إنما جعل المنافقون أيمانهم التي أقسموها سترة ووقاية لهم من المؤاخذة والعذاب، ومنعوا أنفسهم، ومنعوا الناس عن طريق الله المستقيم، إنهم بئس ما كانوا يعملون؛ ذلك لأنهم آمنوا في الظاهر، ثم كفروا في الباطن، فختم الله على قلوبهم بسبب كفرهم، فهم لا يفهمون ما فيه صلاحهم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ذلك» أي سوء عملهم «بأنهم آمنوا» باللسان «ثم كفروا» بالقلب، أي استمروا على كفرهم به «فطبع» ختم «على قلوبهم» بالكفر «فهم لا يفقهون» الإيمان.
﴿ تفسير السعدي ﴾
ذَلِكَ الذي زين لهم النفاق ب سبب أنهم لا يثبتون على الإيمان.بل آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ بحيث لا يدخلها الخير أبدًا، فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ما ينفعهم، ولا يعون ما يعود بمصالحهم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ذلك بأنهم آمنوا ) أقروا باللسان إذا رأوا المؤمنين ، ( ثم كفروا ) إذا خلوا إلى المشركين ، ( فطبع على قلوبهم ) بالكفر ، ( فهم لا يفقهون ) الإيمان .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
واسم الإشارة في قوله- تعالى- بعد ذلك: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا يعود إلى ما تقدم ذكره من الكذب، ومن الصد عن سبيل الله، ومن قبح الأقوال والأفعال.أى: ذلك الذي ذكر من حالهم الذي دأبوا عليه من الكذب والخداع والصد عن سبيل الله ... سببه أنهم آمَنُوا أى: نطقوا بكلمة الإسلام بألسنتهم دون أن يستقر الإيمان في قلوبهم، ثم كفروا، أى: ثم ارتكسوا في الكفر واستمروا عليه، وظهر منهم ما يدل على رسوخهم فيه ظهورا جليا، كقولهم: أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ ... وكقولهم للمجاهدين:لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ....فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ أى: فختم الله- تعالى- عليها بالكفر نتيجة إصرارهم عليه، فصاروا، بحيث لا يصل إليها الإيمان.فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ أى: فهم لا يدركون حقيقة الإيمان أصلا، ولا يشعرون به، ولا يفهمون حقائقه لانطماس بصائرهم.وقوله: ذلِكَ مبتدأ، وقوله بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ... خبر: والباء للسببية.وثُمَّ للتراخي النسبي، لأن إبطان الكفر مع إظهار الإيمان أعظم من الكفر الصريح، وأشد ضررا وقبحا.قال صاحب الكشاف: فان قلت: المنافقون لم يكونوا إلا على الكفر الثابت الدائم، فما معنى قوله: آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا؟.قلت: فيه ثلاثة أوجه: أحدها: آمنوا: أى نطقوا بكلمة الشهادة، وفعلوا كما يفعل من يدخل في الإسلام، ثم كفروا. أى: ثم ظهر كفرهم بعد ذلك وتبين بما أطلع الله عليه المؤمنين من قولهم: إن كان ما يقوله محمد صلى الله عليه وسلم حقا فنحن حمير..والثاني: آمنوا، أى: نطقوا بالإيمان عند المؤمنين، ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاء بالإسلام، كقوله- تعالى-: وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا، وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ.الثالث: أن يراد أهل الردة منهم.. .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله ( ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون ) أي : إنما قدر عليهم النفاق لرجوعهم عن الإيمان إلى الكفران ، واستبدالهم الضلالة بالهدى ( فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون ) أي : فلا يصل إلى قلوبهم هدى ، ولا يخلص إليها خير ، فلا تعي ولا تهتدي .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهونهذا إعلام من الله تعالى بأن المنافق كافر . أي أقروا باللسان ثم كفروا بالقلب . وقيل : نزلت الآية في قوم آمنوا ثم ارتدوافطبع على قلوبهم أي ختم عليها بالكفرفهم لا يفقهون الإيمان ولا الخير . وقرأ زيد بن علي " فطبع الله على قلوبهم " .
﴿ تفسير الطبري ﴾
يقول تعالى ذكره: (إنهم ساء ما كانوا يعملون) هؤلاء المنافقون الذين اتخذوا أيمانهم جُنة من أجل أنهم صدّقوا الله ورسوله، ثم كفروا بشكهم في ذلك وتكذيبهم به.وقوله: (فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) يقول: فجعل الله على قلوبهم خَتما بالكفر عن الإيمان؛ وقد بيَّنا في موضع غير هذا صفة الطبع على القلب بشواهدها، وأقوال أهل العلم، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.وقوله: (فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ ) يقول تعالى ذكره: فهم لا يفقهون صوابًا من خطأ، وحقًّا من باطل لطبع الله على قلوبهم.وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ ) أقروا بلا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقلوبهم منكِرة تأبى ذلك.
﴿ ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون ﴾