صفة أعمال الكفار في الدنيا كالبر وصلة الأرحام كصفة رماد اشتدت به الريح في يوم ذي ريح شديدة، فلم تترك له أثرًا، فكذلك أعمالهم لا يجدون منها ما ينفعهم عند الله، فقد أذهبها الكفر كما أذهبت الريح الرماد، ذلك السعي والعمل على غير أساس، هو الضلال البعيد عن الطريق المستقيم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«مثل» صفة «الذين كفروا بربهم» مبتدأ ويبدل منه «أعمالهم» الصالحة كصلة وصدقة في عدم الانتفاع بها «كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف» شديد هبوب الريح فجعلته هباءً منثورا لا يقدر عليه والمجرور خبر المبتدأ «لا يقدرون» أي الكفار «مما كسبوا» عملوا في الدنيا «على شيء» أي لا يجدون له ثوابا لعدم شرطه «ذلك هو الضلال» الهلاك «البعيد».
﴿ تفسير السعدي ﴾
يخبر تعالى عن أعمال الكفار التي عملوها: إما أن المراد بها الأعمال التي عملوها لله، بأنها في ذهابها وبطلانها واضمحلالها كاضمحلال الرماد، الذي هو أدق الأشياء وأخفها، إذا اشتدت به الريح في يوم عاصف شديد الهبوب، فإنه لا يبقى منه شيئا، ولا يقدر منه على شيء يذهب ويضمحل، فكذلك أعمال الكفار لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ولا على مثقال ذرة منه لأنه مبني على الكفر والتكذيب. ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ حيث بطل سعيهم واضمحل عملهم، وإما أن المراد بذلك أعمال الكفار التي عملوها ليكيدوا بها الحق، فإنهم يسعون ويكدحون في ذلك ومكرهم عائد عليهم ولن يضروا الله ورسله وجنده وما معهم من الحق شيئا.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم ) يعني : أعمال الذين كفروا بربهم - كقوله تعالى : ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم ) ( الزمر - 60 ) - أي : ترى وجوه الذين كذبوا على الله مسودة ( كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ) وصف اليوم بالعصوف ، والعصوف من صفة الريح لأن الريح تكون فيها ، كما يقال : يوم حار ويوم بارد ، لأن الحر والبرد فيه .وقيل : معناه : في يوم عاصف الريح ، فحذف الريح لأنها قد ذكرت من قبل . وهذا مثل ضربه الله لأعمال الكفار ، يريد : أنهم لا ينتفعون بأعمالهم التي عملوها في الدنيا لأنهم أشركوا فيها غير الله كالرماد الذي ذرته الريح لا ينتفع به ، فذلك قوله تعالى :( لا يقدرون ) يعني : الكفار ( مما كسبوا ) في الدنيا ( على شيء ) في الآخرة ( ذلك هو الضلال البعيد ) .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
قال الإمام الرازي: «اعلم أنه- تعالى- لما ذكر أنواع عذابهم في الآية المتقدمة، بين في هذه الآية وهي قوله- تعالى- مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ.... أن أعمالهم بأسرها ضائعة باطلة، لا ينتفعون بشيء منها. وعند هذا يظهر كمال خسرانهم، لأنهم لا يجدون في القيامة إلا العقاب الشديد وكل ما عملوه في الدنيا وجدوه ضائعا باطلا» .والمثل: النظير والشبيه. ثم أطلق على القول السائر المعروف، لمماثلة مضربه بمورده، ولا يكون إلا فيما فيه غرابة، ثم استعير للصفة، أو الحال، أو القصة إذا كان لها شأن عجيب، وفيها غرابة.والمراد بأعمال الذين كفروا في الآية الكريمة: ما كانوا يقومون به في الدنيا من أعمال حسنة كإطعام الطعام، ومساعدة المحتاجين، وإكرام الضيف، إلى غير ذلك من الأعمال الطيبة.والرماد: ما يتبقى من الشيء بعد احتراق أصله، كالمتبقى من الخشب أو الحطب بعد احتراقهما.