هذا الجزاء الذي يُجزى به هؤلاء الذين كفروا جزاء أعداء الله النار، لهم فيها دار الخلود الدائم؛ جزاء بما كانوا بحججنا وأدلتنا يجحدون في الدنيا. والآية دالة على عظم جريمة من صرف الناس عن القرآن العظيم، وصدهم عن تدبره وهدايته بأيِّ وسيلة كانت.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ذلك» العذاب الشديد وأسوأ الجزاء «جزاء أعداء الله» بتحقيق الهمزة الثانية وإبدالها واواً «النار» عطف بيان للجزاء المخبر به عن ذلك «لهم فيها دار الخلد» أي إقامة لا انتقال منها «جزاءً» منصوب على المصدر بفعله المقدر «بما كانوا بآياتنا» القرآن «يجحدون».
﴿ تفسير السعدي ﴾
ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ الذين حاربوه، وحاربوا أولياءه، بالكفر والتكذيب، والمجادلة والمجالدة. النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ أي: الخلود الدائم، الذي لا يفتر عنهم العذاب ساعة، ولا هم ينصرون، وذلك جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فإنها آيات واضحة، وأدلة قاطعة مفيدة لليقين، فأعظم الظلم وأكبر العناد، جحدها، والكفر بها.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ذلك ) الذي ذكرت من العذاب الشديد ، ( جزاء أعداء الله ) ثم بين ذلك الجزاء فقال : ( النار ) أي : هو النار ، ( لهم فيها ) أي : في النار ، ( دار الخلد ) دار الإقامة لا انتقال منها ، ( جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون ) .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
واسم الإشارة في قوله- تعالى-: ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ ... يعود إلى ما تقدم من العذاب الشديد المعد لهؤلاء الكافرين، وهو مبتدأ، وجملة جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ خبره.وقوله النَّارُ بدل أو عطف بيان.أى: ذلك العذاب الشديد الذي نذيقه للكافرين جزاء عادل لأعداء الله، وهذا العذاب الشديد يتمثل في النار التي أعدها- سبحانه- لهم.وجملة: لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ مؤكدة لما قبلها. أى: لهم في تلك النار الإقامة الدائمة الباقية المستمرة، فهي بمثابة الدار المهيأة لسكنهم الدائم.وقوله- سبحانه-: جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ بيان لحكم الله العادل فيهم.أى: نجازيهم جزاء أليما بسبب جحودهم لآياتنا الدالة على وحدانيتنا وعلى صدق رسلنا.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
أي بشر أعمالهم وسيء أفعالهم.
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : ذلك جزاء أعداء الله النار أي ذلك العذاب الشديد ، ثم بينه بقوله " النار " وقرأ ابن عباس " ذلك جزاء أعداء الله النار دار الخلد " فترجم بالدار عن النار وهو مجاز الآية . و " ذلك " ابتداء و " جزاء " الخبر و " النار " بدل من جزاء أو خبر مبتدأ مضمر ، والجملة في موضع بيان للجملة الأولى .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28)يقول تعالى ذكره: هذا الجزاء الذي يجزى به هؤلاء الذين كفروا من مشركي قريش جزاء أعداء الله; ثم ابتدأ جلّ ثناؤه الخبر عن صفة ذلك الجزاء, وما هو فقال: هو النار, فالنار بيان عن الجزاء, وترجمة عنه, وهي مرفوعة بالردّ عليه; ثم قال: ( لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ ) يعني لهؤلاء المشركين بالله في النار دار الخلد يعني دار المكث واللبث, إلى غير نهاية ولا أمد; والدار التي أخبر جلّ ثناؤه أنها لهم في النار هي النار, وحسن ذلك لاختلاف اللفظين, كما يقال: لك من بلدتك دار صالحة, ومن الكوفة دار كريمة, والدار: هي الكوفة والبلدة, فيحسن ذلك لاختلاف الألفاظ, وقد ذكر لنا أنها في قراءة ابن مسعود: " ذَلكَ جَزَاءُ أعْدَاء اللهِ النَّارُ دَارُ الخُلْدِ" ففي ذلك تصحيح ما قلنا من التأويل في ذلك, وذلك أنه ترجم بالدار عن النار.وقوله: ( جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ) يقول: فعلنا هذا الذي فعلنا بهؤلاء من مجازاتنا إياهم النار على فعلهم جزاء منا بجحودهم في الدنيا بآياتنا التي احتججنا بها عليهم.
﴿ ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون ﴾