﴿ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَمِنْ آيَاتِهِ الدالة على رحمته وعنايته بعباده وحكمته العظيمة وعلمه المحيط، أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا تناسبكم وتناسبونهن وتشاكلكم وتشاكلونهن لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً بما رتب على الزواج من الأسباب الجالبة للمودة والرحمة.فحصل بالزوجة الاستمتاع واللذة والمنفعة بوجود الأولاد وتربيتهم، والسكون إليها، فلا تجد بين أحد في الغالب مثل ما بين الزوجين من المودة والرحمة، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ يُعملون أفكارهم ويتدبرون آيات اللّه وينتقلون من شيء إلى شيء.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم انتقلت السورة الكريمة إلى بيان آية ثانية، دالة على كمال قدرته ورأفته بعباده، فقال:وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً أى: ومن آياته الدالة على رحمته بكم، أنه- سبحانه- خلق لكم مِنْ أَنْفُسِكُمْ أى: من جنسكم في البشرية والإنسانية أزواجا.قال الآلوسى: قوله: مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً فإن خلق أصل أزواجكم حواء من ضلع آدم- عليه السلام- متضمن لخلقهن من أنفسكم «فمن» للتبعيض والأنفس بمعناها الحقيقي، ويجوز أن تكون «من» ابتدائية، والأنفس مجاز عن الجنس، أى: خلق لكم من جنسكم لا من جنس آخر، قيل: وهو الأوفق لما بعد .وقوله- سبحانه-: لِتَسْكُنُوا إِلَيْها بيان لعلة خلقهم على هذه الطريقة. أى:خلق لكم من جنسكم أزواجا، لتسكنوا إليها، ويميل بعضكم إلى بعض، فإن الجنس إلى الجنس أميل، والنوع إلى النوع أكثر ائتلافا وانسجاما وَجَعَلَ- سبحانه- بَيْنَكُمْ يا معشر الأزواج والزوجات مَوَدَّةً وَرَحْمَةً أى: محبة ورأفة، لم تكن بينكم قبل ذلك، وإنما حدثت عن طريق الزواج الذي شرعه- سبحانه- بين الرجال والنساء، والذي وصفه- تعالى- بهذا الوصف الدقيق، في قوله- عز وجل-: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ.إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكرناه لكم قبل ذلك لَآياتٍ عظيمة تهدى إلى الرشد وإلى الاعتبار لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ في مظاهر قدرة الله- تعالى- ورحمته بخلقه.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا ) قيل : من جنسكم من بني آدم . وقيل : خلق حواء من ضلع آدم ( لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) جعل بين الزوجين المودة والرحمة فهما يتوادان ويتراحمان ، وما شيء أحب إلى أحدهما من الآخر من غير رحم بينهما ( إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) في عظمة الله وقدرته .