«قيل» له عند موته «ادخل الجنة» وقيل دخلها حيا «قال يا» حرف تنبيه «ليت قومي يعلمون».
﴿ تفسير السعدي ﴾
ف قِيلَ له في الحال: ادْخُلِ الْجَنَّةَ فقال مخبرا بما وصل إليه من الكرامة على توحيده وإخلاصه، وناصحا لقومه بعد وفاته، كما نصح لهم في حياته: يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي
﴿ تفسير البغوي ﴾
فذلك قوله عز وجل : ( قيل ادخل الجنة ) ، فلما أفضى إلى الجنة ( قال يا ليت قومي يعلمون) .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ولكن هذه النصائح الغالية الحكيمة من الرجل الصالح لقومه، لم تصادف أذنا واعية بل إن سياق القصة بعد ذلك ليوحى بأن قومه قتلوه، فقد قال- تعالى- بعد أن حكى نصائح هذا الرجل لقومه، قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ....أى: قالت الملائكة لهذا الرجل الصالح عند موته على سبيل البشارة: ادخل الجنة بسبب إيمانك وعملك الطيب.قال الآلوسى: قوله: قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ.. استئناف لبيان ما وقع له بعد قوله ذلك.والظاهر أن الأمر المقصود به الإذن له بدخول الجنة حقيقة، وفي ذلك إشارة إلى أن الرجل قد فارق الحياة، فعن ابن مسعود أنه بعد أن قال ما قال قتلوه..وقيل: الأمر للتبشير لا للإذن بالدخول حقيقة، أى: قالت ملائكة الموت وذلك على سبيل البشارة له بأنه من أهل الجنة- يدخلها إذا دخلها المؤمنون بعد البعث .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
قال محمد بن إسحاق ، عن بعض أصحابه ، عن ابن مسعود : إنهم وطئوه بأرجلهم حتى خرج قصبه من دبره وقال الله له : ( ادخل الجنة ) ، فدخلها فهو يرزق منها ، قد أذهب الله عنه سقم الدنيا وحزنها ونصبها .وقال مجاهد : قيل لحبيب النجار : ادخل الجنة . وذلك أنه قتل فوجبت له ، فلما رأى الثواب ( قال يا ليت قومي يعلمون ) .قال قتادة : لا تلقى المؤمن إلا ناصحا ، لا تلقاه غاشا ; لما عاين [ ما عاين ] من كرامة الله ( قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ) . تمنى على الله أن يعلم قومه ما عاين من كرامة الله [ له ] ، وما هجم عليه .وقال ابن عباس : نصح قومه في حياته بقوله : ( ياقوم اتبعوا المرسلين ) [ يس : 20 ] ، وبعد مماته في قوله : ( يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ) رواه ابن أبي حاتم .وقال سفيان الثوري ، عن عاصم الأحول ، عن أبي مجلز :
﴿ تفسير القرطبي ﴾
وقال القشيري : وقال الحسن لما أراد القوم أن يقتلوه رفعه الله إلى السماء ، فهو في الجنة لا يموت إلا بفناء السماء وهلاك الجنة ، فإذا أعاد الله الجنة أدخلها . وقيل : نشروه بالمنشار حتى خرج من بين رجليه ، فوالله ما خرجت روحه إلا إلى الجنة فدخلها ، فذلك قوله : قيل ادخل الجنة . فلما شاهدها قال يا ليت قومي يعلمون وهو مرتب على تقدير سؤال سائل عما وجد من قوله عند ذلك الفوز العظيم الذي هو بما غفر لي ربي أي بغفران ربي لي ، ف " ما " مع الفعل بمنزلة المصدر . وقيل : بمعنى الذي ، والعائد من الصلة محذوف . ويجوز أن تكون استفهاما فيه معنى التعجب ، كأنه قال : ليت قومي يعلمون بأي شيء غفر لي ربي ، قاله الفراء . واعترضه الكسائي فقال : لو صح هذا لقال : بم من غير ألف . وقال الفراء : يجوز أن يقال بما بالألف وهو استفهام ، وأنشد فيه أبياتا . الزمخشري : " بم غفر لي " بطرح الألف أجود ، وإن كان إثباتها جائزا ، يقال : قد علمت بما صنعت هذا وبم صنعت . المهدوي : وإثبات الألف في الاستفهام قليل . فيوقف على هذا على " يعلمون " . وقال جماعة : معنى قيل ادخل الجنة وجبت لك الجنة ، فهو خبر بأنه قد استحق دخول الجنة ; لأن دخولها يستحق بعد البعث .قلت : والظاهر من الآية أنه لما قتل قيل له ادخل الجنة . قال قتادة : أدخله الله الجنة وهو فيها حي يرزق ، أراد قوله تعالى : ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون على ما تقدم في بيانه . والله أعلم .قوله تعالى : قال يا ليت قومي يعلمون مرتب على تقدير سؤال سائل عما وجد من قول عند ذلك الفوز العظيم الذي هو
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26)يقول تعالى ذكره: قال الله له إذ قتلوه كذلك فلقيه ( ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) فلما دخلها وعاين ما أكرمه الله به لإيمانه وصبره فيه ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي) يقول: يا ليتهم يعلمون أن السبب الذي من أجله غفر لي ربي ذنوبي، وجعلني من الذين أكرمهم الله بإدخاله إياه جنته، كان إيماني بالله وصبري فيه، حتى قتلت، فيؤمنوا بالله ويستوجبوا الجنة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، عن بعض أصحابه أن عبد الله بن مسعود كان يقول: قال الله له: ادخل الجنة، فدخلها حيًّا يرزق فيها، قد أذهب الله عنه سقم الدنيا وحزنها ونصبها، فلما أفضى إلى رحمة الله وجنته وكرامته ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) فلما دخلها( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) قال: فلا تلقى المؤمن إلا ناصحًا، ولا تلقاه غاشًّا، فلما عاين من كرامة الله ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) تمنى على الله أن يعلم قومه ما عاين من كرامة الله، وما هجم عليه.حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) قال: قيل: قد وجبت له الجنة؛ قال ذاك حين رأى الثواب .حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن مجاهد ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) قال: وجبت لك الجنة .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) قال: وجبت له الجنة .