وأنه سبحانه وتعالى أهلك عادًا الأولى، وهم قوم هود، وأهلك ثمود، وهم قوم صالح، فلم يُبْقِ منهم أحدًا، وأهلك قوم نوح قبلُ. هؤلاء كانوا أشد تمردًا وأعظم كفرًا من الذين جاؤوا من بعدهم. ومدائن قوم لوط قلبها الله عليهم، وجعل عاليها سافلها، فألبسها ما ألبسها من الحجارة.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وأنه أهلك عادا الأولى» وفي قراءة بإدغام التنوين في اللام وضمها بلا همزة وهي قوم عاد والأخرى قوم صالح.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى وهم قوم هود عليه السلام، حين كذبوا هودا، فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وأنه أهلك عادا الأولى ) قرأ أهل المدينة والبصرة بلام مشددة بعد الدال ، ويهمز واوه قالون عن نافع ، والعرب تفعل ذلك فتقول : قم لان عنا ، تريد : قم الآن ، ويكون الوقف عند " عادا " ، والابتداء " أولى " بهمزة واحدة مفتوحة بعدها لام مضمومة ، [ ويجوز الابتداء : لولى ] بحذف الهمزة المفتوحة .وقرأ الآخرون : " عادا الأولى " ، وهم قوم هود أهلكوا بريح صرصر ، فكان لهم عقب ، فكانوا عادا الأخرى .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وبعد هذه الجولة في الأنفس والآفاق، ساقت السورة جانبا من مصارع الغابرين، فقال- تعالى-: وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى. وَثَمُودَ فَما أَبْقى. وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى. وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى. أى: وأنه- تعالى- هو الذي أهلك بقدرته قبيلة عاد الأولى، وهم قوم هود- عليه السلام-.وسميت قبيلة عاد بالأولى، لتقدمها في الزمان على قبيلة عاد الثانية، التي هي قوم صالح- عليه السلام-، وتسمى- أيضا- بثمود.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( وأنه أهلك عادا الأولى ) وهم : قوم هود . ويقال لهم : عاد بن إرم بن سام بن نوح ، كما قال تعالى : ( ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ) [ الفجر : 6 - 8 ] ، فكانوا من أشد الناس وأقواهم وأعتاهم على الله وعلى رسوله ، فأهلكهم الله ( بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ) [ الحاقة : 6 ، 7 ] .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
وأنه أهلك عادا الأولى سماها الأولى لأنهم كانوا من قبل ثمود . وقيل : إن ثمود من قبل عاد . وقال ابن زيد : قيل لها عاد الأولى لأنها أول أمة أهلكت بعد نوح عليه السلام . وقال ابن إسحاق : هما عادان ؛ فالأولى أهلكت بالريح الصرصر ، ثم كانت الأخرى فأهلكت بالصيحة . وقيل : عاد الأولى هو عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح ، وعاد الثانية من ولد عاد الأولى ; والمعنى متقارب . وقيل : إن عادا الآخرة الجبارون وهم قوم هود . وقراءة العامة عادا الأولى ببيان التنوين والهمز . وقرأ نافع وابن محيصن وأبو عمرو " عادا الاولى " بنقل حركة الهمزة إلى اللام وإدغام التنوين فيها ، إلا أن قالون والسوسي يظهران الهمزة الساكنة . وقلبها الباقون واوا على أصلها ; والعرب تقلب هذا القلب فتقول : قم الآن عنا وضم لثنين أي قم الآن وضم الاثنين .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله: ( وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأولَى ) يعني تعالى ذكره بعاد الأولى: عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح, وهم الذين أهلكهم الله بريح صرصر عاتية, وإياهم عنى بقوله أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة وبعض قرّاء البصرة " عادًا لُولى " بترك الهمز وجزم النون حتى صارت اللام في الأولى, كأنها لام مثقلة, والعرب تفعل ذلك في مثل هذا, حُكي عنها سماعا منهم: " قم لان عنا ", يريد: قم الآن, جزموا الميم لما حرّكت اللام التي مع الألف في الآن, وكذلك تقول: صم اثنين, يريدون: صُم الاثنين. وأما عامة قرّاء الكوفة وبعض المكيين, فإنهم قرأوا ذلك بإظهار النون وكسرها, وهمز الأولى على اختلاف في ذلك عن الأعمش, فروى أصحابه عنه غير القاسم بن معن موافقة أهل بلده في ذلك. وأما القاسم بن معن فحكى عنه عن الأعمش أنه وافق في قراءته ذلك قراء المدنيين.والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما ذكرنا من قراءة الكوفيين, لأن ذلك هو الفصيح من كلام العرب, وأن قراءة من كان من أهل السليقة فعلى البيان والتفخيم, وأن الإدغام في مثل هذا الحرف وترك البيان إنما يوسع فيه لمن كان ذلك سجيته وطبعه من أهل البوادي. فأما المولدون فإن حكمهم أن يتحرّوا أفصح القراءات وأعذبها وأثبتها, وإن كانت الأخرى جائزة غير مردودة.وإنما قيل لعاد بن إرم: عاد الأولى, لأن بني لُقَيم بن هزَّال بن هزل بن عَبِيل بن ضِدّ بن عاد الأكبر, كانوا أيام أرسل الله على عاد الأكبر عذابه سكانا بمكة مع إخوانهم من العمالقة, ولد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح, ولم يكونوا مع قومهم من عاد بأرضهم, فلم يصبهم من العذاب ما أصاب قومهم, وهم عاد الآخرة, ثم هلكوا بعد.وكان هلاك عاد الآخرة ببغي بعضهم على بعض, فتفانوا بالقتل فيما حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا سلمة عن ابن إسحاق, فيما ذكرنا قيل لعاد الأكبر الذي أهلك الله ذرّيته بالريح: عاد الأولى, لأنها أُهلكت قبل عاد الآخرة. وكان ابن زيد يقول: إنما قيل لعاد الأولى لأنها أوّل الأمم هلاكا.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال قال ابن زيد, في قوله: ( أَهْلَكَ عَادًا الأولَى ) قال: يقال: هي من أوّل الأمم.