أو تسقط السماء علينا قطعًا كما زَعَمْتَ، أو تأتي لنا بالله وملائكته، فنشاهدهم مقابلة وعِيانًا.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا» قطعا «أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً» مقابلة وعيانا فنراهم.
﴿ تفسير السعدي ﴾
أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أي: قطعًا من العذاب، أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا أي: جميعًا، أو مقابلة ومعاينة، يشهدون لك بما جئت به.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا ) قرأ نافع وابن عامر وعاصم بفتح السين أي : قطعا وهي جمع " كسفة " وهي : القطعة والجانب مثل : كسرة وكسر . وقرأ الآخرون بسكون السين على التوحيد وجمعه أكساف وكسوف أي : تسقطها طبقا [ واحدا ] وقيل : أراد جانبها علينا وقيل : معناه أيضا القطع وهي جمع التكسير مثل سدرة وسدر في ( الشعراء وسبأ ) ( كسفا ) بالفتح حفص وفي الروم ساكنة أبو جعفر وابن عامر .( أو تأتي بالله والملائكة قبيلا ) قال ابن عباس : كفيلا أي : يكفلون بما تقول وقال الضحاك : ضامنا وقال مجاهد : هو جمع القبيلة أي : بأصناف الملائكة قبيلة قبيلة [ وقال قتادة : عيانا أي : تراهم القابلة ] أي معاينة [ وقال الفراء : هو من قول العرب لقيت فلانا قبيلا ، وقبيلا أي : معاينة ] .واعلم أن الله تعالى قد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم من الآيات والمعجزات ما يغني عن هذا كله مثل : القرآن وانشقاق القمر وتفجير العيون من بين الأصابع وما أشبهها والقوم عامتهم كانوا متعنتين لم يكن قصدهم طلب الدليل ليؤمنوا فرد الله عليهم سؤالهم .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- عز وجل-: أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً ... اقتراح ثالث من مقترحاتهم الفاسدة.ولفظ كِسَفاً أى: قطعا جمع كسفة- بكسر الكاف وسكون السين، يقال: كسفت الثوب أى: قطعته وهو حال من السماء، والكاف في قوله: كَما صفة لموصوف محذوف.والمعنى: أو تسقط أنت علينا السماء إسقاطا مماثلا لما هددتنا به، من أن في قدرة ربك- عز وجل- أن ينزل علينا عذابا متقطعا من السماء.ولعلهم يعنون بذلك قوله- تعالى-: أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ، إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ، أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ ... .وقيل: يعنون بذلك، أنك وعدتنا أن يوم القيامة تنشق فيه السماء، فعجل لنا ذلك في الدنيا، وأسقطها علينا، كما حكى عنهم القرآن ذلك في قوله- تعالى- وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ ... .فهم يتعجلون العذاب، والرسول صلى الله عليه وسلم، يرجو لهم من الله- تعالى- الرحمة والهداية وتأخير العذاب عنهم، لعله- سبحانه- أن يخرج من أصلابهم من يخلص له العبادة والطاعة.وقوله- تعالى- أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا تسجيل لمطلب رابع من مطالبهم القبيحة.قال الآلوسى: قَبِيلًا أى: مقابلا، كالعشير والمعاشر، وأرادوا- كما جاء عن ابن عباس- عيانا.وهذا كقولهم: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا، وفي رواية أخرى عنه وعن الضحاك تفسير القبيل بالكفيل، أى: كفيلا بما تدعيه. يعنون شاهدا يشهد لك بصحة ما قلته.وهو على الوجهين حال من لفظ الجلالة.. وعن مجاهد: القبيل الجماعة كالقبيلة، فيكون حالا من الملائكة- أى: أو تأتى بالله وبالملائكة قبيلة قبيلة .