هذا تسلية للرسول، وتصبير له عن المبادرة إلى إهلاك المكذبين المعرضين، وأن كفرهم وتكذيبهم سبب صالح لحلول العذاب بهم، ولزومه لهم، لأن الله جعل العقوبات سببا وناشئا عن الذنوب، ملازما لها، وهؤلاء قد أتوا بالسبب، ولكن الذي أخره عنهم كلمة ربك، المتضمنة لإمهالهم وتأخيرهم، وضرب الأجل المسمى، فالأجل المسمى ونفوذ كلمة الله، هو الذي أخر عنهم العقوبة إلى إبان وقتها، ولعلهم يراجعون أمر الله، فيتوب عليهم، ويرفع عنهم العقوبة، إذا لم تحق عليهم الكلمة.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- بعض مظاهر فضله على هؤلاء المشركين الذين أرسل الرسول صلّى الله عليه وسلّم لإنقاذهم من الكفر والضلالة فقال- تعالى-: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ، لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى.والمراد بالكلمة السابقة، ما تفضل الله- تعالى- به من تأخير عذاب الاستئصال عن هذه الأمة التي بعث فيها الرسول صلّى الله عليه وسلّم تكريما له كما قال- تعالى- وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ... أو لأن من نسلهم من يؤمن بالله حق الإيمان، أو لحكم أخرى يعلمها- سبحانه- ولزاما: مصدر بمعنى اسم الفاعل، وفعله لازم كقاتل.وقوله: وَأَجَلٌ مُسَمًّى معطوف على كَلِمَةٌ.والمعنى: ولولا الوعد السابق منا بتأخير العذاب عن هؤلاء المشركين إلى يوم القيامة.ولولا الأجل المسمى المحدد في علمنا لانتهاء أعمارهم، لما تأخر عذابهم أصلا، بل لكان العذاب لازما لهم في الدنيا، ونازلا بهم كما نزل بالسابقين من أمثالهم في الكفر والضلال.ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم بالمداومة على الصبر، وعلى الإكثار من ذكره- تعالى- ونهاه عن التطلع إلى زينة الحياة الدنيا.فقال- تعالى-:
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى ) فيه تقديم وتأخير ، تقديره : ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى ، والكلمة الحكم بتأخير العذاب عنهم ، أي ولولا حكم سبق بتأخير العذاب عنهم ، وأجل مسمى وهو القيامة لكان لزاما ، أي لكان العذاب لازما لهم كما لزم القرون الماضية الكافرة .