﴿ رب السموات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
أي: الذي أعطاهم هذه العطايا هو ربهم رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الذي خلقها ودبرها الرَّحْمَنِ الذي رحمته وسعت كل شيء، فرباهم ورحمهم، ولطف بهم، حتى أدركوا ما أدركوا.ثم ذكر عظمته وملكه العظيم يوم القيامة، وأن جميع الخلق كلهم ذلك اليوم ساكتون لا يتكلمون و لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا، فلا يتكلم أحد إلا بهذين الشرطين: أن يأذن الله له في الكلام، وأن يكون ما تكلم به صوابا، لأن ذَلِكَ الْيَوْمُ هو الْحَقُّ الذي لا يروج فيه الباطل، ولا ينفع فيه الكذب
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله : ( رَّبِّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا الرحمن . . . ) قرأه بعضهم بجر لفظ " رب " على أنه بدل " من ربك " وقرأه البعض الآخر بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف .أى : هذا الجزاء العظيم للمتقين هو كائن من ربك ، الذى هو رب أهل السموات وأهل الأرض ، ورب ما بينهما من مخلوقات لا يعلمها إلا هو ، وهو - سبحانه - صاحب الرحمة الواسعة العظيمة التى لا تقاربها رحمة . .وقوله : ( لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً ) مقرر ومؤكد لما قبله ، من كونه - تعالى - هو رب كل شئ . أى : أهل السموات والأرض وما بينهما ، خاضعون ومربوبون لله - تعالى - الواحد القهار ، الذى لا يقدر أحد منهم - كائنا من كان - أن يخاطبه إلا بإذنه ، ولا يملك أن يفعل ذلك إلا بمشيئته .وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : ( مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ) وقوله - سبحانه - : ( يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ )
﴿ تفسير البغوي ﴾
( رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن ) قرأ أهل الحجاز ، وأبو عمرو : " رب " رفع على الاستئناف و " الرحمن " خبره . وقرأ الآخرون بالجر إتباعا لقوله : " من ربك " وقرأ ابن عامر ، وعاصم ، ويعقوب : " الرحمن " جرا إتباعا لقوله : " رب السماوات " وقرأ الآخرون بالرفع ، فحمزة والكسائي يقرآن " رب " بالخفض لقربه من قوله : " جزاء من ربك " ويقرآن " الرحمن " بالرفع لبعده منه على الاستئناف ، وقوله : ( لا يملكون ) في موضع رفع ، خبره .ومعنى ( لا يملكون منه خطابا ) قال مقاتل : لا يقدر الخلق على أن يكلموا الرب إلا بإذنه . وقال الكلبي : لا يملكون شفاعة إلا بإذنه .