الرجال قوَّامون على توجيه النساء ورعايتهن، بما خصهم الله به من خصائص القِوامَة والتفضيل، وبما أعطوهن من المهور والنفقات. فالصالحات المستقيمات على شرع الله منهن، مطيعات لله تعالى ولأزواجهن، حافظات لكل ما غاب عن علم أزواجهن بما اؤتمنَّ عليه بحفظ الله وتوفيقه، واللاتي تخشون منهن ترفُّعهن عن طاعتكم، فانصحوهن بالكلمة الطيبة، فإن لم تثمر معهن الكلمة الطيبة، فاهجروهن في الفراش، ولا تقربوهن، فإن لم يؤثر فعل الهِجْران فيهن، فاضربوهن ضربًا لا ضرر فيه، فإن أطعنكم فاحذروا ظلمهن، فإن الله العليَّ الكبير وليُّهن، وهو منتقم ممَّن ظلمهنَّ وبغى عليهن.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«الرِّجال قوَّامون» مسلطون «على النساء» يؤدبونهن ويأخذون على أيديهن «بما فضَّل الله بعضهم على بعض» أي بتفضيله لهم عليهن بالعلم والعقل والولاية وغير ذلك «وبما أنفقوا» عليهن «من أموالهم فالصالحات» منهن «قانتات» مطيعات لأزواجهن «حافظات للغيب» أي لفروجهن وغيرها في غيبة أزواجهن «بما حفظ» لهن «اللهُ» حيث أوصى عليهن الأزواج «والَّتي تخافون نشوزهن» عصيانهن لكم بأن ظهرت أمارته «فعظوهن» فخوِّفوهن الله «واهجروهن في المضاجع» اعتزلوا إلى فراش آخر إن أظهرن النشوز «واضربوهن» ضربا غير مبرح إن لم يرجعن بالهجران «فإن أطعنكم» فيما يراد منهن «فلا تبغوا» تطلبوا «عليهن سبيلا» طريقا إلى ضربهن ظلما «إن الله كان عليا كبيرا» فاحذروه أن يعاقبكم إن ظلمتموهن.
﴿ تفسير السعدي ﴾
يخبر تعالى أن الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ أي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك، وقوامون عليهن أيضا بالإنفاق عليهن، والكسوة والمسكن، ثم ذكر السبب الموجب لقيام الرجال على النساء فقال: بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ أي: بسبب فضل الرجال على النساء وإفضالهم عليهن، فتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة: من كون الولايات مختصة بالرجال، والنبوة، والرسالة، واختصاصهم بكثير من العبادات كالجهاد والأعياد والجمع. وبما خصهم الله به من العقل والرزانة والصبر والجلد الذي ليس للنساء مثله. وكذلك خصهم بالنفقات على الزوجات بل وكثير من النفقات يختص بها الرجال ويتميزون عن النساء. ولعل هذا سر قوله: وَبِمَا أَنْفَقُوا وحذف المفعول ليدل على عموم النفقة. فعلم من هذا كله أن الرجل كالوالي والسيد لامرأته، وهي عنده عانية أسيرة خادمة،فوظيفته أن يقوم بما استرعاه الله به. ووظيفتها: القيام بطاعة ربها وطاعة زوجها فلهذا قال: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ أي: مطيعات لله تعالى حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ أي: مطيعات لأزواجهن حتى في الغيب تحفظ بعلها بنفسها وماله، وذلك بحفظ الله لهن وتوفيقه لهن، لا من أنفسهن، فإن النفس أمارة بالسوء، ولكن من توكل على الله كفاه ما أهمه من أمر دينه ودنياه. ثم قال: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ أي: ارتفاعهن عن طاعة أزواجهن بأن تعصيه بالقول أو الفعل فإنه يؤدبها بالأسهل فالأسهل، فَعِظُوهُنَّ أي: ببيان حكم الله في طاعة الزوج ومعصيته والترغيب في الطاعة، والترهيب من معصيته، فإن انتهت فذلك المطلوب، وإلا فيهجرها الزوج في المضجع، بأن لا يضاجعها، ولا يجامعها بمقدار ما يحصل به المقصود، وإلا ضربها ضربًا غير مبرح، فإن حصل المقصود بواحد من هذه الأمور وأطعنكم فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا أي: فقد حصل لكم ما تحبون فاتركوا معاتبتها على الأمور الماضية، والتنقيب عن العيوب التي يضر ذكرها ويحدث بسببه الشر. إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا أي: له العلو المطلق بجميع الوجوه والاعتبارات، علو الذات وعلو القدر وعلو القهر الكبير الذي لا أكبر منه ولا أجل ولا أعظم، كبير الذات والصفات.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله عز وجل : ( الرجال قوامون على النساء ) الآية نزلت في سعد بن الربيع وكان من النقباء وفي امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير ، قاله مقاتل ، وقال الكلبي : امرأته حبيبة بنت محمد بن مسلمة ، وذلك أنها نشزت عليه فلطمها ، فانطلق أبوها معها إلى النبي صلى الله عليه وسلم [ فقال : أفرشته كريمتي فلطمها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لتقتص من زوجها " ، فانصرفت مع أبيها ] لتقتص منه فجاءجبريل عليه السلام [ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ارجعوا هذا جبريل أتاني بشيء " ، فأنزل الله هذه الآية ] ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أردنا أمرا وأراد الله أمرا ، والذي أراد الله خير " ، ورفع القصاص .قوله تعالى : ( الرجال قوامون على النساء ) أي : مسلطون على تأديبهن ، والقوام والقيم بمعنى واحد ، والقوام أبلغ وهو القائم بالمصالح والتدبير والتأديب .( بما فضل الله بعضهم على بعض ) يعني : فضل الرجال على النساء بزيادة العقل والدين والولاية ، وقيل : بالشهادة ، لقوله تعالى : " فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان " ( البقرة - 282 ) وقيل : بالجهاد ، وقيل : بالعبادات من الجمعة والجماعة ، وقيل : هو أن الرجل ينكح أربعا ولا يحل للمرأة إلا زوج واحد ، وقيل : بأن الطلاق بيده ، وقيل : بالميراث ، وقيل : بالدية ، وقيل : بالنبوة .( وبما أنفقوا من أموالهم ) يعني : إعطاء المهر والنفقة ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ، أنا أحمد بن محمد بن عيسى البرتي أنا أبو حذيفة ، أنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " .قوله تعالى : ( فالصالحات قانتات ) أي : مطيعات ( حافظات للغيب ) أي : حافظات للفروج في غيبة الأزواج ، وقيل : حافظات لسرهم ( بما حفظ الله ) قرأ أبو جعفر ( بما حفظ الله ) بالنصب ، أي : يحفظن الله في الطاعة ، وقراءة العامة بالرفع ، أي : بما حفظهن الله بإيصاء الأزواج بحقهن وأمرهم بأداء المهر والنفقة .وقيل : حافظات للغيب بحفظ الله ، أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أنا أبو إسحاق الثعلبي ، أنا أبو عبد الله بن فنجويه ، أخبرنا عمر بن الخطاب ، أنا محمد بن إسحاق المسوحي ، أنا الحارث بن عبد الله ، أنا أبو معشر عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير النساء امرأة إن نظرت إليها سرتك وإن أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالها ونفسها " ، ثم تلا ( الرجال قوامون على النساء ) الآية .( واللاتي تخافون نشوزهن ) عصيانهن ، وأصل النشوز : التكبر والارتفاع ، ومنه النشز للموضع المرتفع ، ( فعظوهن ) بالتخويف من الله والوعظ بالقول ، ( واهجروهن ) يعني : إن لم ينزعن عن ذلك بالقول فاهجروهن ( في المضاجع ) قال ابن عباس : يوليها ظهره في الفراش ولا يكلمها ، وقال غيره : يعتزل عنها إلى فراش آخر ، ( واضربوهن ) يعني : إن لم ينزعن مع الهجران فاضربوهن ضربا غير مبرح ولا شائن ، وقال عطاء : ضربا بالسواك وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " حق المرأة أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت " .( فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ) أي : لا تجنوا عليهن الذنوب ، وقال ابن عيينة : لا تكلفوهن محبتكم فإن القلب ليس بأيديهن . ( إن الله كان عليا كبيرا ) متعاليا من أن يكلف العباد مالا يطيقونه ، وظاهر الآية يدل على أن الزوج يجمع عليها بين الوعظ والهجران والضرب ، فذهب بعضهم إلى ظاهرها وقال : إذا ظهر منها النشوز جمع بين هذه الأفعال ، وحمل الخوف في قوله ( واللاتي تخافون نشوزهن ) على العلم كقوله تعالى : " فمن خاف من موص جنفا " ( البقرة - 182 ) أي : علم ، ومنهم من حمل الخوف على الخشية لا على حقيقة العلم ، كقوله تعالى : " وإما تخافن من قوم خيانة " ( الأنفال - 58 ) ، وقال : هذه الأفعال على ترتيب الجرائم ، فإن خاف نشوزها بأن ظهرت أمارته منها من المخاشنة وسوء الخلق وعظها ، فإن أبدت النشوز هجرها ، فإن أصرت على ذلك ضربها .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
روى المفسرون روايات في سبب نزول قوله- تعالى- الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ الآية.ومن هذه الروايات ما ذكره القرطبي من أنها نزلت في سعد بن الربيع نشزت عليه امرأته حبيبة بنت زيد بن خارجة بن أبى زهير فلطمها فقال أبوها: يا رسول الله، أفرشته كريمتي فلطمها. فقال صلى الله عليه وسلم (لتقتص من زوجها) . فانصرفت مع أبيها لتقتص منه. فقال- عليه الصلاة والسلام- «ارجعوا هذا جبريل أتانى» فأنزل الله هذه الآية .وقوله قَوَّامُونَ جمع قوام على وزن فعال للمبالغة من القيام على الشيء وحفظه.يقال: قام فلان على الشيء وهو قائم عليه وقوام عليه، إذا كان يرعاه ويحفظه ويتولاه.ويقال: هذا قيم المرأة وقوامها للذي يقوم بأمرها ويهتم بحفظها وإصلاحها ورعاية شئونها.أى: الرجال يقومون على شئون النساء بالحفظ والرعاية والنفقة والتأديب وغير ذلك مما تقتضيه مصلحتهن.ثم ذكر- سبحانه- سببين لهذه القوامة.أولهما: وهبى وقد بينه بقوله: بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ.أى أن حكمة الله اقتضت أن يكون الرجال قوامين على النساء بسبب ما فضل الله به الرجال على النساء من قوة في الجسم، وزيادة في العلم، وقدرة على تحمل أعباء الحياة وتكاليفها وما يستتبع ذلك من دفاع عنهن إذا ما تعرضن لسوء.قال الفخر الرازي: واعلم أن فضل الرجال على النساء حاصل من وجوه كثيرة: بعضها صفات حقيقية وبعضها أحكام شرعية. أما الصفات الحقيقية فاعلم أن الفضائل الحقيقية يرجع حاصلها إلى أمرين. إلى العلم وإلى القدرة.ولا شك أن عقول الرجال وعلومهم أكثر. ولا شك أن قدرتهم على الأعمال الشاقة أكمل، فلهذين السببين حصلت الفضيلة للرجال على النساء في العقل والحزم والقوة. وإن منهم الأنبياء والعلماء، وفيهم الإمامة الكبرى والصغرى والجهاد، والأذان، والخطبة، والولاية في النكاح.فكل ذلك يدل على فضل الرجال على النساء» .والمراد بالتفضيل في قوله بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ تفضيل الجنس على الجنس لا تفضيل الآحاد على الآحاد. فقد يوجد من النساء من هي أقوى عقلا وأكثر معرفة من بعض الرجال.والباء للسببية، وما مصدرية، والبعض الأول المقصود به الرجال والبعض الثاني المقصود به النساء، والضمير المضاف إليه البعض الأول يقع على مجموع الفريقين على سبيل التغليب.وقال- سبحانه- بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ولم يقل- مثلا-: بما فضلهم الله عليهن، للإشعار بأن الرجال من النساء والنساء من الرجال كما قال في آية أخرى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ وللإشارة إلى أن هذا التفضيل هو لصالح الفريقين، فعلى كل فريق منهم أن يتفرغ لأداء المهمة التي كلفه الله بها بإخلاص وطاعة حتى يسعد الفريقان.وأما السبب الثاني: فهو كسبي وقد بينه- سبحانه- بقوله: وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ.أى أن الله- تعالى- جعل الرجال قوامين على النساء بسبب ما فضل الله به الرجال على النساء من علم وقدرة. وبسبب ما ألزم به الرجال من إنفاق على النساء ومن تقديم المهور لهن عند الزواج بهن، ومن القيام برعايتهن وصيانتهن.قال الآلوسى: واستدل بالآية على أن للزوج تأديب زوجته ومنعها من الخروج. وأن عليها طاعته إلا في معصية الله- تعالى-. وفي الخبر «لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» . واستدل بها أيضا من أجاز فسخ النكاح عند الإعسار عن النفقة والكسوة.وهو مذهب مالك والشافعى، لأنه إذا خرج عن كونه قواما عليها فقد خرج عن الغرض المقصود بالنكاح. وعندنا لا فسخ لقوله- تعالى: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ.واستدل بها أيضا من جعل للزوج الحجر على زوجته في نفسها وما لها فلا تتصرف فيه إلا بإذنه، لأنه- سبحانه- جعل الرجل قواما بصيغة المبالغة. وهو الناظر على الشيء الحافظ له» .ثم شرع- سبحانه- في تفصيل أحوال النساء. وفي بيان كيفية القيام عليهن بحسب اختلاف أحوالهن، فقسمهن إلى قسمين:فقال في شأن القسم الأول: فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ.أى: فالصالحات من النساء من صفاتهن أنهن قانِتاتٌ أى مطيعات لله- تعالى ولأزواجهن عن طيب نفس واطمئنان قلب، ومن صفاتهن كذلك أنهن حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ.قال صاحب الكشاف: الغيب خلاف الشهادة. أى حافظات لمواجب الغيب. إذا كان الأزواج غير شاهدين لهن، حفظن ما يجب عليهن حفظه في حال الغيبة من الفروج والأموال والبيوت. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال. «خير النساء امرأة إن نظرت إليها سرتك، وإن أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في مالها ونفسها» ، ثم تلا الآية الكريمة .و «ما» في قوله بِما حَفِظَ اللَّهُ يحتمل أن تكون مصدرية فيكون المعنى: أن هؤلاء النساء الصالحات المطيعات من صفاتهن أيضا أنهن يحفظن في غيبة أزواجهن ما يجب حفظه بسبب حفظ الله لهن ورعايته إياهن بالتوفيق للعمل الذي يحبه ويرضاه.ويحتمل أن تكون موصولة فيكون المعنى: أنهن حافظات لغيبة أزواجهن في النفس والعرض والمال وكل ما يجب حفظه بسبب الأمر الذي حفظه الله لهن على أزواجهن حيث كلف الأزواج بالإنفاق عليهن وبالإحسان إليهن، فعليهن أن يحفظن حقوق أزواجهن في مقابلة الذي حفظه الله لهن من حقوق على أزواجهن.فالجملة الكريمة تمدح النساء الصالحات المطيعات الحافظات لأسرار أزواجهن ولكل ما يجب حفظه من عرض أو مال أو غير ذلك مما تقتضيه الحياة الزوجية.هذا هو القسم الأول من النساء، أما القسم الثاني فقد قال- سبحانه- في شأنه: وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ والمراد بقوله نُشُوزَهُنَّ عصيانهن وخروجهن عما توجبه الحياة الزوجية من طاعة الزوجة لزوجها. يقال: نشزت الزوجة نشوزا أى: عصت زوجها وامتنعت عليه. وأصل النشوز مأخوذ من النشز بمعنى الارتفاع في وسط الأرض السهلة المنبسطة ويكون شاذا فيها. فشبهت المرأة المتعالية على طاعة زوجها بالمرتفع من الأرض.والمعنى: هذا شأن النساء الصالحات القانتات الحافظات للغيب بسبب حفظ الله لهن، أما النساء اللاتي تخافون نُشُوزَهُنَّ أى عصيانهن لكم، وترفعهن عن مطاوعتكم، وسوء عشرتهن فَعِظُوهُنَّ بالقول الذي يؤثر في النفس، ويوجههن نحو الخير والفضيلة، بأن تذكروهن بحسن عاقبة الطاعة للزوج. وسوء عاقبة النشوز والمعصية، وبأن تسوقوا لهن من تعاليم الإسلام وآدابه وتوجيهاته ما من شأنه أن يشفى الصدور، ويهدى النفوس إلى الخير.قال ابن كثير: وقوله- تعالى-: وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ أى النساء اللاتي تخافون أن ينشزن على أزواجهن فعظوهن. والنشوز هو الارتفاع فالمرأة الناشز هي المرتفعة على زوجها التاركة لأمره، المعرضة عنه المبغضة له، فمتى ظهر له منها أمارات النشوز فليعظها وليخوفها عقاب الله، فإن الله قد أوجب حق الزوج عليها وطاعته، وحرم عليها معصيته لماله عليها من الفضل، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها» .وقوله وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ أى وعليكم إذا لم تنفع الموعظة والنصيحة معهن أن تتركوهن منفردات في أماكن نومهن.فالمضاجع جمع مضجع- وهو مكان النوم والاضطجاع.قال القرطبي: والهجر في المضجع هو أن يضاجعها- أى ينام معها في فراش واحد- ويوليها ظهره ولا يجامعها. وقال مجاهد: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ أى تجنبوا مضاجعهن أى- اهجروا أماكن نومهن بأن تناموا بعيدا عنهن-» .روى أبو داود بسنده عن معاوية بن حيدة القشيري أنه قال: يا رسول الله: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه.ولا تقبح. ولا تهجر إلا في البيت» .وقوله وَاضْرِبُوهُنَّ معطوف على ما قبله. أى إن لم ينفع ما فعلتم من العظة والهجران فاضربوهن ضربا غير مبرح- أى غير شديد ولا مشين- فقد ثبت في صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع» : واتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم- أى أسيرات عندكم- ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه. فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح» .وقد فسر العلماء الضرب غير المبرح بأنه الذي لا يكسر عظما، ولا يشين جارحة، وأن يتقى الوجه فإنه مجمع المحاسن ولا يلجأ إليه إلا عند فشل العلاجين السابقين.وقد قال- سبحانه- وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ ولم يقل: واللائي ينشزن، للإشعار بأن يبدأ الزوج بعلاج عيوب زوجته عند ما تظهر أمارات هذه العيوب وعلاماتها وأن لا يتركها حتى تستشرى وتشتد، بل عليه عند ما يخشى النشوز أن يعالجه قبل أن يقع، وأن يكون علاجه بطريقة حكيمة من شأنها أن تقنع وتفيد.وبعضهم فسر الخوف، بالعلم أى واللاتي تعلمون نشوزهن فعظوهن ... إلخ.وبعضهم قدر مضافا في الكلام أى: واللاتي تخافون دوام نشوزهن، فعظوهن واهجروهن في المضاجع ... إلخ.وبعضهم قدر معطوفا محذوفا أى: واللاتي تخافون نشوزهن ونشزن، فعظوهن واهجروهن في المضاجع ... إلخ.وجمهور العلماء على أن من الواجب على الزوج أن يسلك في معالجته لزوجته تلك الأنواع الثلاثة على الترتيب بأن يبدأ بالوعظ ثم بالهجر ثم بالضرب، لأن الله- تعالى- قد أمر بذلك، ولأنه قد رتب هذه العقوبات بتلك الطريقة الحكيمة التي تبدأ بالعقوبة الخفيفة ثم تتدرج إلى العقوبة الشديدة ثم إلى الأكثر شدة.قال الفخر الرازي: وبالجملة فالتخفيف مراعى في هذا الباب على أبلغ الوجوه. والذي يدل عليه اللفظ أنه- تعالى- ابتدأ بالوعظ. ثم ترقى منه إلى الضرب. وذلك تنبيه يجرى مجرى التصريح في أنه متى حصل الغرض بالطريق الأخف، وجب الاكتفاء به، ولم يجز الإقدام على الطريق الأشق. وهذه طريقة من قال: حكم هذه الآية مشروع على الترتيب.وقال بعض أصحابنا: «تحرير المذهب أن له عند خوف النشوز أن يعظها، وهل له أن يهجرها؟ فيه احتمال. وله عند إبداء النشوز أن يعظها أو يهجرها، أو يضربها» .