﴿ ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ أي: يخضع له وينقاد له بفعل الشرائع مخلصا له دينه. وَهُوَ مُحْسِنٌ في ذلك الإسلام بأن كان عمله مشروعا، قد اتبع فيه الرسول صلى الله عليه وسلم.أو: ومن يسلم وجهه إلى اللّه، بفعل جميع العبادات، وهو محسن فيها، بأن يعبد اللّه كأنه يراه، فإن لم يكن يراه، فإنه يراه.أو ومن يسلم وجهه إلى اللّه، بالقيام بحقوقه، وهو محسن إلى عباد اللّه، قائم بحقوقهم.والمعاني متلازمة، لا فرق بينها إلا من جهة [اختلاف] مورد اللفظتين، وإلا فكلها متفقة على القيام بجميع شرائع الدين، على وجه تقبل به وتكمل، فمن فعل ذلك فقد أسلم و اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى أي: بالعروة التي من تمسك بها، توثق ونجا، وسلم من الهلاك، وفاز بكل خير.ومن لم يسلم وجهه للّه، أو لم يحسن لم يستمسك بالعروة الوثقى، وإذا لم يستمسك بالعروة الوثقى لم يكن ثَمَّ إلا الهلاك والبوار. وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ أي: رجوعها وموئلها ومنتهاها، فيحكم في عباده، ويجازيهم بما آلت إليه أعمالهم، ووصلت إليه عواقبهم، فليستعدوا لذلك الأمر.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- تعالى-: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ أى: ومن يتجه إلى الله- تعالى- ويذعن لأمره، ويخلص له العبادة، وهو محسن في أقواله وأفعاله.من يفعل ذلك فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى والعروة في أصل معناها: تطلق على ما يتعلق بالشيء من عراه، أى من الجهة التي يجب تعليقه منها. وتجمع على عرا.والعروة من الدلو مقبضه، ومن الثوب: مدخل زره.والوثقى: تأنيث الأوثق، وهو الشيء المحكم الموثق. يقال: وثق- بالضم- وثاقه، أى: قوى وثبت فهو وثيق، أى: ثابت محكم.والمعنى: ومن يستسلم لأمر الله- تعالى- ويأتى بالأقوال والأفعال على وجه حسن، فقد ثبت أمره، واستقام على الطريقة المثلى، وأمسك من الدين بأقوى سبب، وأحكم رباط.فقد شبه- سبحانه- المتوكل عليه في جميع أموره، المحسن في أفعاله، بمن ترقى في حبل شاهق، وتدلى منه، فاستمسك بأوثق عروة، من حبل متين مأمون انقطاعه.وخص- سبحانه- الوجه بالذكر، لأنه أكرم الأعضاء وأعظمها حرمة، فإذا خضع الوجه الذي هو أكرم الأعضاء، فغيره أكثر خضوعا.وقوله: وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ أى: وإلى الله- تعالى- وحده تصير الأمور، وترجع إليه، وتخضع لحكمه وإرادته.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ومن يسلم وجهه إلى الله ) يعني : لله ، أي : يخلص دينه لله ، ويفوض أمره إلى الله ( وهو محسن ) في عمله ( فقد استمسك بالعروة الوثقى ) أي : اعتصم بالعهد الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه ( وإلى الله عاقبة الأمور )