ثم أحييناكم مِن بعد موتكم بالصاعقة؛ لتشكروا نعمة الله عليكم، فهذا الموت عقوبة لهم، ثم بعثهم الله لاستيفاء آجالهم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ثم بعثناكم» أحييناكم «من بعد موتكم لعلكم تشكرون» نعمتنا بذلك.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً وهذا غاية الظلم والجراءة على الله وعلى رسوله، فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ إما الموت أو الغشية العظيمة، وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وقوع ذلك, كل ينظر إلى صاحبه، ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله تعالى: ثم بعثناكم أحييناكم، والبعث: إثارة الشيء عن محله؛ يقال: بعثت البعير وبعثت النائم فانبعث.من بعد موتكم قال قتادة: "أحياهم ليستوفوا بقية آجالهم وأرزاقهم ولو ماتوا بآجالهم لم يبعثوا إلى يوم القيامة".لعلكم تشكرون
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وجملة ( ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ ) هي محل النعمة والمنة ، وهي معطوفة على قوله ( فَأَخَذَتْكُمُ الصاعقة ) ودل العطف بثم على أن بين أخذ الصاعقة والبعث زماناً نتصور فيه المهلة والتأخير .والمراد ببعثهم : إحياؤهم من بعد موتهم ، وهو معجزة لموسى - عليه السلام - استجابة لدعائه .وقد اشتملت الآيتان الكريمتان على تحذير اليهود المعاصرين للعهد النبوي ، من محاربة الدعوة الإسلامية ، حتى لا يصابوا بما أصيب به أسلافهم من الصواعق وغيرها؛ وفيهما أيضاً تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم عما لاقاه من اليهود ، لأن ما فعلوه معه قد فعل ما يشبهه آباؤهم مع أنبيائهم ، وفيها كذلك لون جديد من نعم الله عليهم ما أجدرهم بشكرها لو كانوا يعقلون .ثامناً : نعمة تظليلهم بالغمام وإنزال المن والسلوى عليهم :
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقال الربيع بن أنس : كان موتهم عقوبة لهم ، فبعثوا من بعد الموت ليستوفوا آجالهم . وكذا قال قتادة .وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق ، قال : لما رجع موسى إلى قومه فرأى ما هم عليه من عبادة العجل ، وقال لأخيه وللسامري ما قال ، وحرق العجل وذراه في اليم ، اختار موسى منهم سبعين رجلا الخير فالخير ، وقال : انطلقوا إلى الله وتوبوا إلى الله مما صنعتم وسلوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم ، صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم . فخرج بهم إلى طور سيناء لميقات وقته له ربه ، وكان لا يأتيه إلا بإذن منه وعلم ، فقال له السبعون - فيما ذكر لي - حين صنعوا ما أمروا به وخرجوا للقاء الله ، قالوا : يا موسى ، اطلب لنا إلى ربك نسمع كلام ربنا ، فقال : أفعل . فلما دنا موسى من الجبل ، وقع عليه الغمام حتى تغشى الجبل كله ، ودنا موسى فدخل فيه ، وقال للقوم : ادنوا . وكان موسى إذا كلمه الله وقع على جبهته نور ساطع ،لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه ، فضرب دونه بالحجاب ، ودنا القوم حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجودا فسمعوه وهو يكلم موسى يأمره وينهاه : افعل ولا تفعل . فلما فرغ إليه من أمره انكشف عن موسى الغمام ، فأقبل إليهم ، فقالوا لموسى : ( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) فأخذتهم الرجفة ، وهي الصاعقة ، فماتوا جميعا . وقام موسى يناشد ربه ويدعوه ويرغب إليه ، ويقول : ( رب لو شئت أهلكتهم من قبل [ وإياي ] ) [ الأعراف : 155 ] قد سفهوا ، أفتهلك من ورائي من بني إسرائيل بما يفعل السفهاء منا ؟ أي : إن هذا لهم هلاك . اخترت منهم سبعين رجلا الخير فالخير ، أرجع إليهم وليس معي منهم رجل واحد! فما الذي يصدقوني به ويأمنوني عليه بعد هذا ؟ ( إنا هدنا إليك ) [ الأعراف : 156 ] فلم يزل موسى يناشد ربه عز وجل ، ويطلب إليه حتى رد إليهم أرواحهم ، وطلب إليه التوبة لبني إسرائيل من عبادة العجل ، فقال : لا ؛ إلا أن يقتلوا أنفسهم .هذا سياق محمد بن إسحاق .وقال إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير : لما تابت بنو إسرائيل من عبادة العجل وتاب الله عليهم بقتل بعضهم بعضا كما أمرهم به ، أمر الله موسى أن يأتيه في كل أناس من بني إسرائيل ، يعتذرون إليه من عبادة العجل ، ووعدهم موسى ، فاختار موسى قومه سبعين رجلا على عينه ، ثم ذهب بهم ليعتذروا . وساق البقية .[ وهذا السياق يقتضي أن الخطاب توجه إلى بني إسرائيل في قوله : ( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) والمراد السبعون المختارون منهم ، ولم يحك كثير من المفسرين سواه ، وقد أغرب فخر الدين الرازي في تفسيره حين حكى في قصة هؤلاء السبعين : أنهم بعد إحيائهم قالوا : يا موسى ، إنك لا تطلب من الله شيئا إلا أعطاك ، فادعه أن يجعلنا أنبياء ، فدعا بذلك فأجاب الله دعوته ، وهذا غريب جدا ، إذ لا يعرف في زمان موسى نبي سوى هارون ثم يوشع بن نون ، وقد غلط أهل الكتاب أيضا في دعواهم أن هؤلاء رأوا الله عز وجل ، فإن موسى الكليم ، عليه السلام ، قد سأل ذلك فمنع منه فكيف يناله هؤلاء السبعون ؟القول الثاني في الآية ] قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في تفسير هذه الآية : قال لهم موسى - لما رجع من عند ربه بالألواح ، قد كتب فيها التوراة ، فوجدهم يعبدون العجل ، فأمرهم بقتل أنفسهم ، ففعلوا ، فتاب الله عليهم ، فقال : إن هذه الألواح فيها كتاب الله ، فيه أمركم الذي أمركم به ونهيكم الذي نهاكم عنه . فقالوا : ومن يأخذه بقولك أنت ؟ لا والله حتى نرى الله جهرة ، حتىيطلع الله علينا فيقول : هذا كتابي فخذوه ، فما له لا يكلمنا كما يكلمك أنت يا موسى ! وقرأ قول الله : ( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) قال : فجاءت غضبة من الله ، فجاءتهم صاعقة بعد التوبة ، فصعقتهم فماتوا أجمعون . قال : ثم أحياهم الله من بعد موتهم ، وقرأ قول الله : ( ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون ) فقال لهم موسى : خذوا كتاب الله . فقالوا : لا فقال : أي شيء أصابكم ؟ فقالوا : أصابنا أنا متنا ثم حيينا . قال : خذوا كتاب الله . قالوا : لا . فبعث الله ملائكة فنتقت الجبل فوقهم .[ وهذا السياق يدل على أنهم كلفوا بعد ما أحيوا . وقد حكى الماوردي في ذلك قولين : أحدهما : أنه سقط التكليف عنهم لمعاينتهم الأمر جهرة حتى صاروا مضطرين إلى التصديق ؛ والثاني : أنهم مكلفون لئلا يخلو عاقل من تكليف ، قال القرطبي : وهذا هو الصحيح لأن معاينتهم للأمور الفظيعة لا تمنع تكليفهم ؛ لأن بني إسرائيل قد شاهدوا أمورا عظاما من خوارق العادات ، وهم في ذلك مكلفون وهذا واضح ، والله أعلم ] .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : ثم بعثناكم من بعد موتكم أي أحييناكم قال قتادة ماتوا وذهبت أرواحهم ثم ردوا لاستيفاء آجالهم . قال النحاس : وهذا احتجاج على من لم يؤمن بالبعث من قريش واحتجاج على أهل الكتاب إذ خبروا بهذا والمعنى لعلكم تشكرون ما فعل بكم من البعث بعد الموت وقيل ماتوا موت همود يعتبر به الغير ثم أرسلوا وأصل البعث الإرسال وقيل بل أصله إثارة الشيء من محله يقال بعثت الناقة أثرتها أي حركتها قال امرؤ القيس :وفتيان صدق قد بعثت بسحرة فقاموا جميعا بين عاث ونشوانوقال عنترة :وصحابة شم الأنوف بعثتهم ليلا وقد مال الكرى بطلاهاوقال بعضهم بعثناكم من بعد موتكم علمناكم من بعد جهلكم .قلت : والأول أصح ؛ لأن الأصل الحقيقة وكان موت عقوبة ومنه قوله تعالى ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم على ما يأتي .الخامسة : قال الماوردي واختلف في بقاء تكليف من أعيد بعد موته ومعاينة الأحوال المضطرة إلى المعرفة على قولين : أحدهما بقاء تكليفهم ؛ لئلا يخلو عاقل من تعبد . الثاني : سقوط تكليفهم معتبرا بالاستدلال دون الاضطرار .قلت : والأول أصح فإن بني إسرائيل قد رأوا الجبل في الهواء ساقطا عليهم والنار محيطة بهم ، وذلك مما اضطرهم إلى الإيمان ، وبقاء التكليف ثابت عليهم ومثلهم قوم يونس ومحال أن يكونوا غير مكلفين والله أعلم
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى (157) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56)يعني بقوله: (ثم بعثناكم) ثم أحييناكم .* * *وأصل " البعث " إثارة الشيء من محله . ومنه قيل: " بعث فلان راحلته " إذا أثارها من مبركها للسير , كما قال الشاعر:فأبعثها وهيَّ صنيعُ حولكركن الرَّعنِ, ذِعْلِبَةً وَقاحا (158)&; 2-85 &; و " الرعن ": منقطع أنف الجبل , و " الذعلبة ": الخفيفة , و " الوقاح ": الشديدة الحافر أو الخف . ومن ذلك قيل: " بعثت فلانا لحاجتي"، إذا أقمته من مكانه الذي هو فيه للتوجه فيها . ومن ذلك قيل ليوم القيامة: " يوم البعث " , لأنه يوم يثار الناس فيه من قبورهم لموقف الحساب.* * *يعني بقوله: (من بعد موتكم)، من بعد موتكم بالصاعقة التي أهلكتكم.* * *وقوله: (لعلكم تشكرون)، يقول: فعلنا بكم ذلك لتشكروني على ما أوليتكم من نعمتي عليكم، بإحيائي إياكم، استبقاء مني لكم ، لتراجعوا التوبة من عظيم ذنبكم، بعد إحلالي العقوبة بكم بالصاعقة التي أحللتها بكم, فأماتتكم بعظيم خطئكم الذي كان منكم فيما بينكم وبين ربكم.وهذا القول على تأويل من تأول قوله قول: (ثم بعثناكم) ثم أحييناكم.* * *وقال آخرون: معنى قوله: (ثم بعثناكم)، أي بعثناكم أنبياء .955 - حدثني بذلك موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط عن السدي .* * *قال أبو جعفر: وتأويل الكلام على ما تأوله السدي: فأخذتكم الصاعقة، ثم أحييناكم من بعد موتكم , وأنتم تنظرون إلى إحيائنا إياكم من بعد موتكم , ثم بعثناكم أنبياء لعلكم تشكرون.وزعم السدي أن ذلك من المقدم الذي معناه التأخير , والمؤخر الذي معناه التقديم.956 - حدثنا بذلك موسى قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط , عن السدي.وهذا تأويل يدل ظاهر التلاوة على خلافه، مع إجماع أهل التأويل على تخطئته . والواجب على تأويل السدي الذي حكيناه عنه، أن يكون معنى قوله: (لعلكم تشكرون)، تشكروني على تصييري إياكم أنبياء.* * *وكان سبب قيلهم لموسى ما أخبر الله جل وعز عنهم أنهم قالوا له، من قولهم: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً , ما:-957 - حدثنا به محمد بن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل , عن محمد بن إسحاق قال: لما رجع موسى إلى قومه , ورأى ما هم فيه من عبادة العجل , وقال لأخيه وللسامري ما قال , وحرق العجل وذراه في اليم، (159) اختار موسى منهم سبعين رجلا الخيِّر فالخيِّر , وقال: انطلقوا إلى الله عز وجل , فتوبوا إليه مما صنعتم، وسلوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم؛ صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم. فخرج بهم إلى طور سيناء لميقات وقته له ربه , وكان لا يأتيه إلا بإذن منه وعلم . فقال له السبعون -فيما ذكر لي- حين صنعوا ما أمرهم به، وخرجوا للقاء ربه: (160) يا موسى، اطلب لنا إلى ربك نسمع كلام ربنا، (161) قال: أفعل . فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه عمود غمام حتى تغشى الجبل كله , (162) ودنا موسى فدخل فيه , وقال للقوم: ادنوا . وكان موسى إذا كلمه ربه وقع على جبهته نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه . فضرب دونه الحجاب . ودنا القوم، حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجودا , فسمعوه وهو يكلم موسى يأمره وينهاه: افعل، ولا تفعل . فلما فرغ إليه من أمره، انكشف عن موسى الغمام. (163) فأقبل إليهم، فقالوا لموسى: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ، فأخذتهم &; 2-87 &; الرجفة -وهي الصاعقة- [فافتلتت أرواحهم] فماتوا جميعا . (164) وقام موسى يناشد ربه ويدعوه ويرغب إليه ويقول: رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي! قد سفهوا , أفتهلك من ورائي من بني إسرائيل بما تفعل السفهاء منا؟ (165) -أي: إن هذا لهم هلاك , اخترت منهم سبعين رجلا الخير فالخير، أرجع إليهم وليس معي منهم رجل واحد! فما الذي يصدقوني به أو يأمنوني عليه بعد هذا؟ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ . فلم يزل موسى يناشد ربه عز وجل ويطلب إليه , (166) حتى رد إليهم أرواحهم , فطلب إليه التوبة لبني إسرائيل من عبادة العجل , فقال: لا إلا أن يقتلوا أنفسهم . (167) .958 - حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط بن نصر , عن السدي: لما تابت بنو إسرائيل من عبادة العجل , وتاب الله عليهم بقتل بعضهم بعضا كما أمرهم به , أمر الله تعالى موسى أن يأتيه في ناس من بنى إسرائيل، يعتذرون إليه من عبادة العجل , ووعدهم موعدا , فاختار موسى قومه سبعين رجلا على عينه , ثم ذهب بهم ليعتذروا . فلما أتوا ذلك المكان قالوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ، فإنك قد كلمته فأرناه: فأخذتهم الصاعقة فماتوا. فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: رب ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم؟ رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا؟ فأوحى الله إلى موسى: إن هؤلاء السبعين ممن اتخذ العجل , فذلك حين يقول موسى: إِنْ هِيَ إِلا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ [إلى قوله] &; 2-88 &; إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ [ الأعراف: 155-156]. [يقول تبنا إليك] . (168) وذلك قوله: وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ . ثم إن الله جل ثناؤه أحياهم فقاموا وعاشوا رجلا رجلا ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون , فقالوا: يا موسى أنت تدعو الله فلا تسأله شيئا إلا أعطاك , فادعه يجعلنا أنبياء ! فدعا الله تعالى فجعلهم أنبياء, فذلك قوله: (ثم بعثناكم من بعد موتكم)، ولكنه قدم حرفا وأخر حرفا . (169)959 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: قال لهم موسى لما - رجع من عند ربه بالألواح , قد كتب فيها التوراة، فوجدهم يعبدون العجل , فأمرهم بقتل أنفسهم , ففعلوا , فتاب الله عليهم - , (170) : إن هذه الألواح فيها كتاب الله، فيه أمره الذي أمركم به , ونهيه الذي نهاكم عنه . فقالوا: ومن يأخذه بقولك أنت! لا والله حتى نرى الله جهرة , حتى يطلع الله إلينا (171) فيقول: هذا كتابي فخذوه، فما له لا يكلمنا كما كلمك أنت يا موسى، (172) فيقول: هذا كتابي فخذوه؟ وقرأ قول الله تعالى: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ، قال: فجاءت غضبة من الله, فجاءتهم صاعقة بعد التوبة , فصعقتهم فماتوا أجمعون . قال: ثم أحياهم الله من بعد موتهم , وقرأ قول الله تعالى: (ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون). فقال لهم موسى: خذوا كتاب الله . فقالوا : لا . فقال: أي شيء أصابكم؟ قالوا: أصابنا أنا متنا ثم حيينا. قال: خذوا كتاب الله. قالوا: لا . فبعث الله تعالى ملائكة فنتقت الجبل &; 2-89 &; فوقهم . (173)960 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله: (فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم)، قال: أخذتهم الصاعقة , ثم بعثهم الله تعالى ليكملوا بقية آجالهم.961 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بن أنس في قوله: فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ، قال: هم السبعون الذين اختارهم موسى فساروا معه . قال: فسمعوا كلاما , فقالوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً . قال: فسمعوا صوتا فصعقوا - يقول: ماتوا - فذلك قوله: (ثم بعثناكم من بعد موتكم)، فبعثوا من بعد موتهم، لأن موتهم ذاك كان عقوبة لهم , فبعثوا لبقية آجالهم .