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله تعالى ( أو تسقط السماء كما زعمت ) أي : أنك وعدتنا أن يوم القيامة تنشق فيه السماء وتهي ، وتدلى أطرافها ، فعجل ذلك في الدنيا ، وأسقطها كسفا [ أي : قطعا ، كقولهم : ( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) الآية [ الأنفال : 32 ] ، وكذلك سأل قوم شعيب منه فقالوا : ( أسقط علينا كسفا ] من السماء إن كنت من الصادقين ) [ الشعراء : 187 ] . فعاقبهم الرب بعذاب يوم الظلة ، إنه كان عذاب يوم عظيم . وأما نبي الرحمة ، ونبي التوبة المبعوث رحمة للعالمين ، فسأل إنظارهم وتأجيلهم ، لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئا . وكذلك وقع ، فإن من هؤلاء الذين ذكروا من أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه حتى " عبد الله بن أبي أمية " الذي تبع النبي صلى الله عليه وسلم وقال له ما قال ، أسلم إسلاما تاما ، وأناب إلى الله عز وجل .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
أو تسقط السماء قراءة العامة . وقرأ مجاهد " أو يسقط السماء " على إسناد الفعل إلى السماء . كسفا قطعا ، عن ابن عباس وغيره . والكسف ( بفتح السين ) جمع كسفة ، وهي قراءة نافع وابن عامر وعاصم . الباقون كسفا بإسكان السين . قال الأخفش : من قرأ كسفا من السماء جعله واحدا ، ومن قرأ كسفا جعله جمعا . قال المهدوي : ومن أسكن السين جاز أن يكون جمع كسفة وجاز أن يكون مصدرا ، من كسفت الشيء إذا غطيته . فكأنهم قالوا : أسقطها طبقا علينا . وقال الجوهري . الكسفة القطعة من الشيء ; يقال : أعطني كسفة من ثوبك ، والجمع كسف وكسف . ويقال : الكسفة واحد .أو تأتي بالله والملائكة قبيلا أي معاينة ; عن قتادة وابن جريج . وقال الضحاك وابن عباس : كفيلا . قال مقاتل : شهيدا . مجاهد : هو جمع القبيلة ; أي بأصناف الملائكة قبيلة قبيلة . وقيل : ضمناء يضمنون لنا إتيانك به .
﴿ تفسير الطبري ﴾
اختلفت القرّاء في قراءة قوله ( كِسَفا ) فقرأته عامّة قرّاء الكوفة والبصرة بسكون السين، بمعنى: أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا، وذلك أن الكِسف في كلام العرب: جمع كِسْفة، وهو جمع الكثير من العدد للجنس، كما تجمع السِّدْرة بسِدْر، والتمر بتمر، فحُكي عن العرب سماعا: أعطني كِسفة من هذا الثوب: أي قطعة منه، يقال منه: جاءنا بثريد كسف: أي قطع خبز ، وقد يحتمل إذا قرئ كذلك " كِسْفا " بسكون السين أن يكون مرادا به المصدر من كسف (4) . فأما الكِسَف بفتح السين، فإنه جمع ما بين الثلاث إلى العشر، يقال: كِسَفة واحدة، وثلاث كِسَف، وكذلك إلى العشر ، وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة وبعض الكوفيين ( كِسَفا ) بفتح السين بمعنى: جمع الكِسْفة الواحدة من الثلاث إلى العشر، يعني بذلك قِطَعا : ما بين الثلاث إلى العشر.وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي قراءة من قرأه بسكون السين، لأن الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، لم يقصدوا في مسألتهم إياه ذلك أن يكون بحدّ معلوم من القطع، إنما سألوا أن يُسقط عليهم من السماء قِطَعا، وبذلك جاء التأويل أيضا عن أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( كِسْفا ) قال: السماء جميعا.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.قال ابن جريج: قال عبد الله بن كثير، عن مجاهد، قوله ( كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا ) قال: مرّة واحدة، والتي في الروم وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا قال: قطعا، قال ابن جريج : كسفا لقول الله إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا ) قال: أي قطعا.