القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 45 سورة الإسراء - وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين

سورة الإسراء الآية رقم 45 : سبع تفاسير معتمدة

سورة وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين - عدد الآيات 111 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 45 من سورة الإسراء عدة تفاسير - سورة الإسراء : عدد الآيات 111 - - الصفحة 286 - الجزء 15.

سورة الإسراء الآية رقم 45


﴿ وَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ جَعَلۡنَا بَيۡنَكَ وَبَيۡنَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ حِجَابٗا مَّسۡتُورٗا ﴾
[ الإسراء: 45]

﴿ التفسير الميسر ﴾

وإذا قرأت القرآن فسمعه هؤلاء المشركون، جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا ساترًا يحجب عقولهم عن فَهْمِ القرآن؛ عقابًا لهم على كفرهم وإنكارهم.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا» أي ساترا لك عنهم فلا يرونك، نزل فيمن أراد الفتك به صلى الله عليه وسلم

﴿ تفسير السعدي ﴾

يخبر تعالى عن عقوبته للمكذبين بالحق الذين ردوه وأعرضوا عنه أنه يحول بينهم وبين الإيمان فقال: وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ الذي فيه الوعظ والتذكير والهدى والإيمان والخير والعلم الكثير.
جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا يسترهم عن فهمه حقيقة وعن التحقق بحقائقه والانقياد إلى ما يدعو إليه من الخير.


﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله عز وجل : ( وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ( يحجب قلوبهم عن فهمه والانتفاع به .
قال قتادة : هو الأكنة والمستور بمعنى الساتر كقوله : " إنه كان وعده مأتيا " ( مريم - 61 ) مفعول بمعنى فاعل .
وقيل مستور عن أعين الناس فلا يرونه .
وفسره بعضهم بالحجاب عن الأعين الظاهرة ، كما روي عن سعيد بن جبير أنه لما نزلت : " تبت يدا أبي لهب " جاءت امرأة أبي لهب ومعها حجر والنبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر فلم تره فقالت لأبي بكر : أين صاحبك لقد بلغني أنه هجاني؟ فقال : والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله فرجعت وهي تقول قد كنت جئت بهذا الحجر لأرضخ رأسه فقال أبو بكر : ما رأتك يا رسول الله؟ قال : لا لم يزل ملك بيني وبينها يسترني .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

