وفي السماء رزقكم وما توعدون من الخير والشر والثواب والعقاب، وغير ذلك كله مكتوب مقدَّر.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وفي السماء رزقكم» أي المطر المسبب عنه النبات الذي هو رزق «وما توعدون» من المآب والثواب والعقاب أي مكتوب ذلك في السماء.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ أي مادة رزقكم، من الأمطار، وصنوف الأقدار، الرزق الديني والدنيوي، وَمَا تُوعَدُونَ من الجزاء في الدنيا والآخرة، فإنه ينزل من عند الله، كسائر الأقدار.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وفي السماء رزقكم ) قال ابن عباس ومجاهد ومقاتل : يعني المطر الذي هو سبب الأرزاق ( وما توعدون ) قال عطاء : من الثواب والعقاب . وقال مجاهد : من الخير والشر . وقال الضحاك : وما توعدون من الجنة والنار ، ثم أقسم بنفسه فقال :
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم لفتة ثالثة للأنظار إلى الأسباب الظاهرة للرزق، تراها في قوله- تعالى-: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ.أى: أن أرزاقكم مقدرة مكتوبة عنده- سبحانه- وهي تنزل إليكم من جهة السماء، عن طريق الأمطار التي تنزل على الأرض الجدباء. فتنبت بإذن الله من كل زوج بهيج.كما قال- تعالى-: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً .وقال- سبحانه-: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ.قال القرطبي: قوله: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ الرزق هنا: ما ينزل من السماء من مطر ينبت به الزرع، ويحيى به الإنسان ... أى: وفي السماء سبب رزقكم، سمى المطر سماء لأنه من السماء ينزل.وقال سفيان الثوري: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ أى: عند الله في السماء رزقكم .وقوله: وَما تُوعَدُونَ أى: وفي السماء محددة ومقدرة أرزاقكم. وما توعدون به من ثواب أو عقاب، ومن خير أو شر، ومن بعث وجزاء.وما في محل رفع عطف على قوله رِزْقُكُمْ أى: وفي السماء رزقكم والذي توعدونه من ثواب على الطاعة، ومن عقاب على المعصية.فالآية الكريمة وإن كانت تلفت الأنظار إلى أسباب الرزق وإلى مباشرة هذه الأسباب، إلا أنها تذكر المؤمن بأن يكون اعتماده على خالق الأسباب، وأن يراقبه ويطيعه في السر والعلن لأنه- سبحانه- هو صاحب الخلق والأمر.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
ثم قال : ( وفي السماء رزقكم ) يعني : المطر ، ( وما توعدون ) يعني : الجنة . قاله ابن عباس ، ومجاهد وغير واحد .وقال سفيان الثوري : قرأ واصل الأحدب هذه الآية : ( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) فقال : ألا إني أرى رزقي في السماء ، وأنا أطلبه في الأرض ؟ فدخل خربة فمكث [ فيها ] ثلاثا لا يصيب شيئا ، فلما أن كان في اليوم الثالث إذا هو بدوخلة من رطب ، وكان له أخ أحسن نية منه ، فدخل معه فصارتا دوخلتين ، فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرق الموت بينهما .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : وفي السماء رزقكم وما توعدون قال سعيد بن جبير والضحاك : الرزق هنا ما ينزل من السماء من مطر وثلج ينبت به الزرع ويحيا به الخلق . قال سعيد بن جبير : كل عين قائمة فإنها من الثلج . وعن الحسن أنه كان إذا رأى السحاب قال لأصحابه : فيه والله رزقكم ولكنكم تحرمونه بخطاياكم . وقال أهل المعاني : وفي السماء رزقكم معناه وفي المطر رزقكم ; سمي المطر سماء لأنه من السماء ينزل . قال الشاعر :إذا سقط السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضاباوقال ابن كيسان : يعني وعلى رب السماء رزقكم ; نظيره : وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها . وقال سفيان الثوري : وفي السماء رزقكم أي عند