وقال إبراهيم: إني مهاجر إلى ربي من بلد قومي إلى حيث أتمكن من عبادة ربي؛ فإنه سيدلني على الخير في ديني ودنياي. رب أعطني ولدًا صالحًا.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وقال إني ذاهب إلى ربي» مهاجر إليه من دار الكفر «سيهدين» إلى حيث أمرني ربي بالمصير إليه وهو الشام فلما وصل إلى الأرض المقدسة قال.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَ لما فعلوا فيه هذا الفعل، وأقام عليهم الحجة، وأعذر منهم، قال إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي أي: مهاجر إليه، قاصد إلى الأرض المباركة أرض الشام. سَيَهْدِينِ يدلني إلى ما فيه الخير لي، من أمر ديني ودنياي، وقال في الآية الأخرى: وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وقال ) - يعني - إبراهيم : ( إني ذاهب إلى ربي ) أي : مهاجر إلى ربي ، والمعنى : أهجر دار الكفر وأذهب إلى مرضاة ربي ، قاله بعد الخروج من النار ، كما قال : " إني مهاجر إلى ربي " ( العنكبوت - 26 ) ، ) ( سيهدين ) إلى حيث أمرني بالمصير إليه ، وهو الشام .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم تسوق لنا السورة الكريمة بعد ذلك جانبا آخر من قصة إبراهيم- عليه السلام- هذا الجانب يتمثل في هجرته من أجل نشر دعوة الحق وفي تضرعه إلى ربه أن يرزقه الذرية الصالحة، فتقول: وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ. رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ...أى: قال إبراهيم بعد أن نجاه الله- تعالى- من كيد أعدائه إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي أى: إلى المكان الذي أمرنى ربي بالسير إليه، وهو بلاد الشام، وقد تكفل- سبحانه- بهدايتى إلى ما فيه صلاح ديني ودنياى.قال القرطبي: «هذه الآية أصل في الهجرة والعزلة. وأول من فعل ذلك إبراهيم- عليه السلام- وذلك حين خلصه الله من النار قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي أى: مهاجر من بلد قومي ومولدي، إلى حيث أتمكن من عبادة ربي، فإنه سَيَهْدِينِ فيما نويت إلى الصواب.قال مقاتل: هو أول من هاجر من الخلق مع لوط وسارة. إلى الأرض المقدسة وهي أرض الشام..».والسين في قوله سَيَهْدِينِ لتأكيد وقوع الهداية في المستقبل، بناء على شدة توكله، وعظيم أمله في تحقيق ما يرجوه من ربه، لأنه ما هاجر من موطنه إلا من أجل نشر دينه وشريعته- سبحانه-.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
قول تعالى مخبرا عن خليله إبراهيم [ عليه السلام ] : إنه بعد ما نصره الله على قومه وأيس من إيمانهم بعدما شاهدوا من الآيات العظيمة ، هاجر من بين أظهرهم ، وقال : ( إني ذاهب إلى ربي سيهدين )
﴿ تفسير القرطبي ﴾
هذه الآية أصل في الهجرة والعزلة . وأول من فعل ذلك إبراهيم - عليه السلام - ، وذلك حين خلصه الله من النار قال إني ذاهب إلى ربي أي : مهاجر من بلد قومي ومولدي إلى حيث أتمكن من عبادة ربي فإنه سيهدين فيما نويت إلى الصواب . قال مقاتل : هو أول من هاجر من الخلق مع لوط وسارة ، إلى الأرض المقدسة وهي أرض الشام . وقيل : ذاهب بعملي وعبادتي ، وقلبي ونيتي . فعلى هذا ذهابه بالعمل لا بالبدن . وقد مضى بيان هذا في [ الكهف ] مستوفى . وعلى الأول بالمهاجرة إلى الشام وبيت المقدس . وقيل : خرج إلى حران فأقام بها مدة . ثم قيل : قال ذلك لمن فارقه من قومه ، فيكون ذلك توبيخا لهم . وقيل : قاله لمن هاجر معه من أهله ، فيكون ذلك منه ترغيبا . وقيل : قال هذا قبل إلقائه في النار . وفيه على هذا القول تأويلان : أحدهما : إني ذاهب إلى ما قضاه علي ربي . الثاني : إني ميت ، كما يقال لمن مات : قد ذهب إلى الله تعالى ; لأنه - عليه السلام - تصور أنه يموت بإلقائه في النار ، على المعهود من حالها في تلف ما يلقى فيها ، إلى أن قيل لها : كوني بردا وسلاما فحينئذ سلم إبراهيم منها . وفي قوله : سيهدين على هذا القول تأويلان : أحدهما سيهدين إلى الخلاص منها . الثاني : إلى الجنة . وقال سليمان بن صرد وهو ممن أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - : لما أرادوا إلقاء إبراهيم في النار جعلوا يجمعون له الحطب ، فجعلت المرأة العجوز تحمل على ظهرها وتقول : أذهب به إلى هذا الذي يذكر آلهتنا ، فلما ذهب به ليطرح في النار قال إني ذاهب إلى ربي . فلما طرح في النار قال : حسبي الله ونعم الوكيل فقال الله تعالى : يا نار كوني بردا وسلاما فقال أبو لوط وكان ابن عمه : إن النار لم تحرقه من أجل قرابته مني . فأرسل الله عنقا من النار فأحرقه .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله ( وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ) يقول: وقال إبراهيم لما أفْلَجَه الله على قومه ونجاه من كيدهم: ( إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ) يقول: إني مُهَاجِرٌ من بلدة قومي إلى الله: أي إلى الأرض المقدَّسة، ومفارقهم، فمعتزلهم لعبادة الله.وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ( وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ) : ذاهب بعمله وقلبه ونيته.وقال آخرون في ذلك: إنما قال إبراهيم ( إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ) حين أرادوا أن يلقوه في النار.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن المثني، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت سليمان بن صُرَد يقول: لما أرادوا أن يُلْقوا إبراهيم في النار ( قَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ) فجمع الحطب، فجاءت عجوز على ظهرها حطب، فقيل لها: أين تريدين ؟ قالت: أريد أذهب إلى هذا الرجل الذي يُلْقَى في النار; فلما ألقي فيها، قال: حَسْبِيَ الله عليه توكلت، أو قال: حسبي الله ونعم الوكيل، قال: فقال الله: يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ قال: فقال ابن لُوط، أو ابن أخي لوط: إن النار لم تحرقه من أجلي، وكان بينهما قرابة، فأرسل الله عليه عُنُقا من النار فأحرقته.وإنما اخترت القول الذي قلت في ذلك، لأن الله تبارك وتعالى ذكر خبره &; 21-72 &; وخبر قومه في موضع آخر، فأخبر أنه لما نجاه مما حاول قومه من إحراقه قال إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ففسر أهل التأويل ذلك أن معناه: إني مهاجر إلى أرض الشام، فكذلك قوله ( إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ) لأنه كقوله إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي وقوله ( سَيَهْدِينِ ) يقول: سيثبتني على الهدى الذي أبصرته، ويعيننى عليه.