والخطاب في قوله- تعالى-: وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ .
.
.
للرسول صلى الله عليه وسلم وقوله حِجاباً من الحجب بمعنى المنع.
قال صاحب المصباح: حجبه حجبا- من باب قتل-: منعه.
ومنه قيل للستر:حجاب لأنه يمنع المشاهدة.
وقيل للبواب: حاجب، لأنه يمنع من الدخول.
والأصل في الحجاب: جسم حائل بين جسدين، وقد استعمل في المعاني فقيل: العجز حاجب، أى: بين الإنسان ومراده.
.
.
وقوله مَسْتُوراً ساترا، فهو من إطلاق اسم المفعول وإرادة اسم الفاعل.
كميمون بمعنى يامن.
ومشئوم بمعنى شائم.
واختار بعضهم أن مستورا على معناه الظاهر، من كونه اسم مفعول، لأن ذلك الحجاب مستور عن أعين الناس فلا يرونه، أو مستورا به القارئ فلا يراه غيره، ويجوز أن يكون مستورا، أى: ذا ستر فهو للنسب كمكان مهول: ذو هول.
.
وللمفسرين في تفسير هذه الآية أقوال، أشهرها قولان:أولهما يرى أصحابه، أن المراد بالحجاب المستور: ما حجب الله به قلوب هؤلاء الكافرين عن الانتفاع بهدى القرآن الكريم، بسبب جحودهم وجهلهم وإصرارهم على كفرهم.
فهو حجاب معنوي خفى، حال بينهم وبين الانتفاع بالقرآن.
فهم يستمعون إليه، ولكنهم يجاهدون قلوبهم ألا ترق له، ويمانعون فطرتهم عن التأثر به، فكان استماعهم له كعدمه، وعاقبهم الله على ذلك بأن طمس بصائرهم عن فقهه.
والمعنى: وإذا قرأت- أيها الرسول الكريم- القرآن الهادي إلى الطريق التي هي أقوم، جعلنا- بقدرتنا، ومشيئتنا-، بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة، حجابا يحجبهم ويمنعهم عن إدراك أسراره وهداياته، وساترا بينك وبينهم، بحيث لا يصل القرآن إلى قلوبهم وصول انتفاع وهداية.
ويشهد لهذا المعنى قوله- تعالى-: وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ، وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ، فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ .
ومن المفسرين الذين اكتفوا بهذا القول، فلم يذكروا غيره، الإمام البيضاوي، فقد قال- رحمه الله: قوله: وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا يحجبهم عن فهم ما تقرؤه عليهم مَسْتُوراً ذا ستر: كقوله- تعالى-: إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا أى مستورا عن الحس.
.
.
أما القول الثاني فيرى أصحابه: أن المراد بالحجاب المستور، أن الله- تعالى- يحجب نبيه صلى الله عليه وسلم عن أعين المشركين، بحيث لا يرونه في أوقات معينة، لحكم منها: النجاة من شرورهم.
فيكون المعنى: وإذا قرأت القرآن- أيها الرسول الكريم- جعلنا بينك وبين هؤلاء الكافرين، حجابا ساترا لك عنهم بحيث لا يرونك، عند ما تكون المصلحة في ذلك.
وقد استشهد أصحاب هذا القول بما أخرجه الحافظ أبو يعلى عن أسماء بنت أبى بكر قالت: لما نزلت سورة تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ جاءت العوراء أم جميل ولها ولولة، وفي يدها فهر- أى حجر- وهي تقول: مذمّما أتينا، وأمره عصينا، ودينه قلينا ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، وأبو بكر إلى جنبه.
فقال أبو بكر: يا رسول الله، لقد أقبلت هذه وأخاف أن تراك، فقال صلى الله عليه وسلم: «إنها لن تراني» وقرأ قرآنا اعتصم به منها، ومما قرأه-: وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً.
فجاءت حتى قامت على أبى بكر، فلم تر النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا أبا بكر، بلغني أن صاحبك هجانى: فقال أبو بكر: لا ورب هذا البيت ما هجاك.
فانصرفت وهي تقول: لقد علمت قريش أنى بنت سيدها .
ومن المفسرين الذين استظهروا هذا القول، الإمام القرطبي، فقد قال بعد أن ذكر ما روى عن أسماء بنت أبى بكر- رضى الله عنهما-: وقال سعيد بن جبير: لما نزلت سورة تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ جاءت امرأة أبى لهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر، فقال أبو بكر لو تنحيت عنها لئلا تسمعك ما يؤذيك فإنها امرأة بذيّة.
فقال صلى الله عليه وسلم: «إنه سيحال بيني وبينها» فلم تره.
فقالت لأبى بكر: يا أبا بكر هجانا صاحبك.
فقال أبو بكر: والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله.
فاندفعت راجعة.
فقال أبو بكر:يا رسول الله، أما رأتك؟.
قال: لا.
ما زال ملك بيني وبينها يسترني حتى ذهبت.
ثم قال القرطبي: وقيل: الحجاب المستور، طبع الله على قلوبهم حتى لا يفقهوه:ولا يدركوا ما فيه من الحكمة.
قاله قتادة.
وقال الحسن: أى أنهم لإعراضهم عن قراءتك، وتغافلهم عنك كمن بينك وبينه حجاب في عدم رؤيتهم لك، حتى كأن على قلوبهم أغطية .
.
.
ثم قال: والقول الأول أظهر في الآية .
ويبدو لنا أن كلا القولين صحيح في ذاته، وأن كل واحد منهما يحكى حالات معينة، ويشهد لذلك ما نقله الجمل في حاشيته على الجلالين عن شيخه فقد قال- رحمه الله-.
قوله:حِجاباً مَسْتُوراً، أى: ساترا لك عنهم فلا يرونك وهذا بالنسبة لبعضهم، كان يحجب بصره عن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراده بمكروه وهو يقرأ القرآن: وبعضهم كان يحجب قلبه عن إدراك معاني القرآن.
.
وبعضهم كان ينفر عند قراءة القرآن.
.
