﴿ أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
يخبر تعالى أن المشركين اتخذوا شركاء يوالونهم ويشتركون هم وإياهم في الكفر وأعماله، من شياطين الإنس، الدعاة إلى الكفر شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ من الشرك والبدع، وتحريم ما أحل الله، وتحليل ما حرم الله ونحو ذلك مما اقتضته أهواؤهم.مع أن الدين لا يكون إلا ما شرعه الله تعالى، ليدين به العباد ويتقربوا به إليه، فالأصل الحجر على كل أحد أن يشرع شيئا ما جاء عن الله وعن رسوله، فكيف بهؤلاء الفسقة المشتركين هم وأباؤهم على الكفر. وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ أي: لولا الأجل المسمى الذي ضربه الله فاصلا بين الطوائف المختلفة، وأنه سيؤخرهم إليه، لقضي بينهم في الوقت الحاضر بسعادة المحق وإهلاك المبطل، لأن المقتضي للإهلاك موجود، ولكن أمامهم العذاب الأليم في الآخرة، هؤلاء وكل ظالم.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
قال القرطبي: قوله- تعالى-: أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ أى: ألهم، والميم صلة الهمزة للتقريع.وهذا متصل بقوله: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وقوله- تعالى-:اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ. كانوا لا يؤمنون به، فهل لهم آلهة شرعوا لهم الشرك الذي لم يأذن به الله؟ وإذا استحال هذا فالله لم يشرع الشرك، فمن أين يدينون به .فالآية الكريمة تنكر عليهم شركهم بأبلغ أسلوب، وتؤنبهم على جهالتهم حيث أشركوا بالله- تعالى-: دون أن يكون عندهم دليل أو ما يشبه الدليل على صحة ما وقعوا فيه من باطل.والمراد بكلمة الفصل في قوله- تعالى-: وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ما تفضل به- سبحانه- من تأخير العذاب الماحق عنهم.أى: ولولا حكمنا بتأخير العذاب عنهم- فضلا منا وكرما- لقضى الأمر بين هؤلاء الكافرين وبين المؤمنين، بأن أهلكنا الكافرين واستأصلنا شأفتهم في الدنيا، ولكن شاء ربك أن يؤخر عذابهم إلى يوم القيامة.وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ في الآخرة، بسبب إصرارهم على ظلمهم وموتهم على الكفر والشرك.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله عز وجل : ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) يعني كفار مكة . يقول : أم لهم آلهة سنوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ؟قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : شرعوا لهم دينا غير دين الإسلام .( ولولا كلمة الفصل ) لولا أن الله حكم في كلمة الفصل بين الخلق بتأخير العذاب عنهم إلى يوم القيامة حيث قال : " بل الساعة موعدهم " ( القمر - 46 ) ، ( لقضي بينهم ) لفرغ من عذاب الذين يكذبونك في الدنيا ، ( وإن الظالمين ) المشركين ، ( لهم عذاب أليم ) في الآخرة .