والعاصف: من العصف وهو اشتداد الريح، وقوة هبوبها.قال الجمل: وقوله: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا ... فيه أوجه للإعراب: أحدها وهو مذهب سيبويه: أنه مبتدأ محذوف الخبر تقديره: فيما يتلى عليكم مثل الذين كفروا، وتكون الجملة من قوله أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ ... مستأنفة جواب لسؤال مقدر، كأنه قيل: كيف مثلهم..؟ فقيل: كيت وكيت.والثاني: أن يكون «مثل» مبتدأ و «أعمالهم» مبتدأ ثان، و «كرماد» خبر المبتدأ الثاني، والمبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول ... » .والمعنى: حال أعمال الذين كفروا في حبوطها وذهابها وعدم انتفاعهم بشيء منها في الآخرة، كحال الرماد المكدس الذي أتت عليه الرياح العاصفة، فمحقته وبددته، ومزقته تمزيقا لا يرجى معه اجتماع.فالآية الكريمة تشبيه بليغ لما يعمله الكافرون في الدنيا من أعمال البر والخير.ووجه الشبه: الضياع والتفرق وعدم الانتفاع في كل، فكما أن الريح العاصف تجعل الرماد هباء منثورا، فكذلك أعمال الكافرين في الآخرة تصير هباء منثورا، لأنها أعمال بنيت على غير أساس من الإيمان وإخلاص العبادة لله- تعالى-.ووصف- سبحانه- اليوم بأنه عاصف- مع أن العصف شدة الريح- للمبالغة في وصف زمانها- وهو اليوم- بذلك، كما يقال: يوم حار ويوم بارد، مع أن الحر والبرد فيهما وليس منهما.وقوله- سبحانه- لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ بيان للمقصود من التشبيه، وهو أن هؤلاء الكافرين، لا يقدرون يوم القيامة، على الانتفاع بشيء مما فعلوه في الدنيا من أفعال البر والخير، لأن كفرهم أحبطها فذهب سدى دون أن يستفيدوا منها ثوابا، أو تخفف عنهم عذابا.قال الآلوسى: «وفي الصحيح عن عائشة- رضى الله عنها- أنها قالت: يا رسول الله. إن ابن جدعان في الجاهلية كان يصل الرحم، ويطعم المسكين، هل ذلك نافعه؟ قال:«لا ينفعه لأنه لم يقل رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين» .وقال الإمام ابن كثير ما ملخصه: «هذا مثل ضربه الله- تعالى- لأعمال الكفار الذين عبدوا مع الله غيره، وكذبوا رسله، وبنوا أعمالهم على غير أساس صحيح، فانهارت وعدموها وهم أحوج ما كانوا إليها ...كما قال- تعالى- وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً .وكما قال- تعالى-مثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا، كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ.واسم الإشارة في قوله ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ يعود إلى ما دل عليه التمثيل من بطلان أعمالهم، وذهاب أثرها.أى: ذلك الحبوط لأعمالهم، وعدم انتفاعهم بشيء منها، هو الضلال البعيد.أى: البالغ أقصى نهايته، والذي ينتهى بصاحبه إلى الهلاك والعذاب المهين.ووصف- سبحانه- الضلال بالبعد، لأنه يؤدى إلى خسران لا يمكن تداركه، ولا يرجى الخلاص منه.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
هذا مثل ضربه الله تعالى لأعمال الكفار الذين عبدوا مع الله غيره ، وكذبوا رسله ، وبنوا أعمالهم على غير أساس صحيح; فانهارت وعدموها أحوج ما كانوا إليها ، فقال تعالى : ( مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم ) أي : مثل أعمال الذين كفروا يوم القيامة إذا طلبوا ثوابها من الله تعالى; لأنهم كانوا يحسبون أنهم على شيء ، فلم يجدوا شيئا ، ولا ألفوا حاصلا إلا كما يتحصل من الرماد إذا اشتدت به الريح العاصفة ( في يوم عاصف ) أي : ذي ريح عاصفة قوية ، فلا [ يقدرون على شيء من أعمالهم التي كسبوها في الدنيا إلا كما ] يقدرون على جمع هذا الرماد في هذا اليوم ، كما قال تعالى : ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ) [ الفرقان : 23 ] وقال تعالى : ( مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته ) [ آل عمران : 117 ] ، وقال تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين ) [ البقرة : 264 ] .وقال في هذه الآية : ( ذلك هو الضلال البعيد ) أي : سعيهم وعملهم على غير أساس ولا استقامة حتى فقدوا ثوابهم أحوج ما هم إليه ، ( ذلك هو الضلال البعيد ) .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله : مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيدقوله تعالى : مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اختلف النحويون في رفع " مثل " فقال سيبويه : ارتفع بالابتداء والخبر مضمر ; التقدير : وفيما يتلى عليكم أو يقص مثل الذين كفروا بربهم ثم ابتدأ فقال : أعمالهم كرماد أي كمثل رماد اشتدت به الريح . وقال الزجاج : أي مثل الذين كفروا فيما يتلى عليكم أعمالهم كرماد ، وهو عند الفراء على إلغاء المثل ، التقدير : الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد . وعنه أيضا أنه على حذف مضاف ; التقدير : مثل أعمال الذين كفروا بربهم كرماد ; وذكر الأول عنه المهدوي ، والثاني القشيري والثعلبي ويجوز أن يكون مبتدأ كما يقال : صفة فلان أسمر ; ف " مثل " بمعنى صفة . ويجوز في الكلام جر أعمالهم على بدل الاشتمال من " الذين " واتصل هذا بقوله : وخاب كل جبار عنيد والمعنى : أعمالهم محبطة غير مقبولة . والرماد ما بقي بعد احتراق الشيء ; فضرب الله هذه الآية مثلا لأعمال الكفار في أنه يمحقها كما تمحق الريح الشديدة الرماد في يوم عاصف . والعصف شدة الريح ; وإنما كان ذلك لأنهم أشركوا فيها غير الله تعالى . وفي وصف اليوم بالعصوف ثلاثة أقاويل : أحدها : أن العصوف وإن كان للريح فإن اليوم قد يوصف به ; لأن الريح تكون فيه ، فجاز أن يقال : يوم عاصف ، كما يقال : يوم حار ويوم بارد ، والبرد والحر فيهما . والثاني : أن يريد في يوم عاصف الريح ; لأنها ذكرت في أول الكلمة ، كما قال الشاعر :إذا جاء يوم مظلم الشمس كاسفيريد كاسف الشمس فحذف ; لأنه قد مر ذكره ; ذكرهما الهروي . والثالث : أنه من نعت الريح ; غير أنه لما جاء بعد اليوم أتبع إعرابه كما قيل : جحر ضب خرب ; ذكره الثعلبي والماوردي . وقرأ ابن أبي إسحاق وإبراهيم بن أبي بكر في يوم عاصف .لا يقدرون يعني الكفار . مما كسبوا على شيء يريد في الآخرة ; أي من ثواب ما عملوا من البر في الدنيا ، لإحباطه بالكفر .ذلك هو الضلال البعيد أي الخسران الكبير ; وإنما جعله كبيرا بعيدا لفوات استدراكه بالموت .
﴿ تفسير الطبري ﴾
قال أبو جعفر : اختلف أهلُ العربية في رافعِ " مَثَلُ" .