يقول متباهيًا: أنفقت مالا كثيرًا. أيظنُّ في فعله هذا أن الله عز وجل لا يراه، ولا يحاسبه على الصغير والكبير؟
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«أيحسب أن» أي أنه «لم يره أحد» فيما أنفقه فيعلم قدره، والله عالم بقدره وأنه ليس مما يتكثر به ومجازيه على فعله السيء.
﴿ تفسير السعدي ﴾
قال الله متوعدًا هذا الذي يفتخر بما أنفق في الشهوات: أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ أي: أيحسب في فعله هذا، أن الله لا يراه ويحاسبه على الصغير والكبير؟بل قد رآه الله، وحفظ عليه أعماله، ووكل به الكرام الكاتبين، لكل ما عمله من خير وشر.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( أيحسب أن لم يره أحد ) قال سعيد بن جبير [ وقتادة : أيظن ] أن الله لم يره ، ولا يسأله عن ماله من أين اكتسبه ، وأين أنفقه ؟وقال الكلبي : إنه كان كاذبا في قوله أنفقت كذا وكذا ، ولم يكن أنفق جميع ما قال ، يقول أيظن أن الله - عز وجل - لم ير ذلك منه فيعلم مقدار نفقته
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه-: أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ توبيخ لهذا المغرور إثر توبيخ، وتجهيل في أعقاب تجهيل. أى: أيظن هذا الجاهل المغرور، حين أنفق المال الكثير في المعاصي والسيئات، أن الله- تعالى- غير مطلع عليه؟ إن كان يظن ذلك فهو في نهاية الجهالة وانطماس البصيرة، لأن الله- تعالى- مطلع عليه، ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، وسيحاسبه على ذلك حسابا عسيرا.وفي الحديث الشريف: لن تزل قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن شبابه فيم أبلاه، وعن عمره فيم أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
قال مجاهد أي أيحسب أن لم يره الله عز وجل وكذا قال غيره من السلف.
﴿ تفسير القرطبي ﴾
أيحسب أي أيظن . أن لم يره أي أن لم يعاينه أحد بل علم الله - عز وجل - ذلك منه ، فكان كاذبا في قوله : أهلكت ولم يكن أنفقه . وروى أبو هريرة قال : يوقف العبد ، فيقال ماذا عملت في المال الذي رزقتك ؟ فيقول : أنفقته وزكيته . فيقال : كأنك إنما فعلت ذلك ليقال سخي ، فقد قيل ذلك . ثم يؤمر به إلى النار . وعن سعيد عن قتادة : إنك مسئول عن مالك من أين جمعت ؟ وكيف أنفقت ؟ وعن ابن عباس قال : كان أبو الأشدين يقول : أنفقت في عداوة محمد مالا كثيرا وهو في ذلك كاذب . وقال مقاتل : نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل ، أذنب فاستفتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمره أن يكفر . فقال : لقد ذهب مالي في الكفارات والنفقات ، منذ دخلت في دين محمد . وهذا القول منه يحتمل أن يكون استطالة بما أنفق ، فيكون طغيانا منه ، أو أسفا عليه ، فيكون ندما منه .وقرأ أبو جعفر مالا لبدا بتشديد الباء مفتوحة ، على جمع لابد مثل راكع وركع ، وساجد وسجد ، وشاهد وشهد ، ونحوه . وقرأ مجاهد وحميد بضم الباء واللام مخففا ، جمع لبود . الباقون بضم اللام وكسرها وفتح الباء مخففا ، جمع لبدة ولبدة ، وهو ما تلبد يريد الكثرة . وقد مضى في سورة ( الجن ) القول فيه .وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقرأ أيحسب بضم السين في الموضعين . وقال الحسن : يقول أتلفت مالا كثيرا ، فمن يحاسبني به ، دعني أحسبه . ألم يعلم أن الله قادر على محاسبته ، وأن الله - عز وجل - يرى صنيعه .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله: ( أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ) يقول تعالى ذكره: أيظن هذا القائل ( أَهْلَكْتُ مَالا لُبَدًا ) أن لم يره أحد في حال إنفاقه يزعم أنه أنفقه.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ) ابن آدم إنك مسئول عن هذا المال، من أين اكتسبته، وأين أنفقته.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.