﴿ ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
أي: وَلَمَّا بَلَغَ يوسف أَشُدَّهُ أي: كمال قوته المعنوية والحسية، وصلح لأن يتحمل الأحمال الثقيلة، من النبوة والرسالة. آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا أي: جعلناه نبيا رسولا، وعالما ربانيا، وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ في عبادة الخالق ببذل الجهد والنصح فيها، وإلى عباد الله ببذل النفع والإحسان إليهم، نؤتيهم من جملة الجزاء على إحسانهم علما نافعا.ودل هذا، على أن يوسف وفَّى مقام الإحسان، فأعطاه الله الحكم بين الناس والعلم الكثير والنبوة.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- مظهرا آخر من مظاهر إنعامه على يوسف فقال: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ.والأشد: قوة الإنسان، وبلوغه النهاية في ذلك، مأخوذ من الشدة بمعنى القوة والارتفاع، يقال: شد النهار إذا ارتفع.ويرى بعضهم أنه مفرد جاء بصيغة الجمع ويرى آخرون أنه جمع لا واحد له من لفظه وقيل هو جمع شدة كأنعم ونعمة.والمعنى: وحين بلغ يوسف- عليه السلام- منتهى شدته وقوته، وهي السن التي كان فيها- على ما قيل- ما بين الثلاثين والأربعين.آتَيْناهُ أى: أعطيناه بفضلنا وإحساننا.حُكْماً أى: حكمة، وهي الإصابة في القول والعمل أو هي النبوة.وعِلْماً أى فقها في الدين. وفهما سليما لتفسير الرؤى، وإدراكا واسعا لشئون الدين والدنيا.وقوله: وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ أى: ومثل هذا الجزاء الحسن والعطاء الكريم،نعطى ونجازي الذين يحسنون أداء ما كلفهم الله- تعالى- به، فكل من أحسن في أقواله وأعماله أحسن الله- تعالى- جزاءه.ثم انتقلت السورة الكريمة بعد ذلك، لتحدثنا عن مرحلة من أدق المراحل وأخطرها، في حياة يوسف- عليه السلام- وهي مرحلة التعرض للفتن والمؤامرات بعد أن بلغ أشده، وآتاه الله- تعالى- حكما وعلما، وقد واجه يوسف- عليه السلام- هذه الفتن بقلب سليم، وخلق قويم، فنجاه الله- تعالى- منها.استمع إلى السورة الكريمة وهي تحكى بأسلوبها البليغ ما فعلته معه امرأة العزيز من ترغيب وترهيب، وإغراء وتهديد ... فتقول:
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ولما بلغ أشده ) منتهى شبابه وشدته وقوته . قال مجاهد : ثلاثا وثلاثين سنة .وقال السدي : ثلاثين سنة .وقال الضحاك : عشرين سنة .وقال الكلبي : الأشد ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين سنة .وسئل مالك رحمه الله عن الأشد قال : هو الحلم .( آتيناه حكما وعلما ) فالحكم : النبوة ، والعلم : الفقه في الدين .وقيل : حكما يعني : إصابة في القول : وعلما : بتأويل الرؤيا .وقيل : الفرق بين الحكيم والعالم ، أن العالم : هو الذي يعلم الأشياء ، والحكيم : الذي يعمل بما يوجبه العلم .( وكذلك نجزي المحسنين ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : المؤمنين . وعنه أيضا : المهتدين . وقال الضحاك : الصابرين على النوائب كما صبر يوسف عليه السلام .