﴿ وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
ثم وصف تعالى شدة يوم القيامة وهوله ليحذره العباد ويستعد له العبادفقال وَتَرَى أيها الرائي لذلك اليوم كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً على ركبها خوفا وذعرا وانتظارا لحكم الملك الرحمن. كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا أي: إلى شريعة نبيهم الذي جاءهم من عند الله، وهل قاموا بها فيحصل لهم الثواب والنجاة؟ أم ضيعوها فيحصل لهم الخسران؟ فأمة موسى يدعون إلى شريعة موسى وأمة عيسى كذلك وأمة محمد كذلك، وهكذا غيرهم كل أمة تدعى إلى شرعها الذي كلفت به، هذا أحد الاحتمالات في الآية وهو معنى صحيح في نفسه غير مشكوك فيه، ويحتمل أن المراد بقوله: كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا أي: إلى كتاب أعمالها وما سطر عليها من خير وشر وأن كل أحد يجازى بما عمله بنفسه كقوله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ويحتمل أن المعنيين كليهما مراد من الآية ويدل على هذا قوله: هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم يعرض- سبحانه- مشهدا من مشاهد هذا اليوم الهائل الشديد فيقول: وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً.وقوله: - سبحانه-: جاثِيَةً من الجثو وهو الجلوس على الركب بتحفز وترقب وخوف.يقال: جثا فلان على ركبتيه يجثو جثوا وجثيا، إذا برك على ركبتيه وأنامله في حالة تحفز، كأنه منتظر لما يكرهه.أى: وترى- أيها العاقل- في هذا اليوم الذي تشيب من هوله الولدان، كل أمة من الأمم متميزة عن غيرها، وجاثية على ركبها، مترقبة لمصيرها في تلهف وخوف فالجملة الكريمة تصور أهوال هذا اليوم، وأحوال الناس فيه، تصويرا بليغا مؤثرا، يبعث على الخوف الشديد من هذا اليوم، وعلى تقديم العمل الصالح الذي ينفع صاحبه يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً، وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ.وقوله كُلَّ أُمَّةٍ مبتدأ، وقوله تُدْعى إِلى كِتابِهَا خبره. أى: كل أمة تدعى إلى سجل أعمالها الذي أمر الله- تعالى- ملائكته بكتابته لتحاسب عليه.وقوله: الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ مقول لقول مقدر. أى: ويقال لهم جميعا في هذا الوقت: اليوم تجدون جزاء أعمالكم التي كنتم تعملونها في الدنيا من خير أو شر.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وترى كل أمة جاثية ) باركة على الركب ، وهي جلسة المخاصم بين يدي الحاكم ينتظر القضاء .قال سلمان الفارسي : إن في القيامة ساعة هي عشر سنين ، يخر الناس فيها جثاة على ركبهم حتى إبراهيم عليه السلام ينادي ربه : لا أسألك إلا نفسي .( كل أمة تدعى إلى كتابها ) الذي فيه أعمالها ، وقرأ يعقوب " كل أمة " نصب ، ويقال لهم : ( اليوم تجزون ما كنتم تعملون ) .