حدثنا عليّ، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( كِسَفًا ) يقول: قطعا.حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( كِسَفا ) قال: قطعا.حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا ) يعني قِطَعا.القول في تأويل قوله تعالى : أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا .يقول تعالى ذكره عن قيل المشركين لنبيّ الله صلى الله عليه وسلم: أو تأتي بالله يا محمد والملائكة قبيلا.واختلف أهل التأويل في معنى القبيل في هذا الموضع، فقال بعضهم: معناه: حتى يأتي الله والملائكة كلَّ قبيلة منا قبيلة قبيلة، فيعاينونهم.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا ) قال: على حدتنا، كلّ قبيلة.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله ( أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا ) قال: قبائل على حدتها كلّ قبيلة.وقال آخرون: معنى ذلك: أو تأتي بالله والملائكة عيانا نقابلهم مقابلة، فنعاينهم معاينة.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا ) نعاينهم معاينة.حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج ( أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا ) فنعاينهم.ووجَّهه بعض أهل العربية إلى أنه بمعنى الكفيل من قولهم: هو قَبِيلُ فلان بما لفلان عليه وزعيمه.وأشبه الأقوال في ذلك بالصواب، القول الذي قاله قتادة من أنه بمعنى المعاينة، من قولهم: قابلت فلانا مقابلة ، وفلان قبيل فلان، بمعنى قبالته، كما قال الشاعر:نُصَالِحُكُمْ حتى تَبُوءُوا بِمِثْلِهاكصَرْخَةِ حُبْلَى يَسَّرَتْها قَبِيلُها (5)يعني قابِلَتها. وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: إذا وصفوا بتقدير فعيل من قولهم قابلت ونحوها، جعلوا لفظ صفة الاثنين والجميع من المؤنث والمذكر على لفظ واحد، نحو قولهم: هذه قبيلي، وهما قبيلي، وهم قبيلي، وهن قبيلي.--------------------الهوامش :(4) مصدر الفعل كسف يكسف (كضرب يضرب) هو الكسف، بفتح الكاف وسكون السين (اللسان).(5) البيت للأعشى ميمون بن قيس (ديوانه طبع القاهرة بشرحالدكتور محمد حسين ص 177) وهو من قصيدة عدتها 18 بيتا. والشاهد هو ال 17فيها. وقبله:فإنّي ورَبِّ السَّاجدِيِنعَشِيَّةًوَمَا صَكَّ ناقُوسَ النَّصَارَى أبيلُهاوالقصيدة قالها في الحرب التي كانت بينه وبين الحرقتين، يعاتب بني مرثد وبني جحدر، وفي رواية الشاهد: "أصالحكم" بالهمزة بدل النون. يقول: لن أصالحكم حتى تبوءوا بمثل جنايتكم وبغيكم، وتصرخوا صرخة الحبلى حين تعينها القابلة في المخاض. "وقبولها" في موضع: قبيلها. والأبيل الراهب. وتبوءا.ويسرتها: سهلت ولادتها وأعانتها فيها. والقبول: المرأة التي تستقبل الولد عند الولادة.وفي مجاز القرآن لأبي عبيدة (1: 390) عند قوله تعالى: (والملائكة قبيلا) مجازه مقابلة، أي: معاينة. وقال:نصالحكم حتى تبوءوا بمثلهاكصرخة حبلى بشرتها قبيلهاأي قابلتها. فإذا وصفوا بتقدير "فعيل" من قولهم "قابلت" ونحوها، جعلوا لفظ صفة الاثنين والجميع، من المذكر والمؤنث، على لفظ واحد، نحو قولك: هي قبيلي، وهما قبيلي، وكذلك هن قبيلي. اه . وفي (لسان العرب: قبل): والقبيل والقبول القابلة. المحكم: قبلت القابلة الولد قبالا: أخذته من الوالدة، وهي قابلة المرأة وقبولها وقبيلها، قال الأعشى:أصالحكم حتى تبوءوا بمثلهاكصرخة حبلى أسلمتها قبيلهاويروى: قبلوها. أي يئست منها.
﴿ أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا ﴾