) المطيعين المصلين ( والمنفقين ) أموالهم في طاعة الله ( والمستغفرين بالأسحار ) قال مجاهد وقتادة والكلبي : يعني المصلين بالأسحار وعن زيد بن أسلم أنه قال : هم الذين يصلون الصبح في الجماعة ، وقيل بالسحر لقربه من الصبح وقال الحسن : مدوا الصلاة إلى السحر ثم استغفروا ، وقال نافع كان ابن عمر رضي الله عنه يحيي الليل ثم يقول : يا نافع أسحرنا؟ فأقول : لا فيعاود الصلاة فإذا قلت : نعم قعد يستغفر الله ويدعو حتى يصبحأخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أبو محمد بن الحسن بن أحمد المخلدي ، حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج ، أنا قتيبة [ بن سعيد ] أنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل فيقول : أنا الملك أنا الملك ، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له " .وحكي عن الحسن أن لقمان قال لابنه : يا بني لا تكن أعجز من هذا الديك يصوت من الأسحار وأنت نائم على فراشك .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم وصفهم- سبحانه- بخمس صفات كريمة من شأنها أن تحمل العقلاء على التأسى بهم فقال: الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ.وفي كل صفة من صفاتهم دليل على قوة إيمانهم، وإذعانهم للحق حق الإذعان. فهم صابرون، والصبر في البأساء والضراء وحين البأس من أكبر البراهين على سلامة اليقين، وقد حث القرآن أتباعه على التحلي بهذه الصفة في أكثر من سبعين موضعا. وهم صادقون، والصدق من أكمل الصفات الإنسانية وأشرفها، وقد أمر الله عباده أن يتحلوا به في كثير من آيات كتابه، ومن ذلك قوله- تعالى- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ.وهم قانتون، والقانت هو المداوم على طاعة الله- تعالى- غير متململ منها ولا متبرم بها، ولا خارج على حدودها. فالقنوت يصور الإذعان المطلق لرب العالمين.وهم منفقون أموالهم في طاعة الله- تعالى-، وبالطريقة التي شرعها وأمر بها. وهم مستغفرون بالأسحار. أى يسألون الله- تعالى- أن يغفر لهم خطاياهم في كل وقت، ولا سيما في الأسحار.والأسحار جمع سحر وهو الوقت الذي يكون قبل الفجر. روى مسلم في صحيحه عن أبى هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ينزل ربنا- عز وجل- إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يمضى ثلث الليل الأول فيقول: أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يسألنى فأعطيه، من ذا الذي يستغفرنى فأغفر له، فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر»وخص وقت الأسحار بالذكر لأن النفس تكون فيه أصفى، والقلب فيه أجمع، ولأنه وقت يستلذ فيه الكثيرون النوم فإذا أعرض المؤمن عن تلك اللذة وأقبل على ذكر الله كانت الطاعة أكمل وأقرب إلى القبول.وبهذا نرى أن الآيات الكريمة قد كشفت عن المشتهيات التي يميل إليها الناس في دنياهم بمقتضى فطرتهم، وأرشدتهم إلى ما هو أسمى وأعلى وأبقى من ذلك وبشرتهم برضوان الله وجناته، متى استقاموا على طريقه، واستجابوا لتعاليمه، وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.وبعد أن بين- سبحانه- ما أعده للمتقين، وذكر صفاتهم عقب ذلك ببيان أساس التقوى وهو عقيدة التوحيد، وببيان أن الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله- تعالى- للناس، وأن من يعارض في ذلك معارضته داحضة وسيعاقبه الله بما يستحقه. استمع إلى القرآن وهو يحكى ذلك بأسلوبه الحكيم فيقول:
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
