ويستجيب الذين آمنوا بالله ورسوله لربهم لِمَا دعاهم إليه وينقادون له، ويزيدهم من فضله توفيقًا ومضاعفة في الأجر والثواب. والكافرون بالله ورسوله لهم يوم القيامة عذاب شديد موجع مؤلم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات» يجيبهم إلى ما يسألون «ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد».
﴿ تفسير السعدي ﴾
أي: يستجيبون لربهم لما دعاهم إليه وينقادون له ويلبون دعوته، لأن ما معهم من الإيمان والعمل الصالح يحملهم على ذلك، فإذا استجابوا له، شكر الله لهم، وهو الغفور الشكور.وزادهم من فضله توفيقا ونشاطا على العمل، وزادهم مضاعفة في الأجر زيادة عن ما تستحقه أعمالهم من الثواب والفوز العظيم.وأما غير المستجيبين للّه وهم المعاندون الذين كفروا به وبرسله، ف لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ في الدنيا والآخرة، ثم ذكر أن من لطفه بعباده، أنه لا يوسع عليهم الدنيا سعة، تضر بأديانهم فقال: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ويستجيب الذين آمنوا ) أي : ويجيب الذين آمنوا ، ( وعملوا الصالحات ) إذا دعوه . وقال عطاء عن ابن عباس : ويثيب الذين آمنوا . ( ويزيدهم من فضله ) سوى ثواب أعمالهم تفضلا منه . قال أبو صالح عنه : يشفعهم في إخوانهم ، ويزيدهم من فضله ، قال : في إخوان إخوانهم .( والكافرون لهم عذاب شديد ) .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- تعالى-: وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ..معطوف على قوله: يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ.أى: ويستجيب سبحانه من الذين آمنوا دعاءهم، ويزيدهم من فضله وإحسانه، بأن يعطيهم من النعم والخيرات أكثر مما سألوا.قال الآلوسى ما ملخصه: والموصول مفعول بدون تقدير شيء، بناء على أن يَسْتَجِيبُ يتعدى بنفسه، كما يتعدى باللام، نحو شكرته وشكرت له، أو بتقدير اللام على أنه من باب الحذف والإيصال، والأصل: ويستجيب للذين آمنوا.. .وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ أى: هذا هو حال المؤمنين يجيب لهم- سبحانه- دعاءهم، ويزيدهم من فضله وإحسانه.. أما الكافرون الذين ستروا نعمه، وجحدوا فضله، فلهم عذاب شديد لا يعلم مقداره إلا هو- سبحانه-.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) قال السدي : يعني يستجيب لهم . وكذا قال ابن جرير : معناه يستجيب الدعاء لهم [ لأنفسهم ] ولأصحابهم وإخوانهم . وحكاه عن بعض النحاة ، وأنه جعلها كقوله : ( فاستجاب لهم ربهم ) [ آل عمران : 195 ] .ثم روى هو وابن أبي حاتم ، من حديث الأعمش ، عن شقيق بن سلمة ، عن سلمة بن سبرة قال : خطبنا معاذ بالشام فقال : أنتم المؤمنون ، وأنتم أهل الجنة . والله إني أرجو أن يدخل الله من تسبون من فارس والروم الجنة ، وذلك بأن أحدكم إذا عمل له - يعني أحدهم - عملا قال : أحسنت رحمك الله ، أحسنت بارك الله فيك ، ثم قرأ : ( ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله )وحكى ابن جرير عن بعض أهل العربية أنه جعل [ مثل ] قوله : ( ويستجيب الذين آمنوا ) كقوله : ( الذين يستمعون القول ) [ الزمر : 18 ] أي : هم الذين يستجيبون للحق ويتبعونه ، كقوله تبارك وتعالى : ( إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ) [ الأنعام : 36 ] والمعنى الأول أظهر ; لقوله تعالى : ( ويزيدهم من فضله ) أي : يستجيب دعاءهم ويزيدهم فوق ذلك ; ولهذا قال ابن أبي حاتم :حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن المصفى ، حدثنا بقية ، حدثنا إسماعيل بن عبد الله الكندي ، حدثنا الأعمش ، عن شقيق عن عبد الله قال : قال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( ويزيدهم من فضله ) قال : " الشفاعة لمن وجبت له النار ، ممن صنع إليهم معروفا في الدنيا " .وقال قتادة عن إبراهيم النخعي اللخمي في قوله تعالى : ( ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) قال : يشفعون في إخوانهم ، ( ويزيدهم من فضله ) قال : يشفعون في إخوان إخوانهم .وقوله : ( والكافرون لهم عذاب شديد ) لما ذكر المؤمنين وما لهم من الثواب الجزيل ، ذكر الكافرين وما لهم عنده يوم القيامة من العذاب الشديد الموجع المؤلم يوم معادهم وحسابهم .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد .( الذين ) في موضع نصب ، أي : ويستجيب الله الذين آمنوا ، أي : يقبل عبادة من أخلص له بقلبه وأطاع ببدنه . وقيل : يعطيهم مسألتهم إذا دعوه . وقيل : ويجيب دعاء المؤمنين بعضهم لبعض ، يقال : أجاب واستجاب بمعنى ، وقد مضى في ( البقرة ) وقال ابن عباس : ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات يشفعهم في إخوانهم . ويزيدهم من فضله قال : يشفعهم في إخوان إخوانهم . وقال المبرد : معنى ويستجيب الذين آمنوا وليستدع الذين آمنوا الإجابة ؛ هكذا حقيقة معنى استفعل . ف ( الذين ) في موضع رفع . والكافرون لهم عذاب شديد .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26)يقول تعالى ذكره: ويجيب الذين آمنوا بالله ورسوله, وعملوا بما أمرهم الله به, وانتهوا عما نهاهم عنه لبعضهم دعاء بعض.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كريب, قال: ثنا عثام, قال: ثنا الأعمش, عن شقيق بن سلمة, عن سلمة بن سبرة, قال: خطبنا معاذ, فقال: أنتم المؤمنون, وأنتم أهل الجنة, والله إني لأرجو أن من تصيبون من فارس والروم يدخلون الجنة, ذلك بأن أحدهم إذا عمل لأحدكم العمل قال: أحسنت رحمك الله, أحسنت غفر الله لك, ثم قرأ: ( وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ).وقوله: ( وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ) يقول تعالى ذكره: ويزيد الذين آمنوا وعملوا الصالحات مع إجابته إياهم دعاءهم, وإعطائه إياهم مسألتهم من فضله على مسألتهم إياه, بأن يعطيهم ما لم يسألوه. وقيل: إن ذلك الفضل الذي ضمن جلّ ثناؤه أن يزيدهموه, هو أن يشفعهم في إخوان إخوانهم إذا هم شفعوا في إخوانهم, فشفعوا فيهم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي, قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة, عن سعيد بن بشير, عن قتادة, عن إبراهيم النخعيّ في قول الله عزّ وجلّ: ( وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) قال: يُشَفَّعُون في إخوانهم, ويزيدهم من فضله, قال: يشفعون في إخوان إخوانهم.وقوله: ( وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ) يقول جلّ ثناؤه: والكافرون بالله لهم يوم القيامة عذاب شديد على كفرهم به.واختلف أهل العربية في معنى قوله ( وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا ) فقال بعضهم: أي استجاب فجعلهم هم الفاعلين, فالذين في قوله رفع والفعل لهم. وتأويل الكلام على هذا المذهب: واستجاب الذين آمنوا وعملوا الصالحات لربهم إلى الإيمان به, والعمل بطاعته إذا دعاهم إلى ذلك.وقال آخر منهم: بل معنى ذلك: ويجيب الذين آمنوا. وهذا القول يحتمل وجهين: أحدهما الرفع، بمعنى ويجيب الله الذين آمنوا. والآخر ما قاله صاحب القول الذي ذكرنا.وقال بعض نحوي الكوفة ( وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا ) يكون " الَّذِينَ" في موضع نصب بمعنى: ويجيب الله الذين آمنوا. وقد جاء في التنزيل فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ والمعنى: فأجاب لهم ربهم, إلا أنك إذا قلت استجاب, أدخلت اللام في المفعول؛ وإذا قلت أجاب حذفت اللام, ويكون استجابهم بمعنى: استجاب لهم، كما قال جلّ ثناؤه: وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ والمعنى والله أعلم: وإذا كالوا لهم, أو وزنوا لهم يُخْسِرُونَ . قال: ويكون " الَّذِينَ" في موضع رفع إن يجعل الفعل لهم, أي الذين آمنوا يستجيبون لله, ويزيدهم على إجابتهم, والتصديق به من فضله. وقد بيَّنا الصواب في ذلك من القول على ما تأوّله معاذ ومن ذكرنا قوله فيه.
﴿ ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد ﴾