لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أي: تعادل من فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر [خالية منها]، وهذا مما تتحير فيه الألباب، وتندهش له العقول، حيث من تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى، بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمر عمرًا طويلًا، نيفًا وثمانين سنة.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم- بين- سبحانه- مظاهر فضلها فقال: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أى:ليلة القدر أفضل من ألف شهر، بسبب ما أنزل فيها من قرآن كريم يهدى للتي هي أقوم.ويخرج الناس من الظلمات إلى النور، وبسبب أن العبادة فيها أكثر ثوابا، وأعظم فضلا من العبادة في أشهر كثيرة ليس فيها ليلة القدر.والعمل القليل قد يفضل العمل الكثير، باعتبار الزمان والمكان، وإخلاص النية، وحسن الأداء، ولله- تعالى- أن يخص بعض الأزمنة والأمكنة والأشخاص بفضائل متميزة.والتحديد بألف شهر يمكن أن يكون مقصودا. ويمكن أن يراد منه التكثير. وأن المراد أن أقل عدد تفضله هذه الليلة هو هذا العدد. فيكون المعنى: أن هذه الليلة تفضل الدهر كله.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله - عز وجل - : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) قال عطاء عن ابن عباس : ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل من بني إسرائيل حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر ، فعجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذلك وتمنى ذلك لأمته ، فقال : يا رب جعلت أمتي أقصر الأمم أعمارا وأقلها أعمالا ؟ فأعطاه الله ليلة القدر ، فقال : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) التي حمل فيها الإسرائيلي السلاح في سبيل الله ، لك ولأمتك إلى يوم القيامة .قال المفسرون : " ليلة القدر خير من ألف شهر " معناه : عمل صالح في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر ليس فيها ليلة القدر .حدثنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري ، إملاء ، حدثنا أبو نعيم الإسفراييني ، أخبرنا أبو عوانة ، حدثنا أبو إسماعيل ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا الزهري ، أخبرني أبو سلمة عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " .قال سعيد بن المسيب : من شهد المغرب والعشاء في جماعة فقد أخذ بحظه من ليلة القدر .أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا أبو بكر بن عبدوس المزكي ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا الحسن بن مكرم ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا كهمس عن عبد الله بن بريدة أن عائشة قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إن وافيت ليلة القدر فما أقول ؟ قال : " قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني " .