﴿ وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
ثم أخبر تعالى أنه حرم على أهل الكتاب كثيرا من الطيبات التي كانت حلالا عليهم، وهذا تحريم عقوبة بسبب ظلمهم واعتدائهم، وصدهم الناس عن سبيل الله، ومنعهم إياهم من الهدى، وبأخذهم الربا وقد نهوا عنه، فمنعوا المحتاجين ممن يبايعونه عن العدل، فعاقبهم الله من جنس فعلهم فمنعهم من كثير من الطيبات التي كانوا بصدد حلها، لكونها طيبة، وأما التحريم الذي على هذه الأمة فإنه تحريم تنزيه لهم عن الخبائث التي تضرهم في دينهم ودنياهم.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله: وَأَخْذِهِمُ ٱلرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ بيان للون آخر من رذائلهم وقبائحهم. أى: ومن أسباب تحريم بعض الطيبات عليهم ولعنهم، أخذهم الربا مع نهيهم عنه على ألسنة رسلنا، وأكلهم أموال الناس بالباطل، أى على طريق الرشوة والخيانة، والسرقة وغير ذلك من سائر الوجوه المحرمة.وما حملهم على هذا الولوغ فى المحرمات بشراهة وعدم مبالاة إلا أنانيتهم وبيعهم الدين بالدنيا. وقوله. وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ جملة حالية فى محل نصب.قال الآلوسى. وفى الآية دلالة على أن الربا كان محرما عليهم كما هو محرم علينا لأن النهى يدل على حرمة المنهى عنه، وإلا لما توعد - سبحانه - على مخالفته.تلك هى بعض العقوبات التى عاقبهم الله بها فى الدنيا. أما عقوبة هؤلاء اليهود فى الآخرة فقد بينها - سبحانه - فى قوله وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً .أى. وهيأنا وأعددنا للكافرين من أولئك اليهود الذين فسدت نفوسهم عذابا موجعا أليما، جزاء ظلمهم وفسوقهم عن أمر الله.وقوله لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ احتراس قصد به إخراج من آمن منهم من هذا العذاب الأليم، لأن العذاب إنما هو للكافرين منهم فسحب، أما من آمن منهم كعبد الله بن سلام وأشباهه فلهم أجرهم عند ربهم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وأخذهم الربا وقد نهوا عنه ) في التوراة ( وأكلهم أموال الناس بالباطل ) من الرشا في الحكم ، والمآكل التي يصيبونها من عوامهم ، عاقبناهم بأن حرمنا عليهم طيبات ، فكانوا كلما ارتكبوا كبيرة حرم عليهم شيء من الطيبات التي كانت حلالا لهم ، قال الله تعالى : " ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون " ( الأنعام - 146 ) ، ( وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما )