﴿ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
يخبر تعالى، أنه ما أصاب العباد من مصيبة في أبدانهم وأموالهم وأولادهم وفيما يحبون ويكون عزيزا عليهم، إلا بسبب ما قدمته أيديهم من السيئات، وأن ما يعفو اللّه عنه أكثر، فإن اللّه لا يظلم العباد، ولكن أنفسهم يظلمون وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وليس إهمالا منه تعالى تأخير العقوبات ولا عجزا.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- أن ما يصيب الناس من بلاء إنما هو بسبب أعمالهم فقال: وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ.أى: وما أصابكم- أيها الناس- من بلاء، كمرض وخوف وفقر فإنما هو بسبب ما اكتسبتموه من ذنوب، وما اقترفتموه من خطايا، ويعفو- سبحانه- عن كثير من السيئات التي ارتكبتموها، فلا يحاسبكم عليها رحمة منه بكم.قال- تعالى- وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ...وقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية جملة من الأحاديث والآثار منها ما رواه ابن أبى حاتم عن على بن أبى طالب- رضى الله عنه- قال: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله، وحدثنا بها رسول صلّى الله عليه وسلّم قال:وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وسأفسرها لك يا على: ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا، فبما كسبت أيديكم، والله- تعالى- أحلم من أن يثنى عليه العقوبة في الآخرة، وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أكرم من أن يعود بعد عفوه» .
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) قرأ أهل المدينة والشام " بما كسبت " بغير فاء ، وكذلك هو في مصاحفهم ، فمن حذف الفاء جعل " ما " في أول الآية بمعنى الذي أصابكم بما كسبت أيديكم . ( ويعفو عن كثير ) قال الحسن : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " والذي نفس محمد بيده ما من خدش عود ولا عثرة قدم ، ولا اختلاج عرق إلا بذنب ، وما يعفو الله عنه أكثر " .أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني أبو عبد الله بن فنجويه ، حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي ، حدثنا بشر بن موسى الأسدي ، حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا مروان بن معاوية ، أخبرني الأزهر بن راشد الباهلي عن الخضر بن القواس البجلي عن أبي سخيلة قال : قال علي بن أبي طالب : ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله - عز وجل - حدثنا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " . قال : وسأفسرها لك يا علي : " ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم ، والله - عز وجل - أكرم من أن يثني عليهم العقوبة في الآخرة ، وما عفا الله عنكم في الدنيا فالله أحلم من أن يعود بعد عفوه " .قال عكرمة : ما من نكبة أصابت عبدا فما فوقها إلا بذنب لم يكن الله ليغفر له إلا بها ، أو درجة لم يكن الله ليبلغها إلا بها .