والمؤمنون والمؤمنات بالله ورسوله بعضهم أنصار بعض، يأمرون الناس بالإيمان والعمل الصالح، وينهونهم عن الكفر والمعاصي، ويؤدون الصلاة، ويعطون الزكاة، ويطيعون الله ورسوله، وينتهون عما نُهوا عنه، أولئك سيرحمهم الله فينقذهم من عذابه ويدخلهم جنته. إن الله عزيز في ملكه، حكيم في تشريعاته وأحكامه.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز» لا يعجزه شيء عن إنجاز وعده ووعيده «حكيم» لا يضع شيئا إلا في محله.
﴿ تفسير السعدي ﴾
لما ذكر أن المنافقين بعضهم أولياء بعض ذكر أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، ووصفهم بضد ما وصف به المنافقين، فقال: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ أي: ذكورهم وإناثهم بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ في المحبة والموالاة، والانتماء والنصرة.يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وهو: اسم جامع، لكل ما عرف حسنه، من العقائد الحسنة، والأعمال الصالحة، والأخلاق الفاضلة، وأول من يدخل في أمرهم أنفسهم، وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وهو كل ما خالف المعروف وناقضه من العقائد الباطلة، والأعمال الخبيثة، والأخلاق الرذيلة.وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي: لا يزالون ملازمين لطاعة اللّه ورسوله على الدوام.أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ أي: يدخلهم في رحمته، ويشملهم بإحسانه.إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ أي: قوي قاهر، ومع قوته فهو حكيم، يضع كل شيء موضعه اللائق به الذي يحمد على ما خلقه وأمر به.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) في الدين واتفاق الكلمة والعون والنصرة . ( يأمرون بالمعروف ) بالإيمان والطاعة والخير ، ( وينهون عن المنكر ) عن الشرك والمعصية وما لا يعرف في الشرع ، ( ويقيمون الصلاة ) المفروضة ، ( ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ) .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
قال الإمام ابن كثير: لما ذكر- سبحانه- صفات المنافقين الذميمة، عطف بذكر صفات المؤمنين المحمودة فقال: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ أى: يتناصرون ويتعاضدون كما جاء في الحديث الصحيح: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» . وفي الصحيح- أيضا-: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر» .وقال- سبحانه- هنا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ بينما قال في المنافقين بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ للإشعار بأن المؤمنين في تناصرهم وتعاضدهم وتراحمهم مدفوعون بدافع العقيدة الدينية التي ألفت بين قلوبهم، وجعلتهم أشبه ما يكونون بالجسد الواحد، أما المنافقون فلا توجد بينهم هذه الروابط السامية، وإنما الذي يوجد بينهم هو التقليد واتباع الهوى، والسير وراء العصبية الممقوتة، فهم لا ولاية بينهم، وإنما الذي بينهم هو التقليد وكراهية ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم.وقوله يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ... بيان للآثار التي تترتب على تلك الولاية الخالصة، وتفصيل للصفات الحسنة التي تحلى بها المؤمنون والمؤمنات.أى: أن من صفات هؤلاء المؤمنين والمؤمنات الذين جمعتهم العقيدة الدينية على التناصر والتراحم.. من صفاتهم أنهم يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ أى يأمرون بكل خير دعا إليه الشرع، وينهون عن كل شر تأباه تعاليم الإسلام الحنيف.وقوله: وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ أى: يؤدونها في أوقاتها بإخلاص وخشوع..وقوله: وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ أى: يعطونها لمستحقيها بدون منّ أو أذى..وقوله: وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أى: في سائر الأحوال بدون ملل أو انقطاع أو تكاسل..وقوله: أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ بيان للجزاء الطيب الذي ادخره الله- تعالى- لهم.أى: أولئك المؤمنون والمؤمنات المتصفون بتلك الصفات السامية، سيرحمهم الله- تعالى- برحمته الواسعة، إنه- سبحانه- «عزيز» لا يعجزه شيء «حكيم» في كل أفعاله وتصرفاته.قال صاحب الكشاف: «والسين هنا مفيدة لوجود الرحمة، فهي تؤكد الوعد، كما تؤكد الوعيد كما في قولك: سأنتقم منك يوما، تعنى أنك لا تفوتني وإن تباطأ ذلك، ونحوه: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
