﴿ ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ أي: لم يكن جوابهم حين يفتنون ويختبرون بذلك السؤال، إلا إنكارهم لشركهم وحلفهم أنهم ما كانوا مشركين.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أخبر- سبحانه- عما يكون منهم من تخبط وحسرة فقال:ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا: وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ.الفتنة مأخوذة من الفتن، وهو إدخال الذهب في النار لتعرف جودته من رداءته، ثم استعمل في معان أخرى كالاختبار، والعذاب، والبلاء، والكفر.والمعنى: ثم لم تكن عاقبة كفرهم حين اختبروا بهذا السؤال ورأوا الحقائق، وارتفعت الدعاوى إلا أن قالوا مؤكدين ما قالوا بالقسم الكاذب والله يا ربنا ما كنا مشركين. ظنا منهم أن تبرأهم من الشرك في الآخرة سينجيهم من عذاب الله كما نجا المؤمنين بفضله ورضوانه.قال ابن عباس: يغفر الله- تعالى- لأهل الإخلاص ذنوبهم. ولا يتعاظم عليه ذنب أن يغفره، فإذا رأى المشركون ذلك قالوا: إن ربنا يغفر الذنوب ولا يغفر الشرك، فتعالوا نقول:إنا كنا أهل ذنوب ولم نكن مشركين. فقال الله- تعالى-: أما إذ كتموا الشرك فاختموا على أفواههم، فتنطق أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون، فعندئذ يعرف المشركون أن الله لا يكتم حديثا، فذلك قوله: يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً .
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ثم لم تكن فتنتهم ) ، قرأ حمزة والكسائي ويعقوب " يكن " بالياء لأن الفتنة بمعنى الافتتان ، فجاز تذكيره ، وقرأ الآخرون بالتاء لتأنيث الفتنة ، وقرأ ابن كثير وابن عامر وحفص عن عاصم " فتنتهم " بالرفع جعلوه اسم كان ، وقرأ الآخرون بالنصب ، فجعلوا الاسم قوله " أن قالوا " وفتنتهم الخبر ، ومعنى قوله " فتنتهم " أي : قولهم وجوابهم ، وقال ابن عباس وقتادة : معذرتهم والفتنة التجربة ، فلما كان سؤالهم تجربة لإظهار ما في قلوبهم قيل فتنة .قال الزجاج في قوله : ( ثم لم تكن فتنتهم ) معنى لطيف وذلك مثل الرجل يفتتن بمحبوب ثم يصيبه فيه [ محنة ] فيتبرأ من محبوبه ، فيقال : لم تكن فتنت إلا هذا ، كذلك الكفار فتنوا بمحبة الأصنام ولما رأوا العذاب تبرأوا منها ، يقول الله عز وجل : ( ثم لم تكن فتنتهم ) في محبتهم الأصنام ، ( إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ) ، قرأ حمزة والكسائي " ربنا " بالنصب على نداء المضاف ، وقرأ الآخرون بالخفض على نعت والله ، وقيل : إنهم إذا رأوا يوم القيامة مغفرة الله تعالى وتجاوزه عن أهل التوحيد قال بعضهم لبعض : تعالوا نكتم الشرك لعلنا ننجوا مع أهل التوحيد ، فيقولون : والله ربنا ما كنا مشركين ، فيختم على أفواههم وتشهد عليهم جوارحهم بالكفر .