ثم بين- سبحانه- ما يجب على الرجال نحو النساء إذا ما أطعنهم وتركن النشوز والعصيان فقال- تعالى-: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً.أى فإن رجعن عن النشوز إلى الطاعة وانقدن لما أوجب الله عليهن نحوكم أيها الرجال، فلا تطلبوا سبيلا وطريقا إلى التعدي عليهن، أو فلا تظلموهن بأى طريق من طرق الظلم كأن تؤذوهن بألسنتكم أو بأيديكم أو بغير ذلك، بل اجعلوا ما كان منهن كأنه لم يكن، وحاولوا التقرب إليهن بألوان المودة والرحمة.إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً فاحذروا مخالفة أمره، فإن قدرته- سبحانه- عليكم أعظم من قدرتكم على نسائكم.فالجملة الكريمة تذييل قصد به حث الأزواج على قبول توبة النساء، وتحذيرهم من ظلمهن إذا ما تركن النشوز، وعدن إلى طريق الطاعة والإنابة.قال بعضهم: وذكر هاتين الصفتين في هذا الموضع في غاية الحسن، وبيانه من وجوه:الأول: أن المقصود منه تهديد الأزواج على ظلم النساء. والمعنى: أنهن إن ضعفن عن دفع ظلمكم وعجزن عن الانتصاف منكم، فالله- سبحانه- ينتصف لهن منكم لأنه علىّ قاهر كبير.الثاني: لا تبغوا عليهن إذا أطعنكم لعلو أيديكم، فإن الله أعلى منكم وأكبر من كل شيء.الثالث: أنه- سبحانه- مع علوه وكبريائه لا يكلفكم إلا ما تطيقون، كذلك لا تكلفوهن محبتكم، فإنهن لا يقدرن على ذلك.الرابع: أنه مع علوه وكبريائه لا يؤاخذ العاصي إذا تاب، بل يغفر له، فإذا تاب المرأة عن نشوزها فأنتم أولى بأن تتركوا عقوبتها وتقبلوا توبتها.الخامس: أنه- تعالى مع علوه وكبريائه اكتفى من العبد بالظواهر ولم يهتك السرائر فأنتم أولى أن تكتفوا بظاهر حال المرأة، وأن لا تقعوا في التفتيش عما في قلبها وضميرها من الحب والبغض» .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول تعالى : ( الرجال قوامون على النساء ) أي : الرجل قيم على المرأة ، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت ( بما فضل الله بعضهم على بعض ) أي : لأن الرجال أفضل من النساء ، والرجل خير من المرأة; ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال وكذلك الملك الأعظم; لقوله صلى الله عليه وسلم : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه وكذا منصب القضاء وغير ذلك .( وبما أنفقوا من أموالهم ) أي : من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه ، وله الفضل عليها والإفضال ، فناسب أن يكون قيما عليها ، كما قال ] الله [ تعالى : ( وللرجال عليهن درجة ) الآية [ البقرة : 228 ] .وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : ( الرجال قوامون على النساء ) يعني : أمراء عليها أي تطيعه فيما أمرها به من طاعته ، وطاعته : أن تكون محسنة إلى أهله حافظة لماله . وكذا قال مقاتل ، والسدي ، والضحاك .وقال الحسن البصري : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستعديه على زوجها أنه لطمها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " القصاص " ، فأنزل الله عز وجل : ( الرجال قوامون على النساء ) الآية ، فرجعت بغير قصاص .رواه ابن جرير وابن أبي حاتم ، من طرق ، عنه . وكذلك أرسل هذا الخبر قتادة ، وابن جريج والسدي ، أورد ذلك كله ابن جرير . وقد أسنده ابن مردويه من وجه آخر فقال :حدثنا أحمد بن علي النسائي ، حدثنا محمد بن عبد الله الهاشمي ، حدثنا محمد بن محمد الأشعث ، حدثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد ، حدثني أبي ، عن جدي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي قال : أتى النبي رجل من الأنصار بامرأة له ، فقالت : يا رسول الله ، إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري ، وإنه ضربها فأثر في وجهها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس ذلك له " . فأنزل الله : ( الرجال قوامون على النساء [ بما فضل الله بعضهم على بعض ] ) أي : قوامون على النساء في الأدب . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أردت أمرا وأراد الله غيره " .وقال الشعبي في هذه الآية : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) قال : الصداق الذي أعطاها ، ألا ترى أنه لو قذفها لاعنها ، ولو قذفته جلدت .وقوله : ( فالصالحات ) أي : من النساء ( قانتات ) قال ابن عباس وغير واحد : يعني مطيعات لأزواجهن ( حافظات للغيب ) .قال السدي وغيره : أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله .وقوله : ( بما حفظ الله ) أي : المحفوظ من حفظه .قال ابن جرير : حدثني المثنى ، حدثنا أبو صالح ، حدثنا أبو معشر ، حدثنا سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك " . قال : ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ( الرجال قوامون على النساء ) إلى آخرها .ورواه ابن أبي حاتم ، عن يونس بن حبيب ، عن أبي داود الطيالسي ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، به مثله سواء .وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، حدثنا ابن لهيعة ، عن عبيد الله بن أبي جعفر : أن ابن قارظ أخبره : أن عبد الرحمن بن عوف قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها وحفظت فرجها; وأطاعت زوجها قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت " .تفرد به أحمد من طريق عبد الله بن قارظ عن عبد الرحمن بن عوف .وقوله تعالى ( واللاتي تخافون نشوزهن ) أي : والنساء اللاتي تتخوفون أن ينشزن على أزواجهن . والنشوز : هو الارتفاع ، فالمرأة الناشز هي المرتفعة على زوجها ، التاركة لأمره ، المعرضة عنه ، المبغضة له . فمتى ظهر له منها أمارات النشوز فليعظها وليخوفها عقاب الله في عصيانه فإن الله قد أوجب حق الزوج عليها وطاعته ، وحرم عليها معصيته لما له عليها من الفضل والإفضال . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، من عظم حقه عليها " وروى البخاري ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه ، لعنتها الملائكة حتى تصبح " ورواه مسلم ، ولفظه : " إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها ، لعنتها الملائكة حتى تصبح " ; ولهذا قال تعالى : ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن ) .وقوله : ( واهجروهن في المضاجع ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : الهجران هو أن لا يجامعها ، ويضاجعها على فراشها ويوليها ظهره . وكذا قال غير واحد ، وزاد آخرون - منهم : السدي ، والضحاك ، وعكرمة ، وابن عباس في رواية - : ولا يكلمها مع ذلك ولا يحدثها .وقال علي بن أبي طلحة أيضا ، عن ابن عباس : يعظها ، فإن هي قبلت وإلا هجرها في المضجع ، ولا يكلمها من غير أن يذر نكاحها ، وذلك عليها شديد .وقال مجاهد ، والشعبي ، وإبراهيم ، ومحمد بن كعب ، ومقسم ، وقتادة : الهجر : هو أن لا يضاجعها .وقد قال أبو داود : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، عن علي بن زيد ، عن أبي حرة الرقاشي ، عن عمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " فإن خفتم نشوزهن فاهجروهن في المضاجع " قال حماد : يعني النكاح .وفي السنن والمسند عن معاوية بن حيدة القشيري أنه قال : يا رسول الله ، ما حق امرأة أحدنا ؟ قال : " أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ، ولا تهجر إلا في البيت " .وقوله : ( واضربوهن ) أي : إذا لم يرتدعن بالموعظة ولا بالهجران ، فلكم أن تضربوهن ضربا غير مبرح ، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه قال في حجة الوداع : " واتقوا الله في النساء ، فإنهن عندكم عوان ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف " .وكذا قال ابن عباس وغير واحد : ضربا غير مبرح . قال الحسن البصري : يعني غير مؤثر . قال الفقهاء : هو ألا يكسر فيها عضوا ولا يؤثر فيها شيئا .وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : يهجرها في المضجع ، فإن أقبلت وإلا فقد أذن الله لك أن تضرب ضربا غير مبرح ، ولا تكسر لها عظما ، فإن أقبلت وإلا فقد حل لك منها الفدية .وقال سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر ، عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تضربوا إماء الله " . فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ذئرت النساء على أزواجهن . فرخص في ضربهن ، فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد أطاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ، ليس أولئك بخياركم " رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه .وقال الإمام أحمد : حدثنا سليمان بن داود - يعني أبا داود الطيالسي - حدثنا أبو عوانة ، عن داود الأودي ، عن عبد الرحمن المسلي عن الأشعث بن قيس ، قال ضفت عمر ، فتناول امرأته فضربها ، وقال : يا أشعث ، احفظ عني ثلاثا حفظتهن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسأل الرجل فيم ضرب امرأته ، ولا تنم إلا على وتر . . . ونسي الثالثة .وكذا رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه ، من حديث عبد الرحمن بن مهدي ، عن أبي عوانة ، عن داود الأودي ، به .