ما يوحي الله إليَّ مِن عِلْم ما لا علم لي به إلا لأني نذير لكم من عذابه، مبيِّن لكم شرعه.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«إن» ما «يوحى إليَّ إلا أنما أنا» أي أني «نذير مبين» بيَّن الإنذار.
﴿ تفسير السعدي ﴾
إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أي: ظاهر النذارة، جليها، فلا نذير أبلغ من نذارته صلى اللّه عليه وسلم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين ) قال الفراء : إن شئت جعلت " أنما " في موضع رفع ، أي : ما يوحى إلي إلا الإنذار ، وإن شئت جعلت المعنى : ما يوحى إلي إلا أني نذير مبين .وقرأ أبو جعفر : " إنما " بكسر الألف ؛ لأن الوحي قول .أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أبو منصور السمعاني ، حدثنا أبو جعفر الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا صدقة بن خالد ، حدثنا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر ، قال مر بنا خالد بن اللجلاج ، فدعاه مكحول فقال : يا إبراهيم حدثنا حديث عبد الرحمن بن عائش ، قال : سمعت عبد الرحمن بن عائش الحضرمي يقول : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " رأيت ربي - عز وجل - في أحسن صورة ، فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد ؟ قلت : أنت أعلم أي رب ، مرتين ، قال : فوضع كفه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي ، فعلمت ما في السماء والأرض " . قال : ثم تلا هذه الآية " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين " ( الأنعام : 75 ) ثم قال : فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد ؟ قلت : في الكفارات ، قال : وما هن ؟ قلت : المشي على الأقدام إلى الجماعات ، والجلوس في المساجد خلف الصلوات ، وإبلاغ الوضوء أماكنه في المكاره ، قال : ومن يفعل ذلك يعش بخير ويمت بخير ، ويكن من خطيئته كيوم ولدته أمه ، ومن الدرجات إطعام الطعام ، وبذل السلام ، وأن يقوم بالليل والناس نيام . قال : قل اللهم إني أسألك الطيبات ، وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وأن تغفر لي ، وترحمني ، وتتوب علي ، وإذا أردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : تعلموهن ، فوالذي نفس محمد بيده إنهن لحق " .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وجملة «إن يوحى إلى إلا أنما أنا نذير مبين» معترضة بين إيراد اختصامهم على سبيل الإجمال، ثم إيراده في الآيات الآتية بعد ذلك على سبيل التفصيل.و «إن» نافية. ونائب فاعل «يوحى» ضمير تقديره هو يعود على المفهوم مما سبق.وهو شأن الملأ الأعلى، و «أنما» بفتح الهمزة على تقدير لام التعليل.أى: ليس لي من علم بما يدور في الملأ الأعلى إلا عن طريق الوحى، وهذا الوحى لا ينزل على إلا من أجل أنى رسول من عند الله- تعالى- أنذركم بما يكلفني به إنذارا واضحا بينا.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
﴿ تفسير القرطبي ﴾
إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين أي إن يوحى إلي إلا الإنذار . وقرأ أبو جعفر بن القعقاع " إلا إنما " بكسر الهمزة ; لأن الوحي قول ، كأنه قال : يقال لي إنما أنت نذير مبين ، ومن فتحها جعلها في موضع رفع ; لأنها اسم ما لم يسم فاعله . قال الفراء : كأنك قلت : ما يوحى إلي إلا الإنذار ، النحاس : ويجوز أن تكون في موضع نصب بمعنى إلا لأنما . والله أعلم .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله ( إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل يا محمد لمشركي قريش: ما يوحي الله إليّ علم ما لا علم لي به, من نحو العلم بالملأ الأعلى واختصامهم في أمر آدم إذا أراد خلقه, إلا لأني إنما أنا نذير مبين;" فإنما " على هذا التأويل في موضع خفض على قول من كان يرى أن مثل هذا الحرف الذي ذكرنا لا بد له من حرف خافض, فسواء إسقاط خافضه منه وإثباته. وإما على قول من رأى أن مثل هذا ينصب إذا أسقط منه الخافض, فإنه على مذهبه نصب, وقد بيَّنا ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.وقد يتجه لهذا الكلام وجه آخر, وهو أن يكون معناه: ما يوحي الله إلى إنذاركم. وإذا وجه الكلام إلى هذا المعنى, كانت " أنما " في موضع رفع, لأن الكلام يصير حينئذ بمعنى: ما يوحى إلي إلا الإنذار.قوله ( إِلا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) يقول: إلا أني نذير لكم مبين لكم إلا إنذاركم. وقيل: إلا أنما أنا, ولم يقل: إلا أنما أنك, والخبر من محمد عن الله, لأن الوحْي قول, فصار في معنى الحكاية, كما يقال في الكلام: أخبروني أني مسيء, وأخبروني أنك مسيء بمعنى واحد, كما قال الشاعر:رَجُلانِ مِنْ ضَبَّةَ أخْبَرَاناأنَّا رأيْنا رَجُلا عُرْيانا (1)بمعنى: أخبرانا أنهما رأيا, وجاز ذلك لأن الخبر أصله حكاية.------------------------الهوامش:(1) هذا البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 282 ) قال : وقوله" إن يوحى إلى إلا أنما أنا نذير مبين" : إن شئت جعلت" أنما" في موضع رفع ( نائب فاعل بيوحى ) كأنك قلت : ما يوحى إلي إلا الإنذار ، وإن شئت جعلت المعنى : ما يوحى إلي لأني نبي ونذير . فإذا ألقيت اللام كان موضع" إنما" نصبا ،ويكون في هذا الموضع ما يوحى إلي إلا أنك نذير مبين ، لأن المعنى حكاية ، كما تقول في الكلام : أخبروني أني مسيء ، وأخبروني أنك مسيء . وهو كقوله :" رجلان من ضبة .... البيت" . والمعنى : أخبرانا أنهما رأيا ، فجاز ذلك لأن أصله الحكاية أ ه .