ثم قال : ( الصابرين ) أي : في قيامهم بالطاعات وتركهم المحرمات ( والصادقين ) فيما أخبروا به من إيمانهم بما يلتزمونه من الأعمال الشاقة ( والقانتين ) والقنوت : الطاعة والخضوع ( والمنفقين ) أي : من أموالهم في جميع ما أمروا به من الطاعات ، وصلة الأرحام والقربات ، وسد الخلات ، ومواساة ذوي الحاجات ( والمستغفرين بالأسحار ) دل على فضيلة الاستغفار وقت الأسحار .وقد قيل : إن يعقوب ، عليه السلام ، لما قال لبنيه : ( سوف أستغفر لكم ربي ) [ يوسف : 98 ] أنه أخرهم إلى وقت السحر . وثبت في الصحيحين وغيرهما من المساند والسنن ، من غير وجه ، عن جماعة من الصحابة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ينزل الله تبارك وتعالى في كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : هل من سائل فأعطيه ؟ هل من داع فأستجيب له ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ " الحديث ، وقد أفرد الحافظ أبو الحسن الدارقطني في ذلك جزءا على حدة فرواه من طرق متعددة .وفي الصحيحين ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من أوله وأوسطه وآخره ، فانتهى وتره إلى السحر .وكان عبد الله بن عمر يصلي من الليل ، ثم يقول : يا نافع ، هل جاء السحر ؟ فإذا قال : نعم ، أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يصبح . رواه ابن أبي حاتم .وقال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن حريث بن أبي مطر ، عن إبراهيم بن حاطب ، عن أبيه قال : سمعت رجلا في السحر في ناحية المسجد وهو يقول : رب أمرتني فأطعتك ، وهذا سحر ، فاغفر لي . فنظرت فإذا ابن مسعود ، رضي الله عنه .وروى ابن مردويه عن أنس بن مالك قال : كنا نؤمر إذا صلينا من الليل أن نستغفر في آخر السحر سبعين مرة .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
الصابرين يعني عن المعاصي والشهوات ، وقيل : على الطاعات . والصادقين أي في الأفعال والأقوال والقانتين الطائعين . والمنفقين يعني في سبيل الله . وقد تقدم في البقرة هذه المعاني على الكمال . ففسر تعالى في هذه الآية أحوال المتقين الموعودين بالجنات .واختلف في معنى قوله تعالى : والمستغفرين بالأسحار فقال أنس بن مالك : هم السائلون المغفرة . قتادة : المصلون .قلت : ولا تناقض ، فإنهم يصلون ويستغفرون . وخص السحر بالذكر لأنه مظان القبول ووقت إجابة الدعاء . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تفسير قوله تعالى مخبرا عن يعقوب عليه السلام لبنيه : سوف أستغفر لكم ربي : إنه أخر ذلك إلى السحر خرجه الترمذي وسيأتي . وسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - جبريل ( أي الليل أسمع ) ؟ فقال : ( لا أدري غير أن العرش يهتز عند السحر ) . يقال سحر وسحر ، بفتح الحاء وسكونها ، وقال الزجاج : السحر من حين يدبر الليل إلى أن يطلع الفجر الثاني ، وقال ابن زيد : السحر هو سدس الليل الآخر .قلت : أصح من هذا ما روى الأئمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ينزل الله - عز وجل - إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول : أنا الملك ، أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له ، من ذا الذي يسألني فأعطيه ، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له . فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر في رواية " حتى ينفجر الصبح " لفظ مسلم . وقد اختلف في تأويله ; وأولى ما قيل فيه ما جاء في كتاب النسائي مفسرا عن أبي هريرة وأبي سعيد - رضي الله عنهما - قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله - عز وجل - يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول ثم يأمر مناديا فيقول هل من داع يستجاب له ! هل من مستغفر يغفر له ! هل من سائل يعطى ! . صححه أبو محمد عبد الحق ، وهو يرفع الإشكال ويوضح كل احتمال ، وأن الأول من باب حذف المضاف ، أي ينزل ملك ربنا فيقول . وقد روي " ينزل " بضم الياء ، وهو يبين ما ذكرنا ، وبالله توفيقنا . وقد أتينا على ذكره في " الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى " .مسألة : الاستغفار مندوب إليه ، وقد أثنى الله تعالى على المستغفرين في هذه الآية وغيرها فقال : وبالأسحار هم يستغفرون . وقال أنس بن مالك : أمرنا أن نستغفر بالسحر سبعين استغفارة . وقال سفيان الثوري : بلغني أنه إذا كان أول الليل نادى مناد ليقم القانتون فيقومون كذلك يصلون إلى السحر ، فإذا كان عند السحر نادى مناد : أين المستغفرون فيستغفر أولئك ، ويقوم آخرون فيصلون فيلحقون بهم . فإذا طلع الفجر نادى مناد : ألا ليقم الغافلون فيقومون من فرشهم كالموتى نشروا من قبورهم . وروي عن أنس سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن الله يقول إني لأهم بعذاب أهل الأرض فإذا نظرت إلى عمار بيوتي وإلى المتحابين في وإلى المتهجدين والمستغفرين بالأسحار صرفت عنهم العذاب بهم . قال مكحول : إذا كان في أمة خمسة عشر رجلا يستغفرون الله كل يوم خمسا وعشرين مرة لم يؤاخذ الله تلك الأمة بعذاب العامة . وذكره أبو نعيم في كتاب الحلية له . وقال نافع : كان ابن عمر يحيي الليل ثم يقول : يا نافع أسحرنا ؟ فأقول : لا . فيعاود الصلاة ثم يسأل ، فإذا قلت نعم قعد يستغفر . وروى إبراهيم بن حاطب عن أبيه قال : سمعت رجلا في السحر في ناحية المسجد يقول : يا رب ، أمرتني فأطعتك ، وهذا سحر فاغفر لي . فنظرت فإذا هو ابن مسعود .قلت : فهذا كله يدل على أنه استغفار باللسان مع حضور القلب . لا ما قال ابن زيد أن المراد بالمستغفرين الذين يصلون صلاة الصبح في جماعة ، والله أعلم . وقال لقمان لابنه : ( يا بني لا يكن الديك أكيس منك ، ينادي بالأسحار وأنت نائم ) . والمختار من لفظ الاستغفار ما رواه البخاري عن شداد بن أوس ، وليس له في الجامع غيره ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : سيد الاستغفار أن تقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي ، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت . قال : ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات من ليله قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة . وروى أبو محمد عبد الغني بن سعيد من حديث ابن لهيعة عن أبي صخر عن أبي معاوية عن سعيد بن جبير عن أبي الصهباء البكري عن علي بن أبي طالب ، - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ثم قال : ألا أعلمك كلمات تقولهن لو كانت ذنوبك كمدب النمل ، أو كمدب الذر لغفرها الله لك على أنه مغفور لك : اللهم لا إله إلا أنت سبحانك عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله : الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَقال أبو جعفر: يعني بقوله: " الصابرين "، الذين صبروا في البأساء والضراء وحين البأس.ويعني ب" الصادقين "، الذين صدقوا الله في قولهم بتحقيقهم الإقرارَ به وبرسوله وما جاء به من عنده، بالعمل بما أمره به والانتهاء عما نهاه عنه.ويعني ب" القانتين "، المطيعين له.* * *وقد أتينا على الإبانة عن كل هذه الحروف ومعانيها بالشواهد على صحة ما قلنا فيها، وبالأخبار عمن قال فيها قولا فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (3)* * *وقد كان قتادة يقول في ذلك بما:-6752 - حدثنا به بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين "،" الصادقين ": قوم صدَقت أفواههم واستقامت قُلوبهم وألسنتهم، وصَدقوا في السرّ والعلانية =" والصابرين "، قوم صبروا على طاعة الله، وصَبروا عن محارمه =" والقانتون "، هم المطيعون لله.