﴿ رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
ثم ذكر عباده المؤمنين بما أنزل عليهم من كتابه، الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ليخرج الخلق من ظلمات الكفر والجهل والمعصية، إلى نور العلم والإيمان والطاعة، فمن الناس، من آمن به، ومنهم من لم يؤمن [به]، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا من الواجبات والمستحبات. يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فيها من النعيم المقيم، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا [أي:] ومن لم يؤمن بالله ورسوله، فأولئك أصحاب النار، هم فيها خالدون.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
والمراد بالرسول في قوله- تعالى-: رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ محمد صلى الله عليه وسلم وللمفسرين جملة من الأقوال في إعرابه، فمنهم من يرى أنه منصوب بفعل مقدر، ومنهم من يرى أنه بدل من ذكرا ... .والمعنى: فاتقوا الله- أيها المؤمنون- فقد أنزلنا إليكم قرآنا فيه ما يذكركم بخير الدنيا والآخرة ... وأرسلنا إليكم رسولا هو عبدنا محمد صلى الله عليه وسلم لكي يتلو عليكم آياتنا تلاوة تدبر وفهم، يعقبهما تنفيذ ما اشتملت عليه هذه الآيات من أحكام وآداب وهدايات..ولكي يخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من ظلمات الشرك الذي كانوا واقعين فيه، إلى نور الإيمان الذي صاروا إليه.ومنهم من فسر الذكر بالرسول صلى الله عليه وسلم..قال الآلوسى ما ملخصه: وقوله: قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً هو النبي صلى الله عليه وسلم وعبر عنه بالذكر، لمواظبته على تلاوة القرآن الذي هو ذكر ...وقوله- تعالى- رَسُولًا بدل من ذِكْراً، وعبر عن إرساله بالإنزال، لأن الإرسال مسبب عنه..والظاهر أن الذكر هو القرآن، والرسول هو محمد صلى الله عليه وسلم ورسولا منصوب بمقدر، أى: وأرسل رسولا.. .ثم بين- سبحانه- حسن عاقبة المؤمنين الصادقين فقال: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ إيمانا حقا وَيَعْمَلْ عملا صالِحاً يُدْخِلْهُ- سبحانه- بفضله وإحسانه جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، خالِدِينَ فِيها أَبَداً خلودا أبديا..وقوله: قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً حال من الضمير المنصوب في قوله يُدْخِلْهُ، والجمع في الضمائر باعتبار معنى مِنَ كما أن الأفراد في الضمائر الثلاثة باعتبار لفظها:والرزق: كل ما ينتفع به الإنسان، وتنكيره للتعظيم.أى: قد وسع الله- تعالى- لهذا المؤمن الصادق في إيمانه رزقه في الجنة، وأعطاه من الخير والنعيم، ما يشرح صدره، ويدخل السرور على نفسه. ويصلح باله..
﴿ تفسير البغوي ﴾
( رسولا ) بدل من الذكر ، وقيل : أنزل إليكم قرآنا وأرسل رسولا . وقيل : مع الرسول ، وقيل : " الذكر " هو الرسول .وقيل : " ذكرا " أي شرفا . ثم بين ما هو فقال : ( رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا ) يعني الجنة التي لا ينقطع نعيمها .