سورة وأنت حل بهذا البلد - عدد الآيات 20 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .
تفسير و معنى الآية 2 من سورة البلد عدة تفاسير - سورة البلد : عدد الآيات 20 - - الصفحة 594 - الجزء 30.
﴿ وَأَنتَ حِلُّۢ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ ﴾ [ البلد: 2]
﴿ التفسير الميسر ﴾
أقسم الله بهذا البلد الحرام، وهو "مكة"، وأنت -أيها النبي- مقيم في هذا "البلد الحرام"، وأقسم بوالد البشرية- وهو آدم عليه السلام- وما تناسل منه من ولد، لقد خلقنا الإنسان في شدة وعناء من مكابدة الدنيا.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وأنت» يا محمد «حِلٌ» حلال «بهذا البلد» بأن يحل لك فتقاتل فيه، وقد أنجز الله له هذا الوعد يوم الفتح، فالجملة اعتراض بين المقسم به وما عطف عليه.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَأَنتَ حِلٌّ بِهَٰذَا الْبَلَدِ
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وأنت حل ) أي حلال ، ( بهذا البلد ) تصنع فيه ما تريد من القتل والأسر ليس عليك ما على الناس فيه من الإثم . أحل الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - مكة يوم الفتح ، حتى قاتل وقتل وأمر بقتل ابن خطل ، وهو متعلق بأستار الكعبة ، ومقيس بن صبابة وغيرهما ، فأحل دماء قوم وحرم دماء قوم فقال : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ثم قال : إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض ، ولم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار ، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة .والمعنى : أن الله تعالى لما أقسم بمكة دل ذلك على عظيم قدرها مع حرمتها ، فوعد نبيه - صلى الله عليه وسلم - أنه يحلها له حتى يقاتل فيها ، وأن يفتحها على يده ، فهذا وعد من الله - عز وجل - بأن يحلها له .قال شرحبيل بن سعد : ومعنى قوله : " وأنت حل بهذا البلد " قال : يحرمون أن يقتلوا بها صيدا ويستحلون إخراجك وقتلك ؟
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وجملة: وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ معترضة بين القسم وجوابه.وقوله- تعالى- حِلٌّ اسم مصدر أحل بمعنى أباح، فيكون المعنى: وأنت- أيها الرسول الكريم- قد استحل كفار مكة إيذاءك ومحاربتك.. مع أنهم يحرمون ذلك النسبة لغيرك، في هذا البلد الأمين.ويصح أن يكون لفظ «حل» هنا بمعنى الحلال الذي هو ضد الحرام يقال: هو حل وحلال، وحرم وحرام.. فيكون المعنى: وأنت أيها الرسول الكريم- قد أحل الله- تعالى- لك أن تفعل بهؤلاء المشركين ما شئت من القتل أو العفو.وتكون الجملة الكريمة، بشارة للنبي صلى الله عليه وسلم بأن الله- تعالى- سينصره على مشركي قريش، ويمكنه من رقابهم.. وقد أنجز له- سبحانه- ذلك يوم الفتح الأكبر.قال صاحب الكشاف: أقسم الله- تعالى- بالبلد الحرام وما بعده، على أن الإنسان خلق مغمورا في مكابدة المشاق والشدائد، واعترض بين القسم والمقسم عليه بقوله: وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ يعنى: ومن المكابدة أن مثلك- يا محمد- على عظم حرمتك، يستحلّ بهذا البلد الحرام، كما يستحل الصيد في غير الحرم.وفيه تثبيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث على احتمال ما كان يكابد من أهل مكة، وتعجيب من حالهم في عداوته.أو سلى صلى الله عليه وسلم بالقسم ببلده، على أن الإنسان لا يخلو من مقاساة الشدائد، واعترض بأن وعده فتح مكة تتميما للتسلية والتنفيس عليه فقال: وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ.يعنى: وأنت حل به في المستقبل، تصنع فيه ما تريد من القتل والأسر.فإن قلت: أين نظير قوله: وَأَنْتَ حِلٌّ في معنى الاستقبال؟ قلت: قوله- تعالى- إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ.وكفاك دليلا قاطعا على أنه للاستقبال، وأن تفسيره بالحال محال، أن السورة بالاتفاق مكية، وأين الهجرة من وقت نزولها؟ فما بال الفتح؟.ويرى بعضهم أن معنى قوله- تعالى-: وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ: وأنت مقيم بهذا البلد، ونازل فيه، وحال به، وكفى فخرا لمكة أن تنزل فيها- أيها الرسول الكريم- فإن الأمكنة الشريفة تزداد شرفا بنزول رسل الله- تعالى- فيها، فكيف وأنت خاتمهم وإمامهم؟.قال بعض العلماء: وحكى ابن عطية عن بعض المتأولين: أن معنى «وأنت حل بهذا البلد» وأنت ساكن بهذا البلد، حال فيه.. وهو يقتضى أن تكون هذه الآية موضع الحال من ضمير «أقسم» فيكون القسم بالبلد مقيدا باعتبار بلد محمد صلى الله عليه وسلم وهو تأويل جميل، لو ساعد عليه ثبوت استعمال «حل» بمعنى حالّ، أى: مقيم في مكان، فإن هذا لم يرد في كتب اللغة.. ولذا لم يذكر هذا المعنى صاحب الكشاف...ويبدو لنا أن هذه الأقوال لا تعارض بينها، بل يؤيد بعضها بعضا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد آذاه أهل مكة، بينما حرموا إيذاء غيره، وأن الله- تعالى- قد مكن رسوله صلى الله عليه وسلم منهم. كما حدث في غزوة الفتح، وأنه صلى الله عليه وسلم قد أقام معهم في مكة أكثر من خمسين سنة، وكان يلقب عندهم بالصادق الأمين..