* * *وأما " المنفقون "، فهم المؤتون زكوات أموالهم، وواضعوها على ما أمرهم الله بإتيانها، والمنفقون أموالهم في الوجوه التي أذن الله لهم جل ثناؤه بإنفاقها فيها. (4)* * *وأما " الصابرين " و " الصادقين "، وسائر هذه الحروف، فمخفوض ردًا على قوله: الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا ، والخفض في هذه الحروف يدل على أن قوله: الَّذِينَ يَقُولُونَ خفض، ردًّا على قوله: لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ . (5)* * *القول في تأويل قوله : وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ (17)قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في القوم الذين هذه الصفة صفتهم.فقال بعضهم: هم المصلون بالأسحار.ذكر من قال ذلك:6753 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " والمستغفرين بالأسحار "، هم أهل الصلاة.6754 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن قتادة: " والمستغفرين بالأسحار "، قال: يصلون بالأسحار.* * *وقال آخرون: هم المستغفرون.ذكر من قال ذلك:6755 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن حريث بن أبي مطر، عن إبراهيم بن حاطب، عن أبيه قال: سمعت رجلا في السحر في ناحية المسجد وهو يقول: ربّ أمرتني فأطعتك، وهذا سحرٌ، فاغفر لي. فنظرت فإذا ابنُ مسعود. (6)6756 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال: سألت عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن قول الله عز وجل: " والمستغفرين بالأسحار "، قال: حدثني سليمان بن موسى قال، حدثنا نافع: أن ابن عمر كان يحيي الليل صلاةً ثم يقول: يا نافع، أسحَرْنا؟ فيقول: لا. فيعاود الصلاة، فإذا قلت: نعم! قعد يستغفر ويدعو حتى يُصْبح.6757 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن بعض البصريين، عن أنس بن مالك قال: أمرنا أن نستغفر بالأسحار سبعين استغفارة.6758 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا زيد بن الحباب قال، حدثنا أبو يعقوب الضبي قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: من صلَّى من الليل ثم استغفر في آخر الليل سبعين مرة، كتب من المستغفرين بالأسحار.* * *وقال آخرون: هم الذين يشهدون الصّبح في جماعة.ذكر من قال ذلك:6759 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسماعيل بن مسلمة أخو القعنبي قال، (7) حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن قال، قلت لزيد بن أسلم: مَنْ" المستغفرين بالأسحار "، قال: هم الذين يشهدون الصّبح.* * *قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل قوله: " والمستغفرين بالأسحار "، قول من قال: هم السائلون ربهم أن يستر عليهم فضيحتهم بها.* * *=" بالأسحار " وهى جمع " سَحَر ".* * *وأظهر معاني ذلك أن تكون مسألتهم إياه بالدعاء. وقد يحتمل أن يكون معناه: تعرّضهم لمغفرته بالعمل والصلاة، غيرَ أنّ أظهر معانيه ما ذكرنا من الدعاء.---------------------------الهوامش :(3) انظر تفسير"الصابرين" فيما سلف 2: 11 / ثم 3: 214 ، 349 = وتفسير"الصادقين" فيما سلف 3: 356 = وتفسير"القانتين" فيما سلف 2: 538 ، 539 / ثم 5: 228-237.(4) انظر تفسير"الإنفاق" فيما سلف: 5: 555 ، 580.(5) انظر معاني القرآن للفراء 1: 199.(6) الأثر: 6755-"حريث بن أبي مطر عمرو الفزاري ، أبو عمر الحناط" روى عن الشعبي والحكم بن عتيبة ، وروى عنه شريك ، وابن نمير ، ووكيع ، قال ابن معين: "لا شيء" ، وقال أبو حاتم"ضعيف الحديث". وقال البخاري: "فيه نظر ، ليس بالقوي عندهم". وعلق له البخاري في الأضاحي ، مترجم في التهذيب. وأما "إبراهيم بن حاطب" فلم أجد له ولا لأبيه"حاطب" ترجمة ، وأخشى أن يكون في اسمه تحريف أو سقط ، وأن يكون"حاطب" هذا ، هو"حاطب بن أبي بلتعة" صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والأثر بنصه هذا في تفسير ابن كثير 2: 113 ، ولم يقل فيه شيئًا.(7) أخوه هو: "عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي القعنبي" ، شيخ البخاري ومسلم وأبي داود.