لما ذكر [ الله ] تعالى صفات المنافقين الذميمة ، عطف بذكر صفات المؤمنين المحمودة ، فقال : ( بعضهم أولياء بعض ) أي : يتناصرون ويتعاضدون ، كما جاء في الصحيح : المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه وفي الصحيح أيضا : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم ، كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر .وقوله : ( يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) كما قال تعالى : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) [ آل عمران : 104 ] .وقوله تعالى : ( ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ) أي : يطيعون الله ويحسنون إلى خلقه ، ( ويطيعون الله ورسوله ) أي : فيما أمر ، وترك ما عنه زجر ، ( أولئك سيرحمهم الله ) أي : سيرحم الله من اتصف بهذه الصفات ، ( إن الله عزيز حكيم ) أي : عزيز ، من أطاعه أعزه ، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، ( حكيم ) في قسمته هذه الصفات لهؤلاء ، وتخصيصه المنافقين بصفاتهم المتقدمة ، فإن له الحكمة في جميع ما يفعله تبارك وتعالى .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيمفيه أربع مسائل :الأولى : قوله تعالى بعضهم أولياء بعض أي قلوبهم متحدة في التواد والتحاب والتعاطف . وقال في المنافقين بعضهم من بعض لأن قلوبهم مختلفة ولكن يضم بعضهم إلى بعض في الحكم .الثانية : قوله تعالى يأمرون بالمعروف أي بعبادة الله تعالى وتوحيده ، وكل ما أتبع ذلك .وينهون عن المنكر عن عبادة الأوثان وكل ما أتبع ذلك . وذكر الطبري عن أبي العالية أنه قال : كل ما ذكر الله في القرآن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو النهي عن عبادة الأوثان والشياطين . وقد مضى القول في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في سورة ( المائدة ) و ( آل عمران ) والحمد لله .الثالثة : قوله تعالى ويقيمون الصلاة تقدم في أول البقرة القول فيه . وقال ابن عباس : هي الصلوات الخمس ، وبحسب هذا تكون الزكاة هنا المفروضة . ابن عطية : والمدح عندي بالنوافل أبلغ ; إذ من يقيم النوافل أحرى بإقامة الفرائض .الرابعة : قوله تعالى ويطيعون الله في الفرائض ورسوله فيما سن لهم . والسين في قوله : سيرحمهم الله مدخلة في الوعد مهلة لتكون النفوس تتنعم برجائه ; وفضله تعالى زعيم بالإنجاز .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله : وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وأما " المؤمنون والمؤمنات ", وهم المصدقون بالله ورسوله وآيات كتابه, فإن صفتهم: أن بعضهم أنصارُ بعض وأعوانهم (14) =(يأمرون بالمعروف)، يقول: يأمرون الناس بالإيمان بالله ورسوله, وبما جاء به من عند الله، (15) = [(وينهون عن المنكر) ... ] (16) =(ويقيمون الصلاة)، يقول: ويؤدُّون الصلاة المفروضة (17) =(ويؤتون الزكاة)، يقول: ويعطون الزكاة المفروضةَ أهلَها (18) =(ويطيعون الله ورسوله)، فيأتمرون لأمر الله ورسوله، وينتهون عما نهياهم عنه =(أولئك سيرحمهم الله)، يقول: هؤلاء الذين هذه صفتهم، الذين سيرحمهم الله, فينقذهم من عذابه، ويدخلهم جنته, لا أهل النفاق والتكذيب بالله ورسوله, الناهون عن المعروف, الآمرون بالمنكر, القابضون أيديهم عن أداء حقّ الله من أموالهم =(إن الله عزيز حكيم)، يقول: إن الله ذو عزة في انتقامه ممن انتقم من خلقه على معصيته وكفره به, لا يمنعه من الانتقام منه مانع، ولا ينصره منه ناصر =(حكيم)، في انتقامه منهم، وفي جميع أفعاله. (19)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:16938- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية قال: كل ما ذكره الله في القرآن من " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ", ف " الأمر بالمعروف "، دعاء من الشرك إلى الإسلام = و " النهي عن المنكر "، النهي عن عبادة الأوثان والشياطين.16939-...... قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: (يقيمون الصلاة)، قال: الصلوات الخمس.--------------------الهوامش :(14) انظر تفسير " الأولياء " فيما سلف من فهارس اللغة (ولي).(15) انظر تفسير " المعروف " فيما سلف ص : 338 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .(16) ما بين القوسين زدته استظهارًا ، وهو تمام الآية ، أخل به الناسخ، وأسقط تفسيره، كما هو بين من سياق أبي جعفر في تفسيره.انظر تفسير "المنكر" فيما سلف ص : 338، تعليق : 1 ، والمراجع هناك.(17) انظر تفسير " إقامة الصلاة " فيما سلف من فهارس اللغة (قوم).(18) انظر تفسير " إيتاء الزكاة " فيما سلف من فهارس اللغة (أتى).(19) انظر تفسير "عزيز"، و "حكيم"، فيما سلف من فهارس اللغة (عزز) ، (حكم).
﴿ والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ﴾