ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فقال لهم: إني نذير لكم من عذاب الله، مبيِّن لكم ما أُرسلت به إليكم من أمر الله ونهيه.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه أني» أي بأني وفي قراءة بالكسر على حذف القول «لكم نذير مبين» بيّن الإنذار.
﴿ تفسير السعدي ﴾
إلى آخر القصة أي: ولقد أرسلنا رسولنا نوحا أول المرسلين إلى قومه يدعوهم إلى الله وينهاهم عن الشرك فقال لهم: إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ أي: بينت لكم ما أنذرتكم به، بيانا زال به الإشكال.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله تعالى : ( ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين ) قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب " أني " بفتح الهمزة أي : بأني ، وقرأ الباقون بكسرها ، أي : فقال إني ، لأن في الإرسال معنى القول : إني لكم نذير مبين .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقد بدأت السورة الكريمة قصصها بقصة نوح مع قومه ، وقد وردت هذه القصة فى سور متعددة منها سورة الأعراف ، وسورة المؤمنون ، وسورة نوح . . . إلا أنها وردت هنا بصورة أكثر تفصيلا من غيرها .( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ . . . ) .قوله : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ . . . ) جواب لقسم محذوف . أى والله لقد أرسلنا نوحا إلى قومه . والدليل على هذا القسم وجود لامه فى بدء الجملة .وافتتحت القصة بصيغة القسم لأن المخاطبين بها لما لم يحذروا ما نزل بقوم نوح بسبب كفرهم نزلوا منزلة المنكر لرسالته .وينتهى نسب نوح - عليه السلام - إلى شيث بن آدم - عليه السلام - وقد ذكر نوح فى القرآن فى ثلاثة وأربعين موضعا .وقوم الرجل : هم أقرباؤه الذين يجتمعون معه فى جد واحد وقد يقيم الرجل بين الأجانب فيسميهم قومه مجازا للمجاورة .وكان قوم نوح يعبدون الأصنام : فأرسل الله إليهم نوحا ليدلهم على طريق الرشاد .قال ابن كثير : قال ابن عباس وغير واحد من علماء التفسير : " كان أول ما عبدت الأصنام أن قوما صالحين ماتوا . فبنى قومهم عليهم مساجد ، وصوروا صور أولئك الصالحين فيها ليتذكروا حالهم وعبادتهم فيتشبهوا بهم ، فلما طال الزمان جعلوا أجسادا على تلك الصور فلما تمادى الزمان عبدوا تلك الأصنام وسموها بأسماء أولئك الصالحين : ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا فلما تفاقم الأمر بعث الله - تعالى - رسوله نوحا فأمرهم بعبادة الله وحده " .وقوله : ( إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ . أَن لاَّ تعبدوا إِلاَّ الله . . . ) بيان للوظيفة التى من أجلها أرسل الله - تعالى - نوحا إلى قومه .قال الشوكانى : قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائى بفتح الهمزة فى ( إنى ) على تقدير حرف الجر أى : أرسلناه بأنى . أى : أرسلناه متلبسا بذلك الكلام وهو أنىلكم نذير مبين . وقرأ الباقون بالكسر على إرادة القول . أى : أرسلناه قائلا لهم ( إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ) .ونذير من الإِنذار وهو إخبار معه تخويف . .ومبين : من الإِبانة بمعنى التوضيح والإِظهار . .أى : أرسلناه إلى قومه فقال لهم يا قوم : إنى لكم محذر تحذيرا واضحا من موجبات العذاب التى تتمثل فى عبادتكم لغير الله - تعالى - .واقتصر على الإِنذار لأنهم لم يعملوا بما بشرهم به وهو الفوز برضا الله - تعالى - إذا ما أخلصوا له العبادة والطاعة .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يخبر تعالى عن نوح - عليه السلام - وكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض من المشركين عبدة الأصنام أنه قال لقومه : ( إني لكم نذير مبين ) أي : ظاهر النذارة لكم من عذاب الله إن أنتم عبدتم غير الله
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبينقوله تعالى : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه ذكر سبحانه قصص الأنبياء - عليهم السلام - للنبي - صلى الله عليه وسلم - تنبيها له على ملازمة الصبر على أذى الكفار إلى أن يكفيه الله أمرهم .إني لكم نذير مبين أي فقال : إني ; لأن في الإرسال معنى القول . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي " أني " بفتح الهمزة ; أي أرسلناه بأني لكم نذير مبين . ولم يقل " إنه " لأنه رجع من الغيبة إلى خطاب نوح لقومه ; كما قال : وكتبنا له في الألواح من كل شيء ثم قال : فخذها بقوة .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه : إني لكم ، أيها القوم ، نذير من الله، أنذركم بأسَه على كفركم به، فآمنوا به وأطيعوا أمره.ويعني بقوله: (مبين) ، يبين لكم عما أرسل به إليكم من أمر الله ونهيه. (12)* * *واختلفت القرأة في قراءة قوله: (إني) .فقرأ ذلك عامة قرأة الكوفة وبعض المدنيين بكسر " إنّ" على وجه الابتداء إذ كان في " الإرسال " معنى " القول ".* * *وقرأ ذلك بعض قرأة أهل المدينة والكوفة والبصرة بفتح " أن " على إعمال الإرسال فيها، كأن معنى الكلام عندهم: لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه بأني لكم نذير مبين.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، أن يقال إنهما قراءتان متفقتا المعنى، قد قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القرّاء، فبأيتهما قرأ القارئ كان مصيبًا للصواب في ذلك.---------------------الهوامش :(12) انظر تفسير " نذير " و " مبين " فيما سلف من فهارس اللغة ( نذر ) ، ( بين ) .