وقوله : ( فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ) أي : فإذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريد منها ، مما أباحه الله له منها ، فلا سبيل له عليها بعد ذلك ، وليس له ضربها ولا هجرانها .وقوله : ( إن الله كان عليا كبيرا ) تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب ، فإن الله العلي الكبير وليهن وهو منتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرافيه إحدى عشرة مسألة :الأولى : قوله تعالى : الرجال قوامون على النساء ابتداء وخبر ، أي يقومون بالنفقة عليهن والذب عنهن ؛ وأيضا فإن فيهم الحكام والأمراء ومن يغزو ، وليس ذلك في النساء . يقال : قوام وقيم . والآية نزلت في سعد بن الربيع نشزت عليه امرأته حبيبة بنت زيد بن خارجة بن أبي زهير فلطمها ؛ فقال أبوها : يا رسول الله ، أفرشته كريمتي فلطمها ! فقال عليه السلام : لتقتص من زوجها . فانصرفت مع أبيها لتقتص منه ، فقال عليه السلام : ارجعوا هذا جبريل أتاني فأنزل الله هذه الآية ؛ فقال عليه السلام : أردنا أمرا وأراد الله غيره . وفي رواية أخرى : أردت شيئا وما أراد الله خير . ونقض الحكم الأول . وقد قيل : إن في هذا الحكم المردود نزل ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه . ذكر إسماعيل بن إسحاق قال : حدثنا حجاج بن المنهال وعارم بن الفضل - واللفظ لحجاج - قال حدثنا جرير بن حازم قال : سمعت الحسن يقول : إن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن زوجي لطم وجهي . فقال : بينكما القصاص ، فأنزل الله تعالى : ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه . وأمسك النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزل : الرجال قوامون على النساء . وقال أبو روق : نزلت في جميلة بنت أبي وفي زوجها ثابت بن قيس بن شماس . وقال الكلبي : نزلت في عميرة بنت محمد بن مسلمة وفي زوجها سعد بن الربيع . وقيل : سببها قول أم سلمة المتقدم . ووجه النظم أنهن تكلمن في تفضيل الرجال على النساء في الإرث ، فنزلت ولا تتمنوا الآية . ثم بين تعالى أن تفضيلهم عليهن في الإرث لما على الرجال من المهر والإنفاق ؛ ثم فائدة تفضيلهم عائدة إليهن . ويقال : إن الرجال لهم فضيلة في زيادة العقل والتدبير ؛ فجعل لهم حق القيام عليهن لذلك . وقيل : للرجال زيادة قوة في النفس والطبع ما ليس للنساء ؛ لأن طبع الرجال غلب عليه الحرارة واليبوسة ، فيكون فيه قوة وشدة ، وطبع النساء غلب عليه الرطوبة والبرودة ، فيكون فيه معنى اللين والضعف ؛ فجعل لهم حق القيام عليهن بذلك ، وبقوله تعالى : وبما أنفقوا من أموالهم .الثانية : ودلت هذه الآية على تأديب الرجال نساءهم ، فإذا حفظن حقوق الرجال فلا ينبغي أن يسيء الرجل عشرتها . و " قوام " فعال للمبالغة ؛ من القيام على الشيء والاستبداد بالنظر فيه وحفظه بالاجتهاد . فقيام الرجال على النساء هو على هذا الحد ؛ وهو أن يقوم بتدبيرها وتأديبها وإمساكها في بيتها ومنعها من البروز ، وأن عليها طاعته وقبول أمره ما لم تكن معصية ؛ وتعليل ذلك بالفضيلة والنفقة والعقل والقوة في أمر الجهاد والميراث والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وقد راعى بعضهم في التفضيل اللحية - وليس بشيء ؛ فإن اللحية قد تكون وليس معها شيء مما ذكرنا . وقد مضى الرد على هذا في " البقرة " .الثالثة : قوله تعالى : وبما أنفقوا من أموالهم أنه متى عجز عن نفقتها لم يكن قواما عليها ، وإذا لم يكن قواما عليها كان لها فسخ العقد ؛ لزوال المقصود الذي شرع لأجله النكاح . وفيه دلالة واضحة من هذا الوجه على ثبوت فسخ النكاح عند الإعسار بالنفقة والكسوة ؛ وهو مذهب مالك والشافعي . وقال أبو حنيفة : لا يفسخ ؛ لقوله تعالى : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وقد تقدم القول في هذا في هذه السورة .الرابعة : قوله تعالى : فالصالحات قانتات حافظات للغيب هذا كله خبر ، ومقصوده الأمر بطاعة الزوج والقيام بحقه في ماله وفي نفسها في حال غيبة الزوج . وفي مسند أبي داود الطيالسي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك قال : وتلا هذه الآية الرجال قوامون على النساء إلى آخر الآية . وقال صلى الله عليه وسلم لعمر : ألا أخبرك بخير ما يكنزه المرء المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته أخرجه أبو داود . وفي مصحف ابن مسعود " فالصوالح قوانت حوافظ " . وهذا بناء يختص بالمؤنث . قال ابن جني : والتكسير أشبه لفظا بالمعنى ؛ إذ هو يعطي الكثرة وهي المقصود هاهنا . وما في قوله : بما حفظ الله مصدرية ، أي بحفظ الله لهن . ويصح أن تكون بمعنى الذي ، ويكون العائد في حفظ ضمير نصب . وفي قراءة أبي جعفر " بما حفظ الله " بالنصب . قال النحاس : الرفع أبين ؛ أي حافظات لمغيب أزواجهن بحفظ الله ومعونته وتسديده . وقيل : بما حفظهن الله في مهورهن وعشرتهن . وقيل : بما استحفظهن الله إياه من أداء الأمانات إلى أزواجهن . ومعنى قراءة النصب : بحفظهن الله ؛ أي بحفظهن أمره أو دينه . وقيل في التقدير : بما حفظن الله ، ثم وحد الفعل ؛ كما قيل :فإن الحوادث أودى بهاوقيل : المعنى بحفظ الله ؛ مثل حفظت الله .الخامسة : قوله تعالى : واللاتي تخافون نشوزهن اللاتي جمع التي وقد تقدم . قال ابن عباس : تخافون بمعنى تعلمون وتتيقنون . وقيل هو على بابه . والنشوز العصيان ؛ مأخوذ من النشز ، وهو ما ارتفع من الأرض . يقال : نشز الرجل ينشز وينشز إذا كان قاعدا فنهض قائما ؛ ومنه قوله عز وجل : وإذا قيل انشزوا فانشزوا أي ارتفعوا وانهضوا إلى حرب أو أمر من أمور الله تعالى . فالمعنى : أي تخافون عصيانهن وتعاليهن عما أوجب الله عليهن من طاعة الأزواج . وقال أبو منصور اللغوي : النشوز كراهية كل واحد من الزوجين صاحبه ؛ يقال : نشزت تنشز فهي ناشز بغير هاء . ونشصت تنشص ، وهي السيئة للعشرة . وقال ابن فارس : ونشزت المرأة استصعبت على بعلها ، ونشز بعلها عليها إذا ضربها وجفاها . قال ابن دريد : نشزت المرأة ونشست ونشصت بمعنى واحد .السادسة : قوله تعالى : فعظوهن أي بكتاب الله ؛ أي ذكروهن ما أوجب الله عليهن من حسن الصحبة وجميل العشرة للزوج ، والاعتراف بالدرجة التي له عليها ، ويقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها . وقال : لا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب . وقال : أيما امرأة باتت هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح في رواية حتى تراجع وتضع يدها في يده . وما كان مثل هذا .السابعة : قوله تعالى : واهجروهن في المضاجع وقرأ ابن مسعود والنخعي وغيرهما " في المضجع " على الإفراد ؛ كأنه اسم جنس يؤدي عن الجمع . والهجر في المضاجع هو أن يضاجعها ويوليها ظهره ولا يجامعها ؛ عن ابن عباس وغيره . وقال مجاهد : جنبوا مضاجعهن ؛ فيتقدر على هذا الكلام حذف ، ويعضده اهجروهن من الهجران ، وهو البعد ؛ يقال : هجره أي تباعد ونأى عنه . ولا يمكن بعدها إلا بترك مضاجعتها . وقال معناه إبراهيم النخعي والشعبي وقتادة والحسن البصري ، ورواه ابن وهب وابن القاسم عن مالك ، واختاره ابن العربي وقال : حملوا الأمر على الأكثر الموفي . ويكون هذا القول كما تقول : اهجره في الله . وهذا أصل مالك .قلت : هذا قول حسن ؛ فإن الزوج إذا أعرض عن فراشها فإن كانت محبة للزوج فذلك يشق عليها فترجع للصلاح ، وإن كانت مبغضة فيظهر النشوز منها ؛ فيتبين أن النشوز من قبلها . وقيل : اهجروهن من الهجر وهو القبيح من الكلام ، أي غلظوا عليهن في القول وضاجعوهن للجماع وغيره ؛ قال معناه سفيان ، وروي عن ابن عباس . وقيل : أي شدوهن وثاقا في بيوتهن ؛ من قولهم : هجر البعير أي ربطه بالهجار ، وهو حبل يشد به البعير ، وهو اختيار الطبري وقدح في سائر الأقوال . وفي كلامه في هذا الموضع نظر . وقد رد عليه القاضي أبو بكر بن العربي في أحكامه فقال : يا لها من هفوة من عالم بالقرآن والسنة ! والذي حمله على هذا التأويل حديث غريب رواه ابن وهب عن مالك أن أسماء بنت أبي بكر الصديق امرأة الزبير بن العوام كانت تخرج حتى عوتب في ذلك . قال : وعتب عليها وعلى ضرتها ، فعقد شعر واحدة بالأخرى ثم ضربهما ضربا شديدا ، وكانت الضرة أحسن اتقاء ، وكانت أسماء لا تتقي فكان الضرب بها أكثر ؛ فشكت إلى أبيها أبي بكر رضي الله عنه فقال لها : أي بنية اصبري فإن الزبير رجل صالح ، ولعله أن يكون زوجك في الجنة ؛ ولقد بلغني أن الرجل إذا ابتكر بامرأة تزوجها في الجنة . فرأى الربط والعقد مع احتمال اللفظ مع فعل الزبير فأقدم على هذا التفسير . وهذا الهجر غايته عند العلماء شهر ؛ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين أسر إلى حفصة فأفشته إلى عائشة ، وتظاهرتا عليه . ولا يبلغ به الأربعة الأشهر التي ضرب الله أجلا عذرا للمولى .