﴿ يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
يقول تعالى -مبينا لفضل الإيمان واغتباط أهله به يوم القيامة-: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ أي: إذا كان يوم القيامة، وكورت الشمس، وخسف القمر، وصار الناس في الظلمة، ونصب الصراط على متن جهنم، فحينئذ ترى المؤمنين والمؤمنات، يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، فيمشون بأيمانهم ونورهم في ذلك الموقف الهائل الصعب، كل على قدر إيمانه، ويبشرون عند ذلك بأعظم بشارة، فيقال: بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ فلله ما أحلى هذه البشارة بقلوبهم، وألذها لنفوسهم، حيث حصل لهم كل مطلوب [محبوب]، ونجوا من كل شر ومرهوب
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- تعالى- يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ منصوب بفعل مقدر، والرؤية بصرية، والخطاب لكل من يصلح له.والمعنى: واذكر- أيها العاقل- لتتعظ ولتعتبر، يوم تبصر المؤمنين والمؤمنات يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ. والأيمان: جمع يمين. والمراد جهة اليمين.أى: يتحرك نورهم معهم من أمامهم، ومن جهة يمينهم، على سبيل التشريف والتكريم لهم.قال ابن كثير: يقول- تعالى- مخبرا عن المؤمنين المتصدقين، أنهم يوم القيامة، يسعى نورهم بين أيديهم في عرصات القيامة بحسب أعمالهم، كما قال عبد الله بن مسعود: يؤتون نورهم على قدر أعمالهم، ويمرون على الصراط، منهم من نوره مثل الجبل، ومنهم من نوره مثل النخلة، ومنهم من نوره مثل الرجل القائم .وعطف- سبحانه- الْمُؤْمِناتِ على الْمُؤْمِنِينَ للتنبيه على أن كلا من الذكر والأنثى. له أجره على عمله الصالح، بدون إجحاف أو محاباة لجنس على جنس، كما قال- تعالى-: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «2» .والباء في قوله: وَبِأَيْمانِهِمْ بمعنى عن. واقتصر على ذكر الأيمان على سبيل التشريف لتلك الجهة، والمراد أن نورهم يحيط بهم من جميع جوانبهم.وقوله: بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها، ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ مقول لقول محذوف.وقوله: بُشْراكُمُ اسم مصدر من بشر. أى: أخبر بما يسر.والمعنى: تقول لهم الملائكة على سبيل التكريم والتحية: نبشركم اليوم بجنات عظيمة.تجرى من تحت ثمارها وأشجارها الأنهار العذبة، حالة كونكم خالدين فيها خلودا أبديا، وذلك الذي أنتم فيه من نور يسعى بين أيديكم، ومن جنات أنتم خالدون فيها.. هو الفوز العظيم، الذي لا يعادله فوز أو فلاح.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم ) يعني على الصراط ( بين أيديهم وبأيمانهم ) يعني عن أيمانهم . قال بعضهم : أراد جميع جوانبهم ، فعبر بالبعض عن الكل وذلك دليلهم إلى الجنة .وقال قتادة : ذكر لنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة إلى عدن أبين وصنعاء ودون ذلك حتى إن من المؤمنين من لا يضيء نوره إلا موضع قدميه "وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما : يؤتون نورهم على قدر أعمالهم ، فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة ، ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم ، وأدناهم نورا من نوره أعلى إبهامه فيطفأ مرة ويقد مرة .وقال الضحاك ومقاتل : " يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم " كتبهم ، يريد أن كتبهم التي أعطوها بأيمانهم ونورهم بين أيديهم . وتقول لهم الملائكة : ( بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم ) .