انظر إليهم -أيها الرسول- متعجبًا من أمرهم، كيف يختلقون على الله الكذب، وهو المنزَّه عن كل ما لا يليق به؟ وكفى بهذا الاختلاق ذنبًا كبيرًا كاشفًا عن فساد معتقدهم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«اُنظر» متعجبا «كيف يفترون على الله الكذب» بذلك «وكفى به إثما مبينا» بيِّنا.
﴿ تفسير السعدي ﴾
انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ أي: بتزكيتهم أنفسهم، لأن هذا من أعظم الافتراء على الله. لأن مضمون تزكيتهم لأنفسهم الإخبار بأن الله جعل ما هم عليه حقا وما عليه المؤمنون المسلمون باطلا. وهذا أعظم الكذب وقلب الحقائق بجعل الحق باطلا، والباطلِ حقًّا. ولهذا قال: وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا أي: ظاهرا بينا موجبا للعقوبة البليغة والعذاب الأليم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله تعالى : ( انظر ) يا محمد ، ( كيف يفترون على الله ) يختلقون على الله ، ( الكذب ) في تغييرهم كتابه ، ( وكفى به ) بالكذب ( إثما مبينا )
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أكد- سبحانه- التعجيب من أحوالهم فقال: انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ....أى: انظر أيها العاقل كيف يفترى هؤلاء اليهود على الله الكذب في تزكيتهم لأنفسهم مع كفرهم وعنادهم وارتكابهم الأفعال القبيحة التي تجعلهم أهلا لكل مذمة وسوء عاقبة.وقد جعل- سبحانه- افتراءهم الكذب لشدة تحقق وقوعه، كأنه أمر مرئى يراه الناس بأعينهم، ويشاهدونه بأبصارهم.وقوله وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً أى: وكفى بافترائهم الكذب على الله إثما ظاهرا بينا يستحقون يسببه أشد العقوبات، وأغلظ الإهانات.قال القرطبي ما ملخصه: قوله- تعالى- أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ يقتضى الغض من المزكى لنفسه بلسانه، والإعلان بأن الزاكي المزكى من حسنت أفعاله، وزكاه الله- تعالى-، فلا عبرة بتزكية الإنسان نفسه، وإنما العبرة بتزكية الله له.وأما تزكية الغير ومدحه له ففي البخاري من حديث أبى بكرة أن رجلا ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليه رجل خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ويحك قطعت عنق صاحبك- يقوله مرارا- إن كان أحدكم مادحا لا محالة فليقل أحسب كذا وكذا إن كان يرى أنه كذلك، وحسبه الله ولا يزكى على الله أحدا» . فنهى صلى الله عليه وسلم أن يفرط في مدح الرجل بما ليس فيه ... فيحمله ذلك على تضييع العمل وترك الازدياد من الفضل ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «ويحك قطعت عنق صاحبك» .ومدح الرجل بما فيه من الفعل الحسن والأمر المحمود ليكون منه ترغيبا له في أمثاله، وتحريضا للناس على الاقتداء به في أشباهه ليس مدحا مذموما.وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم في الشعر والخطب والمخاطبة. ومدح صلى الله عليه وسلم أصحابه فقال: «إنكم لتقلون عند الطمع وتكثرون عند الفزع» .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( انظر كيف يفترون على الله الكذب ) أي : في تزكيتهم أنفسهم ودعواهم أنهم أبناء الله وأحباؤه وقولهم : ( لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) [ البقرة : 111 ] وقولهم : ( لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ) [ البقرة : 80 ] واتكالهم على أعمال آبائهم الصالحة ، وقد حكم الله أن أعمال الآباء لا تجزي عن الأبناء شيئا ، في قوله : ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم [ ولا تسألون عما كانوا يعملون ] ) [ البقرة : 141 ] .ثم قال : ( وكفى به إثما مبينا ) أي : وكفى بصنعهم هذا كذبا وافتراء ظاهرا .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبيناثم عجب النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال : انظر كيف يفترون على الله الكذب في قولهم : نحن أبناء الله وأحباؤه . وقيل : تزكيتهم لأنفسهم ؛ عن ابن جريج . وروي أنهم قالوا : ليس لنا ذنوب إلا كذنوب أبنائنا يوم تولد . والافتراء الاختلاق ؛ ومنه افترى فلان على فلان أي رماه بما ليس فيه . وفريت الشيء قطعته . وكفى به إثما مبينا نصب على البيان . والمعنى تعظيم الذنب وذمه . العرب تستعمل مثل ذلك في المدح والذم .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله : انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (50)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: انظر، يا محمد، كيف يفتري هؤلاء الذين يزكون أنفسهم من أهل الكتاب = القائلون: نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ، وأنه لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى، الزاعمون أنه لا ذنوب لهم = الكذبَ والزور من القول، فيختلقونه على الله =" وكفى به "، يقول: وحسبهم بقيلهم ذلك الكذبَ والزورَ على الله =" إثمًا مبينًا "، يعني أنه يبين كذبهم لسامعيه، ويوضح لهم أنهم أفَكَةٌ فجرة، (59) كما:-9763 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ ، قال: هم اليهود والنصارى =" انظر كيف يفترون على الله الكذب " (60)--------------------الهوامش :(59) انظر تفسير ألفاظ هذه الآية فيما سلف من فهارس اللغة.(60) انظر تفسير"ألم تر" ، فيما سلف قريبًا: 452 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك = وتفسير"النصيب" فيما سلف: 427 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك.
﴿ انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا ﴾