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( وأنت حل بهذا البلد ) قال : أنت - يا محمد - يحل لك أن تقابل به . وكذا روي عن سعيد بن جبير ، وأبي صالح ، وعطية ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي ، وابن زيد .وقال مجاهد : ما أصبت فيه فهو حلال لك .وقال قتادة : ( وأنت حل بهذا البلد ) قال : أنت به من غير حرج ولا إثم .وقال الحسن البصري : أحلها الله له ساعة من نهار .وهذا المعنى الذي قالوه قد ورد به الحديث المتفق على صحته : " إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، لا يعضد شجره ولا يختلى خلاه . وإنما أحلت لي ساعة من نهار ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، ألا فليبلغ الشاهد الغائب " . وفي لفظ [ آخر ] فإن أحد ترخص بقتال رسول الله فقولوا : إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم " .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : وأنت حل بهذا البلديعني في المستقبل مثل قوله تعالى : إنك ميت وإنهم ميتون . ومثله واسع في كلام العرب . تقول لمن تعده الإكرام والحباء : أنت مكرم محبو . وهو في كلام الله واسع ; لأن الأحوال المستقبلة عنده كالحاضرة المشاهدة وكفاك دليلا قاطعا على أنه للاستقبال ، وأن تفسيره بالحال محال : أن السورة باتفاق مكية قبل الفتح . فروى منصور عن مجاهد : وأنت حل قال : ما صنعت فيه من شيء فأنت في حل . وكذا قال ابن عباس : أحل له يوم دخل مكة أن يقتل من شاء ، فقتل ابن خطل ومقيس بن صبابة وغيرهما . ولم يحل لأحد من الناس أن يقتل بها أحدا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروى السدي قال : أنت في حل ممن قاتلك أن تقتله . وروى أبو صالح عن ابن عباس قال : أحلت له ساعة من نهار ، ثم أطبقت وحرمت إلى يوم القيامة ، وذلك يوم فتح مكة . وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض ، فهي حرام إلى أن تقوم الساعة ، فلم تحل لأحد قبلي ، ولا تحل لأحد بعدي ، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار " الحديث . وقد تقدم في سورة ( المائدة ) .ابن زيد : لم يكن بها أحد حلالا غير النبي - صلى الله عليه وسلم - : وقيل : وأنت مقيم فيه وهو محلك . وقيل : وأنت فيه محسن ، وأنا عنك فيه راض . وذكر أهل اللغة أنه يقال : رجل حل وحلال ومحل ، ورجل حرام ومحل ، ورجل حرام ومحرم . وقال قتادة : أنت حل به : لست بآثم . وقيل : هو ثناء على النبي - صلى الله عليه وسلم - أي إنك غير مرتكب في هذا البلد ما يحرم عليك ارتكابه ، معرفة منك بحق هذا البيت لا كالمشركين الذين يرتكبون الكفر بالله فيه . أي أقسم بهذا البيت المعظم الذي قد عرفت حرمته ، فأنت مقيم فيه معظم له ، غير مرتكب فيه ما يحرم عليك .وقال شرحبيل بن سعد : وأنت حل بهذا البلد أي حلال أي هم يحرمون مكة أن يقتلوا بها صيدا أو يعضدوا بها شجرة ، ثم هم مع هذا يستحلون إخراجك وقتلك .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله: ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) يعني: بمكة؛ يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وأنت يا محمد حِلٌّ بهذا البلد، يعني بمكة؛ يقول: أنت به حلال تصنع فيه من قَتْلِ من أردت قتلَه، وأَسْرِ من أردت أسره، مُطْلَقٌ ذلك لك؛ يقال منه: هو حِلّ، وهو حلال، وهو حِرْم، وهو حرام، وهو محلّ، وهو محرم، وأحللنا، وأحرمنا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) يعني بذلك: نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، أحلّ الله له يوم دخل مكة أن يقتل من شاء، ويستحْيِي من شاء؛ فقتل يومئذ ابن خَطَل صَبْرا وهو آخذ بأستار الكعبة، فلم تحِل لأحد من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل فيها حراما حرّمه الله، فأحلّ الله له ما صنع بأهل مكة، ألم تسمع أن الله قال في تحريم الحرم: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا يعني بالناس أهل القبلة.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال: ما صنعت فأنت في حلّ من أمر القتال.حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال: أحلّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع فيه ساعة.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال: أحل له أن يصنع فيه ما شاء.حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال: أُحِلَّت للنبي صلى الله عليه وسلم، قال: اصنع فيها ما شئت.حدثني موسى بن عبد الرحمن، قال: ثنا حسين الجُعْفِيّ، عن زائدة، عن منصور، عن مجاهد، في قول الله ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال: أنت حِلّ مما صنعت فيه.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مجاهد ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال: أحلّ الله لك يا محمد ما صنعت في هذا البلد من شيء، يعني مكة.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال: لا تؤاخَذ بما عملت فيه، وليس عليك فيه ما على الناس.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) يقول: بريء عن الحرج والإثم.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) يقول: أنت به حلّ لست بآثم.حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال: لم يكن بها أحد حلا غير النبيّ صلى الله عليه وسلم، كلّ من كان بها حراما، لم يحلّ لهم أن يقاتلوا فيها، ولا يستحلوا حرمه، فأحله الله لرسوله، فقاتل المشركين فيه.حدثنا سوار بن عبد الله، قال حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الملك، عن عطاء ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) قال: إن الله حرّم مكة، لم تحلّ لنبيّ إلا نبيكم ساعة من نهار.حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ) يعني محمدا، يقول: أنت حلّ بالحرم، فاقتل إن شئت، أو دع.