.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وإذا قرأت يا محمد على هؤلاء المشركين القرآن جعلنا بينك وبينهم حجابا مستوراقال قتادة وابن زيد هو الأكنة على قلوبهم كما قال تعالى : ( وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب ) [ فصلت 5 ] أي مانع حائل أن يصل إلينا مما تقول شيءوقوله : ( حجابا مستورا ) أي بمعنى ساتر كميمون ومشئوم بمعنى يامن وشائم لأنه من يمنهم وشأمهموقيل مستورا عن الأبصار فلا تراه وهو مع ذلك حجاب بينهم وبين الهدى ومال إلى ترجيحه ابن جرير رحمه اللهوقال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا أبو موسى الهروي إسحاق بن إبراهيم حدثنا سفيان عن الوليد بن كثير عن يزيد بن تدرس عن أسماء بنت أبي بكر [ الصديق رضي الله عنها ، قالت لما نزلت ) تبت يدا أبي لهب وتب ) [ سورة المسد ] جاءت العوراء أم جميل ولها ولولة وفي يدها فهر وهي تقول مدمما أتينا أو أبينا ، قال أبو موسى الشك مني ودينه قلينا وأمره عصينا ورسول الله جالس وأبو بكر إلى جنبه أو قال معه قال : فقال أبو بكر لقد أقبلت هذه وأنا أخاف أن تراك فقال إنها لن تراني وقرأ قرآنا اعتصم به منها ) وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ) . قال فجاءت حتى قامت على أبي بكر فلم تر النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا أبا بكر بلغني أن صاحبك هجاني فقال أبو بكر لا ورب هذا البيت ما هجاك قال فانصرفت وهي تقول لقد علمت قريش أني بنت سيدها .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله تعالى عنهما - قالت : لما نزلت سورة تبت يدا أبي لهب أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ولها ولولة وفي يدها فهر وهي تقول :مذمما عصينا وأمره أبيناودينه قليناوالنبي - صلى الله عليه وسلم - قاعد في المسجد ومعه أبو بكر - رضي الله عنه - ; فلما رآها أبو بكر قال : يا رسول الله ، لقد أقبلت وأنا أخاف أن تراك ! قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنها لن تراني وقرأ قرآنا فاعتصم به كما قال .
وقرأ وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا .
فوقفت على أبي بكر - رضي الله عنه - ولم تر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا أبا بكر ، أخبرت أن صاحبك هجاني ! فقال : لا ورب هذا البيت ما هجاك .
قال : فولت وهي تقول : قد علمت قريش أني ابنة سيدها .
وقال سعيد بن جبير - رضي الله عنه - : لما نزلت تبت يدا أبي لهب وتب جاءت امرأة أبي لهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه أبو بكر - رضي الله عنه - ، فقال أبو بكر : لو تنحيت عنها لئلا تسمعك ما يؤذيك ، فإنها امرأة بذية .
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إنه سيحال بيني وبينها فلم تره .
فقالت لأبي بكر : يا أبا بكر ، هجانا صاحبك ! فقال : والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله .
فقالت : وإني لمصدقة ; فاندفعت راجعة .
فقال أبو بكر - رضي الله عنه - : يا رسول الله ، أما رأتك ؟ قال : لا ما زال ملك بيني وبينها يسترني حتى ذهبت .
وقال كعب - رضي الله عنه - في هذه الآية : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستتر من المشركين بثلاث آيات : الآية التي في الكهف إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا ، والآية في النحل أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم ، والآية التي في الجاثية أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة الآية .
فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأهن يستتر من المشركين .
قال كعب - رضي الله تعالى عنه - : فحدثت بهن رجلا من أهل الشام ، فأتى أرض الروم فأقام بها زمانا ، ثم خرج هاربا فخرجوا في طلبه فقرأ بهن فصاروا يكونون معه على طريقه ولا يبصرونه .
قالالثعلبي : وهذا الذي يروونه عن كعب حدثت به رجلا من أهل الري فأسر بالديلم ، فمكث زمانا ثم خرج هاربا فخرجوا في طلبه فقرأ بهن حتى جعلت ثيابهن لتلمس ثيابه فما يبصرونه .
قلت : ويزاد إلى هذه الآي أول سورة يس إلى قوله فهم لا يبصرون .
فإن في السيرة في هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومقام علي - رضي الله عنه - في فراشه قال : وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ حفنة من تراب في يده ، وأخذ الله - عز وجل - على أبصارهم عنه فلا يرونه ، فجعل ينثر ذلك التراب على رءوسهم وهو يتلو هذه الآيات من يس : يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم - إلى قوله - وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون .
حتى فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذه الآيات ، ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا ، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب .
قلت : ولقد اتفق لي ببلادنا الأندلس بحصن منثور من أعمال قرطبة مثل هذا .
وذلك أني هربت أمام العدو وانحزت إلى ناحية عنه ، فلم ألبث أن خرج في طلبي فارسان وأنا في فضاء من الأرض قاعد ليس يسترني عنهما شيء ، وأنا أقرأ أول سورة يس وغير ذلك من القرآن ; فعبرا علي ثم رجعا من حيث جاءا وأحدهما يقول للآخر : هذا ديبلة ; يعنون شيطانا .
وأعمى الله - عز وجل - أبصارهم فلم يروني ، والحمد لله حمدا كثيرا على ذلك .
وقيل : الحجاب المستور طبع الله على قلوبهم حتى لا يفقهوه ولا يدركوا ما فيه من الحكمة ; قاله قتادة .
وقال الحسن : أي أنهم لإعراضهم عن قراءتك وتغافلهم عنك كمن بينك وبينه حجاب في عدم رؤيته لك حتى كأن على قلوبهم أغطية .
وقيل : نزلت في قوم كانوا يؤذون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ القرآن ، وهم أبو جهل وأبو سفيان والنضر بن الحارث وأم جميل أمرأة أبي لهب وحويطب ; فحجب الله - سبحانه وتعالى - رسوله - صلى الله عليه وسلم - عن أبصارهم عند قراءة القرآن ، وكانوا يمرون به ولا يرونه ; قاله الزجاج وغيره .
وهو معنى القول الأول بعينه ، وهو الأظهر في الآية ، والله أعلم .
وقوله : مستورا فيه قولان : أحدهما - أن الحجاب مستور عنكم لا ترونه .
والثاني : أن الحجاب ساتر عنكم ما وراءه ; ويكون مستورا به بمعنى ساتر .

﴿ تفسير الطبري ﴾

يقول تعالى ذكره: وإذا قرأت يا محمد القرآن على هؤلاء المشركين الذين لا يصدقون بالبعث، ولا يقرّون بالثواب والعقاب، جعلنا بينك وبينهم حجابا، يحجب قلوبهم عن أن يفهموا ما تقرؤه عليهم، فينتفعوا به، عقوبة منا لهم على كفرهم.
والحجاب ههنا: هو الساتر.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا ) الحجاب المستور أكنة على قلوبهم أن يفقهوه وأن ينتفعوا به، أطاعوا الشيطان فاستحوذ عليهم.
حدثنا محمد، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (حِجَابًا مَسْتُورًا) قال: هي الأكنة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا ) قال: قال أُبيّ: لا يفقهونه، وقرأ قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ لا يخلص ذلك إليهم.
وكان بعض نحويي أهل البصرة يقول: معنى قوله (حِجابًا مَسْتُورًا) حِجابا ساترا، ولكنه أخرج وهو فاعل في لفظ المفعول، كما يقال: إنك مشئوم علينا وميمون، وإنما هو شائم ويامن، لأنه من شأمهم ويمنهم.
قال: والحجاب ههنا: هو الساتر، وقال: مستورا.
وكان غيره من أهل العربية يقول: معنى ذلك: حجابا مستورا عن العباد فلا يرونه.
وهذا القول الثاني أظهر بمعنى الكلام أن يكون المستور هو الحجاب، فيكون معناه: أن لله سترا عن أبصار الناس فلا تدركه أبصارهم، وإن كان للقول الأوّل وجه مفهوم.

﴿ وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ﴾

قراءة سورة الإسراء

المصدر : تفسير : وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين