قالوا: يا موسى، إن فيها قومًا أشداء أقوياء، لا طاقة لنا بحربهم، وإنَّا لن نستطيع دخولها وهم فيها، فإن يخرجوا منها فإنَّا داخلون.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين» من بقايا عاد طوالا ذي قوة «وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون» لها.
﴿ تفسير السعدي ﴾
فقالوا قولا يدل على ضعف قلوبهم، وخور نفوسهم، وعدم اهتمامهم بأمر الله ورسوله. يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ شديدي القوة والشجاعة، أي: فهذا من الموانع لنا من دخولها. وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ وهذا من الجبن وقلة اليقين، وإلا فلو كان معهم رشدهم، لعلموا أنهم كلهم من بني آدم، وأن القوي من أعانه الله بقوة من عنده، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله، ولعلموا أنهم سينصرون عليهم، إذ وعدهم الله بذلك، وعدا خاصا.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين ) وذلك أن النقباء الذين خرجوا يتجسسون الأخبار لما رجعوا إلى موسى وأخبروه بما عاينوا ، قال لهم موسى : اكتموا شأنهم ولا تخبروا به أحدا من أهل العسكر فيفشلوا ، فأخبر كل رجل منهم قريبه وابن عمه إلا رجلان وفيا بما قال لهما موسى ، أحدهما يوشع بن نون بن أفرائيم بن يوسف عليهم السلام فتى موسى ، والآخر كالب بن يوقنا ختن موسى عليه السلام على أخته مريم بنت عمران ، وكان من سبط يهود وهما من النقباء فعلمت جماعة من بني إسرائيل ذلك ورفعوا أصواتهم بالبكاء وقالوا يا ليتنا في أرض مصر ، وليتنا نموت في هذه [ البرية ] ولا يدخلنا الله أرضهم فتكون نساؤنا وأولادنا وأثقالنا غنيمة لهم ، وجعل الرجل يقول لصاحبه : تعال نجعل علينا رأسا وننصرف إلى مصر ، فذلك قوله تعالى إخبارا عنهم ( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ) أصل الجبار : المتعظم الممتنع عن القهر ، يقال : نخلة جبارة إذا كانت طويلة ممتنعة عن وصول الأيدي إليها ، وسمي أولئك القوم جبارين لامتناعهم بطولهم وقوة أجسادهم ، وكانوا من العمالقة وبقية قوم عاد ، فلما قال بنو إسرائيل ما قالوا وهموا بالانصراف إلى مصر خر موسى وهارون ساجدين ، وخرق يوشع وكالب ثيابهما وهما اللذان أخبر الله تعالى عنهما في قوله تعالى :
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ولكن بنى إسرائيل هم بنو إسرائيل، مهما قيل لهم من ألوان الترغيب والترهيب فإن همتهم الساقطة وعزيمتهم الخائرة، وطبيعتهم المنتكسة لم تتركهم فقد قالوا لنبيهم متذرعين بالمعاذير الكاذبة: يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ وقوله: جَبَّارِينَ جمع جبار «والجبار صيغة مبالغة من جبر الثلاثي. ويطلق في اللغة على الطويل القوى العاتي الذي يجبر غيره على ما يريد. مأخوذ من قولهم: مخلة جبارة أى: طويلة لا ينال ثمرها بالأيدى.أى: قال بنو إسرائيل لنبيهم موسى- عليه السلام- إن الأرض التي وعدتنا بدخولها فيها قوم متغلبون على من يقاتلهم، ولا قدرة لنا على لقائهم وإنا لن ندخل هذه الأرض المقدسة التي أمرتنا بدخولها مادام هؤلاء الجبارون فيها، فإن يخرجوا منها لأى سبب من الأسباب التي لا شأن لنا بها، فنحن على استعداد لدخولها في راحة ويسر، وبلا أدنى تعب أو جهد.ولا شك أن قولهم هذا الذي حكته الآية الكريمة عنهم ليدل على منتهى الجبن والضعف، لأنهم لا يريدون أن ينالوا نصرا باستخدام حواسهم البدنية أو العقلية، وإنما يريدون أن ينالوا ما يبغون بقوة الخوارق والآيات، وأمة هذا شأنها لا تستحق الحياة الكريمة، لأنها لم تقدم العمل الذي يؤهلها لتلك الحياة:وفي ندائهم لنبيهم باسمه مجردا قالُوا يا مُوسى سوء أدب منهم معه، حيث استهانوا بمقام النبوة فنادوه باسمه حتى يكف عن دعوتهم إلى الجهاد. وفي قولهم وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها امتناع عن القتال بإصرار شديد، حيث أكدوا عدم دخولهم بحرف النفي لَنْ وجعلوا غاية النفي أن يخرج الجبارون منها، مع أن خروجهم منها بدون قتال أمر مستبعد، وهم لا يريدون قتالا، بل يريدون دخولا من غير معاناة ومجاهدة.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
أي : اعتذروا بأن في هذه البلدة - التي أمرتنا بدخولها وقتال أهلها - قوما جبارين ، أي : ذوي خلق هائلة ، وقوى شديدة ، وإنا لا نقدر على مقاومتهم ولا مصاولتهم ، ولا يمكننا الدخول إليها ما داموا فيها ، فإن يخرجوا منها دخلناها وإلا فلا طاقة لنا بهم .وقد قال ابن جرير : حدثني عبد الكريم بن الهيثم حدثنا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان قال : قال أبو سعيد قال عكرمة عن ابن عباس قال : أمر موسى أن يدخل مدينة الجبارين . قال : فسار موسى بمن معه حتى نزل قريبا من المدينة - وهي أريحا - فبعث إليهم اثني عشر عينا ، من كل سبط منهم عين ، ليأتوه بخبر القوم . قال : فدخلوا المدينة فرأوا أمرا عظيما من هيئتهم وجثثهم وعظمهم ، فدخلوا حائطا لبعضهم ، فجاء صاحب الحائط ليجتني الثمار من حائطه ، فجعل يجتني الثمار . وينظر إلى آثارهم ، فتتبعهم فكلما أصاب واحدا منهم أخذه فجعله في كمه مع الفاكهة ، حتى التقط الاثني عشر كلهم ، فجعلهم في كمه مع الفاكهة ، وذهب إلى ملكهم فنثرهم بين يديه فقال لهم الملك : قد رأيتم شأننا وأمرنا ، فاذهبوا فأخبروا صاحبكم . قال : فرجعوا إلى موسى فأخبروه بما عاينوا من أمرهم .وفي هذا الإسناد نظر .وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : لما نزل موسى وقومه ، بعث منهم اثني عشر رجلا - وهم النقباء الذين ذكر الله ، فبعثهم ليأتوه بخبرهم ، فساروا ، فلقيهم رجل من الجبارين ، فجعلهم في كسائه ، فحملهم حتى أتى بهم المدينة ، ونادى في قومه فاجتمعوا إليه ، فقالوا : من أنتم؟ قالوا : نحن قوم موسى ، بعثنا نأتيه بخبركم . فأعطوهم حبة من عنب تكفي الرجل ، فقالوا لهم : اذهبوا إلى موسى وقومه فقولوا لهم : اقدروا قدر فاكهتهم فلما أتوهم قالوا : يا موسى ( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون )رواه ابن أبي حاتم ثم قال : حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي مريم حدثنا يحيى بن أيوب عن يزيد بن الهاد حدثني يحيى بن عبد الرحمن قال : رأيت أنس بن مالك أخذ عصا ، فذرع فيها بشيء ، لا أدري كم ذرع ، ثم قاس بها في الأرض خمسين أو خمسا وخمسين ، ثم قال : هكذا طول العماليق .وقد ذكر كثير من المفسرين هاهنا أخبارا من وضع بني إسرائيل في عظمة خلق هؤلاء الجبارين ، وأنه كان فيهم عوج بن عنق بنت آدم عليه السلام ، وأنه كان طوله ثلاثة آلاف ذراع وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ذراعا وثلث ذراع ، تحرير الحساب ! وهذا شيء يستحى من ذكره . ثم هو مخالف لما ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله [ تعالى ] خلق آدم وطوله ستون ذراعا ، ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن " .ثم قد ذكروا أن هذا الرجل كان كافرا ، وأنه كان ولد زنية ، وأنه امتنع من ركوب السفينة ، وأن الطوفان لم يصل إلى ركبته وهذا كذب وافتراء ، فإن الله ذكر أن نوحا دعا على أهل الأرض من الكافرين ، فقال ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) [ نوح : 26 ] وقال تعالى : ( فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين ) [ الشعراء : 119 - 120 ] وقال تعالى : [ قال ] ( لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ) [ هود : 43 ] وإذا كان ابن نوح الكافر غرق ، فكيف يبقى عوج بن عنق وهو كافر وولد زنية؟! هذا لا يسوغ في عقل ولا شرع . ثم في وجود رجل يقال له : " عوج بن عنق نظر والله أعلم.