الله في السماء رزقكم . وقيل : المعنى وفي السماء تقدير رزقكم ، وما فيه لكم مكتوب في أم الكتاب . وعن سفيان قال : قرأ واصل الأحدب وفي السماء رزقكم فقال : ألا أرى رزقي في السماء وأنا أطلبه في الأرض ! فدخل خربة فمكث ثلاثا لا يصيب شيئا فإذا هو في الثالثة بدوخلة رطب ، وكان له أخ أحسن نية منه فدخل معه فصارتا دوخلتين ، فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرق الله بالموت بينهما . وقرأ ابن محيصن ومجاهد " وفي السماء رازقكم " بالألف وكذلك في آخرها " إن الله هو الرازق " . وما توعدون قال مجاهد : يعني من خير وشر . وقال غيره : من خير خاصة . وقيل : الشر خاصة . وقيل : الجنة ; عن سفيان بن عيينة . الضحاك : وما توعدون من الجنة والنار . وقال ابن سيرين : وما توعدون من أمر الساعة . وقاله الربيع .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ ) يقول تعالى ذكره: وفي السماء: المطر والثلج اللذان بهما تخرج الأرض رزقكم, وقوتكم من الطعام والثمار وغير ذلك.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع, قال: ثنا النضر, قال: ثنا جُوَيبر, عن الضحاك, في قوله ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ ) قال: المطر.حدثنا أبو كُريب, قال: ثنا ابن يمان, عن أشعث, عن جعفر, عن سعيد, في قوله ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) قال: الثلج, وكلّ عين ذائبة من الثلج لا تنقص.حدثنا يونس بن عبد الأعلى, قال: ثنا سفيان, عن عبد الكريم, عن الحسن, قال: في السحاب فيه والله رزقكم, ولكنكم تحرمونه بخطاياكم وأعمالكم.قال أخبرنا سفيان, عن إسماعيل بن أمية, قال: أحسبه أو غيره " أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم سمع رجلا ومطروا, يقول: ومطرنا ببعض عثانين الأسد, فقال كَذَبْتَ, بَلْ هُوَ رِزقُ اللهِ" .حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن مجاهد ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) قال: رزقكم المطر.قال: ثنا مهران, عن سفيان ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ ) قال: رزقكم المطر.وقال آخرون: بل معنى ذلك: ومن عند الله الذي في السماء رزقكم, وممن تأوّله كذلك واصل الأحدب.حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا هارون بن المُغيرة من أهل الرأي, عن سفيان الثوري, قال: قرأ واصل الأحدب هذه الآية ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) فقال: ألا إن رزقي في السماء وأنا أطلبه في الأرض, فدخل خرِبة فمكث ثلاثا لا يصيب شيئا, فلما كان اليوم الثالث إذا هو بدوخلَّة رطب, وكان له أخ أحسن نية منه, فدخل معه, فصارتا دوخلَّتين, فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرّق الموت بينهما.واختلف أهل التأويل في تأويل, قوله ( وَمَا تُوعَدُونَ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: وما توعدون من خير, أو شرّ.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن مجاهد ( وَمَا تُوعَدُونَ ) قال: وما توعدون من خير أو شرّ.حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) يقول: الجنة في السماء, وما توعدون من خير أو شرّ.وقال آخرون: بل معنى ذلك: وما توعدون من الجنة والنار.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع, قال: ثنا النضر, قال: أخبرنا جويبر, عن الضحاك, في قوله ( وَمَا تُوعَدُونَ ) قال: الجنة والنار.حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ، ( وَمَا تُوعَدُونَ ) من الجنة.وأولى القولين بالصواب في ذلك عندي, القول الذي قاله مجاهد, لأن الله عمّ الخبر بقوله ( وَمَا تُوعَدُونَ ) عن كلّ ما وعدنا من خير أو شرّ, ولم يخصص بذلك بعضا دون بعض, فهو على عمومه كما عمه الله جلّ ثناؤه.