فافزع إلى ربك عند ضيق صدرك، وسَبِّح بحمده شاكرًا له مثنيا عليه، وكن من المصلِّين لله العابدين له، فإن ذلك يكفيك ما أهمَّك.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«فسبح» ملتبسا «بحمد ربك» أي قل سبحان الله وبحمده «وكن من الساجدين» المصلين.
﴿ تفسير السعدي ﴾
فأنت يا محمد فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين أي: أكثر من ذكر الله وتسبيحه وتحميده والصلاة فإن ذلك يوسع الصدر ويشرحه ويعينك على أمورك.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( فسبح بحمد ربك ) قال ابن عباس : فصل بأمر ربك ( وكن من الساجدين ) من المصلين المتواضعين .وقال الضحاك : " فسبح بحمد ربك " : قل سبحان الله وبحمده " وكن من الساجدين " المصلين .وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
والفاء في قوله فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ... واقعة في جواب شرط.والتسبيح لله- تعالى- معناه: تنزيهه- عز وجل- عن كل ما لا يليق به.والتحميد له- تعالى- معناه: الثناء عليه بما هو أهله من صفات الكمال والجلال.أى: إن ضاق صدرك- أيها الرسول الكريم- بسبب أقوال المشركين القبيحة، فافزع إلينا بالتسبيح والتحميد، بأن تكثر من قول سبحان الله، والحمد لله.قال بعض العلماء: فهذه الجملة الكريمة قد اشتملت على الثناء على الله بكل كمال لأن الكمال يكون بأمرين:أحدهما: التخلي عن الرذائل، والتنزه عما لا يليق، هذا معنى التسبيح.والثاني: التحلي بالفضائل، والاتصاف بصفات الكمال، وهذا معنى الحمد.فتم الثناء بكل كمال. ولأجل هذا المعنى ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم ... » .والمراد بالسجود في قوله- تعالى- وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ الصلاة. وعبر عنها بذلك من باب التعبير بالجزء عن الكل، لأهمّيّة هذا الجزء وفضله، ففي صحيح مسلم عن أبى هريرة- رضى الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء» .ويؤخذ من هذه الآية الكريمة، أن ترتيب الأمر بالتسبيح والتحميد والصلاة على ضيق الصدر دليل على أن هذه العبادات، بسببها يزول المكروه بإذنه- تعالى-، وتنقشع الهموم ... ولذا كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر لجأ إلى الصلاة.وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث نعيم بن عمار- رضى الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله- تعالى-: «يا ابن آدم لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار، أكفك آخره» .فينبغي للمسلم إذا أصابه مكروه أن يفزع إلى الله- تعالى- بأنواع الطاعات من صلاة وتسبيح وتحميد وغير ذلك من ألوان العبادات.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين ) أي : وإنا لنعلم يا محمد أنك يحصل لك من أذاهم لك انقباض وضيق صدر ، فلا يهيدنك ذلك ، ولا يثنينك عن إبلاغك رسالة الله ، وتوكل على الله فإنه كافيك وناصرك عليهم ، فاشتغل بذكر الله وتحميده وتسبيحه وعبادته التي هي الصلاة ; ولهذا قال : ( وكن من الساجدين ) كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد :حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن كثير بن مرة ، عن نعيم بن همار أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " قال الله : يا ابن آدم ، لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره . .ورواه أبو داود من حديث مكحول ، عن كثير بن مرة ، بنحوهولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر صلى .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين فيه مسألتان : الأولى : فسبح أي فافزع إلى الصلاة ، فهي غاية التسبيح ونهاية التقديس .وكن من الساجدين لا خفاء أن غاية القرب في الصلاة حال السجود ، كما قال - عليه السلام - : أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأخلصوا الدعاء . ولذلك خص السجود بالذكر .الثانية : قال ابن العربي : ظن بعض الناس أن المراد بالأمر هنا السجود نفسه ، فرأى هذا الموضع محل سجود في القرآن ، وقد شاهدت الإمام بمحراب زكريا من البيت المقدس طهره الله ، يسجد في هذا الموضع وسجدت معه فيها ، ولم يره جماهير العلماء .قلت : قد ذكر أبو بكر النقاش أن هاهنا سجدة عند أبي حذيفة ويمان بن رئاب ، ورأى أنها واجبة
﴿ تفسير الطبري ﴾
( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ) يقول: فافزع فيما نابك من أمر تكرهه منهم إلى الشكر لله والثناء عليه والصلاة، يكفك الله من ذلك ما أهمّك ، وهذا نحو الخبر الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه كان إذا حَزَبَه أمر فَزِع إلى الصلاة.