قل -أيها الرسول-: جاء الحق والشرع العظيم من الله، وذهب الباطل واضمحلَّ سلطانه، فلم يبق للباطل شيء يبدؤه ويعيده.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«قل جاء الحق» الإسلام «وما يبدئ الباطل» الكفر «وما يعيد» أي لم يبق له أثر.
﴿ تفسير السعدي ﴾
فيعلم بها عباده, ويبينها لهم, ولهذا قال: قُلْ جَاءَ الْحَقُّ أي: ظهر وبان, وصار بمنزلة الشمس, وظهر سلطانه، وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ أي: اضمحل وبطل أمره, وذهب سلطانه, فلا يبدئ ولا يعيد.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( قل جاء الحق ) يعني : القرآن والإسلام ( وما يبدئ الباطل وما يعيد ) أي : ذهب الباطل وزهق فلم يبق منه بقية يبدئ شيئا أو يعيد ، كما قال تعالى : " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه " ( الأنبياء - 48 ) ، وقال قتادة : " الباطل " هو إبليس ، وهو قول مقاتل والكلبي ، وقيل : " الباطل " : الأصنام .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أمره- عز وجل- للمرة الرابعة أن يبين لهم أن باطلهم سيزول لا محالة وسينتهي أمره انتهاء لن تقوم له بعد قائمة فقال- تعالى- قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ والإبداء: هو فعل الأمر ابتداء. والإعادة: فعله مرة أخرى، ولا يخلو الحي منهما، فعدمهما كناية عن هلاكه. كما يقول: فلان لا يأكل ولا يشرب، كناية عن هلاكه.أى: قل أيها الرسول لهؤلاء الكافرين، لقد جاء الحق المتمثل في دين الإسلام الذي أرسلنى به إليكم ربي، ومادام الإسلام قد جاء، فإن الباطل المتمثل في الكفر الذي أنتم عليه، قد آن له أن يذهب وأن يزول، وأن لا يبقى له إبداء أو إعادة، فقد اندثر وأهيل عليه بالتراب إلى غير رجعة.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ) أي : جاء الحق من الله والشرع العظيم ، وذهب الباطل وزهق واضمحل ، كقوله : ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه ) [ فإذا هو زاهق ] ) [ الأنبياء : 18 ] ، ولهذا لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد الحرام يوم الفتح ، ووجد تلك الأصنام منصوبة حول الكعبة ، جعل يطعن الصنم بسية قوسه ، ويقرأ : ( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) ، ( قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ) . رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وحده عند هذه الآية ، كلهم من حديث الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة ، عن ابن مسعود ، به .أي : لم يبق للباطل مقالة ولا رياسة ولا كلمة .وزعم قتادة والسدي : أن المراد بالباطل هاهنا إبليس ، إنه لا يخلق أحدا ولا يعيده ، ولا يقدر على ذلك . وهذا وإن كان حقا ولكن ليس هو المراد هاهنا والله أعلم .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد .قوله تعالى : قل جاء الحق قال سعيد عن قتادة : يريد القرآن . النحاس : والتقدير جاء صاحب الحق أي الكتاب الذي فيه البراهين والحجج . وما يبدئ الباطل قال قتادة : الشيطان ; أي ما يخلق الشيطان أحدا وما يعيد ف ( ما ) نفي . ويجوز أن يكون استفهاما بمعنى أي شيء ; أي جاء الحق فأي شيء بقي للباطل حتى يعيده ويبدئه أي فلم يبق منه شيء ، كقوله : فهل ترى لهم من باقية أي لا ترى .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49)(قُلْ جَاءَ الْحَقُّ) يقول: قل لهم يا محمد: جاء القرآن ووحي الله ( وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ ) يقول: وما ينشىء الباطل خلقًا، والباطل هو فيما فسره أهل التأويل: إبليس (وَمَا يُعِيدُ) يقول: ولا يعيده حيًّا بعد فنائه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ : أي بالوحي عَلامُ الْغُيُوبِ * قُلْ جَاءَ الْحَقُّ أي: القرآن ( وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ ) والباطل: إبليس، أي: ما يخلق إبليس أحدًا ولا يبعثه.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلامُ الْغُيُوبِ فقرأ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ ... إلى قوله وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ قال: يزهق الله الباطل، ويثبت الله الحق الذي دمغ به الباطل، يدمغ بالحق على الباطل، فيهلك الباطل ويثبت الحق، فذلك قوله: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلامُ الْغُيُوبِ .