أذلك الذي سبق وصفه مِن نعيم الجنة خير ضيافة وعطاء من الله، أم شجرة الزقوم الخبيثة الملعونة، طعام أهل النار؟
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«أذلك» المذكور لهم «خير نزلا» وهو ما يعدّ للنازل من ضيف وغيره «أم شجرة الزقوم» المعدة لأهل النار وهي من أخبث الشجر المرّ بتهامة ينبتها الله في الجحيم كما سيأتي.
﴿ تفسير السعدي ﴾
أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أي: ذلك النعيم الذي وصفناه لأهل الجنة خير، أم العذاب الذي يكون في الجحيم من جميع أصناف العذاب؟ فأي الطعامين أولى؟ الذي وصف في الجنة أَمْ طعام أهل النار؟ وهو شَجَرَةُ الزَّقُّومِ
﴿ تفسير البغوي ﴾
( أذلك ) أي : ذلك الذي ذكر لأهل الجنة ، ( خير نزلا أم شجرة الزقوم ) التي هي نزل أهل النار ، والزقوم : ثمرة شجرة خبيثة مرة كريهة الطعم ، يكره أهل النار على تناولها ، فهم يتزقمونه على أشد كراهية ، ومنه قولهم : تزقم الطعام إذا تناوله على كره ومشقة .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
واسم الإشارة «ذلك» في قوله- تعالى-: أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ يعود إلى نعيم الجنة الذي سبق الحديث عنه، والذي يشمل الرزق المعلوم وما عطف عليه.والاستفهام للتوبيخ والتأنيب. والنزل: ما يقدم للضيف وغيره من طعام ومكان ينزل به.و «ذلك» مبتدأ، و «خير» خبره، و «نزلا» : تمييز لخير، والخيرية بالنسبة لما اختاره الكفار على غيره. والجملة مقول لقول محذوف.وشجرة الزقوم هي شجرة لا وجود لها في الدنيا، وإنما يخلقها الله- تعالى- في النار، كما يخلق غيرها من أصناف العذاب كالحيات والعقارب.وقيل: هي شجرة سامة متى مست جسد أحد تورم ومات، وتوجد في الأراضي المجدية المجاورة للصحراء.والزقوم: من التزقم، وهو ابتلاع الشيء الكريه، بمشقة شديدة.والمعنى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء الكافرين أذلك النعيم الدائم الذي ينزل به المؤمنون في الجنة خير، أم شجرة الزقوم التي يتبلغ بها الكافرون وهم في النار، فلا يجدون من ورائها إلا الغم والكرب لمرارة طعمها، وقبح رائحتها وهيئتها.ومعلوم أنه لا خير في شجرة الزقوم، ولكن المؤمنين لما اختاروا ما أدى بهم إلى نعيم الجنة وهو الإيمان والعمل الصالح، واختار الكافرون ما أدى بهم إلى النار وبئس القرار، قيل لهم ذلك على سبيل التوبيخ والتقريع، لسوء اختيارهم.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول الله تعالى : أهذا الذي ذكره من نعيم الجنة وما فيها من مآكل ومشارب ومناكح وغير ذلك من الملاذ - خير ضيافة وعطاء ( أم شجرة الزقوم ) ؟ أي : التي في جهنم .وقد يحتمل أن يكون المراد بذلك شجرة واحدة معينة ، كما قال بعضهم من أنها شجرة تمتد فروعها إلى جميع محال جهنم كما أن شجرة طوبى ما من دار في الجنة إلا وفيها منها غصن .وقد يحتمل أن يكون المراد بذلك جنس شجر ، يقال له : الزقوم ، كقوله تعالى : ( وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين ) [ المؤمنون : 20 ] ، يعني الزيتونة . ويؤيد ذلك قوله تعالى : ( ثم إنكم أيها الضالون المكذبون . لآكلون من شجر من زقوم ) [ الواقعة : 51 ، 52 ] .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : أذلك خير مبتدأ وخبر ، وهو من قول الله - جل وعز - . نزلا على البيان ، والمعنى أنعيم الجنة خير نزلا . أم شجرة الزقوم خير نزلا . والنزل في اللغة الرزق الذي له سعة - النحاس - وكذا النزل ، إلا أنه يجوز أن يكون النزل بإسكان الزاي لغة ، ويجوز أن يكون أصله النزل ، ومنه : أقيم للقوم نزلهم ، واشتقاقه أنه الغذاء الذي يصلح أن ينزلوا معه ويقيموا فيه . وقد مضى هذا في آخر سورة [ آل عمران ] وشجرة الزقوم مشتقة من التزقم وهو البلع على جهد لكراهتها ونتنها . قال المفسرون : وهي في الباب السادس ، وأنها تحيا بلهب النار كما تحيا الشجرة ببرد الماء ، فلا بد لأهل النار من أن ينحدر إليها من كان فوقها فيأكلون منها ، وكذلك يصعد إليها من كان أسفل . واختلف فيها هل هي من شجر الدنيا التي تعرفها العرب أم لا على قولين : أحدهما : أنها معروفة من شجر الدنيا . ومن قال بهذا اختلفوا فيها ، فقال قطرب : إنها شجرة مرة تكون بتهامة من أخبث الشجر . وقال غيره : بل هو كل نبات قاتل . القول الثاني : إنها لا تعرف في شجر الدنيا . فلما نزلت هذه الآية في شجرة الزقوم قالت كفار قريش : ما نعرف هذه الشجرة . فقدم عليهم رجل من إفريقية فسألوه فقال : هو عندنا الزبد والتمر . فقال ابن الزبعرى : أكثر الله في بيوتنا الزقوم ، فقال أبو جهل لجاريته : زقمينا ، فأتته بزبد وتمر . ثم قال لأصحابه : تزقموا ، هذا الذي يخوفنا به محمد ، يزعم أن النار تنبت الشجر ، والنار تحرق الشجر .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62)يقول تعالى ذكره: أهذا الذي أعطيت هؤلاء المؤمنين الذين وصفت صفتهم من كرامتي في الجنة، ورزقتهم فيها من النعيم خير، أو ما أعددت لأهل النار من الزَّقُّوم. وعُنِي بالنزل: الفضل، وفيه لغتان: نزل ونزل; يقال للطعام الذي له ريع: هو طعام له نزل ونزل. وقوله ( أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ) ذكر أن الله تعالى لما أنزل هذه الآية قال المشركون: كيف ينبت الشجر في النار، والنار تحرق الشجر؟ .