فقال بعض نحويي البصرة: إنما هو كأنه قال: ومما نقصّ عليكم مَثَلُ الذين كفروا ، ثم أقبل يفسّر ، كما قال: مَثَلُ الْجَنَّةِ [سورة الرعد : 35 ] ، وهذا كثير. (43)* * *وقال بعض نحويي الكوفيين : إنما المثل للأعمال ، ولكن العرب تقدّم الأسماء ، لأنها أعرفُ ، ثم تأتي بالخبر الذي تخبر عنه مع صاحبه. ومعنى الكلام: مَثَلُ أعمال الذين كفروا بربهم كرماد ، كما قيل: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ [سورة الزمر : 60 ] ، ومعنى الكلام: (44) ويوم القيامة ترى وجوه الذين كذبوا على الله مسودة. قال: ولو خفض " الأعمال " جاز ، كما قال: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ الآية [سورة البقرة : 217 ] ، . وقوله: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ [سورة الرعد : 35 ] . قال: ف" تجري" ، هو في موضع الخبر ، كأنه قال: أن تجري ، وأن يكون كذا وكذا ، فلو أدخل " أن " جاز. قال : ومنه قول الشاعر: (45)ذَرِينِي إِنَّ أَمْرَكِ لَنْ يُطَاعَاوَمَا أَلْفَيْتِنِي حِلْمِي مُضَاعَا(46)قال: فالحلمُ منصوبٌ ب " ألفيتُ" على التكرير ، (47) قال : ولو رفعه كان صوابًا. قال: وهذا مثلٌ ضربه الله لأعمال الكفّار فقال: مَثَلُ أعمال الذين كفروا يوم القيامة ، التي كانوا يعملونها في الدنيا يزعمُون أنهم يريدون الله بها ، مَثَلُ رمادٍ عصفت الريح عليه في يومِ ريح عاصفٍ ، فنسفته وذهبت به ، فكذلك أعمال أهل الكفر به يوم القيامة ، لا يجدون منها شيئًا ينفعهم عند الله فينجيهم من عذابه ، لأنهم لم يكونوا يعملونها لله خالصًا ، بل كانوا يشركون فيها الأوثان والأصنام .يقول الله عز وجل: ( ذلك هو الضلال البعيد ) ، يعني أعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا ، التي يشركون فيها مع الله شركاء ، هي أعمالٌ عُملت على غير هُدًى واستقامة ، بل على جَوْر عن الهُدَى بعيد ، وأخذٍ على غير استقامة شديد.* * *وقيل: ( في يوم عاصف ) ، فوصف بالعُصوف اليومَ ، (48) وهو من صفة الريح ، لأن الريح تكون فيه ، كما يقال: " يوم بارد ، ويوم حارّ" ، لأن البردَ والحرارة يكونان فيه ، (49) وكما قال الشاعر: (50)* يَوْمَيْنِ غَيْمَيْنِ وَيَوْمًا شَمْسًا * (51)فوصف اليومين بالغيمين ، وإنما يكون الغيم فيهما. وقد يجوز أن يكون أريد به: في يوم عاصف الريح ، فحذفت " الريح " ، لأنها قد ذكرت قبل ذلك ، فيكون ذلك نظير قول الشاعر: (52)* إِذَا جَاءَ يَوْمٌ مُظْلِمُ الشَّمْسِ كَاسِفُ * (53)يريد: كاسفُ الشمس. وقيل: هو من نعت " الريح " خاصة ، غير أنه لما جاء بعد " اليوم " أُتبع إعرابَهُ ، وذلك أن العرب تتبع الخفضَ الخفضَ في النعوت ، كما قال الشاعر: (54)تُرِيكَ سُنَّةَ وَجْهٍ غَيْرِ مُقْرِفَةٍمَلْسَاءَ لَيْسَ بِهَا خَالٌ وَلا نَدَبُ (55)فخفض " غير " إتباعًا لإعراب " الوجه " ، وإنما هي من نعت " السنَّة " ، والمعنى: سُنَّةَ وَجْه غَيْرَ مُقْرفة ، وكما قالوا: " هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ".* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:20636 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، في قوله: ( كرماد اشتدت به الريح ) ، قال: حملته الريح في يوم عاصف .20637 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله: ( مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ) ، يقول: الذين كفروا بربهم وعبدوا غيرَه ، فأعمالهم يوم القيامة كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ، لا يقدرون على شيء من أعمالهم ينفعهم ، كما لا يُقْدَر على الرماد إذا أُرْسِل في يوم عاصف. (56)* * *وقوله: ( ذلك هو الضَّلال البعيد ) ، أي الخطأ البينُ ، البعيدُ عن طريق الحق. (57)-----------------------------الهوامش :(43) انظر ما سلف قريبًا : 469 - 472(44) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 338 ، وسيبويه 1 : 77 .(45) هو عدي بن زيد بن العبادي ، ونسبه سيبويه لرجل من بجيله أو خثعم .(46) سيبويه 1 : 77 ، 78 / والخزانة 2 : 368 ، 369 / والعيني بهامش الخزانة 4 : 192 / وسيأتي في التفسير 24 : 15 ( بولاق ) ، من أبيات عزيزة هذا أولها ، يقول بعده :ألاَ تِلْكَ الثَّعَالِبُ قَدْ تَعَاوَتْعَلَيَّ وَحَالَفَتْ عُرْجًا ضِبَاعَالِتَاكُلَنِي , فَمَرَّ لَهُنَّ لَحْمِيوأَذْرَقَ مِنْ حِذَارِي أَوْ أَتَاعَافَإِنْ لَمْ تَنْدَمُوا فَثَكِلْتُ عَمْرًاوَهَاجَرْتُ المُرَوَّقَ والسَّماعَاوَلاَ وَضَعَتْ إِلَيَّ عَلَى فِرَاشٍحَصَانٌ يَوْمَ خَلْوَتِهَا قِنَاعَاوَلاَ مَلَكَتْ يَدَايَ عِنَانَ طِرْفٍولا أَبْصَرْتُ من شَمْسٍ شُعَاعَاوخُطَّةِ مَاجِدٍ كَلَّفْتُ نَفْسِيإِذَا ضَاقُوا رَحُبْتُ بِهَا ذِرَاعَاوالبيتان الأول والثاني من هذه الأبيات ، في المعاني الكبير 867 ، واللسان ( مرد ) ( ذرق ) ( فرق ) . ولم أجد لهذه الأبيات خبرًا بعد ، وأتوهمها في أقوام تحالفوا على أذاه ، جعل بعضهم ثعالب لمكرها وخداعها ، وبعضها ضباعًا ، لدناءتها وموقها ، والضباع موصوفة بالحمق ( الحيوان 7 : 38 ) وقول صاحب الخزانة : " أراد بالثعالب ، الذين لاموه على جوده حسدًا ولؤمًا " قول مرغوب عنه . و " الضباع " عرج ، فيها خمع . و " تعاوت " تجمعت ، كما تتعاوى الذئاب فتجتمع . " ومر اللحم " ، و " أمر ، كان مرًا لا يستساغ . و " أذرق ، أي جعلها تذرق ، يقال : " ذرق الطائر ، إذا خذق بسلحه ، أي قذف ، وهو هنا مستعار . إشارة إلى أن ذا بطونهم قد أساله الخوف حتى صار كسلح الطير مائعًا . و " أتاع " حملهم على القيء يعني من الخوف أيضًا " تاع القيء يتيع " خرج . ويرى " فأفرق " وهو مثل " أذرق " في المعنى هنا . و " عمرو " المذكور في شعر عدي ، لا أكاد أشك أنه أخوه " عمرو بن زيد " ، ( الأغاني 2 : 105 ) قال : " كان لعدَي بن زيد أخوان ، أحدهما اسمه عمار ، ولقبه أبي ، والآخر اسمه عمرو ، ولقبه سمي " . و " المروق " ، الخمر ، لأنها تصفى بالراووق . و " السماع " ، الغناء ، يدعو على نفسه أن ينخلع من لذات الدنيا إذا لم يندموا على مغبة كيدهم له .(47) " التكرير " ، هو البدل عند البصريين ، ويسميه الكوفيون أيضًا " التبيين " ، انظر ما سلف 529 تعليق : 2 .(48) في المطبوعة حذف " اليوم " ، اجتراء وتحكمًا .(49) انظر تفسير " عاصف " فيما سلف 15 : 51 .(50) لم أعرف قائله .(51) سيأتي في التفسير 24 : 67 ( بولاق ) ، وبعده هناك :* نَجْمَيْنِ بِالسَّعْدِ ونَجْمًا نَحْسَا *(52) هو مسكين الدارمي .(53) من أبيات خرجتها فيما سلف 7 : 520 ، تعليق : 3 . وانظر الخزانة 2 : 323 وصدر البيت :* وتَضْحَكُ عِرْفَانَ الدُّرُوعِ جُلُودُنَا *(54) هو ذو الرمة .(55) ديوانه : 4 ، من عقيلته المحجبة بالحسن . وهذا البيت من أبيات في صفة صاحبته مي .و " السنة " ، ما أقبل عليك من الوجه وصفحة الحد مصقولا يلوح . و " غير مقرنة " ، لا يشوب معارفها ولا لونها شيء يهجنها ، وذلك من عتقها . و " الندب " ، أثر الجرح إذا لم يرتفع .(56) في المطبوعة : " إذا أرسل عليه الريح في يوم عاصف " ، زاد ما لا معنى له .(57) من أول : " وقوله : ذلك هو ... " ، ليس في المخطوطة ، ولست أدري من أين جاء به ناشر المطبوعة ، فتركته على حالة ، حتى أقطع بأنه ليس من كلام أبي جعفر .وانظر تفسير " الضلال " ، و " البعيد " ، فيما سلف من فهارس اللغة .
﴿ مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد ﴾