ويستخبرك هؤلاء المشركون من قومك -أيها الرسول- عن العذاب يوم القيامة، أحقٌّ هو؟ قل لهم -أيها الرسول-: نعم وربي إنه لحق لا شك فيه، وما أنتم بمعجزين الله أن يبعثكم ويجازيكم، فأنتم في قبضته وسلطانه.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ويستنبئونك» يستخبرونك «أحق هو» أي ما وعدتنا به من العذاب والبعث «قل إي» نعم «وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين» بفائتين العذاب.
﴿ تفسير السعدي ﴾
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ أي: يستخبرك المكذبون على وجه التعنت والعناد، لا على وجه التبين والرشاد.أَحَقٌّ هُوَ أى: أصحيح حشر العباد، وبعثهم بعد موتهم ليوم المعاد، وجزاء العباد بأعمالهم، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر؟قُلْ لهم مقسمًا على صحته، مستدلا عليه بالدليل الواضح والبرهان: إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ لا مرية فيه ولا شبهة تعتريه.وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ لله أن يبعثكم، فكما ابتدأ خلقكم ولم تكونوا شيئًا، كذلك يعيدكم مرة أخرى ليجازيكم بأعمالكم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ويستنبئونك ) أي : يستخبرونك يا محمد ، ( أحق هو ) أي : ما تعدنا من العذاب وقيام الساعة ، ( قل إي وربي ) أي : نعم وربي ، ( إنه لحق ) لا شك فيه ، ( وما أنتم بمعجزين ) أي : بفائتين من العذاب ، لأن من عجز عن شيء فقد فاته .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم قال- سبحانه- وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ النبأ: كما يقول الراغب. خبر ذو فائدة عظيمة، يحصل به علم أو غلبة ظن .والاستنباء: طلب الأخبار الهامة.أى: إن هؤلاء الضالين يطلبون منك- أيها الرسول الكريم- على سبيل التهكم والاستهزاء، أن تخبرهم عن هذا العذاب الذي توعدتهم به، أهو واقع بهم على سبيل الحقيقة، أم هو غير واقع ولكنك تحدثهم عنه على سبيل الإرهاب والتهديد؟وقوله: قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ إرشاد من الله- تعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم إلى الجواب الذي يرد به عليهم.ولفظ إِي بكسر الهمزة وسكون الياء- حرف جواب وتصديق بمعنى نعم، إلا أنه لا يستعمل إلا مع القسم.أى: قل لهم يا محمد: نعم وحق ربي إن العذاب الذي أخبرتكم به لا محيص لكم عنه وما أنتم بمعجزى الله- تعالى- إذا أراد أن ينزله بكم في أى وقت يريده، بل أنتم في قبضته وتحت سلطانه وملكه، فاتقوا الله، بأن تخلصوا له العبادة، وتتبعوا رسوله صلى الله عليه وسلم فيما جاءكم به من عنده- سبحانه-.وقد أكد سبحانه- الجواب عليهم بأتم وجوه التأكيد، لأنهم كانوا قوما ينكرون أشد الإنكار أن يكون هناك عذاب وحساب وبعث وجنة ونار.قال ابن كثير: «وهذه الآية ليس لها نظير في القرآن إلا آيتان أخريان، يأمر الله- تعالى- رسوله فيهما أن يقسم به على من أنكر المعاد، أما الآية الأولى فهي قوله - تعالى-: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ.. وأما الآية الثانية فهي قوله- تعالى-: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ.. .وجملة وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ إما معطوفة على جواب القسم، أو مستأنفة سبقت لبيان عجزهم عن الخلاص، وتأكيد وقوع العذاب عليهم.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول تعالى : ويستخبرونك ( أحق هو ) أي : المعاد والقيامة من الأجداث بعد صيرورة الأجسام ترابا . ( قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين ) أي : ليس صيرورتكم ترابا بمعجز الله عن إعادتكم كما بدأكم من العدم : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) [ يس : 82 ] .وهذه الآية ليس لها نظير في القرآن إلا آيتان أخريان ، يأمر الله تعالى رسوله أن يقسم به على من أنكر المعاد في سورة سبأ : ( وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم ) [ سبأ : 3 ] . وفي التغابن : ( زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير ) [ التغابن : 7 ] .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزينقوله تعالى ويستنبئونك أي يستخبرونك يا محمد عن كون العذاب وقيام الساعة .أحق ابتداء . هو سد مسد الخبر ; وهذا قول سيبويه . ويجوز أن يكون هو مبتدأ ، و أحق خبره .قل إي ، إي كلمة تحقيق وإيجاب وتأكيد بمعنى نعم .وربي قسم . إنه لحق جوابه ، أي كائن لا شك فيه .وما أنتم بمعجزين أي فائتين عن عذابه ومجازاته .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (53)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ويستخبرك هؤلاء المشركون من قومك ، يا محمد ، (16)فيقولون لك: أحق ما تقول ، وما تعدنا به من عذاب الله في الدار الآخرة جزاءً على ما كنا نكسِب من معاصي الله في الدنيا؟ قل لهم يا محمد : " إي وربي إنه لحق " ، لا شك فيه، وما أنتم بمعجزي الله إذا أراد ذلك بكم ، بهربٍ ، أو امتناع، بل أنتم في قبضته وسلطانه وملكه، إذا أراد فعل ذلك بكم، فاتقوا الله في أنفسكم. (17)------------------------الهوامش:(16) انظر تفسير " النبأ " فيما سلف ص : 54 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك .(17) انظر تفسير " الإعجاز " فيما سلف 14 : 131 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
﴿ ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين ﴾