هذا ذِكْر رحمة ربك عبده زكريا، سنقصه عليك، فإن في ذلك عبرة للمعتبرين.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
هذا «ذكر رحمة ربك عبده» مفعول رحمة «زكريا» بيان له.
﴿ تفسير السعدي ﴾
تفسير الآيتين 2و 3 :أي: هذا ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ْ سنقصه عليك، ونفصله تفصيلا يعرف به حالة نبيه زكريا، وآثاره الصالحة، ومناقبه الجميلة، فإن في قصها عبرة للمعتبرين، وأسوة للمقتدين، ولأن في تفصيل رحمته لأوليائه، وبأي: سبب حصلت لهم، مما يدعو إلى محبة الله تعالى، والإكثار من ذكره ومعرفته، والسبب الموصل إليه. وذلك أن الله تعالى اجتبى واصطفى زكريا عليه السلام لرسالته، وخصه بوحيه، فقام بذلك قيام أمثاله من المرسلين، ودعا العباد إلى ربه، وعلمهم ما علمه الله، ونصح لهم في حياته وبعد مماته، كإخوانه من المرسلين ومن اتبعهم، فلما رأى من نفسه الضعف، وخاف أن يموت، ولم يكن أحد ينوب منابه في دعوة الخلق إلى ربهم والنصح لهم، شكا إلى ربه ضعفه الظاهر والباطن، وناداه نداء خفيا، ليكون أكمل وأفضل وأتم إخلاصا.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ذكر ) رفع بالمضمر ، أي : هذا الذي نتلوه عليك ذكر ( رحمة ربك ) [ وفيه تقديم وتأخير ] معناه : ذكر ربك ( عبده زكريا ) برحمته .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- تعالى-: ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا خبر لمبتدأ محذوف. أى: المتلو عليك ذكر رحمة ربك عبده ذكريا.ولفظ ذِكْرُ مصدر مضاف لمفعوله. ولفظ رَحْمَتِ مصدر مضاف لفاعله وهو ربك، وعَبْدَهُ مفعول به للمصدر الذي هو رحمة.وزَكَرِيَّا هو واحد من أنبياء الله الكرام، وينتهى نسبه إلى يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم- عليهم السلام-.والمعنى: هذا الذي نذكره لك يا محمد، هو جانب من قصة عبدنا زكريا، وطرف من مظاهر الرحمة التي اختصصناه بها، ومنحناه إياها.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( ذكر رحمة ربك ) أي : هذا ذكر رحمة الله بعبده زكريا .وقرأ يحيى بن يعمر " ذكر رحمة ربك عبده زكريا " .و ) زكريا ) : يمد ويقصر قراءتان مشهورتان . وكان نبيا عظيما من أنبياء بني إسرائيل . وفي صحيح البخاري : أنه كان نجارا ، أي : كان يأكل من عمل يديه في النجارة .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : ذكر رحمة ربك عبده زكريافيه :الأولى : قوله تعالى : ذكر رحمة ربك في رفع ذكر ثلاثة أقوال ؛ قال الفراء : هو مرفوع ب كهيعص ؛ قال الزجاج : هذا محال ؛ لأن كهيعص ليس هو مما أنبأنا الله - عز وجل - به عن زكريا ، وقد خبر الله تعالى عنه وعن ما بشر به ، وليس كهيعص من قصته . وقال الأخفش : التقدير ؛ فيما يقص عليكم ذكر رحمة ربك . والقول الثالث : أن المعنى هذا الذي يتلوه عليكم ذكر رحمة ربك . وقيل : ذكر رحمة ربك رفع بإضمار مبتدأ ؛ أي هذا ذكر رحمة ربك ؛ وقرأ الحسن ( ذكر رحمة ربك ) أي هذا المتلو من القرآن ذكر رحمة ربك . وقرئ ( ذكر ) على الأمر .ورحمة تكتب ويوقف عليها بالهاء ، وكذلك كل ما كان مثلها ، لا اختلاف فيها بين النحويين ، واعتلوا في ذلك أن هذه الهاء لتأنيث الأسماء فرقا بينها وبين الأفعال .الثانية : قوله تعالى : عبده قال الأخفش : هو منصوب ب ( رحمة ) . زكريا بدل منه ، كما تقول : هذا ذكر ضرب زيد عمرا ؛ فعمرا منصوب بالضرب ؛ كما أن عبده منصوب بالرحمة . وقيل : هو على التقديم والتأخير ؛ معناه : ذكر ربك عبده زكريا برحمة ؛ ف ( عبده ) منصوب بالذكر ؛ ذكره الزجاج والفراء . وقرأ بعضهم ( عبده زكريا ) بالرفع ؛ وهي قراءة أبي العالية . وقرأ يحيى بن يعمر ( ذكر ) بالنصب على معنى : هذا القرآن ذكر رحمة عبده زكريا . وتقدمت اللغات والقراءة في زكريا في ( آل عمران ) .
﴿ تفسير الطبري ﴾
اختلف أهل العربية في الرافع للذكر، والناصب للعبد، فقال بعض نحويي البصرة في معنى ذلك كأنه قال: مما نقصّ عليك ذكر رحمة ربك عبده، وانتصب العبد بالرحمة كما تقول: ذكر ضرب زيد عمرا. وقال بعض نحويي الكوفة: رفعت الذكر بكهيعص، وإن شئت أضمرت هذا ذكر رحمة ربك، قال: والمعنى ذكر ربك عبده برحمته تقديم وتأخير.قال أبو جعفر: والقول الذي هو الصواب عندي في ذلك أن يقال: الذكر مرفوع بمضمر محذوف، وهو هذا كما فعل ذلك في غيرها من السور، وذلك كقول الله: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وكقوله: سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا ونحو ذلك. والعبد منصوب بالرحمة، وزكريا في موضع نصب، لأنه بيان عن العبد، فتأويل الكلام: هذا ذكر رحمة ربك عبده زكريا.