الثامنة : قوله تعالى : واضربوهن أمر الله أن يبدأ النساء بالموعظة أولا ثم بالهجران ، فإن لم يتجعا فالضرب ؛ فإنه هو الذي يصلحها له ويحملها على توفية حقه . والضرب في هذه الآية هو ضرب الأدب غير المبرح ، وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة كاللكزة ونحوها ؛ فإن المقصود منه الصلاح لا غير . فلا جرم إذا أدى إلى الهلاك وجب الضمان ، وكذلك القول في ضرب المؤدب غلامه لتعليم القرآن والأدب . وفي صحيح مسلم : اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح الحديث . أخرجه من حديث جابر الطويل في الحج ، أي لا يدخلن منازلكم أحدا ممن تكرهونه من الأقارب والنساء الأجانب . وعلى هذا يحمل ما رواه الترمذي وصححه عن عمرو بن الأحوص أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ فقال : ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم من تكرهون ، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن . وقال : هذا حديث حسن صحيح . فقوله : بفاحشة مبينة يريد لا يدخلن من يكرهه أزواجهن ولا يغضبنهم . وليس المراد بذلك الزنى ؛ فإن ذلك محرم ويلزم عليه الحد . وقد قال عليه الصلاة والسلام : اضربوا النساء إذا عصينكم في معروف ضربا غير مبرح . قال عطاء : قلت لابن عباس ما الضرب غير المبرح ؟ قال بالسواك ونحوه . وروي أن عمر رضي الله عنه ضرب امرأته فعذل في ذلك فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يسأل الرجل فيم ضرب أهله .التاسعة : قوله تعالى : فإن أطعنكم أي تركوا النشوز . فلا تبغوا عليهن سبيلا أي لا تجنوا عليهن بقول أو فعل . وهذا نهي عن ظلمهن بعد تقرير الفضل عليهن والتمكين من أدبهن . وقيل : المعنى لا تكلفوهن الحب لكم فإنه ليس إليهن .العاشرة : قوله تعالى : إن الله كان عليا كبيرا إشارة إلى الأزواج بخفض الجناح ولين الجانب ؛ أي إن كنتم تقدرون عليهن فتذكروا قدرة الله ؛ فيده بالقدرة فوق كل يد . فلا يستعلي أحد على امرأته فالله بالمرصاد فلذلك حسن الاتصاف ، هنا بالعلو والكبر .الحادية عشرة : وإذا ثبت هذا فاعلم . أن الله عز وجل لم يأمر في شيء من كتابه بالضرب صراحا إلا هنا وفي الحدود العظام ؛ فساوى معصيتهن بأزواجهن بمعصية الكبائر ، وولى الأزواج ذلك دون الأئمة ، وجعله لهم دون القضاة بغير شهود ولا بينات ائتمانا من الله تعالى للأزواج على النساء . قال المهلب : إنما جوز ضرب النساء من أجل امتناعهن على أزواجهن في المباضعة . واختلف في وجوب ضربها في الخدمة ، والقياس يوجب أنه إذا جاز ضربها في المباضعة جاز ضربها في الخدمة الواجبة للزوج عليها بالمعروف . وقال ابن خويز منداد . والنشوز يسقط النفقة وجميع الحقوق الزوجية ، ويجوز معه أن يضربها الزوج ضرب الأدب غير المبرح ، والوعظ والهجر حتى ترجع عن نشوزها ، فإذا رجعت عادت حقوقها ؛ وكذلك كل ما اقتضى الأدب فجائز للزوج تأديبها . ويختلف الحال في أدب الرفيعة والدنيئة ؛ فأدب الرفيعة العذل ، وأدب الدنيئة السوط . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : رحم الله امرأ علق سوطه وأدب أهله . وقال : إن أبا جهم لا يضع عصاه عن عاتقه . وقال بشار :الحر يلحى والعصا للعبديلحى أي يلام ؛ وقال ابن دريد :واللوم للحر مقيم رادع والعبد لا يردعه إلا العصاقال ابن المنذر : اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا جميعا بالغين إلا الناشز منهن الممتنعة . وقال أبو عمر : من نشزت عنه امرأته بعد دخوله سقطت عنه نفقتها إلا أن تكون حاملا . وخالف ابن القاسم جماعة الفقهاء في نفقة الناشز فأوجبها . وإذا عادت الناشز إلى زوجها وجب في المستقبل نفقتها . ولا تسقط نفقة المرأة عن زوجها لشيء غير النشوز ؛ لا من مرض ولا حيض ولا نفاس ولا صوم ولا حج ولا مغيب زوجها ولا حبسه عنها في حق أو جور غير ما ذكرنا . والله أعلم .
﴿ تفسير الطبري ﴾
الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعضالقول في تأويل قوله تعالى : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض يعني بقوله جل ثناؤه : الرجال قوامون على النساء الرجال أهل قيام على نسائهم في تأديبهن والأخذ على أيديهن , فيما يجب عليهن لله ولأنفسهم ; بما فضل الله بعضهم على بعض يعني بما فضل الله به الرجال على أزواجهم من سوقهم إليهن مهورهن , وإنفاقهم عليهن أموالهم , وكفايتهم إياهن مؤنهن. وذلك تفضيل الله تبارك وتعالى إياهن عليهن , ولذلك صاروا قواما عليهن , نافذي الأمر عليهن فيما جعل الله إليهم من أمورهن . وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 7368 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قالا : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قوله : الرجال قوامون على النساء يعني : أمراء عليها أن تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته , وطاعته أن تكون محسنة إلى أهله حافظة لماله وفضله عليها بنفقته وسعيه . 7369 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا أبو زهير , عن جويبر , عن الضحاك في قوله : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض يقول : الرجل قائم على المرأة يأمرها بطاعة الله , فإن أبت , فله أن يضربها ضربا غير مبرح , وله عليها الفضل بنفقته وسعيه . 7370 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن المفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : الرجال قوامون على النساء قال : يأخذون على أيديهن ويؤدبونهن . 7371 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : سمعت سفيان , يقول : بما فضل الله بعضهم على بعض قال : بتفضيل الله الرجال على النساء . وذكر أن هذه الآية نزلت في رجل لطم امرأته , فخوصم إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك , فقضى لها بالقصاص . ذكر من قال ذلك : 7372 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قال : ثنا الحسن : أن رجلا لطم امرأته , فأتت النبي صلى الله عليه وسلم , فأراد أن يقصها منه , فأنزل الله : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم , فتلاها عليه وقال : " أردت أمرا وأراد الله غيره " . 7373 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قوله : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ذكر لنا أن رجلا لطم امرأته , فأتت النبي صلى الله عليه وسلم , ثم ذكر نحوه . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , في قوله : الرجال قوامون على النساء قال : صك رجل امرأته , فأتت النبي صلى الله عليه وسلم , فأراد أن يقيدها منه , فأنزل الله : الرجال قوامون على النساء 7374 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن جرير بن حازم , عن الحسن : أن رجلا من الأنصار لطم امرأته , فجاءت تلتمس القصاص , فجعل النبي صلى الله عليه وسلم بينهما القصاص , فنزلت : قوله : ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه 20 114 ونزلت : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض 7375 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , قال : لطم رجل امرأته , فأراد النبي صلى الله عليه وسلم القصاص , فبينما هم كذلك , نزلت الآية . 7376 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : أما : الرجال قوامون على النساء فإن رجلا من الأنصار كان بينه وبين امرأته كلام , فلطمها , فانطلق أهلها , فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم , فأخبرهم : الرجال قوامون على النساء . .. الآية . وكان الزهري يقول : ليس بين الرجل وامرأته قصاص فيما دون النفس. 7377 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , سمعت الزهري , يقول : لو أن رجلا شج امرأته , أو جرحها , لم يكن عليه في ذلك قود وكان عليه العقل , إلا أن يعدو عليها فيقتلها , فيقتل بها .وبما أنفقوا من أموالهموأما قوله : وبما أنفقوا من أموالهم فإنه يعني : وبما ساقوا إليهن من صداق , وأنفقوا عليهن من نفقة . كما : 7378 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قال : فضله عليها بنفقته وسعيه . 7379 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا أبو زهير , عن جويبر , عن الضحاك , مثله . 7380 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : سمعت سفيان يقول : وبما أنفقوا من أموالهم بما ساقوا من المهر. فتأويل الكلام إذا : الرجال قوامون على نسائهم بتفضيل الله إياهم عليهن وبإنفاقهم عليهن من أموالهم . و " ما " التي في قوله : بما فضل الله والتي في قوله : وبما أنفقوا في معنى المصدر .فالصالحاتالقول في تأويل قوله تعالى : فالصالحات يعني بقوله جل ثناؤه : فالصالحات المستقيمات الدين , العاملات بالخير . كما : 7381 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : ثنا عبد الله بن المبارك , قال : سمعت سفيان , يقول : فالصالحات يعملن بالخير .قانتاتوقوله : قانتات يعني : مطيعات لله ولأزواجهن . كما : 7382 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : قوله : قانتات قال : مطيعات . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : قانتات قال : مطيعات . 7383 - حدثني علي عن داود , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : قانتات مطيعات . 7384 - حدثنا الحسن بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : قانتات أي مطيعات لله ولأزواجهن . * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : . أخبرنا معمر , عن قتادة , قال : مطيعات . 7385 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : القانتات : المطيعات. 7386 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : سمعت سفيان يقول في قوله : قانتات قال : مطيعات لأزواجهن . وقد بينا معنى القنوت فيما مضى وأنه الطاعة , ودللنا على صحة ذلك من الشواهد بما أغنى عن إعادته.حافظات للغيبقوله : حافظات للغيب فإنه يعني : حافظات لأنفسهن عند غيبة أزواجهن عنهن في فروجهن وأموالهم , وللواجب عليهن من حق الله في ذلك وغيره. كما : 7387 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : حافظات للغيب يقول : حافظات لما استودعهن الله من حقه , وحافظات لغيب أزواجهن . 7388 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : حافظات للغيب بما حفظ الله يقول : تحفظ على زوجها ماله وفرجها , حتى يرجع كما أمرها الله . 7389 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , قال : قلت لعطاء : ما قوله : حافظات للغيب ؟ قال : حافظات للزوج. * - حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة , قال : ثنا حجاج , قال : قال ابن جريج : سألت عطاء , عن حافظات للغيب قال : حافظات للأزواج . 7390 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : سمعت سفيان يقول : حافظات للغيب حافظات لأزواجهن لما غاب من شأنهن . 7391 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثنا أبو معشر , قال : ثنا سعيد بن أبي سعيد المقبري , عن أبي هريرة , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك , وإذا أمرتها أطاعتك , وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك " قال : ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : الرجال قوامون على النساء . .. الآية . قال أبو جعفر : وهذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على صحة ما قلنا في تأويل ذلك , وأن معناه : صالحات في أديانهن , مطيعات لأزواجهن , حافظات لهم في أنفسهن وأموالهم .بما حفظ اللهوأما قوله : بما حفظ الله فإن القراء اختلفت في قراءته , فقرأته عامة القراء في جميع أمصار الإسلام : بما حفظ الله برفع اسم الله على معنى : بحفظ الله إياهن إذ صيرهن كذلك . كما : 7392 - حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة , قال : ثنا حجاج , قال : قال ابن جريج : سألت عطاء , عن قوله : بما حفظ الله قال : يقول : حفظهن الله . 7393 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : سمعت سفيان يقول في قوله : بما حفظ الله قال : بحفظ الله إياها أنه جعلها كذلك . وقرأ ذلك أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني : " بما حفظ الله " يعني : بحفظهن الله في طاعته , وأداء حقه بما أمرهن من حفظ غيب أزواجهن , كقول الرجل للرجل : ما حفظت الله في كذا وكذا , بمعنى : راقبته ولاحظته . قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك ما جاءت به قراءة المسلمين من القراءة مجيئا يقطع عذر من بلغه ويثبت عليه حجته , دون ما انفرد به أبو جعفر فشذ عنهم , وتلك القراءة ترفع اسم الله تبارك وتعالى : بما حفظ الله مع صحة ذلك في العربية وكلام العرب , وقبح نصبه في العربية لخروجه عن المعروف من منطق العرب . وذلك أن العرب لا تحذف الفاعل مع المصادر من أجل أن الفاعل إذا حذف معها لم يكن للفعل صاحب معروف. وفي الكلام متروك استغني بدلالة الظاهر من الكلام عليه من ذكره ومعناه : فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله فأحسنوا إليهن وأصلحوا , وكذلك هو فيما ذكر في قراءة ابن مسعود . 7394 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد , قال : ثنا عيسى الأعمى , عن طلحة بن مصرف , قال : في قراءة عبد الله : " فالصالحات قانتات للغيب بما حفظ الله فأصلحوا إليهن واللاتي تخافون نشوزهن " . 7395 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله فأحسنوا إليهن . 7396 - حدثني علي بن داود , قال : ثنا عبد الله , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قوله : فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله فأصلحوا إليهن. * - حدثني علي بن داود , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قوله : فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله يعني إذا كن هكذا , فأصلحوا إليهن .واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهنالقول في تأويل قوله : واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن اختلف أهل التأويل في معنى قوله : واللاتي تخافون نشوزهن فقال بعضهم : معناه : واللاتي تعلمون نشوزهن . ووجه صرف الخوف في هذا الموضع إلى العلم في قول هؤلاء نظير صرف الظن إلى العلم لتقارب معنييهما , إذ كان الظن شكا , وكان الخوف مقرونا برجاء , وكانا جميعا من فعل المرء بقلبه , كما قال الشاعر : ولا تدفنني في الفلاة فإنني أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها معناه : فإنني أعلم , وكما قال الآخر : أتاني كلام عن نصيب يقوله وما خفت يا سلام أنك عائبي بمعنى : وما ظننت. وقال جماعة من أهل التأويل : معنى الخوف في هذا الموضع : الخوف الذي هو خلاف الرجاء . قالوا : معنى ذلك : إذا رأيتم منهن ما تخافون أن ينشزن عليكم من نظر إلى ما لا ينبغي لهن أن ينظرن إليه , ويدخلن ويخرجن , واستربتم بأمرهن , فعظوهن واهجروهن . وممن قال ذلك محمد بن كعب. وأما قوله : نشوزهن فإنه يعني : استعلاءهن على أزواجهن , وارتفاعهن عن فرشهم بالمعصية منهن , والخلاف عليهم فيما لزمهن طاعتهم فيه , بغضا منهن وإعراضا عنهم وأصل النشوز الارتفاع , ومنه قيل للمكان المرتفع من الأرض نشز ونشاز . فعظوهن يقول : ذكروهن الله , وخوفوهن وعيده في ركوبها ما حرم الله عليها من معصية زوجها فيما أوجب عليها طاعته فيه. وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال : النشوز : البغض ومعصية الزوج : 7397 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : واللاتي تخافون نشوزهن قال : بغضهن . 7398 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : واللاتي تخافون نشوزهن قال : التي تخاف معصيتها . قال : النشوز : معصيته وخلافه . 7399 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قوله : واللاتي تخافون نشوزهن تلك المرأة تنشز وتستخف بحق زوجها ولا تطيع أمره . 7400 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , ثنا روح , قال : ثنا ابن جريج , قال : قال عطاء : النشوز : أن تحب فراقه , والرجل كذلك. ذكر الرواية عمن قال ما قلنا في قوله : فعظوهن 7401 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثنا معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : فعظوهن يعني : عظوهن بكتاب الله , قال : أمره الله إذا نشزت أن يعظها ويذكرها الله ويعظم حقه عليها . 7402 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن قال : إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها يقول لها : اتقي الله وارجعي إلى فراشك , فإن أطاعته فلا سبيل له عليها . 7403 - حدثني المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : ثنا هشيم , عن يونس , عن الحسن , قال : إذا نشزت المرأة على زوجها يعظها بلسانه , يقول : يأمرها بتقوى الله وطاعته . 7404 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن موسى بن عبيدة , عن محمد بن كعب القرظي , قال : إذا رأى الرجل خفة في صرها في مدخلها ومخرجها , قال : يقول لها بلسانه : قد رأيت منك كذا وكذا فانتهي ! فإن أعتبت فلا سبيل له عليها , وإن أبت هجر مضجعها. * - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : ثنا ابن المبارك , قال : أخبرنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله : فعظوهن قال : إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها , فإنه يقول لها : اتقي الله وارجعي . 7405 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن إسرائيل , عن جابر , عن عطاء : فعظوهن قال : بالكلام . 7406 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا حجاج , عن ابن جريج , قوله : فعظوهن قال بالألسنة. 7407 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن عمرو بن أبي قيس , عن عطاء , عن سعيد بن جبير : فعظوهن قال : عظوهن باللسان .واهجروهن في المضاجعالقول في تأويل قوله تعالى : واهجروهن في المضاجع اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم : معنى ذلك : فعظوهن في نشوزهن عليكم أيها الأزواج , فإن أبين مراجعة الحق في ذلك والواجب عليهم لكم , فاهجروهن بترك جماعهن في مضاجعتكم إياهن . ذكر من قال ذلك : 7408 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قوله : فعظوهن واهجروهن في المضاجع يعني : عظوهن , فإن أطعنكم وإلا فاهجروهن. 