* * *فهذا ما روي في السبب الذي من أجله قالوا لموسى: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ولا خبر عندنا بصحة شيء مما قاله من ذكرنا قوله في سبب قيلهم ذلك لموسى، تقوم به حجة فيسلم له . (174) وجائز أن يكون ذلك بعض ما قالوه , فإذ كان لا خبر بذلك تقوم به حجة , فالصواب من القول فيه أن يقال: إن الله جل ثناؤه قد أخبر عن قوم موسى أنهم قالوا له: يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ، كما أخبر عنهم أنهم قالوه . وإنما أخبر الله عز وجل بذلك عنهم الذين خوطبوا بهذه الآيات، توبيخا لهم في كفرهم بمحمد صلى الله عليه و سلم , وقد قامت حجته على من احتج به عليه , ولا حاجة لمن &; 2-90 &; انتهت إليه إلى معرفة السبب الداعي لهم إلى قيل ذلك . وقد قال الذين أخبرنا عنهم الأقوال التي ذكرناها , وجائز أن يكون بعضها حقا كما قال.----------------الهوامش :(157) عند هذا انتهى الخرم الذي ذكرناه في ص : 77 وبدأنا المخطوطة .(158) لم أجد البيت في مكان . وقوله : "هي" بتشديد الياء ، وهي لغة همدان ، يشددون الواو من"هو" كقول القائل .وإن لساني شُهدة يشتفى بهاوهوَّ, على من صبه الله, علقمويشدد الياء من"هي" كقول القائل :والنفس ما أمرت بالعنف آبيهوهي - إن أمرت باللطف تأتمروالضمير في"أبعثها"إلى ناقته. وقوله:"صنيع حول" أي قد رعت حولا - عاما - حتى سمنت وقويت. يقال صنع فرسه صنعا وصنعة، فهو فرس صنيع، والأنثى بغير هاء: إذا أحسن القيام عليه فغذاه وعلفه وسمنه. وكل ما تعهدته حتى جاد فهو صنيع. والرعن: الأنف العظيم من الجبل تراه متقدما. شبه ناقته في جلالها وقوتها بركن الجبل. ذعلبة: ناقة سريعة باقية على السير. وقاح: صلبة صبور، الذكر والأنثى سواء.(159) في المخطوطة : "وذراه في البحر" .(160) في المطبوعة : " للقاء الله" ، وأثبت ما في المخطوطة وتاريخ الطبري . وفي المخطوطة بعد قوله : "ربه" : "لموسى" ، وأما التاريخ ، فلم يذكر"يا موسى" ، ولا"لموسى" .(161) في المطبوعة : "لنسمع كلام . . " وفي التاريخ : "اطلب لنا نسمع كلام ربنا" بحذف"إلى ربك" .(162) في المطبوعة : "وقع عليه الغمام" ، وفي التاريخ : "وقع عليه عمود الغمام" .(163) في المطبوعة : "فلما فرغ من أمره" ، وأثبت ما في المخطوطة والتاريخ . وفيها أيضًا : "وانكشف"بزيادة الواو ، وهو خطأ .(164) الذي بين القوسين زيادة من تاريخ الطبري ، وهي هناك : "فانفلتت أرواحهم" ، والصواب ما أثبته . يقال : "افتلتت نفسه" (بالبناء للمجهول) ، مات فلتة ، أي بغتة ، وفي الحديث : أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أمي افتلتت نفسها ، فماتت ولم توص ، أفأتصدق عنها؟ قال : نعم .(165) في التاريخ : "قد سفهوا ، فيهلك من ورائي . . . إن هذا لهم هلاك" ، بحذف"أي" .(166) قوله : "ويسأله" ليست في المطبوعة .(167) الأثر : 957 - في تاريخ الطبري 1 : 220 - 221 .(168) الزيادة التي بين الأقواس من تاريخ الطبري ، والأولى منهما زيادة لا بد منها .(169) الأثر : 958 في تاريخ الطبري 1 : 221 . وقوله : "قدم حرفا وأخر حرفا" ، هو ما ذكره في تأويل الآية على ما ذهب إليه السدي (ص : 85)"فأخذتكم الصاعقة ، ثم أحييناكم . . )(170) في المطبوعة : "فقال : إن هذه الألواح . . "(171) في المطبوعة : "يطلع الله علينا" .(172) في المطبوعة : "كما يكلمك أنت" . وسيأتي على الصواب في رقم : 1115 .(173) الأثر : 959 - سيأتي أيضًا رقم : 1115 ، وفيه تمام الخبر نتقوا الجبل : اقتلعوه من أصله ورفعوه فوقهم .(174) في المطبوعة : "فسلم لهم" ، وهو خطأ وتعبير فاسد . وإنما أراد التسليم للخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا الذي قاله الطبري دليل على صحة ما ذكرنا من أنه لم يستدل بهذه الأخبار إلا للبيان عن بعض المعاني ، وإن كانت لا تقوم بها الحجة في التفسير ، كما قلنا في التذكرة التي كتبناها في الجزء الأول : 453 - 454 . وانظر بقية كلام الطبري في هذه الفقرة . فإنه كلام بليغ الدلالة ، مفيد في معرفة أسلوب الطبري في تفسيره .