هذا الذي حلَّ بكم مِن عذاب الله؛ بسبب أنكم اتخذتم آيات الله وحججه هزوًا ولعبًا، وخدعتكم زينة الحياة الدنيا، فاليوم لا يُخرجون من النار، ولا هم يُرَدُّون إلى الدنيا؛ ليتوبوا ويعملوا صالحًا.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله» القرآن «هزواً وغرتكم الحياة الدنيا» حتى قلتم لا بعث ولا حساب «فاليوم لا يخرجون» بالبناء للفاعل وللمفعول «منها» من النار «ولا هم يستعتبون» لا يطلب منهم أن يرضوا ربهم بالتوبة والطاعة لأنها لا تنفع يومئذ.
﴿ تفسير السعدي ﴾
ذَلِكُمْ الذي حصل لكم من العذاب ب سبب أنكم اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا مع أنها موجبة للجد والاجتهاد وتلقيها بالسرور والاستبشار والفرح. وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا بزخارفها ولذاتها وشهواتها فاطمأننتم إليها، وعملتم لها وتركتم العمل للدار الباقية. فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ أي: ولا يمهلون ولا يردون إلى الدنيا ليعملوا صالحا.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا ) حتى قلتم : لا بعث ولا حساب ( فاليوم لا يخرجون منها ) قرأ حمزة والكسائي بفتح الياء وضم الراء ، وقرأ الآخرون بضم الياء وفتح الراء ( ولا هم يستعتبون ) لا يطلب منهم أن يرجعوا إلى طاعة الله ، لأنه لا يقبل ذلك اليوم عذرا ولا توبة .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- الأسباب التي أدت بهم إلى هذا المصير السيئ فقال: ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً.أى: ذلكم العذاب المبين الذي نزل بكم سببه أنكم استهزأتم بآيات القرآن الكريم، وسخرتم منها، وكذبتم من جاء بها.وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا أى: وخدعتكم الحياة الدنيا بزخارفها ومتعها وشهواتها.فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها أى: من النار.وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ أى: ولا هم يطلب منهم أن يرضوا ربهم، بأن يتوبوا إليه مما كان منهم من كفر وفسوق في الدنيا، لأن التوبة قد فات أوانها.فقوله: يُسْتَعْتَبُونَ من العتب- بفتح العين وسكون التاء- وهي الموجدة. يقال:عتب عليه يعتب، إذا وجد عليه، فإذا فاوضه فيما عتب عليه فيه، قيل: عاتبه.والمقصود من الآية الكريمة أن هؤلاء الكافرين لا يقبل منهم في هذا اليوم عذر أو توبة.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
قال الله تعالى : ( ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا ) أي : إنما جازيناكم هذا الجزاء لأنكم اتخذتم حجج الله عليكم سخريا ، تسخرون وتستهزئون بها ، ( وغرتكم الحياة الدنيا ) أي : خدعتكم فاطمأننتم إليها ، فأصبحتم من الخاسرين ; ولهذا قال : ( فاليوم لا يخرجون منها ) أي : من النار ( ولا هم يستعتبون ) أي : لا يطلب منهم العتبى ، بل يعذبون بغير حساب ولا عتاب ، كما تدخل طائفة من المؤمنين الجنة بغير عذاب ولا حساب .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون .قوله تعالى : ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله يعني القرآن . هزوا : لعبا . وغرتكم الحياة الدنيا أي خدعتكم بأباطيلها وزخارفها ، فظننتم أن ليس ثم غيرها ، وأن لا بعث . فاليوم لا يخرجون منها أي من النار . ولا هم يستعتبون يسترضون . وقد تقدم وقرأ حمزة والكسائي ( فاليوم لا يخرجون ) بفتح الياء وضم الراء لقوله تعالى : كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها الباقون بضم الياء وفتح الراء ، لقوله تعالى : ربنا أخرجنا ونحوه .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35)يقول تعالى ذكره: يقال لهم: هذا الذي حلّ بكم من عذاب الله اليوم (بِأَنَّكُمْ) في الدنيا( اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ), وهي حججه وأدلته وآي كتابه التي أنزلها على رسوله صلى الله عليه وسلم (هُزُوًا) يعني سخرية تسخرون منها( وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ) يقول: وخدعتكم زينة الحياة الدنيا. فآثرتموها على العمل لما ينجيكم اليوم من عذاب الله، يقول تعالى ذكره: ( فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا ) مِنَ النَّارِ ( وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ) يقول: ولا هم يردّون إلى الدنيا ليتوبوا ويراجعوا الإنابة مما عوقبوا عليه.
﴿ ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون ﴾