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : قالوا ياموسى إن فيها قوما جبارين أي : عظام الأجسام طوال ، وقد تقدم ; يقال : نخلة جبارة أي : طويلة ، والجبار المتعظم الممتنع من الذل والفقر . وقال الزجاج : الجبار من الآدميين العاتي ، وهو الذي يجبر الناس على ما يريد ; فأصله على هذا من الإجبار وهو الإكراه ; فإنه يجبر غيره على ما يريده ; وأجبره أي : أكرهه . وقيل : هو مأخوذ من جبر العظم ; فأصل الجبار على هذا المصلح أمر نفسه ، ثم استعمل في كل من جر لنفسه نفعا بحق أو باطل ، وقيل : إن جبر العظم راجع إلى معنى الإكراه . قال الفراء : لم أسمع فعالا من أفعل إلا في حرفين ; جبار من أجبر ودراك من أدرك . ثم قيل : كان هؤلاء من بقايا عاد ، وقيل : هم من ولد عيصوا بن إسحاق ، وكانوا من الروم ، وكان معهم عوج الأعنق ، وكان طوله ثلاثة آلاف ذراع وثلثمائة وثلاثة وثلاثين ذراعا ; قاله ابن عمر ، وكان يحتجن السحاب أي : يجذبه بمحجنه ويشرب منه ، ويتناول الحوت من قاع البحر فيشويه بعين الشمس يرفعه إليها ثم يأكله ، وحضر طوفان نوح عليه السلام ولم يجاوز ركبتيه وكان عمره ثلاثة آلاف وستمائة سنة ، وأنه قلع صخرة على قدر عسكر موسى ليرضخهم بها ، فبعث الله طائرا فنقرها ووقعت في عنقه فصرعته ، وأقبل موسى عليه السلام وطوله عشرة أذرع ; وعصاه عشرة أذرع وترقى في السماء عشرة أذرع فما أصاب إلا كعبه وهو مصروع فقتله ، وقيل : بل ضربه في العرق الذي تحت كعبه فصرعه فمات ووقع على نيل مصر فجسرهم سنة . ذكر هذا المعنى باختلاف ألفاظ محمد بن إسحاق والطبري ومكي وغيرهم ، وقال الكلبي : عوج من ولد هاروت وماروت حيث وقعا بالمرأة فحملت ، والله أعلم .قوله تعالى : إنا لن ندخلها يعني البلدة إيلياء ، ويقال : أريحاء حتى يخرجوا منها أي : حتى يسلموها لنا من غير قتال ، وقيل : قالوا ذلك خوفا من الجبارين ولم يقصدوا العصيان ; فإنهم قالوا :فإن يخرجوا منها فإنا داخلون
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله عز ذكره : قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَقال أبو جعفر: وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن جواب قوم موسى عليه السلام، إذ أمرهم بدخول الأرض المقدسة: أنهم أبوا عليه إجابته إلى ما أمرهم به من ذلك، (52) واعتلّوا عليه في ذلك بأن قالوا، إن في الأرض المقدسة التي تأمرنا بدخولها، قومًا جبارين لا طاقة لنا بحربهم، ولا قوة لنا بهم. وسموهم " جبّارين "، لأنهم كانوا لشدة بطشهم وعظيم خلقهم، (53) فيما ذكر لنا، قد قهروا سائر الأمم غيرهم.وأصل " الجبار "، المصلح أمر نفسه وأمر غيره، ثم استعمل في كل من اجترَّ نفعا إلى نفسه بحق أو باطل طلبَ الإصلاح لها، حتى قيل للمتعدِّي إلى ما ليس له= بغيًا على الناس، وقهرًا لهم، وعتوًّا على ربه=" جبار "، وإنما هو " فعّال " من قولهم: " جبر فلان هذا الكسر "، إذا أصلحه ولأمه، ومنه قول الراجز: (54)قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الإلهُ فَجَبَرْوَعَوَّرَ الرَّحمنُ مَنْ وَلَّى العَوَرْ (55)يريد: قد أصلح الدين الإله فصلح. ومن أسماء الله تعالى ذكره " الجبار "، لأنه المصلحُ أمرَ عباده، القاهرُ لهم بقدرته.