وَإِنَّهُ أي: هذا الكتاب لَدَيْنَا في الملأ الأعلى في أعلى الرتب وأفضلها لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ أي: لعلي في قدره وشرفه ومحله، حكيم فيما يشتمل عليه من الأوامر والنواهي والأخبار، فليس فيه حكم مخالف للحكمة والعدل والميزان.ثم أخبر تعالى أن حكمته وفضله يقتضي أن لا يترك عباده هملا، لا يرسل إليهم رسولا، ولا ينزل عليهم كتابا، ولو كانوا مسرفين ظالمين فقال:
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- المنزلة السامية التي جعلها لهذا القرآن، والصيانة التامة التي أحاطه بها فقال: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ.والمراد بأم الكتاب: اللوح المحفوظ، وسمى بذلك لأن جميع الكتب السماوية منقولة عنه.كما قال- تعالى-: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ. فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ.وقيل: المراد بأم الكتاب: علمه الأزلى- عز وجل-.أى: وإن هذا القرآن المبين لثابت، وكائن في اللوح المحفوظ، وهو لَدَيْنا أى:عندنا لَعَلِيٌّ أى: لرفيع الشأن، عظيم القدر حَكِيمٌ أى: محكم النظم في أعلى طبقات البلاغة. فلا يضيره تكذيب المكذبين، ولا طعن الطاعنين.فالآية الكريمة تدل دلالة واضحة على القيمة العظيمة التي جعلها- سبحانه- لهذا القرآن، في علمه- تعالى- وتقديره، كما أن وصف هذا الكتاب بقوله لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ يؤكد هذه المنزلة السامية ويقررها.
﴿ تفسير البغوي ﴾
" وإنه " ( يعني القرآن ، ( في أم الكتاب ) في اللوح المحفوظ . قال قتادة : " أم الكتاب " : أصل الكتاب ، وأم كل شيء : أصله . قال ابن عباس : أول ما خلق الله القلم فأمره أن يكتب بما يريد أن يخلق ، فالكتاب عنده ، ثم قرأ " وإنه في أم الكتاب لدينا " فالقرآن مثبت عند الله في اللوح المحفوظ كما قال : " بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ " ( البروج 21 ) . ( لعلي حكيم ) قال قتادة : يخبر عن منزلته وشرفه ، أي : إن كذبتم بالقرآن يا أهل مكة فإنه عندنا لعلي رفيع شريف محكم من الباطل .