إن أهل الصدق والطاعة لفي الجنة يتنعمون، على الأسرَّة ينظرون إلى ربهم، وإلى ما أعدَّ لهم من خيرات، ترى في وجوههم بهجة النعيم، يُسْقَون من خمر صافية محكم إناؤها، آخره رائحة مسك، وفي ذلك النعيم المقيم فليتسابق المتسابقون. وهذا الشراب مزاجه وخلطه من عين في الجنة تُعْرَف لعلوها بـ "تسنيم"، عين أعدت؛ ليشرب منها المقربون، ويتلذذوا بها.
( تعرف في وجوههم نضرة النعيم ) إذا رأيتهم عرفت أنهم من أهل النعمة مما ترى في وجوههم من النور والحسن والبياض ، قال الحسن : النضرة في الوجه والسرور في القلب ، وقرأ أبو جعفر ويعقوب : " تعرف " بضم التاء وفتح الراء على غير تسمية الفاعل " نضرة " رفع ، وقرأ الباقون بفتح التاء وكسر الراء " نضرة " نصب .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
( تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم ) أى : تعرف فى وجوههم - أيها الناظر إليهم - البهجة والحسن ، وصلاح البال ، وهناءة العيش .وإضافة النضرة - وهى الجمال الواضح - إلى النعيم - الذى هو بمعنى التنعم والترفه - من إضافة المسبب إلى السبب . وهذه الجملة الكريمة صفة ثالثة من صفات هؤلاء الأبرار .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
أي تعرف إذا نظرت إليهم في وجوههم نضرة النعيم أي صفة الترافة والحشمة والسرور والدعة والرياسة مما هم فيه من النعيم العظيم.
﴿ تفسير القرطبي ﴾
أي بهجته وغضارته ونوره ; يقال : نضر النبات : إذا أزهر ونور .وقراءة العامة " تعرف " بفتح التاء وكسر الراء " نضرة " نصبا ; أي تعرف يا محمد .وقرأ أبو جعفر بن القعقاع ويعقوب وشيبة وابن أبي إسحاق : " تعرف " بضم التاء وفتح الراء على الفعل المجهول " نضرة " رفعا .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله: ( تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ) يقول تعالى ذكره: تعرف في الأبرار الذين وصف الله صفتهم ( نضرة النعيم ) ، يعني: حُسنه وبريقه وتلألؤه.واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( تَعْرِفُ ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار سوى أبي جعفر القارئ( تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ ) بفتح التاء من تعرف على وجه الخطاب ( نَضْرَةَ النَّعِيمِ ) بنصب نضرة. وقرأ ذلك أبو جعفر: ( تُعْرَفُ ) بضم التاء على وجه ما لم يسمّ فاعله ( فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ ) برفع نضرة.والصواب من القراءة في ذلك عندنا: ما عليه قرّاء الأمصار، وذلك فتح التاء من ( تَعْرِفُ ) ونصب ( نَضْرَةَ ).