* * *ومما ذكرته من عظم خلقهم ما:-11656 - حدثني به موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قصة ذكرها من أمر مُوسى وبني إسرائيل، قال، ثم أمرهم بالسير إلى أريحا= وهي أرض بيت المقدس= فساروا، حتى إذا كانوا قريبًا منهم، بعث موسى اثنى عشر نقيبًا من جميع أسباط بني إسرائيل، فساروا يريدون أن يأتوه بخبر الجبَّارين، فلقيهم رجل من الجبارين، يقال له: " عاج "، (56) فأخذ الاثنى عشر فجعلهم في حُجْزَته، وعلى رأسه حَمْلة حطب، (57) وانطلق بهم إلى امرأته فقال، انظري إلى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يريدون أن يقاتلونا!! فطرحهم بين يديها، فقال: ألا أطحنهم برجلي؟ فقالت امرأته: لا بل خلِّ عنهم حتى يُخْبروا قومهم بما رأوا! ففعل ذلك. (58)11657 - حدثني عبد الكريم بن الهيثم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا سفيان قال، قال أبو سعيد، قال عكرمة، عن ابن عباس قال: أمر موسى أن يدخل مدينة الجبَّارين. قال: فسار موسى بمن معه حتى نزل قريبًا من المدينة =وهي أريحاء= فبعث إليهم اثنى عشر عينًا، من كل سبطٍ منهم عينًا، ليأتوه بخبر القوم. قال: فدخلوا المدينة، فرأوا أمرًا عظيمًا من هيئتهم وجثثهم وعظمهم، فدخلوا حائطًا لبعضهم، فجاء صاحب الحائط ليجتني الثمار من حائطه، فجعل يجتني الثمار وينظر إلى آثارهم، وتتبعهم. فكلما أصاب واحدًا منهم أخذه فجعله في كمه مع الفاكهة، وذهب إلى ملكهم فنثرهم بين يديه، فقال الملك: قد رأيتم شأننا وأمرنا، اذهبوا فأخبروا صاحبكم. قال: فرجعوا إلى موسى فأخبروه بما عايَنُوا من أمرهم.11658 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله: " إن فيها قومًا جبَّارين "، ذكر لنا أنهم كانت لهم أجسام وخِلَقٌ ليست لغيرهم.11659 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال: إن موسى عليه السلام قال لقومه: " إني سأبعث رجالا يأتونني بخبرهم "= وإنه أخذ من كل سبط رجلا فكانوا اثنى عشر نقيبًا، فقال: " سيروا إليهم وحدِّثوني حديثهم وما أمرهم، ولا تخافوا، إن الله معكم ما أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برُسله، وعزرتموهم، وأقرضُتم الله قرضًا حسنًا "= وإنّ القوم ساروا حتى هجموا عليهم، (59) فرأوا أقوامًا لهم أجسام عجبٌ عظمًا وقوة، وإنه =فيما ذكر= أبصرهم أحد الجبَارين، وهم لا يألون أن يخفُوا أنفسهم حين رأوا العجب. فأخذ ذلك الجبّار منهم رجالا فأتى رئيسَهم، فألقاهم قدّامه، فعجبوا وضحكوا منهم. فقال قائل منهم: " فإنّ هؤلاء زعموا أنهم أرادوا غزوكم "!! (60) وأنه لولا ما دفع الله عنهم لقُتلوا، وأنهم رجعوا إلى موسى عليه السلام فحدّثوه العجب.11660 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا من كل سبط من بني إسرائيل رجل، أرسلهم موسى إلى الجبارين، فوجدُوهم يدخل في كُمِّ أحدهم اثنان منهم، يلقونهم إلقاءً، ولا يحمل عنقود عِنبهم إلا خمسة أنفُسٍ بينهم في خشبة، ويدخُل في شطر الرمانة إذا نزع حبها خمسة أنفس، أو أربعة. (61)11661 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه.11662 - حدثني محمد بن الوزير بن قيس، عن أبيه، عن جويبر، عن الضحاك: " إن فيها قومًا جبارين " قال: سِفْلة لا خَلاقَ لهم. (62)* * *القول في تأويل قوله عز ذكره : وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22)قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله عز ذكره عن قولِ قوم موسى لموسى، جوابًا لقوله لهم: ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ، فقالوا: " إنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها "، يعنون: [حتى يخرج] من الأرض المقدسة الجبارون الذين فيها، (63) جبنًا منهم، وجزعًا من قتالهم. وقالوا له: إن يخرج منها هؤلاء الجبارون دخلناها، وإلا فإنا لا نُطيق دخولها وهم فيها، لأنه لا طاقة لنا بهم ولا يَدَان. (64)11663 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، أن كالب بن يافنا، أسكت الشعْبَ عن موسى صلى الله عليه وسلم فقال لهم: إنا سنعلو الأرض ونرثُها، وإن لنا بهم قوّة! وأما الذين كانوا معه فقالوا: لا نستطيع أن نصل إلى ذلك الشعب، من أجل أنهم أجرأ منا! ثم إن أولئك الجواسيس أخبروا بني إسرائيل الخبر، وقالوا: إنّا مررنا في أرض وحسسناها، فإذا هي تأكل ساكنها، ورأينا رجالهَا جسامًا، ورأينا الجبابرة بني الجبابرة، وكنا في أعينهم مثل الجراد! فأرجفت الجماعة من بني إسرائيل، فرفعوا أصواتهم بالبكاء. فبكى الشعب تلك الليلة، ووسوسُوا على موسى وهارون، (65) فقالوا لهما: يا ليتنا مِتنا في أرض مصر! وليتنا نموت في هذه البرية، ولم يدخلنا الله هذه الأرض لنقع في الحرب، فتكون نساؤنا وأبناؤنا وأثقالنا غنيمًة! ولو كنا قعودًا في أرض مصر، كان خيرًا لنا وجعل الرجل يقول لأصحابه: تعالوا نجعل علينا رأسًا وننصرف إلى مصر.-------------------------الهوامش :(52) في المطبوعة والمخطوطة: "إجابة إلى ما أمرهم" ، والسياق يقتضي ما أثبت.(53) في المطبوعة والمخطوطة: "بشدة بطشهم" ، والسياق يقتضي ما أثبت.(54) هو العجاج.(55) ديوانه: 15 ، واللسان (جبر) (عور) ، وهو أول أرجوزته التي مدح بها عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي ، وقد مضت منها أبيات ، وذكرنا خبرها فيما سلف ، انظر 1: 190/2: 157/3: 229/4: 321. وقوله: "قد جبر الدين الإله" ، من قولهم: "جبرت العظم" متعديًا ، "فجبر" ، لازمًا ، أي: انجبر العظم نفسه. و"العور" في هذا الشعر هو قبح الأمر وفساده ، وترك الحق فيه ، وليس من عور العين. و"عور الشيء" قبحه. يدعو فيقول: قبح الله من اتبع الفساد واستقبله بوجهه. من قولهم"ولي الشيء وتولاه" ، أي اتبعه وفي التنزيل: "ولكل وجهة هو موليها" ، أي مستقبلها ومتبعها ، فهذا تفسير البيت بلا خلط في تفسيره.(56) في المطبوعة: "عوج" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو موافق لما سلف رقم: 11572 ، وتاريخ الطبري.(57) انظر ما سلف ص 112 تعليق: 1 ، 2 ، وما غيره ، مصحح المطبوعة السالفة هناك.(58) الأثر: 11656- مضى مطولا برقم: 11572 ، وهو في تاريخ الطبري 1: 221 ، 222.(59) في المطبوعة: "ثم إن القوم" ، وأثبت ما في المخطوطة.(60) في المطبوعة: "إن هؤلاء" ، بحذف الفاء ، وأثبت ما في المخطوطة.(61) الأثر: 11660- مضى هذا الأثر برقم: 11573 ، 11574.(62) الأثر: 11662-"محمد بن وزير بن قيس الواسطي" ، روى عن أبيه ، وابن عيينة ، ويحيى بن سعيد القطان ، وغيرهم. روى عنه الترمذي وابن أبي حاتم ، وغيرهما. مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 4/1/115.وأبوه"وزير بن قيس الواسطي" ، روى عن جويبر. مترجم في ابن أبي حاتم 4/2/44.(63) ما بين القوسين زيادة يقتضيها السياق.(64) في المطبوعة: "ولا يد" ، وفي المخطوطة"ولا يدان" غير منقوطة.(65) "وسوس عليه" ، انظر تفسيرها في الأثر رقم: 11697 ص: 195 ، تعليق: 7.
﴿ قالوا ياموسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ﴾