7409 - حدثني محمد بن مسعدة , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس : واهجروهن في المضاجع يعني بالهجران أن يكون الرجل وامرأته على فراش واحد لا يجامعها. 7410 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير , قال : الهجر : هجر الجماع . 7411 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : أما تخافون نشوزهن فإن على زوجها أن يعظها , فإن لم تقبل فليهجرها في المضجع . يقول : يرقد عندها ويوليها ظهره , ويطأ ولا يكلمها. هكذا في كتابي : " ويطؤها ولا يكلمها " . 7412 - حدثني المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : ثنا هشيم , عن جويبر , عن الضحاك في قوله : واهجروهن في المضاجع قال : يضاجعها ويهجر كلامها ويوليها ظهره . * - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : ثنا ابن المبارك , قال : أخبرنا شريك , عن عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس : واهجروهن في المضاجع قال : لا يجامعها . وقال آخرون : بل معنى ذلك : واهجروهن واهجروا كلامهن في تركهن مضاجعتكم , حتى يرجعن إلى مضاجعتكم . ذكر من قال ذلك : 7413 - حدثنا أبو كريب وأبو السائب , قالا : ثنا ابن إدريس , عن الحسن بن عبيد الله , عن أبي الضحى , عن ابن عباس في قوله : واهجروهن في المضاجع أنها لا تترك في الكلام , ولكن الهجران في أمر المضجع. 7414 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا يحيى بن واضح , قال : ثنا أبو حمزة , عن عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير : واهجروهن في المضاجع يقول : حتى يأتين مضاجعكم . 7415 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن عمرو , عن عطاء , عن سعيد بن جبير : واهجروهن في المضاجع في الجماع . 7416 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : واهجروهن في المضاجع قال : يعظها فإن هي قبلت وإلا هجرها في المضجع ولا يكلمها من غير أن يذر نكاحها , وذلك عليها شديد . 7417 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : أخبرنا شريك , عن خصيف , عن عكرمة : واهجروهن في المضاجع الكلام والحديث . ................. ذكر من قال ذلك : 7418 - حدثني الحسن بن زريق الطهوي , قال : ثنا أبو بكر بن عياش , عن منصور , عن مجاهد في قوله : واهجروهن في المضاجع قال : لا تضاجعوهن . 7419 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن الشعبي , قال : الهجران أن لا يضاجعها . 7420 - وبه قال حدثنا جرير , عن مغيرة , عن عامر وإبراهيم , قالا : الهجران في المضجع أن لا يضاجعها على فراشه . * - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا مغيرة , عن إبراهيم والشعبي , أنهما قالا في قوله : واهجروهن في المضاجع قالا : يهجر مضاجعتها حتى ترجع إلى ما يحب . * - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن مغيرة , عن إبراهيم والشعبي أنهما كانا يقولان : واهجروهن في المضاجع قال : يهجرها في المضجع . 7421 - حدثنا المثنى , قال : ثنا حبان , قال : ثنا ابن المبارك , قال : ثنا شريك , عن خصيف , عن مقسم : واهجروهن في المضاجع قال : هجرها في مضجعها : أن لا يقرب فراشها . 7422 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن موسى بن عبيدة , عن محمد بن كعب القرظي , قال : اهجروهن في المضاجع , قال : يعظها بلسانه , فإن أعتبت فلا سبيل له عليها , وإن أبت هجر مضجعها . 7423 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر عن الحسن وقتادة في قوله : فعظوهن واهجروهن قالا : إذا خاف نشوزها وعظها , فإن قبلت وإلا هجر مضجعها . 7424 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : واهجروهن في المضاجع قال : تبدأ يا ابن آدم فتعظها , فإن أبت عليك فاهجرها , يعني به : فراشها. وقال آخرون : معنى قوله : واهجروهن في المضاجع قولوا لهن من القول هجرا في تركهن مضاجعتكم . ذكر من قال ذلك : 7425 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن رجل , عن أبي صالح عن ابن عباس , في قوله : واهجروهن في المضاجع قال : يهجرها بلسانه , ويغلظ لها بالقول , ولا يدع جماعها. 7426 - وبه قال : أخبرنا الثوري , عن خصيف , عن عكرمة , قال : إنما الهجران بالمنطق أن يغلظ لها , وليس بالجماع . 7427 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا مغيرة , عن أبي الضحى , في قوله : واهجروهن في المضاجع قال : يهجر بالقول , ولا يهجر مضاجعتها حتى ترجع إلى ما يريد . 7428 - حدثنا المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : ثنا عبد الوارث بن سعيد عن رجل , عن الحسن , قال : لا يهجرها إلا في المبيت في المضجع , ليس له أن يهجر في كلام ولا شيء إلا في الفراش. 7429 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثني يعلى , عن سفيان , في قوله : واهجروهن في المضاجع قال : في مجامعتها , ولكن يقول لها : تعالي وافعلي ! كلاما فيه غلظة , فإذا فعلت ذلك فلا يكلفها أن تحبه , فإن قلبها ليس في يديها . ولا معنى للهجر في كلام العرب إلا على أحد ثلاثة أوجه : أحدها هجر الرجل كلام الرجل وحديثه , وذلك رفضه وتركه , يقال منه : هجر فلان أهله يهجرها هجرا وهجرانا . والآخر : الإكثار من الكلام بترديد كهيئة كلام الهازئ , يقال منه : هجر فلان في كلامه يهجر هجرا إذا هذى ومدد الكلمة , وما زالت تلك هجيراه وإهجيراه , ومنه قول ذي الرمة : رمى فأخطأ والأقدار غالبة فانصعن والويل هجيراه والحرب والثالث : هجر البعير إذا ربطه صاحبه بالهجار , وهو حبل يربط في حقويها ورسغها , ومنه قول امرئ القيس : رأت هلكا بنجاف الغبيط فكادت تجد لذاك الهجارا فأما القول الذي فيه الغلظة والأذى فإنما هو الإهجار , ويقال منه : أهجر فلان في منطقه : إذا قال الهجر وهو الفحش من الكلام , يهجر إهجارا وهجرا . فإذ كان لا وجه للهجر في الكلام إلا أحد المعاني الثلاثة , وكانت المرأة المخوف نشوزها إنما أمر زوجها بوعظها لتنيب إلى طاعته فيما يجب عليها له من موافاته عند دعائه إياها إلى فراشه , فغير جائز أن تكون عظته لذلك , ثم تصير المرأة إلى أمر الله وطاعة زوجها في ذلك , ثم يكون الزوج مأمورا بهجرها في الأمر الذي كانت عظته إياها عليه . وإذ كان ذلك كذلك بطل قول من قال : معنى قوله : واهجروهن في المضاجع واهجروا جماعهن . أو يكون إذ بطل هذا المعنى . بمعنى : وأهجروا كلامهن بسبب هجرهن مضاجعكم , وذلك أيضا لا وجه له مفهوم لأن الله تعالى ذكره قد أخبر على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث . على أن ذلك لو كان حلالا لم يكن لهجرها في الكلام معنى مفهوم , لأنها إذا كانت عنه منصرفة وعليه ناشزا فمن سرورها أن لا يكلمها ولا يراها ولا تراه , فكيف يؤمر الرجل في حال بغض امرأته إياه وانصرافها عنه بترك ما في تركه سرورها من ترك جماعها ومجاذبتها وتكليمها , وهو يؤمر بضربها لترتدع عما هي عليه من ترك طاعته إذا دعاها إلى فراشه , وغير ذلك مما يلزمها طاعته فيه ؟ أو يكون إذ فسد هذان الوجهان يكون معناه : واهجروا في قولكم لهم , بمعنى : ردوا عليهن كلامكم إذا كلمتموهن بالتغليظ لهن , فإن كان ذلك معناه , فلا وجه لإعمال الهجر في كناية أسماء النساء الناشزات , أعني في الهاء والنون من قوله واهجروهن لأنه إذا أريد به ذلك المعنى , كان الفعل غير واقع , إنما يقال : هجر فلان في كلامه ولا يقال : هجر فلان فلانا . فإذا كان في كل هذه المعاني ما ذكرنا من الخلل اللاحق , فأولى الأقوال بالصواب في ذلك أن يكون قوله : واهجروهن موجها معناه إلى معنى الربط بالهجار على ما ذكرنا من قيل العرب للبعير إذا ربطه صاحبه بحبل على ما وصفنا : هجره فهو يهجره هجرا. وإذا كان ذلك معناه كان تأويل الكلام : واللاتي تخافون نشوزهن , فعظوهن في نشوزهن عليكم , فإن اتعظن فلا سبيل لكم عليهن , وإن أبين الأوبة من نشوزهن فاستوثقوا منهن رباطا في مضاجعهن , يعني في منازلهن وبيوتهن التي يضطجعن بها ويضاجعن فيها أزواجهن . كما : 7430 - حدثني عباس بن أبي طالب , قال : ثنا يحيى بن أبي بكير , عن شبل , قال : سمعت أبا قزعة يحدث عن عمرو بن دينار , عن حكيم بن معاوية , عن أبيه : أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال : " يطعمها ويكسوها , ولا يضرب الوجه ولا يقبح ولا يهجر إلا في البيت " . * - حدثنا الحسن بن عرفة , قال : ثنا يزيد , عن شعبة بن الحجاج , عن أبي قزعة , عن حكيم بن معاوية عن أبيه , عن النبي صلى الله عليه وسلم , نحوه . 7431 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : ثنا ابن المبارك , قال : أخبرنا بهز بن حكيم , عن جده , قال : قلت : يا رسول الله , نساؤنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : " حرثك فأت حرثك أنى شئت , غير أن لا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت وأطعم إذا طعمت واكس إذا اكتسيت ; كيف وقد أفضى بعضكم إلى بعض إلا بما حل عليها ؟ " . وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك , قال عدة من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 7432 - حدثني المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : أخبرنا هشيم , عن الحسن , قال : إذا نشزت المرأة على زوجها , فليعظها بلسانه , فإن قبلت فذاك وإلا ضربها ضربا غير مبرح , فإن رجعت فذاك , وإلا فقد حل له أن يأخذ منها ويخليها. 7433 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن الحسن بن عبيد الله , عن أبي الضحى , عن ابن عباس في قوله : واهجروهن في المضاجع واضربوهن قال : يفعل بها ذاك ويضربها حتى تطيعه في المضاجع , فإذا أطاعته في المضجع فليس له عليها سبيل إذا ضاجعته . 7434 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان , قال : ثنا ابن المبارك , قال : أخبرنا يحيى بن بشر أنه سمع عكرمة يقول في قوله : واهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اضربوهن إذا عصينكم في المعروف ضربا غير مبرح " . قال أبو جعفر : فكل هؤلاء الذين ذكرنا قولهم لم يوجبوا للهجر معنى غير الضرب , ولم يوجبوا هجرا إذا كان هيئة من الهيئات التي تكون بها المضروبة عند الضرب مع دلالة الخبر الذي رواه عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بضربهن إذا عصين أزواجهن في المعروف من غير أمر منه أزواجهن بهجرهن لما وصفنا من العلة . فإن ظن ظان أن الذي قلنا في تأويل الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه عكرمة , ليس كما قلنا , وصح أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل بهجر زوجته إذا عصته في المعروف وأمره بضربها قبل الهجر , لو كان دليلا على صحة ما قلنا من أن معنى الهجر هو ما بيناه , لوجب أن يكون لا معنى لأمر الله زوجها أن يعظها إذا هي نشزت , إذ كان لا ذكر للعظة في خبر عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم , فإن الأمر في ذلك بخلاف ما ظن ; وذلك أن قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا عصينكم في المعروف " دلالة بينة أنه لم يبح للرجل ضرب زوجته إلا بعد عظتها من نشوزها , وذلك أنه لا تكون له عاصية , إلا وقد تقدم منه لها أمر أو عظة بالمعروف على ما أمر الله تعالى ذكره به .واضربوهنالقول في تأويل قوله تعالى : واضربوهن يعني بذلك جل ثناؤه : فعظوهن أيها الرجال في نشوزهن , فإن أبين الإياب إلى ما يلزمهن لكم فشدوهن وثاقا في منازلهن , واضربوهن ليؤبن إلى الواجب عليهن من طاعة الله في اللازم لهن من حقوقكم . وقال أهل التأويل : صفة الضرب التي أباح الله لزوج الناشز أن يضربها الضرب غير المبرح . ذكر من قال ذلك : 7435 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام , عن عمرو , عن عطاء , عن سعيد بن جبير : واضربوهن قال : ضربا غير مبرح. * - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا يحيى بن واضح , قال : أخبرنا أبو حمزة , عن عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير , مثله . 7436 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن الشعبي , قال : الضرب غير المبرح . 7437 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : ثنا ابن المبارك , قال : أخبرنا شريك , عن عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس : واضربوهن قال : ضربا غير مبرح. 7438 - حدثنا المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : واهجروهن في المضاجع واضربوهن , قال : تهجرها في المضجع , فإن أقبلت وإلا فقد أذن الله لك أن تضربها ضربا غير مبرح , ولا تكسر لها عظما , فإن أقبلت , وإلا فقد حل لك منها الفدية . 7439 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الحسن وقتادة في قوله : واضربوهن قال : ضربا غير مبرح . 7440 - وبه قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا ابن جريج , قال : قلت لعطاء : واضربوهن قال : ضربا غير مبرح . 7441 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد بن زريع , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : واهجروهن في المضاجع واضربوهن قال : تهجرها في المضجع , فإن أبت عليك فاضربها ضربا غير مبرح ; أي غير شائن . 7442 - حدثنا المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن عيينة , عن ابن جريج , عن عطاء , قال : قلت لابن عباس : ما الضرب غير المبرح , قال : السواك وشبهه يضربها به . * - حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري , قال : ثنا ابن عيينة , عن ابن جريج , عن عطاء , قال : قلت لابن عباس : ما الضرب غير المبرح ؟ قال : بالسواك ونحوه . 7443 - حدثنا المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : أخبرنا ابن عيينة , عن ابن جريج , عن عطاء , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته : " ضربا غير مبرح " قال : السواك ونحوه . 7444 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تهجروا النساء إلا في المضاجع , واضربوهن ضربا غير مبرح " يقول : غير مؤثر . 7445 - حدثنا ابن وكيع , قال : حدثنا أبي , عن إسرائيل , عن جابر , عن عطاء : واضربوهن قال : ضربا غير مبرح . 7446 - حدثنا المثنى , قال : ثنا حبان , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : ثنا يحيى بن بشر , عن عكرمة مثله . 7447 - حدثنا محمد بن الحسين , قال : ثنا أحمد بن مفضل , قال : ثنا أسباط , عن السدي : واضربوهن قال : إن أقبلت في الهجران , وإلا ضربها ضربا غير مبرح . 7448 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن موسى بن عبيدة , عن محمد بن كعب , قال : تهجر مضجعها ما رأيت أن تنزع , فإن لم تنزع ضربها ضربا غير مبرح . 7449 - حدثني المثنى , قال : ثنا عمرو بن عون , قال : ثنا هشيم , عن يونس , عن الحسن : واضربوهن قال : ضربا غير مبرح . * - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان , قال : ثنا ابن المبارك , قال : أخبرنا عبد الوارث بن سعيد , عن رجل , عن الحسن , قال : ضربا غير مبرح , غير مؤثر .فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاالقول في تأويل قوله تعالى : فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا يعني بذلك جل ثناؤه : فإن أطعنكم أيها الناس نساؤكم اللاتي تخافون نشوزهن عند وعظكم إياهن فلا تهجروهن في المضاجع , فإن لم يطعنكم فاهجروهن في المضاجع واضربوهن , فإن راجعن طاعتكم عند ذلك وفئن إلى الواجب عليهن , فلا تطلبوا طريقا إلى أذاهن ومكروههن , ولا تلتمسوا سبيلا إلى ما لا يحل لكم من أبدانهن وأموالهن بالعلل , وذلك أن يقول أحدكم لإحداهن وهي له مطيعة : إنك لست تحبيني وأنت لي مبغضة , فيضربها على ذلك أو يؤذيها , فقال الله تعالى للرجال : فإن أطعنكم أي على بغضهن لكم فلا تجنوا عليهن , ولا تكلفوهن محبتكم , فإن ذلك ليس بأيديهن فتضربوهن أو تؤذوهن عليه. ومعنى قوله : فلا تبغوا لا تلتمسوا ولا تطلبوا , من قول القائل : بغيت الضالة : إذا التمستها , ومنه قول الشاعر في صفة الموت : بغاك وما تبغيه حتى وجدته كأنك قد واعدته أمس موعدا بمعنى : طلبك وما تطلبه. وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 7450 - حدثنا المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , في قوله : فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا قال : إذا أطاعتك فلا تتجن عليها العلل . * - حدثنا ابن حميد , قال : حدثنا جرير , عن الحسن بن عبيد الله , عن أبي الضحى , عن ابن عباس , قال : إذا أطاعته فليس له عليها سبيل إذا ضاجعته . 7451 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا ابن جريج , قوله : فلا تبغوا عليهن سبيلا قال : العلل . 7452 - وقال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : قال الثوري في قوله : فإن أطعنكم قال : إن أتت الفراش وهي تبغضه . 7453 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا يعلى , عن سفيان , قال : إذا فعلت ذلك لا يكلفها أن تحبه , لأن قلبها ليس في يديها. 7454 - حدثنا المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : إن أطاعته فضاجعته , فإن الله يقول : فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا 7455 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا يقول : فإن أطاعتك فلا تبغي عليها العلل .إن الله كان عليا كبيراالقول في تأويل قوله تعالى : إن الله كان عليا كبيرا يقول : إن الله ذو علو على كل شيء , فلا تبغوا أيها الناس على أزواجكم إذا أطعنكم فيما ألزمهن الله لكم من حق سبيلا لعلو أيديكم على أيديهن , فإن الله أعلى منكم ومن كل شيء , وأعلى منكم عليهن , وأكبر منكم ومن كل شيء , وأنتم في يده وقبضته , فاتقوا الله أن تظلموهن وتبغوا عليهن سبيلا وهن لكم مطيعات , فينتصر لهن منكم ربكم الذي هو أعلى منكم ومن كل شيء , وأكبر منكم ومن كل شيء .
﴿ الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا ﴾